إلى وليم بحليس

14/2/1942


رفيقي العزيز وليم بحليس،
في 22 يناير/كانون الثاني الماضي وضعت في البريد الجوي كتاباً مسهباً إليك أجبت فيه على جميع النقاط الواردة في كتابك المؤرخ في 4 يناير/كانون الثاني. ثم سافرت إلى مدينة كوردبة في 24 يناير/كانون الثاني وبقيت حتى السابع من فبراير/شباط. وهناك تسلمت كتابك الأخير المؤرخ في 27 يناير/كانون الثاني فعلمت منه أنّ كتابي المذكور لم يصل إليك. ولعله تأخر. وألخص لك هنا ما جاء فيه:
1 ـ مسألة الرفيق [إلياس] فاخوري يجب أن لا تشغل كثيراً من وقتي، ولذلك يجب أن تحلّ بما يتفق مع النظام. فليس في وسعي العودة كل مدة إلى النظر في حالة شخصية، كموقفه المذكور في رسائلك السابقة.
2 ـ طبع «جنون الخلود» في كتاب يمكن أن يجري هنا، إذا أمكن الحصول على نفقته من متبرعين غير قوميين يضاف إلى المبلغ المدفوع مثله من الرفيق فؤاد [لطف الله] فأتمكن من إيجاد مطبعة مستقلة للزوبعة، وبهذه الواسطة يطبع الكتاب في مطبعة الزوبعة ويطبع غيره من الكتب بنحو نصف الأكلاف في مطبعة أخرى. وذلك بنشر ما يراد طبعه في الجريدة، ثم يطبع على حدة، وفي ذلك توفير أجرة الرصف. وسألتك هل يريد الرفيق جورج [بندقي] الاحتفاظ بحروف الماكنة «اللينوتيب» أم يرغب في بيعها للزوبعة. فإذا لم يرغب يمكن شراء ملاك حروف هنا. وبهذه الطريقة يمكن تكبير الزوبعة وجعلها بقطع سورية الجديدة فتقبل رسائل المراسلين من جميع الجوالي ويزداد صدورها. فنكون أصبنا مشروعين بعملية مشروع واحد.
3 ـ لم أقدر على موافقة فؤاد في ما استنتجه من جواب غالب [صفدي] له أو قوله. فراغب [فغالب] يحب فؤاداً ويقدّره ليس لماله بل لشخصيته التي يحترمها. والذي أراه أنّ غالب قصد القول إنّ أشد الحاجة الآن إلى المال، وإنّ فؤاداً قد وجّه جميع قواه للشؤون المالية عن طريق الصناعة والتجارة، ولذلك فينتظر منه أن يفيد العمل عن طريق اختصاصه وإنتاجه العملي قبل كل شي آخر. وهذا لا يعني أنّ غالباً لا يرى مواهب فؤاد الفكرية والروحية. ولكنه قال قوله ببساطة، على ما يظهر، ودون أن يخطر في باله وجود وجهة أخرى لتأويله.
ما تقدم خلاصة ما ورد في كتابي السابق. وعند قدومي تسلمت كتاباً من فؤاد تاريخه 18 يناير/كانون الثاني الماضي. والظاهر أنه قدم بالبريد العادي مع أنه وضع بتعريفة البريد الجوي. ثم ورد منه كتاب إلى الرفيق جبران مسوح. وقد فتحته بسبب وجود جبران في توكومان. فعلمت منه أنّ جبران كتب إلى فؤاد في شؤون متعددة، ومنها أنه أشار عليه بعدم إثقال كاهل الزعيم بالكتابات والاقتراحات الكثيرة في هذه الظروف. وهو من حسن قصد الرفيق مسوح، ولكنه لا يستند إلى إيعاز أو معرفة مني. فجبران شاعر أكثر منه مفكر، وله جميع مزايا مزاج الشاعر. وكثيراً ما يثير مشاكل، وأحياناً كثيرة اضطر إلى تعديل لهجة مقالاته.
سرّني كثيراً أنّ فؤاداً عزم على القدوم إلى بوينس آيرس. فهذه السفرة ستكون ذات نتائج كبيرة من كل وجه. ووجوده هنا سيؤثر على كثير من الذين يفهمون عن طريق لغة المال والمصالح التجارية أكثر مما يفهمون بطرق أخرى. ومتى وصل سأتحدث معه في جميع الأمور. ولا تنسَ أن ترسل معه مجموعة الجريدة ومجموعات المجلة في الأرجنتين والبرازيل وبيروت. وكنت تركت عند أخي إدوار كتاب القومية العربية شغل [فؤاد] مفرج وشركائه. وهو كراس صغير فيمكن إرساله.
أخبرني عن مصير الكتاب السابق وعن كل جديد. ولتحيى سورية .
بعد: في كتاب فؤاد إلى مسوح ما يُشتمّ منه أنه فهم أني أوعزت بكتابة مقال «خالهم الحصان»1 فهذه المقالة يمكن فؤاد أن يناقش فيها مسوح ما شاء فهي مسألة اعتبارات وآراء يحسن تمحيصها لينتج التفاهم المرغوب فيه.

المزيد في هذا القسم: « إلى نعمان ضو إلى سليم صوى »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.