إلى الوكيل العام لمكتب عبر الحدود

 29/7/1939

صادرة رقم ر ج 4

حضرة الوكيل العام لمكتب عبر الحدود،
أعلنت في كتاب سابق تسلّمي بيانكم العام، الذي تضمنونه منهاجكم للوكالة العامة لمكتب عبر الحدود. ولمّا كانت حالة فروع الحزب السوري القومي في الخارج تتطلب السرعة في تنظيم علاقاتها والاهتمام بشؤونها وشؤون القضية السورية القومية بين السوريين المقيمين عبر الحدود، وهو في صدر الأسباب التي دعتني إلى إنشاء الوكالة العامة لمكتب عبر الحدود، رأيت أن انظر في بيانكم ومنهاجكم وأجيبكم عليه مضمناً الملاحظات والتوجيهات التي أراها ضرورية لعملكم ولمقتضيات الحال.
المقدمة: إن مؤسسة «مكتب عبر الحدود» المنشأة خصيصاً للعناية بنظام السوريين القوميين عبر الحدود وشؤونهم وعلاقتهم بحزبهم، وللاهتمام بالسوريين المقيمين في الخارج، وإذاعة مبادئ النهضة السورية القومية بينهم وإيقاظ وجدانهم القومي، أُنشئت في ظروف الصدام الأولى العنيف بين الحزب وأعداء نهضته. وكانت مهمة من أسندت إليه رئاستها شاقة، إذ لم يكن هناك عمل سابق في هذ الناحية أو معلومات متوفرة أو مراسلات ووثائق يصح الاستناد إليها.
كل ما كان هنالك عنوانات قليلة لعدد من الأعضاء الذين تركوا أرض الوطن، وعدد أقل من رسائل بعض هؤلاء. والسبب في هذا النقص الأوّلي أن أعضاء كثيرين تركوا أرض الوطن غير حاصلين على ثقافة عمومية كافية، أو على الثقافة القومية الراسخة والتربية النظامية الوافية وذلك بحكم الوقت القصير الذي مر على نشوء الحركة السورية القومية التي جاءت الشعب السوري بتعاليم وأنظمة لا عهد له بسابقة لها. من هذه المواد الأولية القليلة كان يجب أن تنشأ مؤسسة مكتب عبر الحدود بصورة تنفيذية وتبتدئ عملها العظيم.
ولكن الصفات الروحية والثقافية التي امتاز بها من عهد إليه جعل هذه المؤسسة مركز قوة للحركة السورية القومية ذللت الصعوبات الكبيرة، فأذيعت بيانات خصوصية وفي بعض صحف المهجر تعلن للسوريين القوميين وجميع السوريين المقيمين في الخارج وجود مكتب عبر الحدود وكيفية الاتصال به. واستحصلت إدارة المكتب على عنوانات لشخصيات سورية مقيمة عبر الحدود وراسلتها، وراسلت عدداً من الصحف في الأميركتين، واتصلت ببعض المفوضين بالدعاوة عبر الحدود، ونظّمت علاقاتهم، وبهذه الطريقة أمكن تنظيم بعض الفروع في المهجر والوصول إلى بعض نتائج روحية ومادية.
والوقوف على تفاصيل ما قام به مكتب عبر الحدود، منذ تأسيسه، بالوسائل المحدودة جداً التي كانت له يظهر القيمة الكبيرة للمجهود الذي بذله فرد واحد تولى جعل هذه المؤسسة عنصراً فاعلاً، والنتيجة الأولية الكبيرة التي حصلت من هذا المجهوذ الذي بذله فرد إلى جانب عمله اليومي الذي يستغرق معظم وقته. فهذه «العلاقات الابتدائية البسيطة» كلّف إيجادها عملاً شاقاً مستمراً. وطبيعي أن تكون النتائج الأولى لهذه المؤسسة المنشأة حديثاً نتائج «إبتدائية». ولكن هذه «العلاقات الابتدائية» قد أصبحت أساساً يمكن البناء عليه.
ولقد تعرضت مؤسسة مكتب عبر الحدود لتقلبات الظروف والأشخاص في تلك الأطوار الأولية الحرجة. ولكن ليس هذا فقط كل ما تعرض له هذا المكتب، بل هو قد تعرض أيضاً لنتائج تولي أفراد ضعاف الثقافة السياسية مسؤوليات الإدارة والإذاعة لبعض الفروع. وهذا ما لم يكن للمكتب طاقة على تلافيه، لأنه مضطر للقبول بالحالة الراهنة. ولقد تناول عمل مكتب عبر الحدود الأول تنظيم القوميين في مصر وأفريقية الغربية والولايات المتحدة والمكسيك فضلاً عن الاتصال، ما أمكن، بالقوميين الذين كانوا يفاجئون المكتب بمغادرتهم الوطن دون أن يعطوه مهلة لتزويدهم بما يلزم.
هذا من الوجهة الداخلية، ومما لا شك فيه أنه كان ينقص مكتب عبر الحدود الجهاز الإداري الكافي للاهتمام بالشوارد و«المبعثرين» وتعيين أماكنهم على الخارطة وقربهم من بعض فروع وغير ذلك من الأمور التكنيكية. وكانت الإدارة المركزية تشعر بهذا النقص وتنتظر أن يمكّنها نمو الحزب من تلافيه. ومن هذه الناحية يجب إعطاء ضعف اليقظة القومية والاستعداد النظامي والعملي عند هؤلاء «المبعثرين»، الذين عليهم هم أن يعملوا على تسهيل مهمة مكتب عبر الحدود، ويهتموا بالاتصال بالفروع المنظمة، ولا يكلّفوا المكتب مؤونة البحث عنهم وعن مواقعهم، وهو لا يزال في طوره التأسيسي، نصيبه الصحيح من المسؤولية في وجود الحالة الحاضرة الداعية إلى معالجة سريعة.
إن عدم اطلاعكم على سجلات مكتب عبر الحدود ومستنداته ووثائقه لا يخوّلكم إعطاء فكرة صحيحة عن هذه المؤسسة وعملها الكبير أو انتقادها. وحين النظر في حالة السوريين القوميين عبر الحدود لا يمكن قصر النظر على أعمال مكتب عبر الحدود، لأن العمل القومي ليس مقتصراً على ما تبذله المؤسسة، بل يتناول فاعلية جميع القوميين الذين أنشئت المؤسسة لتنظيم علاقاتهم وأعمالهم وفاعليتهم وتوجيهها. فإذا كان هنالك عدد من القوميين «تبعثروا لضعف يقظتهم القومية وكوّنوا مشكلة صعبة لمؤسسة نشأت حديثاً، ولا يزال ينقصها شيء كثير من الوسائل وعدد من المتخصصين، فليس السبب «عدم عناية المكتب بهم» بل هو نقص الجهاز الإداري للمكتب من جهة ونقص الحيوية القومية، التي هي شيء أساسي، عند هؤلاء «المبعثرين» من جهة أخرى.
فالمساعدات التي تمكن مكتب عبر الحدود من الحصول عليها من قوميين عبر الحدود قليلة جداً لا تقاس بالمشاكل والمصاعب التي ولدها تبعثرهم وانعزالهم وجمودهم.
وحين النظر في أعمال مكتب عبر الحدود يجب ألا يغفل أمر الملاحظات والتحريات التي تعرض لها المسؤولون في الوطن، ووجود حالة صعبة محفوفة بالمخاطر والمخاوف تشلّ إمكانيات نظامية وإدارية كثيرة.
إنه نظراً لحالة السوريين القوميين عبر الحدود، وللشؤون والمشاكل الكثيرة التي تتطلب عناية واهتماماً مستمرين من قبل مكتب عبر الحدود، أنشئت الوكالة العامة لهذه المؤسسة التي هي الآن فرع لها وأسندت إدارة هذا الفرع إليكم، فأصبحتم جزءاً هاماً من جهاز مكتب عبر الحدود الإداري، ولكم صلاحيات واسعة لتنظيم فاعلية الحركة السورية القومية عبر الحدود وتغذيتها وتقويتها، وعليكم مسؤوليات كبيرة عن نظام مؤسسة مكتب عبر الحدود وفاعليتها.
سرّني ما وقفت عليه في بيانكم من الملاحظات الدالة على إدراككم حالة القوميين عبر الحدود واحتياجاتهم وتنبهكم لخطر الإهمال على معنوية الحركة السورية القومية. وأقدّر أن عملكم في مكتب عبر الحدود سيأتي بنتائج هامة تضاف إلى النتائج الكبيرة التي حققها مكتب عبر الحدود حتى الآن، لا سيما وأنكم ستعملون في جو هادئ بعيد عن الملاحقة والاضطهاد وستكرسون من الوقت ما لم يكن باستطاعة الذين عملوا في إدارة مكتب عبر الحدود تكريسه وأنكم حاصلون على علاقات ابتدائية هي، على بساطتها الظاهرة لكم من المعلومات الناقصة التي عندكم، أساسية وهامة جداً، لأنها توجد نقطة الابتداء لكم فهي كأهمية الصفر العظيمة في الأعداد والحساب. وأنتم تفتقرون إلى معلومات عن علاقات مكتب عبر الحدود لتصبح فكرتكم عن عمله أوضح وليسهل عليكم تنفيذ مهمتكم. وهذه النقطة كان يجب أن يكون لها محل في برنامجكم المعلن في بيانكم.
برنامج أعمالكم: دلّني اطلاعي على «برنامج أعمال الوكالة العامة» المدرج في بيانكم المذكور على أن هذا البرنامج تناول مسائل فرعية وشكلية ووقتية من غير أن يتقدم هذه المسائل بتعيين خطة أساسية تدل على إدراك المسائل الأساسية وطبيعتها في العمل الإداري. فقد كان منتظراً، بعد حصول فكرة عامة عندكم عن حالة السوريين القوميين عبر الحدود واحتياجاتهم ومركز الحركة السورية القومية في المهاجر، وبعد شعوركم بما يُطلب من مؤسسة مكتب عبر الحدود، وبعد تولّيكم الوكالة العامة لهذه المؤسسة، وقيامكم بحمل قسط كبير من عملها بمعالجة هذه الحالة والاحتياجات مباشرة، أن تنظروا في تأسيس مكتبكم الجديد وعلاقاته ومهمته الرئيسية وخطته الأساسية.
كان يجب أن يبدأ البرنامج بهذه المسائل الرئيسية ويتدرج منها إلى الفرعية، فيتناول:
1 ـ إدراك مهمة الوكالة العامة من معرفة حالة القوميين والحركة القومية عبر الحدود.
2 ـ إدراك الحاجة إلى ربط الوكالة العامة بمرجعها التسلسلي الذي هو رئاسة مكتب عبر الحدود وإيجاد الاتصال الوثيق بهذا المرجع والاستحصال منه على المعلومات والنصائح والتوجيهات اللازمة لتحقيق مهمة الوكالة العامة.
3 ـ الابتداء بتعيين فروع مهمة الوكالة العامة الرئيسية بإيجاد قواعد عامة أساسية تسير عليها التفاصيل الشكلية. فكان يمكنكم مثلاً، جعل العدد الخامس (5) من جدول الأعمال الإدارية النقطة الرئيسية لمهمة الوكالة الإدارية العامة فيقال، مثلاً: «جعل المهجر، من الوجهة العامة، متمركزاً في مكتب عبر الحدود في جميع شؤونه الإدارية والمالية والإذاعية» هو ما تضعه الوكالة العامة هدفاً لها واضحاً.
ولإصابة هذا الهدف تتوخى الوكالة العامة القيام بما يلي: ـ من الوجهة الإدارية الخاصة ـ :
أ ـ جعل الموظفين وحاملي التفاويض والتعيينات يشعرون بإشراف الإدارة العليا على أعمالهم وبمسؤوليتهم الحقيقية وخطورتها.
ب ـ جعل كل فرع قائم إدارة نظامية دقيقة، وفاقاً للدستور والقوانين المرعية.
ج ـ الاتصال بالأعضاء المتفرقين الذي يمكن الحصول على عنواناتهم وتنظيم علاقاتهم الحزبية وتسهيل قيامهم بواجباتهم وإحياء فاعليتهم.
د ـ إيجاد السجلات والقيود اللازمة لتنظيم عمل الوكالة العامة المكتبي ووضع الإحصاءات اللازمة التي تمكن من قياس التقدم العملي.
ولتحقيق هذه الخطة الإدارية يسعى الوكيل العام، في الدرجة الأولى، لإيجاد مركز ثابت للوكالة العامة في مكان أمين يسهل فيه العمل. وأقدّر أني أتمكن من تعيين هذا المركز في مدة نحو شهرــ ثم يكون العمل الإداري الترتيبي في الشهر الأول بعد تمركز الوكالة العامة على هذا النحو ــ استقرار الاتصال بين الوكالة العامة ورئاسة مكتب عبر الحدود.
حصول المخابرة والاتصال الأوليين بين الوكالة العامة والمنفذين العامين والمديرين المنفردين والأعضاء الموجودة أسماؤهم في الوكالة العامة. تجهيز الوكالة بالسجلات الأولية الضرورية لعملها وتنظيم القيود بالمواد الموجودة. هذا من الوجهة الإدارية الخاصة. ومن وجهة الإدارة المالية يرى الوكيل العام لمكتب عبر الحدود أن الدورة المالية لتأمين حركة الحزب وتنظيم هذه الدورة هو من الأمور الرئيسية التي سيوجه إليها الوكيل العام عناية كبيرة، فيحقق في كيفية الجباية وقيام المنفذيات العامة بواجباتها من هذه الجهة وهل هي مجهزة بنظّار مالية.
وسيهتم الوكيل العام أيضاً بتشجيع المشاريع الماالية التي يمكن أن يقوم بها سوريون قوميون ومحبذون للحركة القومية من السوريين. وفي كل حال سيرى الوكيل العام أن كل سوري قومي عبر الحدود يتمكن من القيام بواجباته المالية فينتظم، بهذه الطريقة، ورود مبلغ من المال جدير بالاعتبار بصورة موقوتة تسهل الكثير من أعمال الحزب.
ويأخذ الوكيل العام على نفسه تنظيم دخول المال بصورة منتظمة من الفروع المنظمة، ولو بعض التنظيم، من الأعضاء المتفرقين الذين يتصل بهم. ويقترح الوكيل العام لمكتب عبر الحدود، من أجل ضبط الدورة المالية وتمكينه من العمل في هذه الناحية الحيوية والإشراف عليها بشكل فعال، أن تتمركز أعمال الجباية في الوكالة العامة أولاً. ومن الوجهة الإذاعية يرى الوكيل العام لمكتب عبر الحدود أن الإذاعة هي سر قوة الحركة السورية القومية وانتظامها، وأن الإدارة النظامية والمالية المتينة لا تكون إلا وليدة قوة مناقبية نافذة، وفهم للعقيدة والحركة القوميتين ومراميهما.
وهذه القوة وهذا الفهم لا يمكن أن يتوفرا في جميع الأفراد القوميين ويولدا فاعلية عالية عامة فيهم إلا بالقيام بعمل إذاعي منظم، يشرح للقوميين جمال حركتهم ودقة نظامها وصلاح عقيدتهم والمثل العليا التي يحققها انتصارها، وسياسة حزبهم والأهداف الرامية إليها وكيف يشترك كل منهم في هذا العمل العظيم الذي يحقق أمل الأمة السورية، والطريقة التي يتمتع بها بحقوق الاشتراك وفخر العمل وتمكنه من الافتخار والشعور بالارتياح لتتميم واجباته.
هذا من وجهة الإذاعة الداخلية ضمن فروع الحزب. ومن الوجهة الخارجية، أي بين الجوالي السورية بصورة عامة، يرى الوكيل العام اتخاذ جميع التدابير الإذاعية لإذاعة مبادئ الحزب السوري القومي وتقريبها للأفهام، وإيضاح قيمة النتائج الروحية التي توصّل إليها الحزب حتى الآن، وقيمة النتائج التي ينتظر الوصول إليها. ويقتضي ذلك تنظيم حركة نشر واسعة في المهجر.
والوكيل العام لمكتب عبر الحدود يشعر بأن عمدة إذاعة الحزب السوري القومي قد قامت بأعمال إذاعية كبيرة بالنسبة للظروف التي عملت فيها، ويرى أنه يمكن أن يعتمد على الشيء الكثير من هذه الأعمال ومما قامت به دوائر الحزب الأخرى، ويقترح أن يتذاكر رئيس مكتب عبر الحدود وعميد الإذاعة في وضع برنامج نشر خاص بالمهجر، يتناول تعميم مبادئ الحزب مشروحة، وإعادة طبع ونشر ما ظهر من خطب ومقالات للزعيم ومذكرات وكراريس إذاعية وتعميمها. أما الأعمال الإذاعية التي يتمكن الوكيل العام من القيام بها الآن فهي:
أ ـ تنظيم الجهاز الإذاعي في فروع الحزب عبر الحدود وإفهام العاملين في الإذاعة ما يُطلب منهم وإرسال رسائل توجيهية إليهم.
ب ـ إرسال نداء عام إلى السوريين القوميين في المهجر يوقظ حيويتهم.
ج ـ تعميم سورية الجديدة بين الأعضاء.
د ـ وضع رسائل عامة شهرية تنبه القوميين إلى واجباتهم وما تنتظره الحركة القومية منهم، ابتداء من الشهر الأول المذكور.
ويرى الوكيل العام لمكتب عبر الحدود أنه لا بد له، لتنمية فاعلية الوكالة العامة وترقية مقدمتها على سد هذه الحاجات المتسعة مع الوقت، من الحصول على معاونين يشارفون بإدارته على هذه الفروع الرئيسية لعمل الوكالة العامة. وهو، لذلك، سيسعى لإيجاد معاونين يقترح تعيينهم في دائرته ليعاونوه على القيام بمهمته وتنفيذ دقائقها.
هذه، مثلاً، صورة لكيفية وضع بيان رئيسي يمكن أن يفهم منه حقيقة العمل وأغراضه الرئيسية وكيفية تحقيقها والوسائل المستخدمة لذلك.
وهذا الترتيب ــ من الأصول إلى الفروع ومن الأساس إلى الشكل، هو الترتيب الذي يمكن أن يقوم بمؤسسات ويثبتها ويضطلع بمهمات ويحققها. فالتخطيط الترتيبي، النظامي هو امتياز المؤسسات وسر الأهلية للاضطلاع بالأعباء الخطيرة. ولما كان بيانكم خالياً من هذا الترتيب الجوهري فإني أعدّه بياناً أولياً يكفي للابتداءات البسيطة، ولا يُغني عن وضع بيان أساسي على مثال الترتيب الذي أعطيتكم صورة منه فوق.
ألاحظ من النظر في جدول الأعمال الإدارية والأعمال الإذاعية أنه لا تفريق واضح عندكم بين ما هو إذاعي وما هو إداري، فضلاً عن عدم الترتيب بين النقط الأساسية والفرعية. فالعدد الخامس من جدول «الأعمال الإدارية» ليس في محله وضائعة قيمته. وفي جدول «الأعمال الإذاعية» العددان الرابع والخامس هما إداريان، وكذلك العدد الثامن، فيجب عليكم درس هذه الفوارق جيداً والتنبه لها، لأنها مسألة جوهرية في تنظيم المؤسسات، خصوصاً في طورها التأسيسي، والتنبه للمحافظة عليها بدقة، لأنّ كل خلل يكون سابقة في حياة المؤسسة يحدث اضطراباً في سيرها.
إن أعمال المؤسسات وخططها لا تكون ثابتة إلا بقدر ما تكون أساسية. أما الخبط في العمل والاعتماد على ما يعنّ في ساعته فمن الأمور الاعتباطية التي لا يمكن أن ينتج عنها قاعدة واضحة تظل منهاجاً لحياة المؤسسة مهما تقلّب عليها من الأشخاص. ويجب أن تلاحظوا جيداً الفرق بين صفة المؤسسة وصفة الفرد وعمل المؤسسة وعمل الفرد. فصفة المؤسسة مستمدة من غرضها وقاعدة عملها. وعملها قائم على التخطيط الأساسي الذي يلازم حياة المؤسسة ويكون قاعدة رئيسية لحياتها. وهذه لا يمكن تكوينها من المشاريع المتداخلة بعضها في بعض بدون ترتيب منطقي.
أرى أن تقدير سنة كاملة لتنظيم «الأعمال الإذاعية» المدرجة في البيان، أي ليصبح هذا التنظيم «في طريق التحقيق التدريجي» هو تقدير متساهل جداً وغير مضبوط، خصوصاً وعبارة «في طريق التحقيق التدريجي» لا تعيّن شيئاً واضحاً. فطريق التحقيق التدريجي يمكن أن تبتدئ من الشهر الأول وتصل إلى شوط غير قصير في مدة ثلاثة أشهر من العمل النظامي المرتب.
انتظر أن تعودوا إلى درس بيانكم، وأن تدرسوا التوجيهات المرسلة إليكم في هذا الجواب، وتضعوا بياناً أساسياً جديداً يمكن اعتباره نقطة الابتداء التعميري في الوكالة العامة لعبر الحدود، ومواد جديدة في بناء مؤسسة مكتب عبر الحدود.
وفيما أنتم تعدّون ذلك تقومون بالاتصالات الأولية التي أعطيتكم توجيهات فيها فوق، وبعضها وارد في برنامج الأعمال من بيانكم. وآسف لعدم تمكني من إجابة رغبتكم وتسليمكم هذا الجواب قبل سفركم، فهو ليس بسيطاً ولم يكن لي وقت لوضعه قبل. أتمنى لكم التوفيق في خدمة الحزب السوري القومي.
ولتحيى سورية.

 

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.