إلى جورج بندقي

 22/2/1940

الرفيق العزيز جورج،
أرسلت إليك في البريدين الجويين الأخيرين كتابين: الأخير منهما بالبريد الجوي المسجل، وفي هذا الأخير تعليمات فيما يختص بمقالة رشيد الخوري وببيان أول مارس/ آذار سنة 1937، وسارسل إليك في البريد الجوي الذي يصدر اليوم كتاباً آخر مسجلاً له دخل بالعدد الممتاز.
في هذا الكتاب أريد أن أتناول ما جاء في كتابك المؤرخ في 6 فبراير/ شباط وأكمل تعليقي على العددين الأخيرين من سورية الجديدة، وأبدأ بهذه النقطة أولاً.
كنت قد أشرت عليك في الماضي بالاستزادة من الأخبار، ولو نشرتها الجرائد الأخرى قبلنا، فإنه ضرورة دولية لا غنى عنها مطلقاً ان تتضمن الجريدة جميع الأخبار الهامّة عن الوطن وتطوراته السياسية، مهما كانت هذه الأخبار متأخرة، فأطلب تنفيذ ذلك بدقة وليس هنالك حاجة لتحوير هذه الأخبار تحويراً كبيراً يضعها بشكل تعليق عليها. فالشيء الأولي الضروري هو نشر الأخبار بكثرة بصرف النظر عن الكيفية التي تنشر بها. فأخبار الوطن يجب أن تصل إلى كل مشترك في سورية الجديدة، سواء كانت قديمة أو جديدة.
علّقت على بعض ما ورد في العدد 51 وذكرت لك في كتابي الأخير أن الرزمة التي تردني كل أسبوع لم ترد من العدد 51، أريد أن أضيف شيئاً هاماً على تعليقي الماضي، فأكرر ثنائي على التحسن المحسوس في الترجمة وخصوصاً ترجمة خطاب أول يونيو/ حزيران ومقالة «سلاحا الحرب» الصادرة في عدد 51 إلا أنه وقع في ترجمة هذه المقالة الأخيرة خطأ قد يؤدي إلى نتائج غير مستحسنة تعرقل الشيء الكثير من أعمالنا.
ففي إحدى الفقرات المتعلقة بموضوع سياسي إنترناسيوني وردت في الترجمة جملة زائدة خربت الشيء الكثير من المعنى، ولمّا كان العدد الذي وردني في الطيارة ليس موجوداً أمامي فلا يحضرني النص بتمامه ولكن معنى العبارة الزائدة هو «عندما ظهرت المطامع الإيطالية للسيطرة على البحر المتوسط»، فهذه العبارة هي من عند المترجم وغير واردة في الأصل، وهي عبارة خطرة جداً. ومثل هذه العبارة يجب أن يمتنع المترجم عن إدخالها في المقالات، خصوصاً المقالات السياسية التي أكتبها أنا، فهذه يجب مراعاة منتهى الدقة في ترجمة عباراتها خصوصاً أن الجريدة قد أصبحت متجه أنظار الدول التي تراقب تطور حركتنا.
في العدد الثاني والخمسين، وفي التعليق على بيان الأمين مأمون أياس في الصفحة الأولى، وردت هذه العبارة: «والأنكى أن معظم الجرائد العربية التي تصدر في المهجر»، وقد بحثت في ذاكرتي علّني أجد في المهجر السوري جرائد عربية غير سورية فلم أجد. وإذا وجدت صحيفة فهي لا محل لها بيننا ولا تدخل في موضوعنا. ولذلك فاستعمال تعبير «الجرائد العربية» هو غلط يجب التنبه لعدم تكراره. فكما أنه لا يصح أن تسمّى الصحافة الأميركانية الصحافة الإنكليزية لأنها تصدر باللغة الإنكليزية، ولا أن تسمّى الصحافة البرازيلية الصحافة البرتغالية لأنها تصدر باللغة البرتغالية، ولا أن تسمى الصحافة الأرجنتينية الصحافة الإسبانية لأنها تصدر باللغة الإسبانية، كذلك لا يصح ولا يجوز أن تسمّى الصحافة السورية الصحافة العربية لأنها تصدر باللغة العربية الأصل.
نظرت في أمر عودة جميعة الماسونية إلى العمل في البرازيل، وفي أمر عودة محفل «نجمة سورية» إلى هذا العمل ودعوته أعضاءه القدماء ليعودوا إلى تشكيله، وفي أمر ما جرى بين الرفيقين توما [توما] و[نديم] شحفة في الاجتماع الذي عقده أعضاء المحفل للنظر في الخطة التي يجب أن يسير عليها، وقد سررت بالنتيجة التي حصلت من هذا الاجتماع وخصوصاً من موقف الرفيق توما.
تقول في كتابك إن أعداء النهضة عملوا على إبعاد القوميين عن المحفل. الحقيقة هي أنه لا يجوز مطلقاً للقوميين الانتماء إلى أية منظمة أو مؤسسة لها صبغة سياسية أو تتناول مبادئُها العقائد الأساسية، وقد تلجأ إدارة الحركة القومية إلى إدخال بعض أفرادها في منظمة أو مؤسسة من هذا النوع لأسباب هي من خصائص الإدارة فقط. أما القوميون فيجب عليهم الامتناع عن الاشتراك في أية منظمة أو مؤسسة من النوع المذكور، لأنه يجب عليهم أن يحافظوا على وحدة عقائدهم، ووحدة روحيتهم، ووحدة نظامهم، وعلى جهودهم من أن تتبعثر في مختلف الأعمال والاتجاهات.
ولذلك يجب أن يمتنع القوميون عن الاشتراك في الأعمال الماسونية، ويجب عليهم اعتبار هذه الجمعية شيئاً لا حاجة للمجتمع به، بل شيئاً فاسداً يمكنه أن يفسد المجتمع، لأن هذه الجمعية لم تعد سوى بؤرة للغايات والمنافع الفردية وللدسائس السياسية.
وصل إليّ أيضاً نسخة كتاب الرفيق حنا سمعان، وبهذه المناسبة أطلب منك أن تكون واعياً لجميع هذه المسائل الهامة المتعلقة بالحركة. وبما أن مركزك يجعلك نقطة اتصال صالحة لذلك أكلفك الاهتمام بإيصال كل المعلومات التي يهمني الوقوف عليها إليّ بسرعة، مع المحافظة الدقيقة على عدم إطلاع أي فرد آخر لا من خارج نطاق الحركة ولا من داخله عليها أو على مضمونها.
إنك قد قمت بعمل الاتصال بصورة أهنئك عليها، وأطلب منك مراعاة ملاحظاتي في هذا الكتاب. أطلب منك أيضاً أن ترسل إليّ عنوان الرفيق حنا سمعان في الإكوادور. ولتحيى سورية.

بعد: في عدد مجلة العصبة الممتاز الصادر في ديسمبر/ كانون الأول الماضي مقالة للرفيق طنوس نصر عنوانها «الانتحار في الأدب» فأطلب نقلها إلى سورية الجديدة مع كلمة تقديم حسنة، ولكن من غير ذكر أن طنوس نصر هو رفيق. وأطلب منك أن تكتب إلى هذا الرفيق في الشويفات وتطلب منه أن يراسل سورية الجديدة أو أن يدلّك على مراسل. ولا تذكر له في الكتاب شيئاً عن الحزب ولا تنعته بشيء يشتمّ منه وجود أي اتصال بهذا المعنى بل خاطبه بلقب الأديب والمربي.
بعد أيضاً: قبل إرسال هذا الكتاب وصل البريد العادي ووصلت رزمة من العدد 51 رأيت أن أبيِّن غلط الترجمة لمقالي «سلاحا الحرب» وهو كما يلي:
الأصل بالعربية: «وقد اختارت السياسة الفرنسية، بعد ذالك الحين، أن ترمي الحزب السوري القومي بأنه صنيعة إيطالية، لأن التضارب السياسي الشديد كان في ذلك الوقت بين فرنسة وإيطالية بسبب بروز المطامح الإيطالية في المتوسط».
وقد وردت ترجمة العبارة الأخيرة، أي عبارة «بسبب بروز المطامح الإيطالية في المتوسط»، هكذا:
…., dado o proposito da primeira (Italia) em se tomar a senhora absoluta de Mediterraneo.
والترجمة الصحيحة كان يجب أن تكون بهذا المعنى:
…, devids as aspiracoes da primeira (Italia) no Mediterraneo, que veniam se acentuando. (ou: que deixarem se notar en forma saliente).
أو أي تعبير مرادف لهذا.
أما الترجمة المثبتة فعدا عن أنها غير صحيحة فهي خطرة وتخالف الموقف السياسي الذي اتخذه.

المزيد في هذا القسم: « إلى جورج بندقي إلى نعمان ضو »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.