حبيبتي

كتبت اليك في اليوم الثاني لوصولي ووصفت لك المكان الذي نزلت ضيفاً فيه وما جرى لي في اليوم السابق. وكنت أشعر بنشاط جديد وتقدم في صحتي سررت به. وفي مساء ذاك اليوم، الاثنين، ركبت للمرة الثانية وعدت فأخذت حماماً وشعرت اني على أحسن حال. فتعشيت وفي ختام العشاء شربت كوبة لبن خاثر ولم آخذ شيئآ بعدها وخرجنا الى الباحة امام البيت فقعدنا على كراسي مستطيلة تحت الشجر وبقيت أنا بالقميص فقط على صدري ومعدتي والبنطلون الكتان. والظاهر ان برودة رطبة أخذت تحل محل حرارة النهار فشعرت آخر السهرة بوجع في معدتي. وفي ذاك الليل لم أنم، اذ حدث لي إسهال وتقيأت الطعام الذي لم يهضم ولكن الوعكة لم تتعد هذا الحد. في اليوم التالي، 27 الحاضر، كنت ضعيفاً ومع ذلك نهضت واستحميت وجلست ضمن المنزل وبعد الغداء أقلت قيلولة طويلة شعرت بعدها بانتعاش. وبعد العشاء الخفيف آويت الى فراشي ونمت طول الليل الى صباح أمس فنهضت أحسن ولكن لبقاء أثر الضعف أخرج على الفرس. واليوم أنا أحسن كثيراً وأشعر بنشاطي يعود اليّ وسأركب هذا الغروب.

وردني كتابك أول أمس، أي بعد الليلة المزعجة، فسررت به كثيراً كأنه يقظة جميلة حلوة وفرحت بحسن حال صفيتنا الحبيبة. انك كتبته في 25 يناير ولكنك أرخته في 24 ديسمبر! ووصل اليّ في 27 يناير الحاضر. وأمس تنبهت لهذا اليوم. وكم كان جميلآ وصول كتابك فيه. فعدت أمس اليه لاشترك مع شعورك الجميل فيه لكي لا يفرق البعد بين شعورينا المتجددين بمناسبة مرور هذا اليوم السعيد في حياتي الذي أوجدنا فيه بيتنا وصرنا عائلة واحدة وكم وددت ان لا تكون الأشغال العنيفة المستعجلة قد حالت دون وجودنا معاً في هذا اليوم.
الغرّيب حتى الآن لمّا يعد من مكان فرصته ولكنه ينتظر في بيته يوم السبت، أي بعد غد. وفي هذه الأثناء أكون رتبت أموراً كثيرة. الحالة هنا كانت خمولاً تاماً ولكني سأوقظ النيام. وستكون الأيام المقبلة أيام نشاط.
كم تمنيت ان لا تكون قد حصلت لي الوعكة المذكورة لأنها افقدتني نحو ثلاثة أيام من التقدمة المطرد. ولكني مع ذلك مسرور لأن جسمي احتملها جيداً وتغلب عليها بسرعة فسأقدر ان أتابع التحسن. وقد أخرتني، من جهة اخرى، عن اتمام المقالات للجريدة وهذا يعني ان العدد القادم سيتأخر قليلآ فلا بأس.
الأرجح ان اجتمع غداً بالرفقاء. واليوم بعد الظهر سيأتي السيد فدعا مخول للسلام عليّ وهو والد عروس رفيق سعادة وفي المساء سيجيء الرفيق نسيم غنمة. اما الغرّيب فقد أخبرني الرفيق صوّى انه سلمه أحد الكتابين، كما ذكرت لك والظاهر انه سيدرس موقفه جيداً ولكن نفعيته ظاهرة والأرجح انه سيسقط وسنرى.
اني أتوقع ورود كتاب ثان منك اليوم وسأترك بقية الفراغ لقول كلمة عما يردني، اذا صح ما أتوقع وجاء الرفيق خليل سعادة ساعة الغداء يحمل الي رسالة منك.
جاء الرفيق خليل يحمل الي كتابك الأخير الذي فيه أخبار تقدم صحة عزيزتنا صفية فسررت كثيراً بالاطمئنان عنك وعنها. وقد رأيت انك تنبهت لغلط تاريخ الكتاب السابق.
بكل شوقي انتظر ان أراك قريباً. وفي هذه الأثناء أرسل اليك والى صفية قبلاتي.
بلغي الماما سلامي واحترامي. وسلامي الى جورج وأتمنى ان تكون سفرة ديانا سعيدة لها. واسلمي لي.


في 29 يناير 1942

المزيد في هذا القسم: « حبيبتي حبيبتي »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.