»الروح السورية الجديدة والروح البرازيلية الجديدة ــــ أخبار أخرى هامة«
سورية الجديدة، سان باولو، العدد 72، 29/6/1940
بوينس آيرس في 23 يونيو/حزيران 1940 ــــ لمراسل سورية الجديدة الخاص
الزعيم ورئيس جمهورية تشيلي السابق:
قدم بوينس آيرس منذ نحو ثلاثة أسابيع المواطن المعروف بغيرته القومية وحسن فعاله ونشاطه للأعمال الاجتماعية المفيدة السيد أنطون بالش، نزيل سانتياغو، عاصة جمهورية تشيلي. وكان السيد بالش صديقاً حميماً للوطني الكبير المغفور له العلامة الدكتور خليل سعاده، والد الزعيم، وبلغه خبر وجود الزعيم في هذه المدينة، كما كان قد بلغه شيء قليل عن عظم الرسالة التي يحملها، فسعى حال وصوله للاتصال بسعاده فزاره ودعاه إلى غداء يقيمه في النادي الحمصي ويدعو إليه الجنرال إيبانس رئيس جمهورية تشيلي السابق وأحد رجال سياستها البارزين، وعدداً من الشخصيات؛ فتلطف الزعيم بقبول الدعوة. وقد لحظ الجميع الاتصال الودي الذي نشأ حالاً بين الزعيم والجنرال إيبانس فشربا نخب تفاهمهما. وفي أثناء الحديث ظهرت شخصية الزعيم بما طرقه من المواضيع. فسأل الجنرال إيبانس عن شكل الحكم في تشيلي: هل هو مركزي أو لا مركزي فأجاب الجنرال أنه مركزي، فلاحظ أنّ هذا النظام الموحد قد يصطدم بمشاكل عديدة نظراً لامتداد أرض الجمهورية وعدم وجود كثافة السكان والمواصلات السريعة التي تؤمن إجراء الأمور بالسرعة المطلوبة، فاعترف الرئيس السابق بصواب هذه النظرة، وأشار إلى أنه قد نشأت في تشيلي مؤخراً حركة تدعو إلى اللامركزية، ولاحظ أنّ في اللامركزية أخطاراً عديدة للبلاد بالنسبة إلى الحالة الثقافية العامة وعوامل البيئة الخاصة، فقال الزعيم إنه يمكن إيجاد شكل يوفق بين المركزية وضرورة إعطاء المناطق صلاحيات تؤمن القيام بما تقتضيه الحاجة، فوافق الجنرال إيبانس وقال إنه كان يفكر في إيجاد مثل هذا الحل.
كان الغداء اجتماعاً لطيفاً ذا رونق، وظهرت فيه كياسة صاحب الدعوة السيد أنطون بالش.
ومنذ أيام عاد السيد بالش إلى تشيلي رافقته السلامة.
الزعيم يرد الزيارة للنادي الحمصي:
كان الأحد الماضي في السادس عشر من يونيو/حزيران الجاري موعد رد الزعيم الزيارة للنادي الحمصي. وعند الساة 15:18 وقفت سيارة الزعيم عند باب النادي، وكانت لجنة من هيئة إدارة النادي، على رأسها رئيس النادي السيد راغب كيتلون، بانتظاره فاستقبلته عند الباب وصعد الجميع إلى غرفة مجلس الإدارة حيث جلس الزعيم في صدر الغرفة، وجلس أعضاء اللجنة عن جانبيه، وبعد تبادل أحاديث التعارف الودي تكلم الزعيم عن الحالة الاجتماعة في شعبنا وتطرق إلى ذكر الأغراض الاجتماعية التي ترمي الحركة القومية إلى تحقيقها، فأصغى الجميع إلى حديثه بشوق وإعجاب.
بمناسبة هذه الزيارة قدمت اللجنة فنجان شاي. وبعد الفراغ من الشاي طاف الزعيم مع اللجنة أقسام النادي وأبدى ارتياحه إلى فخامة البناء وحسن ترتيبه والأعمال الابتدائية الآخذة مجراها، وإلى ما يسهله النادي للجالية من وسائل الألفة والتعارف.
ثم ودّع اللجنة متمنياً للنادي الازدهار الذي يرى أنه يستحقه فشيعته اللجنة إلى الباب الخارجي.
وقد أحدثت زيارة الزعيم تأثيراً جيداً في النادي الحمصي وأوساط الجالية.
الروح السورية الجديدة والروح البرازيلية الجديدة:
ما كادت أهم فقرات خطاب رئيس الجمهورية البرازيلية السيد جيتوليو فارغس تذاع في صحف العالم وتشيع بين الجماعات، حتى تنبه السوريون القوميون هنا وجميع السوريين الذين قرأوا العددين 63 و67 من سورية الجديدة لمقاربة كلام الرئيس فارغس كلام الزعيم في خطابه في حفلة أول مارس/آذار وخطابه في سانتياغو دل أستيرو المنشورة خلاصتهما في العددين المذكورين.
وقد أحدث خطاب زعيم البرازيل الجديد تأثيراً حسناً في أوساط السوريين القوميين، وعدّوه خطوة واسعة تقرّب بين الروح السورية الجديدة والروح البرازيلية الجديدة، وحبذا لو ترجمت فقرات من خطابي الزعيم في أول مارس/آذار الماضي وفي سانتياغو دل أستيرو ونشرت إلى جانبها الفقرات الأساسية من خطاب الرئيس فارغس، فتكون أساساً للتقارب الروحي بين النهضتين السورية والبرازيلية.
إنّ أهم العبارات التي استلفتت أنظار السوريين القوميين من خطاب الرئيس فارغس الأخير الذي نشرته سورية الجديدة في عددها الــ70 هي هذه: «ونحن نشعر أنّ الأساليب السياسية العتيقة قد أخذت بالانحطاط فالاندثار» فهذه العبارة توافق أقوال الزعيم التوجيهية، وبالأخص عبارته في خطابه في سانتياغو دل أستيرو المنشور ملخصه في العدد 67 من سورية الجديدة (ص 38 أعلاه) وهي: «إنّ التفكير الذي سارت بموجبه الإنسانية حتى الآن قد دخل في طور الشيخوخة في العالم كله، والبشرية بأسرها تنتظر تفكيراً جديداً ينقلها إلى سعادة أفضل، وسورية القومية تساهم بأكبر نصيب في وضع قاعدة هذا التفكير الجديد». ثم عبارة الرئيس فارغس «يجب علينا أن نفهم العصر الجديد ونسعى لإتلاف الآراء الجامدة والمثل العقيمة»، فهذه العبارة توافق كل الموافقة حملة الزعيم في خطابه أول مارس/آذار الماضي (ص 24 أعلاه) على تفكير الأدب الذليل الذي «لا يمكننا التقدم نحو مثلنا العليا بدون طرحه عن عواتقنا».
ولعل أهم عبارات الرئيس فارغس الهامّة هذه العبارة «فالثروة اليوم ليست كما كانت قديماً: أرباحاً طائلة تدرّها رساميل جامدة، بل هي: العمل المنتج الذي يغيّر الإنسان والأشياء، والذي يوسع غايات الإنسانية وأهدافها... ولذلك كان من واجب الحكومة أن تنظم القوى المنتجة حتى يتمتع الشعب بكل ما يحتاج إليه لإنشاء عظمته كمجموع»، فهذه العبارة تنطبق على مبادىء النهضة السورية القومية الاقتصادية المشروحة بقلم الزعيم.
فالسوريون القوميون يغتبطون بهذه الروح الجديدة التي تسري اليوم في جسم أمة عظيمة كالأمة البرازيلية، ويمكن القول، بدون أدنى تحفّظ، إنّ شخصية الرئيس فارغس قد أصبحت واضحة عظمتها للسوريين القوميين.
أموال الهدية للزعيم:
في رسالة سابقة، نشرت في العدد 65 من سورية الجديدة، (ص 31 أعلاه) ذكرت في عداد الأسباب المباشرة لطرد المدعو حسني عبد المالك والمدعو جبران سابا من الأوساط القومية، سبب انفضاح أمر تلاعب هذين الشخصين بشؤون لجنة الاحتفاء بمولد الزعيم المعنوية والمادية. وسهوتُ أن أذكر في رسالتي السابقة في عداد الأدلة أنه عندما حصل أعضاء اللجنة على تفاصيل الداخل والخارج، وُجد أنّ حسني عبد المالك وجبران سابا لم يدوِّنا في باب الداخل اشتراكات معلومة وردت على يد بعض أعضاء اللجنة، فتظاهرا بالنسيان وعمدا إلى إصلاح هذا الخلل، الأمر الذي أثبت للأعضاء أنّ هذين الرجلين مستعدان لنسيان كل مبلغ يدخل وليس عليه رقيب من أعضاء اللجنة.
ولمّا شعر المدعو حسني عبد المالك والمدعو جبران سابا بأن اللجنة قد قررت وضع تقرير داخلي لأعمالها، تبيّن كيفية سير هذه الأعمال، ونشر خبر رسمي في الجرائد بنتيجة ما قامت به، ونفي صحة الكتاب الذي أرسله حسني عبد المالك إلى الجمعيات السورية خفية عن اللجنة، وغير ذلك من التدابير التي تفضح سوء نيتهما، عمدا إلى حيلة، أرادا خدع الرأي العام بها، فنشرا لائحة الاشتراكات وتظاهرا بأنهما يطلبان من كل من أرسل مالاً أن يعود فيرسل ثلاث نسخ من كتاب يبيّن فيه ما أرسله، وهذه الحيلة لم تخفَ عل ذوي الخبرة الذين يعرفون أنّ الذين اشتركوا بطريقة المراسلات الخصوصية لن يترقبوا إحدى الصحف ليروا إذا كانت تحمل قيمة اشتراكاتهم. فلما رأيا أنّ الحيلة لم تنجح، وأنّ اللجنة انتخبت رئيساً جديداً وخازناً جديداً، وطلبت منهما تسليم المال الوارد من الاشتراكات لتقديم هدية للزعيم، ادَّعيا أنهما لا يمكنهما تسليم المال لأن أحدهما المدعو حسني عبد المالك كان قد كتب إلى أحد القوميين في الولايات المتحدة يكلفه فحص أثمان الماكنات الكاتبة بالعربية، وبما أنه كتب هذا الكتاب فهو يعدّ نفسه مرتبطاً كأنه أرسل طلباً رسمياً شرعياً لإرسال ماكنة كاتبة عربية!
ولكن اللجنة بلَّغت هذي المتلاعبين أنها، نظراً لاحتمال سفر الزعيم من الأرجنتين قريباً، قررت إهداءه ماكنة كاتبة إفرنجية، لأن مكتب الزعيم يحتاج لماكنة من هذا النوع أيضاً، ولكن كل هذه الجهود للاستحصال على المال منهما ذهبت ضياعاً.
وقد بلغني من أحد العارفين بدخائل المدعو جبران سابا أنه علم أنّ المذكور قد اقتسم المال المودع معه مع المدعو حسني عبد المالك، على سبيل «القرض»، لأن حسني عبد المالك يحتاج لوفاء قسط من دينه، ولأنه هو، جبران سابا، قد خسر في ليلة قمار مبلغاً كبيراً يحتاج للتعويض عنه مؤقتاً بهذا «القرض» الاحتيالي وغيره من الوسائل.
والمعلومات عن سوابق المدعو جبران سابا هي أنه مولع بالقمار السري، وأنه كان في المدة الأخيرة منصرفاً إلى الاهتمام بأمر نادٍ سوري للعب، ونصب المكائد لرئيسه الحالي ليحل محله ويدير أعمال القمار، طمعاً بالربح عن هذه الطريق.
وقد أصبح الرأي العام ناقماً على هذين المنافقين نقمة شديدة لأنهما أساءا إلى الجالية السورية كلها بالتلاعب الشائن بأموال الهدية.
أعمال جمعية «ثمرة الإحسان»:
وزعت جمعية «ثمرة الإحسان»، بمناسبة مرور 25 سنة على تأسيسها في 7 يوليو/تموز 1915، كراساً سمّته نبذة من أعمال جمعية «ثمرة الإحسان» للسيدات السوريةت الأرثوذكسيات في بوينس آيرس.
في بدء الكراس ذكر تأسيس الجمعية وأسماء السيدات والأوانس المؤسسات، وذكر أنّ المغفور له الدكتور خليل سعاده هو الذي وضع لها قانونها الأساسي، وذكر الحقائق عن انتخاب عمدتها الإدارية الأولى. ثم يلي ذلك تقريظ لكل عمدة انتخبت في كل عام وذكر بعض الأعمال الاجتماعية أو الخيرية.
الكراس في مجمله هو كراس تقريظ ومديح أكثر منه بيان للرأي العام، فهو خلو من الأرقام التي تدل على الداخل والخارج، ومن حالة صندوق الجمعية الحاضرة، وأسباب وجود عجز في ماليتها، ومن المعلومات الحسية المفيدة التي توضح للرأي العام فائدة الجمعية الحقيقية.
إنّ جمعية «ثمرة الإحسان» هي من أقدم جمعيات الجالية السورية الخيرية، وكانت في بدء عهدها ذات نشاط واندفاع في عملها الخيري النزيه. ولكنها تعرضت في السنين الأخيرة لنتائج السياسات الشخصية وتنازع السيادة عليها، فأصاب قسماً من أعضائها التشتيت. فعسى أن يكون يوبيل الجمعية الفضي مناسبة لإحياء الروح الجيدة الأصلية في الجمعية.