النظرة القومية على الحوادث الحربية والسياسية الأخيرة


الزوبعة، بوينس آيرس، العدد 24، 15/7/1941

لم تفاجئنا الحوادث التي صار وطننا مسرحاً لها من 8 يونيو/حزيران الماضي إلى 12 يوليو/تموز الجاري، وهي حوادث هجوم القوات البريطانية المتمركزة في الجنوب (فلسطين) ومعها قوة قيلة من «الفرنسيين الأحرار» على المنطقة الشمالية (لبنان والشام)، التي أطلقت عليها فرنسة هذا الاسم الغامض الذي لا يعني شيئاً له شكل شخصي أو معنى قومي «اللونت» أو المشرق.
وقد أسفنا أسفاً شديداً لاضطرارنا في هذه الظروف الحرجة إلى تأجيل الكتابة والتعليق على الحوادث الخطيرة الجارية من أجل الاهتمام بردّ تهجمات بعض المواطنين على الفكرة القومية والحركة القومية وكبح جماح البعض الآخر العامل على إثارة الفتن الداخلية، تارة باسم الدين وطوراً باسم «الوطنية» والتقليد القومي الزائف. ولكن لم يكن بدّ من متابعة معالجة الحالة الداخلية التي لها علاقة وثيقة بنتائج الحوادث الخارجية. فأصل بلائنا في القرون الأخيرة هو حالتنا الداخلية قبل كل شيء آخر.
لم يكن بدّ من كشف حقيقة بعض الأشخاص والأمور الجارية إيقافاً للتضليل عند حدٍّ حاول أن يتعداه ليحرج موقف الحركة السورية القومية بكلام مباشر لا يحسن السكوت عليه إذا كان هنالك قصد لمنع استمرار تسميم الرأي العام السوري بالإشاعات والأقاويل وتشويه الحقائق حتى لا يعود صالحاً لقبول الفكرة القومية وتلبيتها. وحصول هذه الحالة في نطاق واسع يؤدي إلى عواقب وخيمة.
من أجل هذه النظرة لم نوقف اهتمامنا بأمر الحرب الداخلية بين النهضة السورية القومية وعناصر نفسية العهد اللاقومي البائد، من أجل الاهتمام بالحرب الخارجية التي قضت الإرادات الأجنبية أن يكون وطننا مسرحاً لها. فامتداد نيران الحرب الأوروبية إلى بلادنا كان أمراً متوقعاً عند السوريين القوميين لأن الزعيم أعلن لهم أنّ ذلك سيحدث.
في 5 مايو/أيار 1934 أنبأ الزعيم، بواسطة نداء وجّهه إلى الجالية السورية في البرازيل ونشر في جريدة «الرابطة» التي تصدر في سان باولو في شهر يونيو/حزيران من تلك السنة، بأن الحرب آخذة في الاقتراب بسرعة وأنّ وطننا سيكون مسرحاً من مسارحها وإليك نص كلامه:
«ويحسن بنا، في هذا الزمن العصيب، أن نذكر دائماً أننا على قيد خطوة من حرب جديدة لا يدري أحد ما تكون نتيجتها، ولكننا نحن (القوميين) ندري أنّ وطننا سيكون مسرحاً من مسارحها، وأنّ أمتنا ستكون من جملة الأمم المقدمة الضحايا فيها. وهذا أمر لا بدّ أنه واقع أردنا أم أبينا، فماذا أعددنا للساعة الآتية؟» (أنظر ج 1 ص 492 أعلاه).
ثم إنّ الزعيم وجّه، في 31 مايو/أيار 1939، نداء إلى السوريين القوميين والشعب السوري عامة وقد نقلته «سورية الجديدة» إلى عددها الصادر في 15 يوليو/تموز من السنة عينها. في هذا النداء أعلن الزعيم «أنّ العالم يتجه بسرعة نحو موقف فاصل توضع فيه مقدرات الأمم في محكمة القوة أو محكمة حق المصالح» (أنظر ج 3 ص 361) وعاد الزعيم، في 1 يونيو/حزيران 1940، فأصدر نداء إلى الشعب السوري نقلته «سورية الجديدة» إلى عددها الصادر في 15 يونيو/حزيران من السنة المذكورة حذّر فيه الشعب من أخطار الموقف الذي حصل من جراء الحوادث الحربية والسياسية الأخيرة التي حدثت في الشهر الماضي والشهر الحالي، إذ قال: «أحذركم من الاتِّكال على فكرة انتصار هذا الفريق وانكسار ذاك الفريق فالقضية السورية لا يحققها غير جهاد السوريين».
وقد ختم الزعيم نداءه الأخير بهذه الدعوة التي لا تزال تطلب من كل سوري ذي وجدان حيّ أن يجيب عليها:
«إلى الجهاد أدعوكم! وما أغنت النيات عن الأعمال ولا قامت التمنيات مقام الأفعال. فاختاروا لأنفسكم أحد المصيرين: مصير الاستسلام والانحلال، أو مصير الثقة بالنفس والجهاد في الحركة القومية، حتى يتم النصر ويقوم حق الأمة السورية!» (ص 53 أعلاه).
ولكن ما أكثر معكّري الماء ليصطادوا. فما كادت الإرادات الأجنبية تتحرك على مسرح وطننا حتى حمل كل صياد شبكته، وهي غالباً جريدة أنشأها صاحبها ليعيش منها، وذهب يعرض نفسه ومهارته في الاصطياد على ذوي المصلحة. فكثرت التصريحات وأمطر السوريون في المهجر وابلاً من الصياح والدعوات يوازي أو يفوق ما صُبّ من القنابل على مدننا وأراضينا التي تشرفنا بالتبلّغ من المارشال بتان، رئيس الدولة الفرنسية، أنها ليست أراضينا نحن، بل أراضي الدولة الفرنسية، ومن مركز قيادة الجنرال ديغول، رئيس «الفرنسيين الأحرار» أنّ بلادنا ليست سوى مستعمرة من المستعمرات في وحدة الامبراطورية الفرنسية!
نكتفي الآن بهذه المقدمة لنفسح المجال لإثبات التصريحات والنداءات الموجهة إلى سوريــي الشمال وإلى الجنود وإلى العالم. وفي العدد القادم يكون لنا مقال مسهب في صددها.
وإننا نرى، من أجل المحافظة على الترتيب التاريخي المتدرج، أن نعيد إثبات تصريح دولتي المحور ألمانية وإيطالية الذي صدر في ديسمبر/كانون الأول من السنة الماضية، ثم تصريح وزير خارجية بريطانية السيد إيدن، وبعد ذلك يأتي دور تصريحات جانب «الفرنسيين الأحرار» والبريطانيين، وتصريحات جانب الحكومة الفرنسية في فيشي:
تصريح المحور الكلي
إنّ التصريح التالي صدر في نسختين الواحدة من ألمانية والثانية من إيطالية:
«إنّ ألمانية التي شعرت دائماً بصداقتها المتينة للأمم العربية والتي تمنّت لها حياة عزيزة سعيدة، وأن تتبوأ مكاناً لائقاً بين شعوب العالم يتكافأ مع عظمتها التاريخية وأهميتها الطبيعية، قد تتبعت دائماً بعين الاهتمام كفاح الأقطار العربية في سبيل استقلالها.
«إنّ الأمم العربية وهي تجاهد وتكافح في سبيل هذه الغاية تستطيع أن تعوّل وتعتمد على عطف ألمانية التّام.
«وإنّ ألمانية، بإعلانها هذا التصريح الرسمي لهي على اتفاق تام مع حليفتها إيطالية بهذا الصدد».
تصريح وزير خارجية بريطانية
في أصيل شهر مايو/أيار الماضي ألقى وزير خارجية بريطانية تصريحاً في مجلس العموم كرره فيما بعد في خطاب ألقاه في 29 مايو/أيار الماضي في اجتماع على غداء في بلدية لندن شرح فيه مرامي بريطانية من الحرب. وهذا نص كلامه في هذا الصدد في غداء البلدية، كما جاء في برقية لــ«يونيتد برس» صادرة في اليوم عينه عن لندن:
«إنّ لهذه البلاد (إنكلترة) تقاليد صداقة قديمة مع العرب، صداقة جرى إظهارها بالأفعال وليس فقط بالأقوال. ومنذ بضعة أيام أبديت في مجلس العموم أنّ حكومة جلالته تشعر بتحبيذ شديد للمطامح السورية الاستقلالية.
«إنه يسرّني أن أكرر الآن ما قلته. ولكني سأذهب أبعد من ذلك: إنّ العالم العربي قد تقدم تقدماً كبيراً منذ الاتفاق الذي جرى في نهاية الحرب الماضية، وهنالك عدد كبير من مفكري العرب يرغبون في وصول شعوب هذا الجنس إلى درجة من الاتحاد أعلى عن الدرجة التي هي عليها الآن.
«وهم، في سعيهم وراء هذا الاتحاد، ينتظرون مساعدتنا، ويجب ألا يبقى نداءٌ لأصدقائنا بدون تلبية.
«وإنه ليبدو لي طبيعياً وعادلاً أن تتوثق العلاقات الثقافية والاقتصادية بين الأقطار العربية، فضلاً عن الروابط السياسية. فحكومة جلالته تقدم، من جهتها، أوسع مساعدة لأية مباشرة في هذا السبيل تعتمد على المصادقة العامة».
«الزوبعة» ــــ يلاحظ الشبه الشديد بين هذا التصريح وتصريح دولتي المحور في صدد العالم العربي.
بعد هذا التصريح ابتدأت العلاقات تتوتر بين الجانب البريطاني والجانب الفرنسي في ما يختص بسورية. وابتدأ الفرنسيون يتأهبون في القسم الشمالي من سورية للطوارىء، وفي 5 يونيو/حزيران أذاع المفوض الفرنسي الجنرال دنتز النداء التالي:
نداء الجنرال دنتز
في برقية لــ«يونيتد برس» صادرة عن بيروت بتاريخ 5 يونيو/حزيران الماضي أنّ المفوض الفرنسي وقائد القوات الفرنسية في سورية الجنرال هنري دنتز وجّه في التاريخ عينه نداء إلى القوات الفرنسية في سورية يدعوها فيها لدفع كل هجوم. وفحوى النداء كما أرسلته الشركة البرقية كما يلي:
بواسطة إذاعة خصوصية بالراديو أمر المفوض العالي جميع الفرنسيين أن يثبتوا «في مراكزهم» للدفاع عن البلاد ووفاء تعهد فرنسة بحماية جميع ممتلكاتها، موضحاً أنّ وجود فرنسة متوقف على الدفاع عنها.
أظهر المفوض أنّ فرنسة تسقط صريعة الجوع في هذا الشتاء إلا إذا تحققت الوعود بالدفاع عن الامبراطورية (الاستعمارية) التي قطعها المارشال بيتان والأميرال درلان لألمانية.
الذين سمعوا خطاب دنتز بالراديو يتألفون من جنود وسائقي طيارات وبحّارة من قوات الشرق الذين أخبرهم أنّ الأخبار عن احتلال الألمان المزعوم السورية ولبنان لا صحة لها، وكذلك أخبار إنزال زحافات ألمانية في اللاذقية، وتلك التي تقول إنّ خمسمائة جندي ألماني نزلوا إلى البرّ من مركب تمريض.
وقد سلّم المفوض بأنّ الطيارات الألمانية اجتازت البلاد من الغرب إلى الشرق وأنها قد عادت من حيث أتت، ولكنه أكد أنه لا يوجد حالاً في سورية ولا طيارة ألمانية. وتابع:
«الجو مفعم بإشاعات مختلفة. وقد بيّنت لكم إلى أين توصل الطريق: إنّ الحكومة قد قررت تحوير سياستها في ما يختص بألمانية. لماذا؟ لأنها تريد أن تحيا فرنسة التي حرمها القطع البحري من المؤونة وخنقها خط فاصل وأضعف مستقبلها أسر مئات ألوف من أبنائها.
«ماذا ينتظر من هذه السياسة الجديدة؟ ينتظر شيء بسيط جداً: ألا تهلك فرنسة في هذا الشتاء بالجوع والبرد والشقاء.
«اجتهدوا في تصور انتصار مفروض يمكن أن يعيد لفرنسة في السنة المقبلة كل قوّتها. ولكن الشيء الأكيد هو أنه إذا لم يفعل شيء الآن من أجل حفظ حياة فرنسة فلن يبقى في فرنسة فرنسيون لذلك الوقت. الضروري هو أن تعيش فرنسة الآن: هذه هي الحقيقة. ماذا يطلبون (الألمان) منا لقاء ذلك؟ أيطلبون أن نشهر السلاح بوجه أحد أو بوجه كل الناس؟ كلا: إنهم يطلبون منا، وهو ما يريده أيضاً المارشال، أن نحتفظ بالأراضي التي تخصنا والتي ائتُمنا عليها، لا أكثر ولا أقل.
«إني أسألكم: أيوجد في ذلك ما يمكن أن يحرج أشد الشعور لطافة أو ما هو مخالف لشرف فرنسة؟ كلا.
«الموقف واضح وهو يتطلب: الدفاع عن ممتلكاتنا بكل قوانا. وإني أعلم أنكم ستعرفون كيف تنفذون هذا الأمر فإن هذه الكلمات هي كلمات المارشال التي لا تحتمل التحريف.
«فإذا اقتضى الحال سنرى أيديكم تقبض على السلاح. أبقوا هذا العلم خافقاً إلى جانب العلم السوري والعلم اللبناني، فإن ذلك دين شريف علينا لشعب لا يريد محررين غيرنا.
«فإلى مراكزكم!«
وفي 8 يونيو/حزيران الماضي باشرت القوات البريطانية ومعها قوات قليلة من «الفرنسيين الأحرار» الزحف على شمالي سورية من الجنوب ثم من الشرق. وفي الوقت عينه أصدر الجنرال كاترو قائد القوات الديغولية في سورية النداء التالي موجهاً إلى سكان الشام ولبنان. ويستفاد منه ومن بلاغ مركز قيادة ديغول ومن التصريحات البريطانية الموافقة والمؤيدة لهما أنّ البريطانيين لم يشاؤوا إعطاء هذا الهجوم صفة اجتياح بريطاني وأنهم فضّلوا أن يكون عملهم عمل حلفاء للفرنسيين الأحرار الذين يريدون أن يحلّوا في سورية محل حكومة فيشي، أي بإبقاء هذا القسم من سورية في أيدٍ فرنسية.
نداء الجنرال كاترو إلى الشاميين واللبنانيين
«يا سكان سورية ولبنان، في الساعة التي تدخل فيها القوات الفرنسية المنضمة إلى قوات الامبراطورية الإنكليزية، حليفتهم، إلى بلادكم، أعلن أني أخذت على عهدتي سلطة ممثل فرنسة في الشرق ومسؤولياته وواجباته. وإني أفعل هذا باسم فرنسة الحرة، مثال فرنسة التقليدية الحقيقية وباسم رئيسها الجنرال ديغول.
«بهذه الصفة أتيت لأضع حداً لوضعية الانتداب، وإني أعلنكم أحراراً ومستقلين، لذلك ستكونون من الآن فصاعداً شعبين سائدين ومستقلين. ويمكنكم تنظيم أنفسكم في دولتين منفصلتين أو الاتحاد في دولة واحدة.
«وفي أية حالة كانت سيجري ضمان دولتكم المستقلة، السائدة بموجب معاهدة يصير الاتفاق عليها بأسرع ما يمكن بيني وبين ممثلكم. وبينما إنجاز المعاهدة آخذ مجراه يكون موقفنا موقف اتحاد وثيق في سبيل بلوغ المرامي المشتركة.
«يا سكان سورية ولبنان، سترون في هذا النداء أنه إذا اجتازت القوات الفرنسية الحرة والقوات الإنكليزية حدود بلادكم، فما ذلك لكي تغتصب حريتكم، إنما لتضمنها، إنه لإخراج القوات الألمانية من سورية، ومنع تحويل الشرق إلى قاعدة حربية يستعملها العدو ضدنا وضد البريطانيين.
«نحن المحاربين من أجل حرية الشعوب لا نطيق أن يُخضع العدو بلادكم وأن يملككم رويداً رويداً ويملك ما في حوزتكم ويحوّلكم إلى عبيد. وليس بمقدورنا أن نسمح برمي السكان الذين تعهدت فرنسة بالدفاع عنهم إلى يد أشرس وأقسى سيد عرفه التاريخ. وليس بإمكاننا أن نسمح بتسليم مصالح فرنسة القديمة العهد في الشرق إلى العدو.
«يا سكان سورية ولبنان، إذا كان جوابكم لندائنا أن انضممتم إلينا فيجب أن تعلموا أنّ الحكومة البريطانية بالاتفاق مع فرنسة الحرة وعدتكم بإعطائكم كل الأرجحيات التي تتمتع بها الأقطار المشتركة معها. بهذه الطريقة يرتفع سد الموارد وتتمكنون حالاً من إنشاء علاقات مع مجموعة المتعاملين بالليرة الإسترلينية، الأمر الذي يفتح أوسع الإمكانيات لوارداتكم وصادراتكم وتتمكنون من البيع والشراء في كل بلاد حرة.
«يا سكان سورية! إنّ ساعة التاريخ تناديكم. إنّ فرنسة، تعلنكم مستقلين بصوت المجاهدين في سبيل حياتها وحرية العالم».
بلاغ ديغول
تقول برقية لشركة «يونيتد برس» صادرة عن لندن في 8 يونيو/حزيران الماضي إنّ مركز قيادة الجنرال ديغول قد نشر في هذا التاريخ البلاغ التالي:
«قد وضعت سياسة السيدين هتلر ودرلان الحلفاء في أغلوطة ذات وجهين:
«تجاه هذه السياسة كان عليهم إما أن يبقوا في حالة جمود فاسحين المجال للقوات الألمانية لتتمكن بالتآمر مع فيشي من تثبيت قدمها في سورية، الأمر الذي يعني للسوريين التنازل عن استقلالهم ولفرنسة تسليم مركزها في تلك البلاد ولألمانية إمكانية تحويل سورية إلى قاعدة عسكرية وجوية وبحرية قوية تهدد بها تركية والعراق وفلسطين ومصر. وإما أن يباشروا عملاً ضد الألمان الذين أصبحوا في سورية لمنع وصول قوات ألمانية جديدة ويتعرضوا لخطر الاصطدام مع القوات التي لا تزال متوالية لفيشي وعاملة كمساعدة ومشاركة في التآمر مع القوات الألمانية.
«إنّ الفريق الآخر قد فرض علينا الأخذ بالوجه الثاني. ففي هذه الظروف يجب وضع مسؤولية أي قتال يجري في سورية على عاتق الأميرال درلان وسياسته المتجهة نحو تسليم المستعمرات الفرنسية تدريجاً إلى ألمانية والتعاون الجندي مع العدو.
«أما ما يختص بالقوات الفرنسية الحرة، فإن مقاصدها كانت دائماً الاستمرار في مقاتلة العدو الألماني والإيطالي حيثما أمكن مجابهته من أجل الاحتفاظ بالممتلكات الفرنسية، ومساعدة بريطانية العظمى حيثما أمكن وبكل طريقة مستطاعة لهذه القوات لتعجيل النصر المشترك وتحرير فرنسة».
تصريح سفير بريطانية في مصر ونداؤه إلى السوريين
في برقية لــ«يونيتد برس» عن القاهرة في 8 يونيو/حزيران الماضي أنّ سفير بريطانية في مصر سر مايلزم و. لمسن أعطى للنشر تصريحاً يدعو فيه سكان سورية إلى خذل مفوض فيشي وتأييد القوات الفرنسية الحرة والبريطانية. وإنّ التصريح يقول:
«قد أصدر الجنرال كاترو، باسم الجنرال ديغول، رئيس الفرنسيين الأحرار، تصريحاً موجهاً إلى سكان سورية ولبنان قبل الزحف بقصد طرد الألمان، يعلن فيه حرية سورية ولبنان واستقلالهما ويتعهد بإقرار معاهدة بعد مفاوضة لضمان هذه الغاية.
«وقد فوّضت حكومة جلالته للمملكة المتحدة إليَّ التصريح بأننا نعضد ونشترك في ضمان الاستقلال الذي أعلنه الجنرال كاترو باسم الجنرال ديغول لسورية (الشام) ولبنان.
«وقد فوّض إليَّ، كذلك، إعطاء التأكيد أنّ حكومة جلالته للمملكة المتحدة تقدم لكم كل الامتيازات التي تتمتع بها الأقطار المشتركة مع الحلفاء، إذا أيدتموهم واتحدتم معهم.
«إنّ نطاق المنع يرفع عنكم ويصبح في مقدوركم الدخول حالاً في علاقات مع مجموعة الليرة الإسترلينية، الأمر الذي يمنحكم فوائد جمة فضلاً عن الامتيازات القريبة فيما يختص بالتصدير والاستيراد. فيكون لكم أن تبيعوا منتوجاتكم إلى جميع الأقطار الحرة وتشتروا منها بكل حرية».
نداء ويفل إلى الجنود الفرنسيين في سورية:
في برقية لــ«يونيتد برس» عن القاهرة في 8 يونيو/حزيران الماضي أنّ الجنرال ويفل، قائد القوات البريطانية في الشرق الأدنى وأفريقية، وجّه إلى الجنود الفرنسية في سورية النداء الآتي نصه: «أيها الفرنسيون الجنود رفقاء معارك الأمس المتحدون معنا في نصر الغد: إنا قد تلقينا أوامر بالدخول في الأرض التي تحرسونها. وهذه هي الطريقة الوحيدة للحيلولة دون وقوع هاتيك الأرض تحت نير الألمان.
«قد احتل الهونيون (الجرمان) ثلثي فرنسة، وهم يشارفون على البقية، وقد ابتدأوا الآن يفتتحون مستعمراتها. والطور الأول لحملتهم هذه التي يقومون بها على مرأى منكم يجري في سورية ولبنان.
«نحن لا نأتيكم بصورة أعداء، بل بالعكس، نحن نأتي لمساعدتكم على العدو المشترك. فبدلاً من أن تقاومونا ساعدونا على عدو شعبكم الأزرق!
«قد جئنا بقوات لا يستهان بها. فكل مقاومة تكون بلا جدوى. نعلم أنكم تقدرون أن تقاتلوا كأبطال ولكنكم ستقاتلون بدون أمل على الإطلاق. نحن نعرف مقدرتكم على القتال ونعرف ما هو معنى الشرف للجندي الفرنسي.
«ما أبعد التفكير بثلم هذا الشرف عنا. صدّقوا ما نقول إنه ليس شرف فرنسة ولا شرف جنديتكم هو ما تدافعون عنه حين تقاتلوننا حتى يهلك آخر رجل منكم. إنكم تدافعون عن هذه الأرض لمصلحة العدو.
«إنّ طريق الشرف الحقيقية هي التي تقودكم إلى الانضمام إلينا لمباشرة عدونا الأبدي القتال. تعالوا إلينا لنعجّل إنكساره.
«وإننا لا نطلب من أولئك الذين لا يعتقدون أنّ الواجب يقضي عليهم بالقتال في صفوفنا غير شيء واحد وهو: ألا يعرقلوا سير حربنا التي هي حربهم أيضاً.
«نحن نحفظ في ماضينا المشترك ذكرى الانتصار الذي أحرزناه معاً، لعشرين سنة خلت، على هؤلاء الهونيين أنفسهم. هلمّوا لنكسرهم مرة ثانية. إننا نريد أن يحدث ذلك، بمساعدتكم، نريد أن تحملوا معنا كما في الحرب الماضية ولا نريد أن نحمل عليكم».
نداء المارشال بيتان إلى أتباعه في سورية
يا فرنسيــي الشرق الأدنى، إنّ البلاد التي تعيشون فيها والتي عملتم طوال سنين من أجل فلاحها، هي اليوم هدف لهجوم لا نقدر أن نرى له قصداً مقبولاً.
«إنّ هذا الهجوم الشبيه بهجوم داكار يديره فرنسيون يحاربون تحت علم الانشقاق ولا يترددون في سفك دم إخوانهم، دم إخوانهم المدافعين عن وحدة الامبراطورية (الاستعمارية) والسيادة الفرنسيتين، تُظاهرهم في هذا الأمر القوات البريطانية الامبراطورية.
«أمام الأسف الذي حركته هذه الأعمال تقدر فرنسة الأمينة لتصريحها أن تقول بكل تأكيد وكل فخر إننا لم نكن نحن الذين سبقنا بتوجيه سلاحنا ضد الحلفاء السابقين في هذا اليوم فضلاً عن يوم المرسى الكبير ويوم داكار ويوم سفاقس.
«قد عقب العنف الخديعة. فمنذ أيام والإذاعة التي كانت تبحث عن حجة للاعتداء، تثابر على الادّعاء أنّ عدداً كبيراً من القوات الألمانية نزلت من مراكب في شواطئنا في الشرق الأدنى، وأنّ فرنسة تستعد لتسليم ألمانية أراضي عُهد إليكم الدفاع عنها.
«أنتم الموجودين هناك تعلمون أنّ هذا الادعاء باطل. تعلمون أنّ الطيارات القليلة التي نزلت في أرضنا لم تعد موجودة الآن في سورية ما عدا ثلاث أو أربع طيارات غير قادرة على الطيران. تعلمون أنه لا يوجد جندي ألماني واحد في سورية ولا في لبنان.
«إنكم هدف لاعتداء شديد الظلم يثيرنا. فاليوم هي المرة الأولى التي تتهدد فيها سيادة فرنسة في دول «اللونت» (الشرق). ثقوا بما أقول إنّ مفوضكم العالي قد قال وأنا أكرر قوله. إنكم تحاربون في سبيل قضية عادلة: هي قضية سلامة كمال الأراضي التي عهد إلينا التاريخ أمر حمايتها. وأنتم تعلمون كيف تدافعون عنها. إنّ دعائي بنصركم، الذي هو دعاء فرنسة كلها، يرافقكم».
فيليب بيتان
خطاب الجنرال هنتزغر
في برقية لــ«يونيتد برس» عن فيشي تاريخها 1 يوليو/تموز الحالي أنّ وزير الحربية، الجنرال هنتزغر، فاه بخطاب لخّص فيه الحوادث التي بلغت أوجها بالهجوم البريطاني على سورية. فأبرز أنّ الحركة البريطانية استندت إلى الاعتقاد المغلوط أنّ جنوداً ألمانيّة قد وصلت إلى البلاد المذكورة وأردف: «هذه الحملة المملوءة حقداً انتهت إلى اعتداء ظالم يدعو إلى أسفنا الشديد، لأنه بعث القتال بين فرنسيين وفرنسيين. فقد تبلغت جنودنا المعيّنة على الحدود الأمر بالقتال فأصيب المعتدون بخيبة كبيرة، فقد كانوا يتوهمون أننا لن نقدح النار ضد مواطنينا الذين جعلوهم في مقدمتهم. كان القتال شديداً منذ البدء.
«رمى المعتدون إلى الاستيلاء على دمشق وبيروت. فقابلناهم على الساحل بدفاع شديد ولكن سرعان ما ظهر أنّ مراكزنا صارت غير صالحة بسبب قنابل الأسطول البريطاني على جناحنا. والآن قد اتخذت قواتنا مراكزها على ثلاثين كيلومتراً إلى الجنوب من بيروت، على نهر الدامور الذي تدافع عنه منذ أسبوعين.
«أما القتال على دمشق فقد كان حامياً، ومنذ عشرة أيام اضطررنا لخوض معركة غير متعادلة الكفّتين إلى جنوب هذه المدينة. ومع ما أظهرت قواتنا من الأفعال الفردية الباهرة فقد خرقت صفوفنا. وفي الوقت عينه أمطرت دمشق وابلاً من القنابل. فقررت القيادة العليا الانسحاب لإنقاذ السكان المدنيين. وقواتنا موجودة الآن في الجبال غربي دمشق.
«وقد ظهرت أمام تدمر قوات بريطانية هامة مدعومة بستمائة أو ثمانمائة عجلة مصفحة.
«أما نحن فلنا هناك فقط كتيبة واحدة من الكتائب الأجنبية وكتيبة من جنود الصحراء، وهم بدو يقودهم ضباط ابتدائيون فرنسيون، وعشرون طياراً متعهدين المطار. فمجموع ما عندنا للدفاع عن تدمر هو 150 أبيض و150 بدوياً. والبريطانيون يستعملون المتفجرات والمحرقات ومع ذلك فلم يكتفِ قائد الحامية بالدفاع عن الموقع، بل هو قد وجد فرصة لمهاجمة مؤخرة العدو.
«إننا نقاوم في شرقي دمشق الهجوم البريطاني على حمص التي هي نقطة هامة لكل البلاد. ونحن نتابع القتال ولكن بدون استعمال الأساليب البريطانية. فإننا لم نصبّ قنابلنا على أرضهم مع أنهم أطلقوا القنابل على بيروت وهدموا مقام المفوض العالي، وسببوا ضحايا بريئة.
«نحن نعرف موقع مقام المفوض العالي البريطاني في القدس وعندنا طيارون ولا يوجد شيء يمكنه أن يمنع إمطارنا القنابل عليه، ولكني أعتقد أننا لو فعلنا ذلك لكنّا أتينا أمراً أدّاً. إننا لا نريد أن نلقي في روع سكان تلك البلاد أنّ الإنسان الأبيض آخذ في الانحطاط. نحن نحارب بطريقة إنسانية غير مبالين بشراسة الأستراليين ولا بالواقع أنّ البحارة البريطانيين يظهرون رضاهم كلما أصابوا المرمى مباشرة بمدفعيتهم».
وقد بيّن الجنرال هنتزغر أنّ الجنود الفرنسيين أبلوا في قتال سورية بلاءً حسناً ثم قال: «إننا أقل من العدو عدداً وعُدداً ولكننا لسنا أقل منه عزيمة. فجنودنا يقاتلون كما قاتل رجال فردان بقيادة المارشال بيتان ممتلئين من روح فردان».
وعد ديغول بالاستقلال:
في برقية لــ«رويتر» عن لندن تاريخها 1 يوليو/تموز الجاري أنّ مقر قيادة قوات «فرنسة الحرة» قد أصدر في هذا التاريخ الوثائق الأولى التي تحدّد قواعد النهج المختص بتحقيق الاستقلال الشامي ــــ اللبناني. وهذا النهج يمكن تلخيصه كما يلي:
1 ــــ إبقاء الحالة الراهنة في الشؤون الإدارية، ولكن صفة الشاميين اللبنانيين في ما يتعلق بالفرنسيين الأحرار ستكون مناقبياً (معنوياً) حالة حلفاء متحدين اتحاداً وثيقاً لبلوغ مثل عليا ومرامي مشتركة.
2 ــــ حالما يصبح ممكناً، أي منذ الساعة التي تحرر فيها الأرض الشامية اللبنانية، تباشر المفاوضات لعقد معاهدة تضمن استقلال وسيادة الشام ولبنان، اللذين يقرران هل يؤسسان دولتين أو يفضلان التداغم في دولة واحدة، ويحددان علاقاتهما المتبادلة مع المفوضين الفرنسيين الأحرار.
وبين الوثائق المنشورة يوجد كتاب من الجنرال كاتور إلى رئيس الوزارة الشامية مؤرخ في 29 يونيو/حزيران 1941 يثبت نتائج المحادثات بشأن كيفية حصول الاستقلال الشامي (وفي الأصل السوري، لأن الأجانب قد اتبعوا الاصطلاح الفرنسي بتسمية منطقة الشام فقط سورية) ونقاط هذا الكتاب الأساسية هي:
1 ــــ «إنّ المبدأ السياسي الذي استمددت منه تصريحاتي هو الاعتراف باستقلال الشام وسيادتها واحترامهما.
2 ــــ «يكون هدف المعاهدة التي ستعقد تأكيد هذه السيادة وهذا الاستقلال وضمانهما. ولذلك ستكون مفاوضة المعاهدة على قدم المساواة بين الطرفين المتعاقدين.
3 ــــ «تكون هذه المعاهدة في الوقت عينه معاهدة ضمان وصداقة ومحالفة، وتحدد قواعد التعاون السوري ــــ الفرنسي وكيفيته.
4 ــــ «إنّ للاعتراف بالاستقلال والسيادة السوريين نتيجة هي أن يمارس الشعب السوري حق وضع دستور يوافق اختياره، وأن يدعو لهذا الغرض الرجال الذين يقدّر أنهم الأقدر على إدارة مصالح الأمة.
«وإنّ فرنسة الحرة لراغبة في استعجال الدقيقة التي تصير فيها حقيقة حالة الاستقلال والسيادة السوريين على الأسس المشار إليها التي عليها تعقد المعاهدة الفرنسية ــــ السورية.
«ومع ذلك فلا شك في أنّ إيجاد هذه الحالة والاتفاق على المعاهدة يقتضيان أن تحرّر بكاملها أراضي الدولة الفرنسية الحالية في اللونت من حالة الانتداب. وهذا يحدث عندما تكون جيوش الحلفاء قد أكملت احتلال البلاد وحررت جميع السوريين.
«إننا لن نسمح بأن يرمى السكان الذين وعدت فرنسة بحمايتهم بين يدي أقسى سيد عرفه التاريخ.
«لن نسمح بأن تسلّم مصالح فرنسة الدهرية في اللونت إلى العدو».
نداء كاترو إلى جنود جيش الشرق
في برقية لــ«يونيتد برس» عن القاهرة في 8 يونيو/حزيران الماضي أنّ الجنرال كاترو، الحاكم العام سابقاً للصين الهندية، وجّه النداء الآتي إلى الجنود الموجودين تحت إمرة الجنرال دنتز المفوض في سورية ورئيس قوة الدفاع في هذه الأرض الواقعة تحت الانتداب:
«أيها الضباط والضباط الثانويون والجنود والطيارون في الشرق ويا جنود السرية المراكشيين والجزائريين والسنغاليين، يا رفقائي في السلاح الاستعماري! إني أوجه هذا النداء إلى شرفكم وإلى ضمائركم باسم فرنسة.
«الفرنسيون الأحرار وحلفاؤهم يعبرون حدودكم متكاتفين لغاية غير محاربتكم. إنهم آتون ضد الألمان لمهاجمة العدو واستعادة سورية مواقعها التي يسلّمونها بموجب المعاهدة الشائنة.
«أيها الجنود! إنّ أمراً لئيماً يمنعكم من سحق قوات العدو. فافهموا حقيقة ما ينتظر منكم. إنهم يطلبون منكم أنتم الفرنسيين أن تحاربوا لفائدة الألمان وأن تكون أجسامكم تروساً للطيارين الألمان النازلين في رياق وتدمر، وأن تبذلوا حياتكم لتعطوا هتلر النصر، فهذا هو العار الذي يلصقونه بكم بالحجة الباطلة الماكرة، إنكم تدافعون عن سورية.
«أيها الجنود! إنّ فرنسة تطلب منكم بواسطة ندائي ألا تقعوا في هذا الفخ ولا تنفّذوا هذا الأمر الأثيم.
«فرنسة تطلب منكم أن تصدعوا بأوامري. إني أعفيكم من إطاعة رؤسائكم الحاليين وأضعكم تحت قيادتي. وإنّ تعليماتي إليكم هي أن تنضموا إلى قواتي وإلى القوات الحليفة. إني أحظّر عليكم كل مقاومة وأضع قراراً بمحاكمة جميع الذين يحرضونكم عليها في محكمة جندية. إني آمركم أن تجمعوا في مواقعكم السلاح والذخيرة وتتأهبوا للاشتراك في معركة النظام. إتبعوني! إني سائر بكم في طريق الشرف، وإذا طلبت منكم أن تموتوا فيها فإنكم تسقطون سقوطاً مجيداً في سبيل فرنسة ليس كالسقوط التعس في سبيل أعدائها! فلتحيَ فرنسة!».
رأي جريدة فرنسية
في برقية لــ«يونيتد برس» تاريخها 4 يونيو/حزيران أنّ شركة الأخبار الألمانية «دتشي ناخرختن بيرو» أخبرت من باريس أنّ جريدة «الطان الجديدة» علّقت على اجتماع الوزراء بالقائد ويغان قائلة:
«إنّ فرنسة لا تقدر أن تبقى وادعة في المستقبل تجاه دسائس الإنكليز في الشرق الأدنى. فالأمر ليس متعلقاً فقط بالدفاع عما هو ملك فرنسة، بل بإعطاء الجواب على تحرشات الإنكليز التي صارت شيئاً يكاد يكون يومياً. فقد تقررت في محادثات فيشي التدابير الجندية والسياسية التي تتخذها فرنسة للدفاع عن سورية ضد الهجمات الإنكليزية. ويجب أن تعلم واشنطن والسيد روزفلت أنّ التضامن الأوروبي يزداد توثقاً، وأنّ مركز فرنسة في هذا التضامن يشتد رسوخاً المرة بعد المرة».

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.