الزوبعة، بيونس آيرس، العدد 42، 15/4/1942
ورد في العدد الصادر في 16 فبراير/شباط الماضي من جريدة السائح التي تصدر في مدينة نيويورك ويحررها السيد عبد المسيح حداد الكلام التالي الذي يسميه محرر السائح «مقالاً صغيراً» ونحن ننقله بحروفه لكي لا يخسر قرّاء الزوبعة آية واحدة من آياته الأدبية الخالدة خلود الجنون:
«تعلمت الصمت من الثرثار«
«هذه عبارة بل آية من آيات جبران الخالدة بآثاره الأدبية نجعلها تاجاً لمقالنا هذا الصغير لعل ذلك الثرثار في جريدة الزوبعة التي يكتبها أنطون سعاده بإمضاء جبران مسوح يفهم أنه إذا ثرثر علينا علّمنا الصمت فنشكره.
«الثرثرة داء المدّعين. وهي عادة تلازم المدّعين المسفهين والعامة تقول ــــ «فلان يحكي قد قاضي معزول» ــــ وأنطون سعاده هو هذا المصاب بداء الثرثرة لأنه سفيه مسفّه ولأنه طلقته الشهرة فجعل لسانه وقلمه عاملين لإهاجة الأدباء على ذكر اسمه حتى تبقى له الشهرة ولئن تكن من باب (كسر مزراب العين).
«ونحن لا جواب عندنا للثرثار كائناً من يكون لأننا لا وقت عندنا للحفول بهم وبثرثرتهم، فكل من تثور علينا ثرثرته نشكره لأنه يعلّمنا الصمت، وعلى هذا كلما زادت ثرثرة أنطون سعاده زدناه صمتاً وقد ينقلب صمتنا إلى ضحك على جنونه وفي هذا ما يسلّينا وما يجعلنا مديونين له بالصمت والتسلية».
لعل قرّاء الزوبعة يتذكرون المقال الذي كتبه جبران مسوح في الرد على تهجم صاحب السائح عليه وعلى الحركة السورية القومية ونشرته الزوبعة في صدر عددها الصادر في أول يناير/كانون الثاني الماضي. وإننا نذكّر الناسين منهم بالسوابق التي تقدمت مقال السيد عبدالمسيح حداد «الصغير» ليعرف الناس قيمة كلامه المثبت آنفاً.
أهدى جبران مسوح كتابه القاموس الحزين إلى الزعيم وخصص الإهداء بهذه العبارة:
»إلى زعيمي العظيم أنطون سعاده»
فكتب السيد حداد تعليقاً على هذه العبارة أُثبت في مقال جبران مسوح رداً عليه. وفي هذا التعليق يأخذ السيد حداد على جبران مسوح قوله «زعيمي» ويصفه باعتناق العبودية ويقول عن أنطون سعاده إنه «لا يكرهه» وعن الحزب السوري القومي إنه «سياسة عالمية مشتبه بها».
والظاهر أنّ السيد حداد وجد رد جبران مسوح فوق قدرته ورأى من نفسه العجز عن مقارعته ودفع حججه فلجأ إلى طريقة صاحبه وشريكه في مسائل «الرابطة القلمية» إيليا أبي ماضي فكتب «المقال الصغير» المثبت آنفاً محاولاً تزكية نفسه، على طريقة عشاري اليهود، وإيهام الناس أنّ أنطون سعاده هو الذي اهتم له وأنّ الزعيم لحاجته إلى الشهرة(!!) لم يجد غير الاحتكاك بالسيد عبد المسيح حداد الذي طبقت شهرته العالم.
أغرب ما في كلام السيد عبد المسيح حداد هو تعمّده الافتراء بنسبته مقال جبران مسوح إلى الزعيم وقوله عن الزوبعة إنها جريدة «يكتبها أنطون سعاده بإمضاء جبران مسوح».
أمّا مقال مسوح فليس أدري من السيد حداد بأنه من قلم جبران مسوح وإنشائه. ولجبران مسوح أسلوب تفرّد به فلا يخطئه أحد من المطّلعين ومحبّي الأدب حتى ولو لم يحمل اسمه. وكل من قرأ رد مسوح لا يشك أبداً بأنه أسلوبه ومن قلمه. وفوق كل ذلك فعندما يكتب أنطون سعاده بلسانه فإنه لا يكتب باسم أحد غير اسمه. فكلام الحداد هو كذب ونفاق صريحان.
وأما الزوبعة فلا نكران أنّ الزعيم أنشأها كما أنشأ سورية الجديدة في البرازيل لخدمة النهضة السورية القومية وثقافتها ومجموع الأمة السورية وجواليها. ولكن نظراً لضعف صحته في الماضي ولمسؤولياته وواجباته العليا لم يكن ممكناً، عملياً له القيام على إدارتها فعهِد بهذه المهمة أولاً ومؤقتاً إلى أحد الذين انتموا إلى الحركة القومية مدة قليلة فلم يرضَ عن عمله وكتابته فأقاله وعهد بالإدارة إلى جبران مسوح الذي قام بهذه المهمة تحت توجيهات سعاده خير قيام مدة نحو سنة إلى أن رأى الزعيم صحة مسوح لا تسمح له بالابتعاد عن عائلته فأشار عليه في سبتمبر/أيلول الماضي بالعودة إلى أهله من غير أن يفصله عن إدارة الجريدة وإدارة جبران مسوح للزوبعة كانت إدارة فعلية كل المدة التي تولاها قبل سبتمبر/أيلول الماضي من غير أن يمنع هذا أن تكون صدرت مقالات عديدة بغير قلمه لأنه ليس لازماً أن تصدر الصحف غير حاملة سوى مقالات مديريها.
إذن لا مسوّغ، غير السفاهة، للسيد عبد المسيح حداد، ليختلق على أنطون سعاده وليحاول الحط من منزلة جبران مسوح وتجريده من أدبه. وسيرى القرّاء في الأعداد المقبلة كيف تكسر الزوبعة «مزراب عين» السيد عبد المسيح حداد وأضرابه في «الرابطة القلمية» التي أصبحت جيفة منتنة.