إلى السوريين القوميين الاجتماعيين «ذكرى لا تموت«

 الزوبعة، بيونس آيرس، العدد 45، 1/6/1942

هذا اليوم، أول يونيو/حزيران هو يوم تاريخي في حياة الأمة السورية عموماً وحياة الحركة السورية القومية الاجتماعية خصوصاً.
في هذا اليوم من سنة 1935 ألقى الزعيم خطابه السياسي الرسمي الأول في الاجتماع العام الذي عقده الحزب السوري القومي في مركزه ودُعي إليه رجال الإدارة من الفروع وحضره نحو ثلاث مئة شخص بين رجال الإدارة المركزية ورجال إدارة الفروع وبقية أركان الحركة السورية القومية الاجتماعية. فكان من نتائج هذا الخطاب التاريخي أنّ أساس الخطط السياسية العملية للحزب السوري القومي أصبح واضحاً لجميع السوريين القوميين الاجتماعيين.
في هذا اليوم التاريخي تبلور الفكر السوري القومي الاجتماعي ووضحت القضية السورية القومية الاجتماعية في جميع أشكالها لجميع السوريين القوميين الاجتماعيين وأصبح كل واحد منهم شاعراً بعظم الغاية التي يرمي إليها الحزب السوري القومي الاجتماعي وبمقدرة المسؤولية الواقعة على كل منهم وعاملاً على وضح التخطيط السياسي ــــ الإداري الذي وضعه الزعيم وأظهره في خطابه المذكور في مثل هذا اليوم من سنة 1935.
وقد عرف الرجعيون ورجال السياسة الإكليريكية خطورة هذا الخطاب الذي كان فاتحة عهد جديد، عهد العمل القومي الاجتماعي، بالاستناد إلى العقيدة السورية القومية الاجتماعية، فبادروا إلى درسه وتحليله تأويل التصريحات الواردة فيه وشجبه، كلٌ حسب غايته وغرضه الرجعي أو النفعي. وأول مقاومة ظهرت من تلك الأوساط كانت من الوسط الجزويتي فوضع الخور أسقف لويس خليل، بموافقة البطريرك الماروني، كراساً خَصَّص قسماً كبيراً منه لدرس العقيدة السورية القومية الاجتماعية ومراميها في فقرات خطاب الزعيم.
وإنه لجدير بالسوريين القوميين الاجتماعيين أن يعودوا إلى هذا الخطاب المميز كلما شعروا بالحاجة لامتحان أفكارهم وتصوراتهم وأعمالهم ومقدار فهمهم حركتهم العظيمة. وبهذه المناسبة ننشر في ما يلي بعض فقرات هذا الخطاب التي نرى فيها تذكرة ومغزى وإرشاداً في هذه الظروف العصيبة:
«... ففي هذا الزمن الذي هو زمن تنازع الأمم البقاء، وفي هذا الوقت الحرج وشعبنا تعمل فيه عوامل الفساد والتجزئة والملاشاة القومية انبثق الحزب السوري القومي كما ينبثق الفجر من أشد ساعات الليل حلكاً ليعلن مبدأً جديداً هو مبدأ الإرادة ــــ إرادة شعب حي يريد سيادته على نفسه ووطنه ليحقق مثله العليا ــــ إرادة الحياة لأمة حية ــــ مبدأ أنّ المبادىء توجد للشعوب، لا الشعوب للمبادىء ــــ مبدأ أنّ كل مبدأ لا يخدم سيادة الشعب على نفسه ووطنه هو مبدأ فاسد ــــ مبدأ أنّ كل مبدأ صحيح يجب أن يكون لخدمة حياة الأمة.
«... إنّ الحزب السوري القومي لأكثر كثيراً من جمعية تضم عدداً من الأعضاء أو حلقة وجدت لفئة من الناس. إنه فكرة وحركة تتناولان حياة أمة بأسرها.... إنه نهضة أمة غير عادية ــــ أمة ممتازة بمواهبها، متفوة بمقدرتها، غنية بخصائصها ــــ أمة لا ترضى القبر مكاناً لها تحت الشمس.
«... الحقيقة أيها الرفقاء، أننا قد ترابطنا في هذا الحزب لأجل عمل خطير جداً هو إنشاء دولتنا وسيكون كل واحد منا عضواً في دولته المستقلّة.
«... إنّ نظام الحزب السوري القومي ليس نظاماً هتلرياً ولا نظاماً فاشستياً ولا نظاماً بلشفياً ولا عائداً إلى أي مصدر أو فكرة أجنبية، بل هو نظام سوري بحت لا يقوم على التقليد الذي لا يفيد شيئاً، بل على الابتكار الأصلي الذي هو من مزايا شعبنا.
«... إنّ مبدأ «سورية للسوريين والسوريون أمة تامة» آخذ في تحرير نفسيتنا من قيود الخوف وفقدان الثقة بالنفس والتسليم للإرادات الخارجية.
«... إنّا نؤمن إيماناً تاماً بأن الروح المتولدة من مبادئنا ستنتصر انتصاراً نهائياً وتتغلب على جميع الصعوبات الداخلية، وإذا كان ذلك يحتاج إلى وقت فلأن الوقت شرط أساسي لكل عمل خطير.
«أما الصعوبات الخارجية فتهون متى تغلّبنا على الصعوبات الداخلية وتمركزت إرادة أمتنا في نظامنا الذي يضمن وحدتها ويمنع عوامل القسمة المتفشية خارج الحزب من التسرّب إلى وحدتنا المتينة التي نضحي في سبيلها بكل ما تطلبه منا التضحية. وبهذه المناسبة لا أريد أن أتناول وجهة قضيتنا الخارجية بتمامها فلهذه فرصة عسى أن تكون قريبة. فاقتصر على ذكر مبدأ عام سائد في التاريخ هو أنّ مصير سورية يقرر بالمساومات الخارجية دون أن يكون للأمة السورية شأن فعليٌ فيه. وعلى هذا المبدأ تعتمد الدول الكبرى في تزاحمها لبسط نفوذها علينا. وأنا أريد الآن أن أصرّح أنّ إنشاء الحزب السوري القومي ونموه المستمر سيتكفلان بطرد مثل هذه الوساوس من رؤوس السياسيين الأجانب الطامعين فينا.
«... أعود فأقول إنّ هذه القوة النظامية (الحزب السوري القومي) ستغيّر وجه التاريخ في الشرق الأدنى، ولقد شاهد أجدادنا الفاتحين السابقين ومشوا على بقاياهم أما نحن فسنضع حداً للفتوحات».
كل سوري قومي حيّ الوجدان القومي يتأمل الفقرات المتقدمة التي اخترناها لذكرى هذا اليوم التاريخي يجد أنّ إيمانه القومي بمبادىء حزبه ونظامه مؤسس على حقيقة راسخة، وأنّ ثقته بنفسه وحزبه لا تذهب عبثاً.
إنّ الفقرات المتقدمة هي آيات العهد القومي الاجتماعي للسوريين.
في خطاب أول يونيو/حزيران سنة 1935 يجد السوري القومي الاجتماعي ثقته ويجد مسؤوليته!

المزيد في هذا القسم: « آخرة المنافقين أخبار صغيرة »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.