الزوبعة، بيونس آيرس، العدد 64، 1/8/1943
دولة لبنان تترنح:
في الأنباء الأخيرة أنّ حكومة لبنان المؤقتة قد استعفت وأنه قد تشكلت حكومة مؤقتة جديدة لتهيئة الانتخابات المقبلة وتفيد الأنباء المشار إليها أنّ مشاكل التصادم بين الحزبيات الدينية على «النسبة الطائفية» تشتد وتزداد تعقداً.
وتقول برقية صادرة عن بيروت بطريق أنقرة، إنّ الحكومة اللبنانية أذاعت أنّ الذين أعلنوا انتسابهم إلى الهوية اللبنانية عملاً بمنطوق معاهدة لوزان المشؤومة قد بلغوا، منذ سنة 1933، 159.000.
امتداد الأفعى الصهيونية:
يؤخذ من أخبار الشهر الماضي أنّ أمر التغلغل اليهودي في مناطق شمال سورية، في لبنان والشام، قد استفحل. فإن عدداً كبيراً من اليهود الذين دخلوا هذه المناطق بإشكال مشروعة وغير مشروعة، بحجة التوجه إلى فلسطين، ظلوا فيها وأمدّتهم البنوك اليهودية في جنوب سورية بالأموال اللازمة ليستفيدوا من حالة الضيق وغلاء المعيشة ويشتروا أملاكاً تتحول إلى مزارع ومستعمرات يهودية، تكون كالأشواك أو المكروبات الوبيلة في هذه الأوساط، وتعمل على تحقيق الأغراض الصهيونية الرامية إلى حسبان سورية الطبيعية كلها الوطن الموعود به مشروع الدولة اليهودية.
الحقوق السياسية في فلسطين:
في برقية عن القاهرة في 24 يوليو/تموز الماضي أنّ رئيس دائرة الشؤون السورية والعربية في وزارة المستعمرات البريطانية، بويد، كان اقترح إيجاد هيئة تمثيل سياسي للسوريين تعتمدها المفوضية البريطانية في القدس، ليتمكن السوريون من ممارسة حقوق مماثلة للتي يمارسها السكان اليهود. وقد تحركت الآن المنظمات اليهودية في القدس وأخذت تقدّم الاحتجاجات على هذا المشروع إلى المفوضية البريطانية هناك وإلى وزارة المستعمرات المذكورة ورئيس أميركانية. وتقول الاحتجاجات المذكورة إنّ تحقيق فكرة بويد يعني تضييق حقوق اليهود في فلسطين.
لا نجزم الآن بمبلغ الفائدة للسوريين من إيجاد مثل التمثيل السياسي المذكور عند المفوضية البريطانية. فالأمر يحتاج إلى درس وإلى الاطلاع على تفاصيل لاقتراح. وفائدته السياسية الأولية هي إيجاد ثقل مواز للثقل اليهودي. وفي ذلك تسهيل تنفيذ السياسة البريطانية في الشرق الأدنى، ولكنه لا يعيد إلى السوريين حقوقهم التي سلبتهم إياها الوعود والمعاهدات الأجنبية. وما دامت مسألة تمثيل السوريين تقتصر على سكان فلسطين بحيث تبقى شؤون فلسطين منفصلة عن قضية الأمة السورية العامة وحقوقها التي تعبّر عنها الحركة السورية القومية الاجتماعية فلا يرجى تغيّر كبير من الاقتراح المشار إليه لمصلحة السوريين وحقوقهم القومية.
إنّ ضعف المطاليب السورية كائن في تعدد الأحزاب السياسية التي تعمل فيها الغايات الشخصية والطائفية، ولضعف معظمها في التعبير [عن] المصالح السورية بفهم ومقدرة، فلو حصل اندماج الأحزاب السورية جميعها في الحركة السورية القومية الاجتماعية التي أوجدت التخطيط القومي السياسي الجديد للأمة السورية، لأصبح للمطاليب السورية وزن آخر. وإنّ وجود منظمة مركزية لجميع الأعمال السياسية اليهودية يكسب المطاليب اليهودية قوة سياسية غير قليلة. فعسى أن تتناول اليقظة القومية جماعاتنا الغافلة، قبل فوات الأوان.
من أخبار الأقطار العربية ذيول مشروع نحاس باشا:
يظهر أنّ رئيس وزارة مصر لم يقطع الأمل من الوصول إلى شيء ينقذ مكانة حكومته من ورطة الخيبة في مشروع دعوة العراق إلى مفاوضات سياسية لإنشاء «وحدة عربية» رسمتها الحكومة المصرية. فالأخبار الأخيرة أعلنت تجدد عزم رئيس وزارة العراق على السفر إلى القاهرة لمقابلة مصطفى نحاس باشا. ثم وردت برقية لشركة «ترانس أوسيان» عن أنقرة في 23 يوليو/تموز الماضي تقول إنّ نوري باشا السعيد وصل إلى القاهرة ماراً بالقدس ومصحوباً ببعض أقربائه. وتزيد البرقية أنه لم يكن هنالك رجال رسميون لاستقبال الزائر، وأنّ رئيس الحكومة العراقية أعلن للصحافيين الذين توافدوا عليه لسؤاله، قائلاً إنّ زيارته ذات صفة خصوصية، وإنها قد تستغرق بضعة أسابيع، ولكنه سيغتنم هذه الفرصة لتبادل الرأي مع أصدقائه المصريين.
سنرى نتيجة هذه المساعي والمحاولات السياسية. لا يمكن الآن الجزم بشيء فقد يكون نوري السعيد قصد سبر غور المرامي المصرية، وقد يكون في نيته محاولة التفاهم مع نحاس باشا على خطة توافق غايات الدولتين. وبهذه المناسبة نسأل الذين أقلقوا راحة الناس بالصياح أنّ الحزب السوري القومي عدو العرب والداعي إلى «التجزئة» ماذا يجري الآن وراء الستار ولماذا لم تكن «الوحدة العربية» موجودة قبل نشوء الحزب؟ ونسألهم أكان يضر سورية أو المساعي للتقارب بين الأقطار العربية أن تكون الحركة السورية القومية الاجتماعية قد أوصلت سورية إلى الوحدة والاستقلال السياسيين لتتمكن من المساهمة في تهيئة «الجبهة العربية» التي يقول بها الحزب السوري القومي الاجتماعي، طالما الوحدة غير موجودة وغير قابلة الوجود بالمعنى القومي أو الاجتماعي السياسي الاقتصادي؟