إنّ تاريخ سورية وذهنية أكثرية شعبها كانا عرضة، خلال عدة قرون من المصائب وسوء الطالع، إلى تأويلات مغرضة وتفسيرات منحازة إن كان على الصعيد العسكري أو على الصعيد السياسي الاجتماعي. باستثناء حقبة من الزمن قريبة جدًّا حيث أنه يفضل دراسارت تاريخية لبعض الباحثين الحياديين أُلقِيَ ضوء جديد على قيمة التاريخ السوري، فما عدا ذلك فإن الآراء في قسم كبير من هذه الأمة كانت ولا تزال في معظمها مبنية على قراءات تاريخية تابعة للتيارات القديمة المنحازة لليونان والرومان، أي من قبل الشعوب التي يسبب غيرتها من عظمة سورية (الكنعانيون والفينيقيون) في البداية ومن ثم بسبب التنافس البحري والاقتصادي المشهور، أصبحت هذه الشعوب ألدّ أعداء سورية في القدم.
الحضارة الأوروبية اللاحقة، التي تأثرت واسترشدت بالحضارة اليونانية - الرومانية. لم تتمكن من تجنّب إيراث الأفكار الخاطئة والمشبوهة تجاه الجنس السوري ونبوغه. إنّ الفرنسيين بنوع خاص، الذين تباهوا لزمن طويل بأنهم ورثة الحضارة اليونانية – الرومانية، قد نشروا أعمالاً أدبية باهرة تشوّه الواقع السورى وتحرّفه.
لقد وجد الفرنسيون مؤخراً سبباً إضافيًّا للسعي قُدُماً في عملية التشهير ضد سورية. هذا السبب هو: يجب إعادة سورية بشكل نهائي وتام إلى موضعها، أي جزء متمم للإمبراطورية الفرنسية المستعمرة. إنّ كل التفسيرات الفرنسية للأعمال والوقائع السورية مبنية على أساس إرث الأدب اليوناني- الروماني وروح الاستعمار الفرنسي.
إنّ تأثير الأدب الفرنسي في العالم اللاتيني وخارجه كبير جدًّا وليس بحاجة الى براهين، والدعاية السياسية الفرنسية لها وجود في كل مكان. بالاضافة إلى تيارات سياسية أخرى منحازة أو منافسة لها مظاهر وقواسم مشتركة مع الميول الفرنسية، وعندما تصبح الآداب مرتزقة للانحيازات السياسية العرقية والاستعمارية، لا يهم إلى أي مدى قد يصل التفكير المزور في تأويله المسيء أو إلى أي مدى من الوقاحة، عندما ينكشف الخداع المبنية على أساسه هذه الآداب. هذا ما حصل مع كاتب اسمه ألدو بارونى مقيم فى المكسيك، حيث كتب مقالاً عن السوريين تناول فيه بنوع خاص سكان لبنان، ونشر في جريدة إكسلسيور التي تصدر في عاصمة هذا البلد.
وهذا المقال المتشرب مذهب منحاز وعدائي كان من الممكن أن يخدع القراء في بلد المكسيك المضياف لو لم يكشفه ويدحضه الحزب السوري القومي الاجتماعي في المكسيك، وكان قد عمق عدم مفهومية وإدراك الأخلاق والروح والطباع السورية من قبل هؤلاء القراء.
ولكي يتمكن قراؤنا من لمس شناعة افتراءات السيد باروني ضد الشعب السوري، والتدخل العادل الذي قام به الحزب السوري القومي الاجتماعي، نعيد في ما يلي كتابة رد الحزب الذي صدر في إصدار 24 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي في نفس الجريدة اكسلسيور والذي يحمل عنوان الشغف اللبناني وألدو باروني".(
(1) أعاد سعاده نشر الرد باللغة الإسبانية، بعد أن وضع له هذه المقدمة في الزوبعة، العدد 80، 4/9/1944.