الزوبعة، بوينُس آيرس، العدد 88، 20/1/1947
في التاسع من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي [1946] أصدرت المحكمة الحقوقية حكمها ببطلان دعوى المدعو محمد إبراهيم الكردي وردّها، وتغريم المدّعي -الكردي - نفقات الدعوى الباطلة التي أقامها في أكتوبر/تشرين الأول سنة 1944 على الزعيم مطالباً "بفسخ الشركة وتعويض العطل والضرر"، وهي دعوى باطلة أقامها الشرير المذكور بالاتفاق والتفاهم - كما هو شائع مع رفيقه المدعو جبران مسوح وصاحبته
"الداهية" ليوقعوا الزعيم بعد ما أتوه من غدر وخيانة به، فى ورطة من المشاكل والقضايا، قدّروا أنه لا خلاص له منها، فيرزح تحت أعبائها ويخفق في العمل التجاري الذي تآمروا على استدراجه إليه ويصير ذلك مدعاة للطعن في شخصية الزعيم ومقدرته.
سيأتي تفصيل دعوى الكردي وما سبقها ولحقها من مؤامرات شائنة قبيحة في سياق بحث "نسر الزعامة السورية القومية الاجتماعية ووحل توكومان وذبابها الذي ينشر في هذا الملحق تباعاً. أما الآن فنقتصر على إعطاء خلاصة الدعوى الباطلة التي أقامها الكردي وخلاصة حكم المحكمة فيها.
في 9 أكتوبر/تشرين الأول من سنة 1944، على أثر فسخ الشركة التجارية مع المدعو جبران مسوح بسبب ظهور غدر هذا الشخص وخساسة غاياته، وصلت إلى الزعيم ورقة تبليغ من محكمة بداية الحقوق مفادها أنّ المدعو محمد إبراهيم الكردي الذي كان انضم إلى الحركة السورية القومية الاجتماعية بواسطة المدعو جبران مسوح وأوهم الزعيم بالاتفاق مع مسوح أنه "مخترع" اختراع ذي فائدة عظيمة للبناء، حتى عقد الزعيم معه شركة صناعية من نوع "شركة رسمال وعمل"، خسر فيها الزعيم مبلغاً ماليًّا لا يستهان به، ثم فسخها بموجب عقد خصوصي موقّع من الطرفين، قد أقام دعوى عليه طالباً فيها فسخ الشركة وتعويض عطل وضرر.
إطّلع الزعيم على الدعوى الباطلة المذكورة فإذا المدّعي الأثيم المتفق مع الساقط المطرود جبران مسوح وصديقته - الداهية - على إغراق الزعيم في أوحال مثالبهم ومثالب أوساط النزالة السورية في توكومان، يقول في دعواه إنه يُحمّل الزعيم مسؤولية عدم الحصول على امتياز "باختراعه" الاحتيالي لأنه هو الذي تكلّف باتفاق الطرفين بالسعي لدى إدارة الامتيازات لاستصدار امتياز "بالاختراع" المذكور باعتباره صاحب إسم الشركة الوحيد والذي له وحده حق إجراء المعاملات القانونية وغيرها العائدة لمصلحة الشركة، ولأن إدارة الامتيازات لم تعطِ امتيازاً "بالاختراع"، وإنّ طلب الامتياز جرى عليه حكم "المهمل" ولذلك فهو يطلب فسخ الشركة مدعياً أنها لا تزال قائمة ويطلب أن يقدّم له الزعيم المخصص الشهري الذي كان يجريه عليه بلا عمل وأن يعوّض عليه "العطل والضرر".
ما هو العطل والضرر الذي تعرّض له الكردي؟...
هو أنه كان نحو سنة أو يزيد بلا عمل يكسب منه معاشه فكان يعيش بالاقتراض وإحسان الحسنين فأنقذه للزعيم من هذه الحالة وعقد معه شركة "رسمال وعمل" وخصص له مئة وخمسين فاس شهريًّا لمعاشه وأسكنه في المنزل الذي استأجره للصناعة التي في النية إنشاؤها حين حصول الامتياز "باختراع" الكردي، وقام بنفقات إصلاح المنزل المذكور وبالسعي بنفسه لاستصدار امتياز "بالاختراع" الوهمي المشار إليه، الذي تبيّن أنه لا أساس لأي اختراع حقيقي فيه. هذا هو "العطل والضرر" تعرّض له المدعو الكردي؟.. في شركته الابتزازية مع الزعيم، التي لم يفُقها ابتزازاً غير شركة رفيق الكردي وحبيبه وشريكه في التآمر على حياة الزعيم وصيته المدعو جبران مسوح.
رد الزعيم دعوى الكردي وقدّم عقد فسخ الشركة بينه وبين الكردي الموقّع من الطرفين خصوصية وصولات تثبت أن الزعيم أجرى على الكردي أكثر كثيراً مما ادعاه هذا المتعيش، وأنّ بعض المال قبضه الكردي لقاء شغل كلّف به بعد فسخ الشركة. فطلبت المحكمة التوسع في شرح القضية وتقديم الإثباتات كلها من الطرفين، فقدّم الزعيم إثباتات ووثائق أخرى وشهود حال عديدين واستصدر بواسطة القضاء في بوينُس آيرس شهادة إدارة امتيازات الاختراعات المفيدة أنّ خبراء الإدارة المذكورة قرروا أنه لا يوجد شيء من الاختراع الصحيح في المزيج المادي الذي ركّبه الكردي وطلبوا رفض طلب الامتياز، وأنّ الزعيم بعد الوقوف على قرار الخبراء وعجز الكردي عن إعطاء أية حجة تقاوم رأيهم أهمل طلب الامتياز فجرى عليه حكم – المتروك – للسبب المتقدم. وأثبت الزعيم للمحكمة بوثيقة فسخ الشركة والشهود وتاريخ الوثيقة أنّ الشركة حُلّت على أثر معرفة قرار خبراء إدارة الامتيازات، وأنه على أثر ذلك أعطى الكردي وثيقة تعيد إليه حقوقه المطلقة في "اختراعه" فأصبحت الشركة محلولة من ذلك الوقت، فضلاً عن أنها بقيت منذ عقدها في حالة "مشروع شركة" لأنها لم تقم بأي عمل يدل على وجودها، لأنها كانت تنتظر الامتياز "بالاختراع" وتقوم بأعمال تمهيدية فقط.
ولم يتمكن صاحب الدعوى الباطلة من تقديم دليل واحد يثبت عكس ذلك. فصدر حكم المحكمة في 9 أكتوبر/تشرين الأول سنة 1946 وإليك بعض مستندات الحكم وحكمها:
بعد أن تشرح المحكمة كيفية بدء الدعوى وأسبابها المنطبقة على التلخيص المتقدم، تعطي أسباب الحكم وفيها "إنّ ابراهيم الكردي يطلب بهذه الدعوى الإعلان القضائي لحل الشركة التي كان قد ألّفها مع أنطون سعاده بقصد استثمار اختراع له عند كاتب العدل ألفرادو ثيران – 4 يناير/كانون الثاني سنة 1944 – مع أنّ المدّعي كان يمكنه طلب إبقاء الشركة وتنفيذ أحكامها (عملاً بالمادة 404 من قانون التجارة) فهو قد اختار حلها (إذ لا يمكنه وهو لا يقدر على تقديم اختراع حقيقي أن يطلب تنفيذ شروط الشركة وإبقاءها) وبالإضافة يطلب تعويض عطل وضرر يترك للمحكمة أو المحكمين تقدير مبلغه(!!)، وقد تبيّن من مواد الدعوى أنّ الكردي تقدم إلى المدّعى عليه بشروع استثمار صناعي لاختراع له – ألواح للسقوف وأنابيب – قبله سعاده واتخذ شكلاً في عقد شركة أجري بكتابة عمومية، وكان على المدّعى عليه تقديم رأسمال مؤلف من عشرين ألف فاس في دفعتين، الأمر الذي يتم منه جزءاً (أنظر التحليف صفحة 158) وعلى المدعي بصفته شريكاً صناعيًّا أن يحوّل إلى إسم الشركة الامتياز باختراع الألواح المذكورة – أنظر المادة الرابعة من العقد في الصفحة عشرة من الإضبارة، ومن متابعة سرد الحوادث الوصفي وبدون الدخول في تقديرات مسهبة يتبين أنه مع أنّ طلب الامتياز واجب على الكردي، فإن سعاده هو الذي قام بتقديم الطلب الذي وُقّع عليه تقرير الخبراء الذي تثبته الأدلة في الصفحات 125 و127 و133 والذي كان من ورائه أنّ الطالب توقف عن متابعة المعاملات ووقوع الطلب في حكم المتروك، الخ". ويتابع القاضي اعتباراته قائلاً: 5 – لا أعتقد أنه من الصعب إدراك سلوك الطرفين من فحص الإثباتات والبراهين المقدمة في الدعوى ولكن يسترعي النظر بشدة استقصاء الدافع الذي حمل المدّعي على طلب حل الشركة. – ففي الدرجة الأولى لأن المدعي نفسه يقول في نص دعواه – الصفحة السابعة – "إنه إذا لم يتحقق امتياز الاختراع... بذنب المدّعى عليه وحده... فالشركة تكون شرعاً محلولة". وهو أمر مقبول بلا اعتراض إذ ليس ضرورياً الإعلان القضائي لحل الشركة في كل الأحوال وبصورة خاصة في أحوال مثل هذه حيث أن العقد الرئيسي سبق ونص عليه. (إشارة إلى المادة الخامسة في عقد الشركة التي تنص: في حالة عدم حصول الامتياز بالاختراع الذي طلبه الكردي تعتبر الشركة محلولة بحكم الواقع). وإنّ المدّعي نفسه يعترف بأنه لم يكن الحصول على الامتياز مخالفاً الرأي فقط حين يبدي أنّ ذلك ناتج عن ذنب المدّعى عليه، لأنه كان الواجب على هذا أن يأتي به (أي أنه في عرف الكردي أنه كان يجب على الزعيم أن يقدم الرأسمال وأن يجلب امتيازاً "باختراعه" الوهمي الاحتيالي وأن يفعل كل شيء يحتاج إليه وجود الشركة وعملها، وأنه لا يجب عليه هو غير قبض المخصص الشهري ونصيبه من الأرباح و المطالبة بعطل وضرر حين لا يتحقق ذلك!!) 6 – في الدرجة الثانية لأن الوثيقة في الصفحة الحادية والعشرين (يعني الوثيقة الخصوصية بفسخ الشركة) التي يعترف بها الكردي بصورة تشكيكية في قفا الصفحة السابعة والعشرين، والوثيقة الأخرى التي يقدّمها هو في الصفحة السادسة والعشرين التي يعترف بها سعاده (هي وثيقة اعادة حقوق الكردي في اختراع إليه بعد فسخ الشركة معه) قد أثبتتا أنه إذا لم يكن الطرفان قد حسبا أنّ الشركة منحلّة فإنهما – على الأقل – عملا بنتائج الانحلال خصوصاً تلك التي هي لمصحلة المدّعي، إذ إن على الرغم من ذلك فإن الكردي يقيم الدعوى ويطلب إعلان حل الشركة قضائيًّا، الذي لا أرى موجباً لرفضه طالما أنّ رفضه يعني ضمناً إبقاء عقد، إذا لم يكن الطرفان قد فسخاه باتفاق خطي فهو مُلغى بحكم الواقع. 8 – لا يمكنني أن أعلل سبب إقامة هذه الدعوى إلا بأنها واسطة لإقامة الدعوى الأخرى المحاولة مزدوجاً (أي دعوى العطل والضرر) ابتغاء إعلان إلغاء عقد الشركة الأساسي الموضوع في الصفحة العاشرة وتحميل سعاده الذنب في ذلك. 9 – لا أعتقد أنّ أمراً من هذا النوع يمكن أن يؤكده هذا الحكم الذي يضع حداً نهائياً لدعوى لم يظهر فيها إلا نكث التعهدات من قبل صاحب الادعاء. فإن المحور الأساسي للشركة قائم على استثمار اختراع الكردي.
وواضح أنه إذا لم يكن الاختراع المدّعي حاوياً الفضائل التي يدّعيها له صاحبه (أنظر الأدلة على خلو الاختراع من الفضائل المذكورة في الصفحتين الثالثة والثمانين والرابعة والثمانين) ولم يكن تسجيل امتياز له لخلوّه من الابتكار (أنظر الصفحة المئة والسابعة والعشرين) فقد انتفى الغرض الذي أُسست الشركة لأجله ولم يمكن أن تقوم الشركة (تعليم المادة المئتين والثامنة والثمانين من قانون التجارة) ولا يحسن مركز الكردي أنّ سعاده قد تكلف باتفاق الطرفين القيام بالمساعي اللازمة لاستصدار الامتياز. فقد ثبت بالأدلة أنّ سعاده قام بالمعاملات اللازمة التي ترك متابعتها بعد أن وقف على التقرير المضاد الذي قدّمه النائب التقني لمفوض الامتيازات المهندس قندره وينطبق على الحقيقة الإيضاح الذي قُدم أن المدعي عليه، حين وقف على التقرير المذكور، قرر الرجوع إلى المخترع للقيام بما تبقّى للوصول إلى نتيجة حسنة. 10 – إنه لمنطقي ومن الحق اعتماد أنّ من يتعهد بتقديم شيء إلى شركة هو المطلوب منه تجاه العدل فعل كل اللازم والمستحق لتحقيق النصيب المتعهد به ولا يمكن أن يعذر لعدم تحقيق نصيبه بالادعاء أن مهمة تحقيق ذلك ألقيت على شريكه – فلو كان يجب تجريم أحد بعدم تحقيق الشركة لوجب تجريم المدعي، ولم ينطو الحكم على هذا التجريم نظراً لعدم جعله شرطاً في العقد. 11 – لذلك وبما أنّ انحلال الشركة لم يكن بذنب سعاده لم يمكن جعله مسؤولاً عن عطل وضرر لم يعيّن ماهيتهما ولا مبلغهما ولا أقيم أي دليل على عليهما – بناء على ما تقدم أقضي:
"أولاً – بقبول دعوى إبراهيم الكردي على أنطون سعاده من حيث طلب فسخ الشركة بلا تغريم، وبالنتيجة يعلن أنّ الشركة التي عقدها الطرفان في الرابع من يناير/كانون الثاني 1944 منحلّة بلا ذنب للمدّعى عليه.
"ثانياً – ترفض دعوى العطل والضرر المتدامجين مع التغريم وبالنتيجة تعلن براءة المدّعى عليه".