الجيل الجديد، بيروت، العدد 4، 8/4/1948
وقّعت في موسكو، مساء السادس من هذا الشهر، معاهدة صداقة وتعاون ومساعدة متبادلة بين روسية وفنلندة.
مدة المعاهدة عشر سنوات. وموادها تنص على احترام رغبة فنلندة في البقاء خارج الاختلافات بين الدول وعلى أنه "إذا اعتدت ألمانية أو أية دولة أخرى على فنلندة أو روسية عبر فنلندة"، فإن هذه الدولة تكون ملزمة بوضع كل القوات الممكنة لمنع الاعتداء ولمساعدة روسية على الدفاع. ومن بنود المعاهدة أيضاً أنّ روسية تكون مستعدة لتقديم المساعدة اللازمة لفنلندة بالاتفاق مع هذه الدولة على نوع المساعدة وكيفيتها. وتنص المعاهدة أيضاً على احترام كل من الدولتين سيادة الأخرى، وامتناع كل منهما عن التدخل في شؤون الأخرى الداخلية.
فنلندة أمة صغيرة يبلغ عدد سكانها نخو ثلاثة ملايين. والبلاد متاخمة لروسية على البحر البلطي، وقد حاربت روسية في الحرب الأخيرة حرباً طويلة أدهشت بسالة جيشها فيها وأعماله الحربية العالم.
وإنّ المعاهدة التي عقدتها مع روسية معاهدة يكاد لا يكون لها مفر منها. فالضغط الروسي يشتد على أمم البحر البلطي. وسياسة اتخاذ المراكز استعداداً للحرب المقبلة تأخذ مجراها بكل نشاط.
إنّ مركز فنلندة هام جداً للأعمال الحربية ضد روسية أو معها، كما برهنت الحرب الماضية. فبرزخ كرالية يهدد لينينغراد. ومن الجهة الأخرى يمكن اتخاذ فنلندة موصلاً لروسية ببلاد أسوج التي هي أعظم حصن على البلطي ضد الشيوعية والتوسع الروسي.
وقد أيقظ اهتمام روسية بعقد معاهدة صداقة وتعاون وتبادل المساعدة مع فنلندة اهتمام أسوج. ومنذ مدة قريبة وجّه المسؤولون العسكريون في اسوج عنايتهم إلى تحصين الحدود وزيادة معدات الجيش. فمع أنّ أسوج نجت من الحربين العالميتين الأولى والثانية وبقيت مدة طويلة لا يعرف تاريخها الحرب، فإنها دولة نشيطة متيقظة ولها حركة اقتصادية إنترناسيونية واسعة. وهي دائمة الاهتمام بالجيش المعدات الحربية العصرية.
من الأمور التي تلفت النظر في المعاهدة الفنلندية ـ الروسية، المادة التي تنص على احترام رغبة فنلندة في البقاء خارج المشاحنات الإنترناسيونية، الأمر الذي يدل على أنها، على الرغم من المعاهدة، تريد الاحتفاظ بحياد وعدم تحيز إحدى الجبهتين وأنها تكاد تكون مرغمة بحكم مركزها على قبول المعاهدة مع روسية الشيوعية.