5/1/1941
رفيقي العزيز إبراهيم طنوس،
مقالتاك للسادس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي كانتا جيدتين، والتي نشرت1 في سورية الجديدة أقوى، والنقاط التي تعالجها ليست مطلقة، بل معيّنة، تكسبها صفة الدخول في الشؤون الوضعية والمسائل الموضوعة على بساط البحث فأهنئك بهما.
دستور الحزب: في رسالتك الأخيرة المؤرخة في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تبدي رغبة في الاطلاع على قوانين الحزب. وهذا أمر ضروري لكل قومي، وخصوصاً لكل قومي مفكر. ومن الأمور التي أسفت لها وقوع نسختي الدستور، اللتين كانتا في مكتب الزعيم، في أيدي التحري في سان باولو ففقدتهما وكلفني فقدهما تعباً كثيراً. وأخيراً أرسلت أسأل منفذية المكسيك إذا كانت عندها نسخة من الدستور، فوردني جواب إيجابي مع الوعد بإرسال النسخة بعد نسخها هناك. ومتى وردت نسخة الدستور فسأشير بطبع بضع مئات منها. ونظراً لهذا النقص أرسلت إلى المنفّذ العام في مينس ملخص النظام للمنفذيات، كما وعته ذاكرتي، وهو الكتاب المسهب الذي طلبت قراءته على جميع القوميين هناك ليطّلعوا على كيفية سير الأعمال القانونية ويصبحوا أقدر على السهر على مصلحة الحزب.
خالد أديب: لقد رجع هذا الشخص إلى حضيض الخمول الذي رفعته منه. وهو الآن يتعزى بالتدجيل على البسطاء «كما كان» يتبهور «بالتدجيل» على القوميين الجدد وغيرهم. وآخر ما بلغني عنه أمس أنّ واحداً من معارفه قال له: «يظهر أنّ صحتك جيدة»، فأجاب: «نعم قد تحسّنت صحتي بعد ترك المهام التي أفسح لكم أنتم مجال العمل لها»، كأنّ صحته كانت سيئة بمعيتي وكأنّ أعماله كانت خطيرة.
رشيد الخوري: إنّ مقالة الرفيق وليم [بحليس] كانت بلا مشاحة، في محلها. وإنما الناس يختلفون في تقدير أمر ما، لأنّ الأقيسة التي يستعملونها كلها فردية. فهم يظنون مثل هذه المواقف مجرّد «مناظرات أدبية» فردية ولا يدركون العراك المبدئي العام القائم وراءها. ولذلك يقول كثيرون «القروي ما بيستاهل»... أو «ما بيستحق هالأهمية».
سورية الجديدة: في كتاب مسهب أرسلته أمس بالبريد الجوي إلى الرفيق وليم شرح لحالة هذه الجريدة والموقف الأخير، وقد أخبرت وليم أنه يحسن اطّلاعك على الكتاب لتكون واقفاً على جلية الأمر.
الزوبعة: إني أفعل جهدي للإبقاء على سورية الجديدة مع حفظ كرامة الزعامة وأخذ الاحتياطات لتكون الجريدة قومية غير خاضعة لهوس الدعاوات الأجنبية التي أثّرت على الرفيقين السريين فؤاد وتوفيق بندقي. ولكني ماضٍ في جعل الزوبعة جريدة شبه رسمية تسد حاجة ماسّة عند القوميين، فيتلقون معلومات وتوجيهات صحيحة غير ممزوجة بتيارات دعاوة أجنبية مدسوسة في التوجيهات والتعاليم القومية كما حدث في سورية الجديدة. وإني أعتقد أنه إذا أمكن إصدار الزوبعة أسبوعية بقطع أكبر أو صفحات أكثر فتأثيرها القوي لن يقتصر على الأرجنتين. فسورية الجديدة تمكنت من أن تحتل مركزاً معنوياً لا تحتله جريدة أخرى هنا. ولو أنّ إدارتها كانت قوية لسبقت جميع الصحف السورية الأرجنتينية. وتكبير الزوبعة يحتاج إلى مساعدات بتبير اشتراكات وقبضها والاشتراك هو واحد للداخل والخارج، أي خمسة «باسو» أرجنتيني أو ما يعادل 25 ملريس في البرازيل، وهو زهيد. وإذا تمكنّا من تكبير الجريدة أمكن رفع اشتراكها قليلاً لتغطية نفقات التحسن.
جبران مسوح: كتاب شعبي محبوب، لأنه كاتب شعبي ممتاز، ولكنه ليس صحافياً سياسياً. فهو كاتب فقط. ومساعدته في الزوبعة ستقتصر على كتابة مقالاته المعروف أسلوبها، وما تبقّى سأقوم به أنا. وكنت قد أعددت ثلاث مقالات سياسية، واحدة تتعلق بخطابي موسوليني وروزفلت1، وواحدة عن سير الحركة القومية2، وواحدة أخرى في صدد تصريحات في ألمانية وإيطالية أنهما مستعدتان لمساعدة كل أمة عربية تنهض للمطالبة باستقلالها والجهاد في سبيله وتعليق المير شكيب أرسلان على هذه التصريحات3. وقد ذكرت شيئاً عن هذا الأخير في كاتب إلى وليم. ولكن جبران كان قد ترك صفحة فيها شعر عامي وخبر قديم، فطبعت من غير معرفتي، ولم يدخل في العدد الحادي عشر شيء من السياسة. ولكن العدد الثاني عشر سيكون سياسياً، هذا فضلاً عن مقالات «جنون الخلود» التي تشترك فيها دراسات أدبية وفنية وسياسية. وجبران سيساعدني بالإشراف على الأعمال ومراسلة المشتركين والوكلاء، وتقسيم العمل على هذه الصورة يعطي نتيجة حسنة إذا أمكن تحقيقه وتنفيذه، أقول إذا أمكن لأنّ جبرن ذو مركز إقامة في ولاية توكومان البعيدة نحو 27 ساعة سفر قطار الحديد. ولا أدري إذا كان يتمكن من الإقامة هنا بصورة دائمة. وأهم شيء هو الحصول على المساعدة المالية وبعد سنة تصبح الزوبعة حائزة مكانتها.
هل أنت على اتصال بالأمين فخري معلوف؟
عسى أن تكون والعائلة بخير، وأن تكون السنة الجديدة سنة بركة وتوفيق لكم وللقضية القومية. ولتحيى سورية .