إلى نعمان ضو


20/1/1941


عزيزي الشيخ نعمان ضو،
وصل إليّ كتابك الأخير المؤرخ في 1 يناير/كانون الثاني فسررت به كثيراً، كما كنت أسرّ بكتبك السابقة المعبّرة عن روحيتك الطيبة في المواقف المتعددة. والحقيقة أنّ هذه الروحية لو وجدت في كثيرين في هذه الجالية السورية لغيّرت الموقف بسرعة.
سرّني موقفك، هنا، مع السيد حسين مداح. بقدر ما أسفت لموقفه الأخير المبني على ما يسمعه من المدعو حسني عبد المالك وغيره من الدساسين الذين لا ينفكون يزورونه في محله، ويحشون دماغه بالروايات الملفقة والتأويلات التي من شأنها تنفيره من الحزب، وهم يرمون من وراء ذلك إلى جعله يضغط على قرينته الفاضلة الرفيقة القومية الشريفة السيدة عفيفة. وكنت أحب أن أقف على رأيك في هذا الشخص بعد مقابلتك له هنا.
إني أعلم أنّ القنصلية الفرنسية هنا لا تقدر أن تمنعني من العودة إلى الوطن، ولكنها تقدر أن تمنعني من الانتقال بين المهاجر الأميركية لتقوية الحركة القومية فيها. وهذا كان قصدي الآن. أما العودة إلى الوطن في هذه الظروف، فأمر عسير، لأنه يقتضي سلك طرق بعيدة للدخول سراً. فالدخول علناً غير ممكن بسبب وجود مذكرة توقيف من المحكمة العسكرية بحقي، ولصدور الحكم الغيابي عليّ بعشرين سنة سجن وعشرين سنة نفي غير مخصص. ودخول الوطن في هذه الظروف وبتجنب الوقوع في قبضة الأعداء يقتضي تجهيز غير ورقة من الحكومة الأرجنتينية تسمح لي بالعودة إلى وطني. وأما رأيك في أمر العودة إليه فلا خلاف في أنه رأي كل قومي صحيح. فما ذل وطننا وتعكّست أحوالنا إلا حين أهملناه وتحولت أفكارنا إلى غيره، ورأيناه صغيراً وأكبرنا عظمة الغريب فهان وهُنّا معه.
أتأسف لإزعاجك بمسألة الحوالة البريدية السابقة فهذه لم أحتج إليها في كوردبة. ولما جئت حاولت قبضها هنا منذ بضعة أيام فأبت إدارة البريد دفعها، لأنها محولة على إدارة «لُس كوكس». وقد رأيت أن أعيدها إليك لتحولها إلى بوينس آيرس قبل أن تفوت مدتها. وهي مرسلة مع هذا الكتاب.
تسرني كثيراً قراءة زجلياتك التي فيها شعر حقيقي ينم عن نفس كبيرة وإباء وشعور عالٍ بالشرف القومي. ويا ليت أمثال «الشاعر القروي» يتعلمون الشعور في مثل شعرك ويعفوننا من منظوماتهم التقليدية التافهة.
سلامي لك وللعائلة وللأصدقاء المخلصين. ولتحيى سورية .

 

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.