18/3/1941
عزيزي الشيخ نعمان ضو،
وردني كتابك المؤرخ في 7 مارس/آذار الجاري، وشعرت منه ما أعهده من همتك وغيرتك.
إنّ الذين تحوّلوا إلى أعمدة من ملح في هذه البلاد هم كثر. ومما لا شك فيه أنّ عناصر هذه الجالية هي في معظمها منحطة كثيراً أو فاسدة.
السيد نقولا ريشا جاء برفقة الرفيق جبران مسوح لزيارتي، كما أخبرك، ولكنه لم يعد بعدها ولا سمعت منه أو عنه شيئاً.
الحقيقة أني لم أنقل من العاصمة، وإنما اتخذت مسكناً بعيداً عن المركز في حي هادىء صحي أكون فيه بعيداً عن الضوضاء والجلبة وغازات السيارات، والحي يعرف بحي Parque Chacabuco والمنزل بقرب الروضة المعروفة بهذا الاسم.
قد أقوم الشهر القادم برحلة إلى كوردبة والولايات الشمالية. أما الذهاب نحو سان خوان فلا يمكن أن يكون لمجرّد النزهة وزيارة الأصدقاء في هذه الظروف. ولكن إذا كان جو الجالية هناك قد صار موافقاً للعمل ويوجد إمكانيات تغطي نفقة السفرة وتعطي نتيجة حسنة للحزب، فأكون مسروراً بالقيام بها في أول فرصة ملائمة.
إنّ نقيق الضفادع لا يمنع سيل النهر، والحركة القومية تجمع العناصر الجيدة وتنبذ المواد الفاسدة، وإذا كانت العناصر الجيدة هنا قليلة فلا بأس، لأنّ اعتماد النهضة ليس على هذه الجالية، والحركة تسير في جهات أخرى بسرعة وقوة. وإذا كان العدد الخامس عشر من الزوبعة قد وصل إليك وقرأت مقال الرفيق نجيب العسراوي علمت أنّ النهضة تمتد وتقوى.
أراني الرفيق مسوح قصيدتك1 الأخيرة فسررت كسروره بها. وكان عزم على نشرها في العدد الذي يخرج من المطبعة اليوم، ولكن وردت برقيات في آخر ساعة عن اضطرابات في الوطن، فاضطر لتقديم هذه الأخبار مع عزمه على نشر القصيدة. وأنا لمّا أرَ العدد لأعرف إذا كانت القصيدة قد نشرت أو بقيت إلى العدد القادم. ولكنها خمر وطنية أصلية لا تفقد جمالها مع الأيام.
سلامي لك وللعائلة والأصدقاء، ولتحيى سورية .