8/4/1941
رفيقي العزيز وليم بحليس،
بعد أن وضعت كتابي الأخير إليك في البريد تسلّمت العدد الأخير 107 من سورية الجديدة الوارد بالطيارة. فرأيت أنك أثبتّ مقالي «شعب منقسم على ذاته» في القسم الأخير من الصفحة الأولى، فبقي معظمه للصفحة الثانية وهذا الترتيب قد أعطى المقال صفة ثانوية أو أنه قلل، على الأقل، من خطورته التي توجب جعله في مقام أوليّ غير محشوّ بشيء آخر. وهو لأهميته للحركة، كان يجب أن يعطى أوسع مجال يلفت النظر إليه ويظهر للعموم أهميته.
أما مقال «سورية لا ترضى بأقل من الاستقلال التام» فكان يمكن أن يجيء المقال الأول أو الثاني في باب «رأي سورية الجديدة» أو في مكان «العمرانية السورية» التي كان يمكن أن تجيء في الصفحة الثالثة، لأنها رسالة مقدمتها أساسية، أما تفصيلها فليست له الأولية. ولو لم يكن هنالك مقال مني في هذا الموضوع الهامّ لما كان من بأس في إثبات هاتين المقالتين في الصفحة الأولى.
لاحظت أيضاً أنك أغفلت الإشارة إلى نقلك مقال «الزعامة الحقة» عن الرسائل الصادرة في برلين. وهذا الإغفال يضر بأمر الحركة القومية والدعوة لها من أجل ستر حقيقة لا حاجة لسترها. فإنه أفْيد للحركة القومية أن يعلم الناس أنّ فرع الحزب السوري القومي في ألمانية يتقدم ويقوى حتى أنه يتمكن من إصدار نشرة خاصة بالحركة، وأنّ في الفرع هناك رجال علم وتفكير، من أن يقال إنه لا يوجد للحركة غير جريدة الزوبعة وجريدة سورية الجديدة اللتين تقولان إنّ الحزب منتشر ولكن لا يعلم أحد مدى الانتشار. ثم إنه يجب أيضاً إنصاف الكاتب حتى ولو كان متستراً، بذكر الصحيفة التي نشرت مقاله والبلد الذي يقيم فيه.
وكانت سورية الجديدة قد جرت على قاعدة النقل عن النهضة بدون ذكر هذه الجريدة، وفي هذا جرح للحقائق التاريخية عن الحزب. فإنه لا يضير سورية الجديدة شيءٌ أن تنقل مقالات قيّمة عن الصحيفة القومية الأولى. ولكن يضيرها أن يعلم فيما بعد أنها نقلت من غير أن تراعي حقوق النقل. وجرت أيضاً عادة أخرى اجتهدت في إبطالها، ولكن الرغبات الخصوصية لبعض الأفراد حالت دون ذلك، وهذه العادة هي إنشاء افتتاحية للجريدة في الصفحة الأولى. فالقاعدة التي وضعتها للجريدة هي أن لا يكون لها افتتاحية، بل مقالات رئيسية تنشر تحت باب «رأي سورية الجديدة» وتبقى الصفحة الأولى لنشر بعض هذه الأمور:
1 ـ مقالات فوق العادة من الزعيم أو من مراجع أخرى أو لبعض كبار الكتّاب الخارجين عن قلم التحرير.
2 ـ أهم الحوادث السياسية التي لها علاقة بالحزب أو الوطن والبرقيات الهامّة عن الوطن من حقها أن توضع في الصفحة الأولى، لأهميتها.
3 ـ بلاغات الحزب الرسمية وبعض المقالات الدفاعية عن خطط الحزب، وما هو من هذا النوع.
ولكن رشيد شكور خرج على هذه التعليمات نظراً لأنانيته ومحبته للظهور. فحين كانت مقالاتي التي أكتبها باسم الجريدة خصيصاً «لرأي سورية الجديدة» تنشر في هذا الباب في الصفحة الرابعة، رأى هو أن يوجد رأياً آخر لمحرر الجريدة يبديه بصفة افتتاحية في الصفحة الأولى، ويزاحم به «رأي سورية الجديدة». وعلى هذه القاعدة جرى أيضاً الرفيق فؤاد بندقي فصار ينشر مقالاته بشكل افتتاحيات، وأحياناً في أول «رأي سورية الجديدة» أو في المكانين معاً، وصار بنشر مقالات الزعيم المشار بنشرها في الصفحة الأولى في آخر هذه الصفحة.
هذه البدعة يجب تركها وإعادة الجريدة إلى خطتها وتبويبها الأساسي. وليس «رأي سورية الجديدة» مخصصاً بمقالة واحدة أو بناحية واحدة، بل بجميع النواحي التي للحركة السورية القومية موقف منها. أي أنّ المقالات تكون سياسية وتثقيفية في أصول العقيدة، واقتصادية واجتماعية ويصير فيها التعليق على الحوادث والقرارات والتغييرات التي تحصل في الوطن أو في وضعه السياسي.
أريد أن تأخذ علماً بهذه التوجيهات وتطبّقها، ويمكنك العودة إلى الأعداد الثلاثة الأولى من سورية الجديدة لترى تبويبها الأساسي.
عسى أن يكون مقال «شعب منقسم» قد أوجد تأثيراً طيباً في أوساط الجالية، خصوصاً الأوساط العالية، ويجب أن يستثمر جيداً هذا الزرع.
يحسن أن تتصل بالدكتور عبده جزرة، إما بواسطة أخي إدوار أو بواسطة غيره، إنه صديق قديم ومخلص الغاية وله رأي في شؤون الجالية، وهو يعتقد بالقومية السورية ويعرف أشخاص الجالية. سلامي القومي لك وللرفقاء. ولتحيى سورية.