إلى وليم بحليس

23/4/1941


رفيقي العزيز وليم بحليس،
غبت عنك في الأيام الأخيرة، لأنّ عنايتي كانت منصرفة إلى شؤون أخرى. وما دمت محروماً من مساعدة كتابية في مكتبي، فلا بدّ من حدوث بعض التقصير بين حين وحين. كنت مدعواً من سوريــيّ فرقمينة وهي مدينة صغيرة تبعد نحو ثلاث ساعات ونصف بالقطار المستعجل. وقد سافرت إليها يوم السبت. وعدت مساء الاثنين فلم أتمكن من الكتابة إليك بالبريد السابق. ألقيت هناك محاضرة يوم الأحد تقرأ ملخصها في عدد الزوبعة القادم (انظر ج 4 ص 207). وكانت النتيجة حسنة فانضم عدد لا بأس به إلى الحركة القومية وينتظر انضمام آخرين.
مقال العسراوي: في كتاب سابق عدت فعدّلت فقرة مقال المنفّذ [نجيب] العسراوي ليصير نشره، ولكن المقال لمّا ينشر ولم تذكر لي شيئاً في هذا الصدد. فقد قمت بهذا العمل مرتين على غير جدوى.
سورية الجديدة ومقال العسراوي: في كتابك الأخير الصادر في 11 أبريل/نيسان الحاضر تقول: «ثم، لجهل مني، كنت أظن، وشئت أيضاً أن يكون هكذا، أن لا إرادة في الجريدة غير إرادة حضرة الزعيم المؤتمن أنا على تنفيذها»، فتعجبت من هذا القول. فكون الجريدة خاضعة لإرادة الزعيم ومن بعده للمراجع ذات الاختصاص (عمدة الإذاعة، مثلاً) هو الحقيقة التي لا جدال ولا شك فيها. أما إشارتي عليك في ما يتعلق بمقال المنفّذ العام لمينس فهي ما يتعلق بالدبلوماسية الإدارية وليس بسورية الجديدة وإدارتها. وهذا يعني أنه بما أنّ صاحب المقال هو رئيسك المنفّذ العام الذي تعمل معه وتحت رئاسته بصفتك ناظر إذاعة في هيئة منفذيته، يكون من باب اللياقة تجاهه والاحترام لشخصه، أن تبلّغه ما رأيته في مقاله مما يتعارض مع الموقف السياسي الذي تقفه الجريدة بناءً على التوجيهات العليا. وأعتقد أنّ المنفّذ كان يكون سرَّ بذلك ووجد أنك كنت غيوراً على مركزه. وهذا هو القصد وليس القصد أنّ العودة إلى المنفّذ في أمر نشر مقاله أو عدم نشره هي واجب إداري أو نظامي. ولا يمكننا أن نهمل اللياقات لأنها هامّة من الوجهة النفسية، خصوصاً، لأنّ الأشخاص يختلفون في الأمزجة وسرعة التحسس. وفيما سوى ذلك، ليس لك أو عليك أن ترجع إلى المنفّذ العام في أي شأنّ من شؤون سياسة الجريدة وخطتها.
ضائقة الجريدة: قد مرت بك ضائقة الكتابة وأصبحت مواد الجريدة متنوعة وممتازة، وقد سرّني عودة الأمين فخري معلوف إلى الإنتاج بعد انقطاعه إلى دروسه الفلسفية مدة طويلة. وبقي عليك أن تجتاز الضائقة المالية. وإني أقدّر أنك ستجتازها ولا يمكن تصور أنّ الرفيقين فؤاد وتوفيق بندقي يكونان بهذا المقدار من التشديد في القبض المستعجل، خصوصاً والجريدة في بدء تنظيم جديد. وردني من الرفيق جبران مسوح في توكومان أنه قبض بعض اشتراكات لسورية الجديدة وهو قادم في أوائل الشهر القادم، وحال وصوله يصير إرسال المبلغ إليك، ولا أظنه كبيراً قد يبلغ ستين أو ثمانين ريالاً أرجنتينياً (نحو 400.000). وأنا كنت قبضت تسعين ريالاً أرجنتينياً من سان خوان لسورية الجديدة فهذه يمكن تسديدها من اشتراكات الزوبعة في البرازيل في سان باولو ومينس، وسأكتب إلى الرفيق [إبراهيم] طنوس في ذلك.
كتب سابقة: أرسلت إليك في البريد العادي نسخة كتابي إلى الرفيقين فؤاد وتوفيق بندقي لتطّلع عليه وتطلع الرفقاء: غالب [صفدي]، فؤاد [لطف الله]، و[إلياس] فاخوري.
قرارات: وضعت اليوم قراراً بتفويضك تنظيم سان باولو، وقراراً بتعيين لجنة إدارة سورية الجديدة العملية. وهذان أرسلهما بالبريد الجوي.
حوادث سان باولو: يهمني الاطلاع على ما يجري في سان باولو وما ينشر في الصحف مما يهم الحركة القومية، فأطلب تكليف أحد جمع المعلومات والمنشورات وإرسالها إليّ بانتظام. وإذا كان عندك شيء مما تنشره الرابطة فأرسله.
حوادث المطرودين هنا: قد تلاشت ضجتهم بالمرّة ولم تسبب غير مقت الناس لهم. و[فريد] نزها قد أكل كفّين من أحد القوميين. وكثير من أبناء طائفته الذين كان يعيش منهم بواسطة مجلته الجامعة السريانية قد أرجعوا المجلة إليه بعد توقف الإعصار وعودته إلى إصدارها. ولا يزال غير خالد أديب وفيليب شديد، والأول هو الذي كان يحرض دائماً، وأحياناً بنشر مقالات مما يجمعه من أقوالي ليطعنّي به. ولكنه لا تأثير له البتة في الأوساط هنا. والزمان تنشر له، لأنّ محررها الجديد روفائيل لحود هو صديق لخالد كان يعرّفه إلى سيدات وأماكن للهو. وكان يتجسس على حركاتي هنا. ولم أستحسن اختيار نقل أخبار الأرجنتين عن الزمان إلى سورية الجديدة لأنّ هذا النقل يكون إذاعة لجريدة تحارب الحزب وتعاضد المطرود المنافق خالد أديب.
مينس: سأفرّغ ما بقي من اليوم وغداً وبعد غد للنظر في شؤون مينس وسائر البرازيل فأكتب ما يلزم. وبعد ذلك أعود لإعداد عدد الزوبعة القادم، والنظر في شؤون المكسيك.
النهضة: تسلّمت المجموعة يوم السبت قبل ذهابي إلى فرقمينة وسررت بوصولها لما فيها من المعلومات. وقد ذكرت لك أنه يحسن، حين نقل شيء عن صحيفة قومية أخرى ذكر المصدر المنقول عنه منعاً لتشويش تاريخ الحركة القومية. ويا ليتك تمكنت من إرسال مجموعة الجريدة أيضاً.
سلامي لك وللعائلة والرفقاء. ولتحيى سورية .

المزيد في هذا القسم: « إلى وليم بحليس قرار »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.