إلى وليم بحليس

16/7/1941


رفيقي العزيز وليم بحليس،
لم يصل البريد الجوي الأخير كالعادة. قد كنت أستلم كتبك وأعداد سورية الجديدة كل صباح اثنين. وفي البريد السابق تسلمت كتابك فقط يوم الإثنين صباحاً والجريدة بقيت لليوم التالي، أما البريد الأخير فقد بقي كله لصباح الثلاثاء. ولا أعلم إذا كان التأخير من تأخر الطيارات عن مواعيدها أو لتغيير كيفية الإرسال أو الخطوط في هذه الظروف أو لسبب آخر. ولمّا لم أتسلم البريد صباح الاثنين أو أصيله لم يمكّني إرسال جواب إليك يوم الاثنين كالعادة.
سورية الجديدة: حسناً ما فعلت من السعي للحصول على رخصة لها بأن تكون الجريدة الوحيدة، فإذا تم ذلك تعزز الموقف كثيراً. أما إذا توقفت الجريدة فيجب أن ينتظر فؤاد وتوفيق بندقي لبينما نقوم بجمع الاشتراكات المتأخرة لندفع لهما. بل يجب الوصول أولاً إلى تسوية معهما بتحميلهما نصف الخسارة. وهذا يجري كثيراً في ديون الحرب، وهما عليهما المؤازرة كالرفيق [فؤاد] لطف الله، وفوق ذلك عليهما التعويض عن الخسائر المادية والروحية ولو تعويضاً جزئياً. فإذا قالا إنهما تكلفا على الجريدة من قبل، فقل إنهما تكلفا عليها وهما يحسبانها بالفعل جريدتهما لا جريدة الحزب، وبهذه الصورة أصدراها مدة نحو سنة ونصف. وقبل صرف رشيد شكور اعترف هذا للرفيق توما توما بأنّ فؤاد وتوفيق بندقي استدعياه وبلّغاه أنهما يعدّان أنفسهما صاحبي الجريدة وأنّ عليه أن يتقيد بتعليماتهما فقط في الإنشاء والتحرير. وفي إرسال تهنئة إليّ بأول مارس/آذار 1940 جعلا الكتابة على سلة الأزهار «من صاحبي سورية الجديدة»! وفي جميع المناسبات كانا يظهران بهذه الصفة المنتحلة.
إذا لم توفق لإبقاء الجريدة فيجب اتخاذ جميع التدابير لنقل مشتركيها إلى الزوبعة وتسلّم وكالة الزوبعة هناك وملاحقة المشتركين. ويحسن إرسال قائمة أسماء مشتركي سورية الجديدة في الحال مع الملاحظات الممكنة عليها أو على جزء منها. ويجب أيضاً إرسال جميع المراسلات التي وردت الجريدة وليست لها صفة خاصة بالمدير والتي يمكن أن تفيد إدارة الزوبعة.
المنفّذ العام: منذ بضعة أسابيع والشك يتسرب إليّ في صدق موقف الرفيق [نجيب] العسراوي الأخير. فهو حتى الآن لم يجب على كتابيّ الأخيرين إليه، وفي أحدهما تعليمات إدارية يجب الإجابة عليها. وقد فكرت في ما عسى قصد من طلب معرفة قائمة سان باولو، ولم أتذكر أني انتدبته أو كلّفته القيام أو اتخاذ تدابير تتعلق بها. ولعله أصيب بتأثير ديني بسبب شرح بعض شؤون ونواحي الديانة الإسلامية، فقد لا تكون روح التعصب الديني قد زالت منه بالمرّة، خصوصاً وهو مؤلف كتاب الإسلام في أميركة منذ زمن. وقد أعاد بعض مشتركي مينس وأظن أنّ أحدهم، بل هم محمد جماز وأنطونيو وزير وملحم وزير من كنكيستا، وفي كتاب منهم أنهم يمتنعون عن الاشتراك بسبب «ملاحقة المير شكيب أرسلان ورشيد الخوري ممن وطنيتهم مشهورة».
أما الرفيق العسراوي فقد شفي من التأثير الشكيبي، ولكن لا أعلم إذا كان شفي من بقية التعصب الديني، مع أنه قد لا يقصد أن يكون متعصباً. وقد تكون المسألة مسألة بقية تربية.
إني مستاء جداً من عدم قيامه بالواجبات الإدارية المسؤول عنها والواجبات القومية المناقبية. ومنذ نحو ثمانية أيام أرسلت كتاباً إليه بالبريد الجوي وهو كتاب رسمي لا شخصي، أطلب منه معرفة سبب انقطاع مواصلته بالرسائل عني، ولمّا كنت غير جازم بانقلابه أو تراجعه قلت له إنّ عندي أموراً أريد أن أبديها، وإنه حالما يصلني جوابه أريد أن ألقي عليه عدة أسئلة من جملتها: هل هناك قوميون يتمكنون من ترك أشغالهم والسفر إلى الوطن أو إلى أية جهة يؤمرون باتخاذها، وما هو عددهم؟ هل يقدر هو والمذياع العام [إبراهيم] طنوس والمذياع العام [وليم] بحليس على القدوم إلى الأرجنتين لمدة وجيزة أو إلى الحدود للالتقاء بي ومقابلتي؟ وفي الوقت عينه كتبت إلى المذياع العام إبراهيم أخبره بكتابي إلى المنفّذ العام وأبدي له بعض شكوكي.
أطلعك على ذلك لكي تتدبّر الموقف. وأعتقد أنه لا يمكنك في هذه الظروف الاعتماد على أية معاونة من المنفّذ العام الذي إذا لم يغيّر موقفه نحو الأصلح فلا بدّ من عزله، لأنّ بقاءه قد يؤول إلى ورطة. وكنت قد كتبت إليه، أني في كتابي قبل الأخير إليه أطلعته على الطريقة النظامية في الشؤون المكتبية وهي أن تبقى الرسائل الإدارية والوثائق الرسمية في قسم السجلات الذي يكون على عهدة الناموس العام للمنفذية. فإذا كان موقفه غير صريح فيجب الاتفاق مع المذياع العام طنوس على كيفية سحب الأوراق منه، فتجتمعان إليه بصفتكما موظفين في المنفذية وتطلبان منه عقد جلسة قانونية حسب النظام تنفيذاً لمنطوق الدستور يجري فيه قراءة جميع الرسائل والوثائق الإدارية والرسمية لدرسها وتبادل الرأي في ما تقضي به. فيقرأها الناموس العام، حسب الأصول، ثم يبقيها معه بحجة نسخها. ثم يأتيه أمري بإعادتها إليّ. وبعد ذلك أتخذ التدابير اللازمة. وإني أنتظر تقريراً من الرفيق طنوس في شؤون مينس والمنفّذ العام.
ليكن التوفيق حليفكم. ولتحيى سورية .
بعد: ماذا جرى لإميل بندقي. فإني كتبت إليه منذ مدة ولم أتلقَّ جواباً منه. ألعله هو أيضاً «حردان» لأني لم أجب على كتابه الأول إليّ إلا بعد مدة؟ إنّ هذا الرفيق مفيد وعنده حمية، وأصبح ذا خبرة يمكن الاستفادة منها، ولكن إذا كانت روحيته قد تغيرت فيجب أن أعلم وأعرف ما هو السبب.

المزيد في هذا القسم: « إلى يوسف الغريب إلى وليم بحليس »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.