31/7/1941
رفيقي العزيز وليم بحليس،
وردني يوم الاثنين الماضي كتابك المؤرخ في 26 يوليو/تموز الحاضر ومعه عدد سورية الجديدة الأخير 123. ثم وردني اليوم كتاب آخر منك بدون تاريخ ولكن غلافه يحمل طابع البريد في 29 يوليو/تموز الحاضر أي أول أمس. وفي هذا الكتاب الأخير تطلعني على ما كنت أتوقع حدوثه، وكان يكون حدث من زمان لولا ليونة ومرونة من جانبي كان من الصعب إبداؤها مع الاحتفاظ بكرامة الزعامة ومقام الزعيم.
إنّ مقاصد فؤاد وتوفيق بندقي الخفية لم تكن خافية عليّ إلا بعض تفاصيل منها. ولذلك لا أستغرب موقفهما. ومن قبل كانا يقولان لرشيد شكور إنهما هما صاحبي الجريدة ووليّا أمرها، وكانا رشيد شكور يقبل ذلك ويعمل به حتى وضعت حداً له.
أما الموقف الأخير فلا أقدر أن أحلّه من هنا بالسرعة المطلوبة. وإني من أجل النظر في مثل هذه القضايا وتلافيها أنشأت «لجنة الإدارة العملية» للجريدة، لا من أجل إيجاد وظائف وهمية لبعض القوميين، وكان يجب أن يكون اجتماع أعضاء اللجنة مستمراً بطريقة نظامية، فيطرح على بساط البحث في جلساتها جميع القضايا المعلقة والمشاكل العارضة، فيتبادلون الرأي في كيفية معالجة القضايا وحلّ المشاكل ويأخذ كل منهم على نفسه ناحية يعمل فيها. وإلا فما معنى اللجنة ولأي شيء وجدت. وما معنى طلبي من المرشحين إبداء استعدادهم لتحمّل المسوؤلية؟
وإني أعتقد أنه كان يمكن الاعتماد على الرفيق وديع عبد المسيح والرفيق توما [توما] في مسألة معالجة موقف فؤاد وتوفيق بندقي قبل فوات الوقت فكلاهما على علاقة حسنة مع المذكورين. ويظهر أنّ الأفضل الآن البحث عن كيفية طبع الجريدة في مطبعة أخرى ولو كان ذلك بصفحات أقل، إلا إذا عدّل فؤاد وتوفيق بندقي موقفهما بدون أي إجحاف بكرامة الحزب ومنزلته، أي أنه يجب الامتناع عن مقابلة تصلفهما بالإذعان والاسترحام فهذا يزيدهما غطرسة. ويمكن الكتابة أيضاً إلى الرفيق جورج دده في الريو ليهتم بالمساعدة.
لو كان ظهر شيء من ناحية السيد إسكندر المر في ما يختص بنفقات طبع «جنون الخلود» لكان من المحتمل أن يكون هناك إمكانية لمساعدة الجريدة. ولعل أسرع طريقة عملية هي عقد اجتماع من الرفقاء غالب صفدي وفؤاد لطف الله وإلياس فاخوري وجورج بندقي ووليم عفيف للبحث في الأمر وتسويته. والحقيقة أنّ مثل هذا الاجتماع كان يجب أن يحدث بصورة متواصلة توثيقاً للروابط العقائدية والفكرية وتقوية للروحية. فهذا أمر أساسي لمواجهة الأحداث وللتقدم، فتبادل الآراء بين رفقاء مخلصين يعطي دائماً نتيجة حسنة ويجعل الجميع يشعرون بأهمية مساهمتهم في الحركة.
وإنّ توقيف أعمال التنظيم كل هذه المدة لم تكن له نتيجة غير جلب الفتور إلى قلوب المنضمين، وحملهم على الشعور بأنه لا فرق بين أن يكون الإنسان داخل الحركة أو خارجها. وإني لا أزال أتعجب من توقيف الرفيق فؤاد لطف الله مساعدته في حين أنه اهتم وإخوته بمساعدة البرازيل بطيارة لا تحتاج إليها. فنحن أحوج إلى هدية من البرازيل من البرازيل إلى هدية منا.
إذا أمكن الاجتماع بمن ذكرت فيجب إجراء اجتماع آخر من الرفقاء توما ووديع عبد المسيح وإدوار سعاده وإميل بندقي لبحث الموقف. وإذا حضر المنفّذ العام والناموس فيكون حضورهما وسيلة لعقد عدة اجتماعات وتنشيط العمل وتقرير خطة.
هذا كل ما أقدر أن أبديه الآن على الفور. وهنا أواجه صعوبة في الحركة والزوبعة، فالزوبعة أيضاً في ضيقة، ولولا مساعي الرفيق [جبران] مسوح الخصوصية والإعلانات التي تمكن من الحصول عليها لكانت الحالة صعبة جداً. ومكتب الزعيم لا يرده شيء لا من البرازيل ولا من المكسيك ولا من الولايات المتحدة، ومن توكومان يدخل شيء بهمة الرفيق مسوح وبعض الرفقاء الحسني الروحية والمقتدرين كالرفيق كامل عوّاد وغيره، ولكن الداخل من الأماكن الأخرى قليل وغير منتظم. ومؤخراً لو لم يدخل شيء بواسطة تمثيل «الفرقة السورية» في توكومان لكانت الحالة صعبة.
إنّ إهمال شأن التنظيم والحركة يجلب الفتور، فيجب معالجة الأفراد وإعطاؤهم أشغالاً ليعملوها، وكان يجب الاهتمام بأمر بعض السيدات وإدخال البعض الخارج عن نطاق الحركة وجعلهنّ يعملن. وأعتقد أنّ الرفيق [إلياس] فاخوري قد دب الإهمال إليه وإلى امرأته، فهو من الذين يشجعهم المديح والالتفات، وأنا لا وقت عندي للتنفس.
إذا سار كل شيء حسب ما هو جار فقد أصير بعد نحو أسبوع في مركز صالح للتفكير «بالسياحة» إلى البرازيل. هذا إذا لم يحدث مانع من القنصلية الفرنسية هنا. وسأسعى للتغلب على هذه العقدة بطريقة، حتى إذا لم أجد طريقة غير السفر بالنهر إلى «كورمبا ماطو غرصّو» فعلت على شرط أن توافيني أنت والرفيق [نجيب] العسراوي والرفيق [إبراهيم] طنوس وآخرون إذا أمكن، لأنه قد لا أُوفَّق للبقاء هناك إلا لبينما يعود المركب. على كل حال يجب أن تتحركوا وإنّ الاجتماع بي ضروري لدرس الموقف وأخذ التوجيهات اللازمة.
قد تم طبع الدستور وسأجرب إرسال بعض نسخ منه إليك وإلى مينس. ولتحيى سورية .
بعد: كان يجب تعديل الكلمة التي كتبها نظير زيتون في مؤلفه، على الأقل كان يجب تعديل عبارته القائلة «ولكن المؤلف شق للدارسين طريقهم» بعبارة «ولكن المؤلف هو أحد الدارسين الذين شقوا طريق هذا البحث» فالعبارة الأولى مخالفة للحقيقة ولخطة الجريدة.