14/8/1941
تسلمت أمس كتابكم الأخير المؤرخ في 6 أغسطس/آب الجاري وارداً في البريد الجوي. وقبل تسلمه كنت قد تسلمت كتاباً من الأمين فخري معلوف، منفّذ عام الولايات المتحدة حالاً، يخبرني فيه أنه تسلم من منفذيتكم مبلغ ستين دولاراً. وقد ورد كتابه بالبريد العادي، والظاهر أنّ انتقال الأمين معلوف لمدة فصل الصيف إلى تيغستون حيث قام بدراسة اختصاصية في الحضارة الإسلامية هو السبب في تأخير مراسلاته مدة. وكان قد كتب إليّ من قبل جواباً على كتاب مني أخبره فيه بما ورد في كتاب منكم، وهو أنكم أرسلتم إليه رسالة في شأن ماكنة الكتابة، يقول إنه لمّا يتسلم شيئاً منكم حتى ذلك التاريخ. فيكون كلامه صحيحاً والسبب يكون التأخر في إرسال المبلغ أو في تسلمه.
الاشتراكات الشهرية: إنّ كتابتي إليكم في هذا الأمر لها وجهان:
1 ـ ضبط طريقة المعاملات القانونية والنظامية.
2 ـ لفت نظركم إلى وجوب الاهتمام بحاجات الإدارة العليا التي لا تقدر على تنفيذ مشاريعها إلا بواسطة ما يرد من الفروع.
أما الأمر الأول فأهميته تأتي بالدرجة الأولى، لأنّ القانون والنظام هما دعامتان أساسيتان لقيام مؤسسات الحركة ولمشاريعها. وقد كنت لاحظت أنكم لم تعتمدوا في أعمال الفرع الذي تتعهدونه على منطوق الدستور والمراسيم الدستورية، ومع أنّ نسخة أو أكثر من الدستور كانت عندكم، وكتبت إليكم في ذلك. وسرّني أن تكونوا باشرتم العمل وفاقاً للدستور واقترحتم تشكيل هيئة منفذية دستورية، الأمر الذي صدرت به القرارات اللازمة في حينه.
ولكن يظهر أنّ تشكيل هيئة المنفذية لفرع المكسيك لا يزال بعيداً عن إعطاء الأعمال شكلها القانوني، فكأنّ بعض الوظائف في هذه المنفذية ليس لها غير قيمة إسمية، إذ لا يقوم الموظفون بممارسة الصلاحيات التي تخوّلهم إياها المراسيم الدستورية، خصوصاً المرسوم الدستوري عدد 2 مثلاً: إنّ التقارير عن حالة المالية يجب أن يضعها ناظر المالية المكلف، في جملة صلاحياته، بإرسال المال المجبى إلى حيث يجب، مع لوائح جباية يبقى نسخة من كل منها في سجلات دائرته لكي تجري الحسابات بصورة قانونية، وتتمكن الدوائر العليا من تأمين موازنة الحزب. وحتى الآن لمّا يصل إلى مكتب الزعيم أي تقرير رسمي عليه توقيع ناموس المنفذية ومقروء في جلسة رسمية لهيئة المنفذية، حيث يجري النقاش فيه ويصادق عليه المنفّذ العام بعد المناقشة. وحتى الآن لم يتسلم مكتب الزعيم بياناً عاماً يشتمل على البرامج أو المناهج التي تقررت لكل ناظر من نظار المنفذية. وجميع هذه الدلائل تدل على أنّ الأمور لا تزال تسير بصورة غير نظامية وغير دستورية، كأنه لا يوجد في المنفذية غير شخص المنفّذ العام وحده. وهذا نقص كبير قد تحصل من ورائه عواقب وخيمة للحركة القومية. لنفترض أنّ المنفّذ العام مرض لمدة طويلة مرضاً منعه من القيام بالأعمال أو الإشراف عليها بنفسه فماذا يحدث للفرع في هذه المدة؟ أتبقى الأمور مشلولة إلى أن يعود المنفّذ العام أم يجب أن يستمر العمل؟ وإذا كان يجب أن يستمر العمل، فكيف يمكن هيئة المنفذية متابعة أعمال لم تمارسها قط؟
إنّ كل همّ الزعيم كان منصرفاً لتأمين نشوء مؤسسات تكفل سير الحركة تحت كل الظروف، حتى ولو مرض الزعيم نفسه أو حدث له حادث. ولو أنّ الزعيم لم ينشىء مجلس العمد، ولم يضع المراسيم الدستورية بإنشاء هيئات المنفذيات ومجالسها، واكتفى بالقيام بالأعمال بحصرها في شخصه، فماذا ينتظر أن يحدث غير الفوضى والشلل وإذا حدث للزعيم حادث أقصاه عن العمل؟
إنّ المؤسسة أهم من الأشخاص، ومؤسسة المنفذية هي من المؤسسات الرئيسية التي يجب ألا تبقى حياتها معلقة على حياة فرد واحد. لذلك يجب المباشرة في الحال، بدرس دستور الحزب السوري القومي وخصوصاً المرسوم عدد 2 في أول جلسة رسمية تعقد لهيئة منفذية المكسيك حال وصول نسخة جديدة من الدستور إلكم. وقد وضع إليكم في البريد الرفيق جبران مسوح خمس نسخ من الدستور الذي تم طبعه هنا وهو مأخوذ عن النسخة التي وردتني منكم بالبريد الجوي. ويجب أيضاً درس أحكام المرسوم عدد 4 وأحكام القانون المالي والتقيد بجميع هذه الأحكام. ولن يقبل في المستقبل أي عذر لعدم السير على الدستور والقوانين. أما أنّ بعض الأشخاص ليسوا أكفاء كل الكفاءة، فهذا يمكن التغلب عليه بالممارسة والاختبار، وبدون ذلك لا أمل لنا بتقدم الأشخاص. وأنتم يجب عليكم مساعدة أعضاء هيئة المنفذية على ممارسة وظائفهم بكل حرية ضمن صلاحياتهم وتحت إشراف المنفّذ العام. وحالما تتسلمون الدستور أريد أن أحصل من منفذيتكم على رسالة رسمية بخط الناموس وتوقيعه وتوقيعكم، تشرح كيف التأمت الجلسة الرسمية التي صار فيها درس الدستور وما هي الآراء التي قدّمت من أعضاء الهيئة، وما هي المقررات التي اتخذها المنفّذ العام في الجلسة عينها؟
المال الاحتياطي: في جوابكم تقولون إنّ المئتي ريال مكسيكي التي بقيت في حوزة منفذيتكم أبقيتموها كمال احتياطي. فأفيدكم أنكم عند مراجعتكم المرسومين عدد 4 و5 سترون أنّ الجباية المركزية هي مال مقدس للإدارة المركزية، أي خاص بالخزانة العامة للحزب، ولا يجوز لأي فرع أن يبقي منها في حوزته فلساً واحداً. أما نفقات المنفذية العامة لمشاريعها المحلية فيجب أن توضع لها موازنة يضعها ناظر المالية بعد تقرير المشاريع في جلسة رسمية لهيئة المنفذية، ثم تؤمن الأموال اللازمة لها بضريبة محلية يقررها مجلس المنفذية الذي هو غير هيئة المنفذية، وصلاحياته موجودة في المرسوم عدد 4. فتصير جباية خصوصية للمنفذية غير الجباية المركزية التي تعود إلى الخزينة، والضريبة التي يفرضها مجلس المنفذية يجب ألا تكون كبيرة، ودائماً أقلّ من الجباية المركزية، ويراعى في فرضها مقدرة المشتركين والظروف. فيجب عليكم المبادرة إلى تطبيق أحكام المرسوم عدد 4 الذي يعطي الحزب حيوية كبيرة بانتخاب اللجان الاستشارية للمديريات ومندوبي اللجان إلى مجلس المنفذية.
المؤتمر: يمكن منفذيتكم أن تعلن للأعضاء أنه بما أنّ الزعيم لمّا يقرر حتى الآن الدخول في جبهة من الجبهات المتحاربة، فالحزب السوري القومي هو حزب مجاهد لنيل استقلال سورية ولكنه خارج الحرب، ولذلك لا خوف عليه من عداية أية دولة من الدول المحاربة. وبهذه المناسبة يسرّني أن أعلن لكم خروج رجال إدارة الحزب السوري القومي من السجن، بعد أن مضى على سجنهم نحو سنتين، وهذا يدعم أنّ الإنكليز لم يجدوا شيئاً يحاسبون الحزب عليه في الوطن، ويؤخذ مثلاً لتشجيع الأعضاء، ويمكن جسّ النبض لمعرفة هل تسمح حكومة المكسيك بإعطاء رخصة للحزب ليعقد مؤتمراً هناك لا يكون غرضه غير تأييد كون الحزب السوري القومي هو المنظمة السورية الوحيدة الصالحة للتكلم باسم الشعب السوري في أية مفاوضة للاستقلال وعقد معاهدات. ويمكنكم أن تؤكدوا للسلطة المكسيكية أنّ الحزب مستعد القبول للمخابرة من أية دولة ديموقراطية في صدد استقلال سورية وموقفها من الحرب. فإذا أمكن الحصول على رخصة رسمية فقد تزول المخاوف ويصير إقبال على المؤتمر.
لا تمبستاد: لاحظت أنكم أعطيتم في المجلة القومية التي تصدرونها بالإسبانية في المكسيك تصريحات سياسية من غير أن تراجعوني أو تراجعوا مرجعاً مختصاً في الحزب كالمكتب السياسي. من ذلك إعلانكم في المجلة أنّ على وزارة داخلية إسبانية أن تعلم ما هو كذا وكذا، الخ. وكان الأفضل ألا تعلنوا مثل هذا الإعلان بدون تفويض رسمي. فيجب أن تعلموا أنّ الفرع السياسي في الحزب هو غير الفرع الإداري، وأنه ليس من صلاحيات المنفّذ العام إعطاء تصريحات سياسية عامة إلا بتخويل خصوصي، منعاً للتضارب في سياسة الحزب وحرصاً على وحدته السياسية. وكان الواجب يقضي عليكم بمخابرتي في الحال في صدد ما أرسلته الحكومة الإسبانية، أو غيرها، إليكم وانتظار تعليماتي فلعل لي خطة تفيد القضية. أطلب منكم التنبّه لذلك في المستقبل والحرص على عدم الإخلال بهذه التعلميات.
موقف الحزب: تسألون إذا كان في الإمكان معرفة موقف الحزب في الوقت الحاضر. فأقول إنّ الظروف الاستثنائية قد عرقلت الكثير من خطة الحزب ومن مخابراته، وضعف تنظيم الفروع في المهجر، وعدم حصول مكتب الزعيم على المساعدات المالية اللازمة لم تسمح بالقيام بالحركات الدبلوماسية المرغوبة. ولكن المخابرات الآن جارية وقد يمكن تقرير موقف في القريب العاجل. أما الفروع فموقفها يجب أن يكون عدم الثقة بأية تصريحات سياسية أجنبية، واعتبار الحزب السوري القومي الهيئة الوحيدة التي يجب أن يلتف حولها الشعب لتصون مصالحه.
تعليمات تحقيقية: في كتابكم إليّ بتاريخ 20 مارس/آذار الماضي خبر ما صدر من قِبل الرفيق رفول العجي والتدبير الذي اتخذتموه بصدده. ولمّا كانت حادثة هذا الشخص من المسائل النظامية التي لا يصح السكوت عليها، وبما أنّ المنفذ العام له دخل في المسألة، فإني أقرر تأليف لجنة تحقيق من ناموس المنفذية وناظر الإذاعة وأحد الأعضاء ينتخبه اجتماع عام لمديرية أو مديريات المدينة. فتستنطق السيد رفول، وتأخذ إفادات الأعضاء الذين سمعوه وإفادة كل عضو عنده ما يدليه في المسألة، وتضع ضبطاً بذلك وترفعه إليّ بدون اطلاع المنفّذ العام. ويبقى الرفيق المذكور موقوفاً عن حقوق العضوية حتى يأتي البتّ من الزعيم في مسألته.
تنبيه: هذا الكتاب وجميع المراسلات الرسمية مع المنفذية يجب أن يقرأ في جلسة رسمية لهيئة المنفذية، ويوضع في دائرة السجلات التي تكون في عهدة الناموس العام للمنفذية. وفي كتاب آخر أرسله بالبريد العادي أعطيكم إيضاحاً في كيفية عقد الجلسات وإدارة الأعمال.
واقبلوا سلامي القومي. ولتحيى سورية .