إلى وليم بحليس

18/8/1941


رفيقي العزيز وليم بحليس،
وردتني رسالتك المؤرخة في 14 أغسطس/آب الجاري. واليوم موعد ورود البريد الجوي وأنا أنتظر رسالة أخرى منك أو من أخي إدوار، ولكن حتى هذه الساعة لمّا أتسلم شيئاً، وقد يكون البواب تأخر في توزيع البريد على أدوار البناية، أو قد يكون تأخر البريد الجوي هذه المرة أيضاً. والوقت لا يزال قبل الظهر ويوجد متسع من الوقت.
الجريدة: أول ما أريد الكتابة في صدده هو أمر صدور سورية الجديدة. فتجاه احتمال تعديل الحكومة لقرارها السابق وترددها في تنفيذه أصبح من الضروري إيجاد حل سريع لأزمة الجريدة، وهذا الحل ليس له سوى طريقتين:
1 ـ جمع مال يكفي لإيفاء الدين ومتابعة الإصدار.
2 ـ إعطاء تأكيدات للسيدين بندقي بأنّ المساعي مبذولة باهتمام لجمع مبلغ الدين وطبع الجريدة في الحال في مطبعة أخرى. إذ لا يمكن قتل الجريدة بسبب الصعوبات التي يقيمها السيدان بندقي. وبما أنهما يرفضان طبع الجريدة قبل إيفاء الدين، وبما أنّ ذلك لا يمكن أن يعني التسليم من جهتنا بقتل الجريدة، وهو ما يرميان إليه، فنحن نسعى بكل قوّتنا لإيفاء الدين ولكن مصلحتنا تقضي علينا بعدم إعطاء الآخرين حق تقرير مصير المؤسسة الإذاعية. ويمكن أن يُعرض على السيدين بندقي أن يقبلا ما تجمّع من المال ويسمحا بالطبع، فإذا رفضا فليجرِ طبع الجريدة في مطبعة أخرى، ولينتظر البندقيان وهما في كل حال منتظران.
ما كدت أفرغ من كتابة ما تقدم حتى دخل عليّ البريد يحمل كتاباً من أخي وعدداً من سورية الجديدة فسررت بعودة الجريدة، وأحببت أن أعرف كيف انتهت الأزمة، ولكن لم يكن في كتاب أخي معلومات تتعلق بهذا الحادث، ولم يأتِ كتاب منك، وأقدّر أن سرعة الحل وضيق الوقت لم يسمحا لك بالكتابة.
المنفّذ: في الكتاب الأخير الذي وردني من الرفيق [إبراهيم] طنوس نسخة من كتاب من الرفيق [نجيب] العسراوي إليه وفيها أنه كان قد باع منزله واعتزم الانتقال إلى حيث يكون أقرب إلى محور العمل. ولكنه قبل أن ينفّذ عزمه ورده كتاب من أخ له أنه قادم إليه ثم جاء أخوه وامرأته لينزل عليه إذ قد ترك الشغل وهو صفر اليدين. فاضطر الرفيق العسراوي إلى ترك ما عزم عليه والبقاء حيث هو وبناء دار أخرى. فهذه الرواية جعلتني أرى أنّ سبب شلل المنفّذ العام هو سبب ضيق وظروف خصوصية. وهذا الواقع يعطيك حجة ضد الذين يريدون أن يتمسكوا ببعض نقاط ضعف ليحجموا عن العمل والمساعدة.
دده ـــ حاصباني: إنّ الفصل الذي مثّله الرفيق [أنطون] حاصباني ليس سوى نتيجة جهل القوانين والنظام ولكنه دليل غيرة وحمية. فيجب ألا يستاء المدير من حدة الرفيق حاصباني وأن يعمل على تحويلها إلى ما يفيد وسأكتب إلى الريو في هذا الأمر. وسأرسل إلى المدير [جورج] دده نسختين من الدستور الذي قد تمّ طبعه. وكذلك أشرت على الرفيق [جبران] مسوح أن يرسل إليك نحو خمس نسخ، توضع في كل مديرية أو فئة منظمة وتعطى بعض النسخ لأمثال غالب [صفدي] وفؤاد [لطف الله] وإلياس [الفاخوري]. وهذه النسخ يجب أن لا تضيع ولا أن تقع في أيدي غرباء عن الحركة.
إنّ الرفيق دده هو من حسني النية والاتصال معه يأتي بنتائج حسنة.
نقولا [ريشا] بك: كتبت إلى هذا الرفيق أمس، جواباً على كتاب أرسله إليّ من شهر مارس/آذار وأشرت في كتابي إلى موقف قوميــ سنطس.
لطف الله: كذلك كتبت إلى الرفيق لطف الله كتاباً مسهباً فيه لفت نظر إلى الموقف الحاضر وما يتطلبه من اهتمامنا وإشارة بوجوب الاهتمام باكتساب عناصر جديدة والعمل مع الرفيق صفدي على إزالة موانع اقتراب واتصال الشاعر شفيق معلوف وأخيه إسكندر وغير ذلك. الكتاب فيه لهجة مرة اقتضتها الظروف. وكان الرفيق مسوح قد كتب إليه كتاباً جميلاً جداً حثّه فيه وأرسله بالطيارة.
«جنون الخلود»: تقول إنك اجتمعت بالسيد إسكندر المرّ، وإني أستغرب أنه لم يعد يعرض لأمر طبع كتاب يحوي هذه المقالات، وإنك لم تسأله عما جرى. وقد يكون المرّ راغباً في الاتصال شخصياً بي ولا أعلم. فإذا أمكن معرفة شيء منه قبل مخابرة الرفيق دده يكون أفضل.
دبلوماسية: إذا كان السيد إسكندر المرّ يرغب في أن يكون واسطة بينك وبين القنصل البريطاني، ومن ثم يكون هذا واسطة للاتصال بالسفارة البريطانية، فإنّ ذلك يكون حسناً.
أما مهمتك فتكون:
1 ـ التأكيد للمفوضين البريطانيين أنّ الحركة السورية القومية هي حركة مستقلة وأنها الحركة الوحيدة التي لها قوة فاعة من الداخل (Dinamica)
2 ـ إنّ هذه الحركة المنظمة تقبل المخابرة مع الحكومة البريطانية والمفاوضة لوضع قضية السيادة السورية واستقلال سورية على قواعد ثابتة من الوجهة الإنترناسيونية ولتعيين موقف سورية في هذه الحرب.
3 ـ إنّ هنالك مسائل كمسألة فلسطين ومشكلة الصهيونية، فالحركة السورية القومية لا ترفض البحث لإيجاد حل لهذه المسألة لا يناقض مبدأ السيادة السورية.
4 ـ إنّ المخابرات يمكن أن تجري هنا، أي في أميركا، أو في سورية على أساس موحد من الطرفين بموجب أوراق اعتماد رسمية.
5 ـ إنك بكل سرور تقبل بنقل كل ما يحب الجانب البريطاني إبداءه إلى المختصين، والعمل على إيجاد الاتصال إذا كان الجانب البريطاني يرغب أن يكون من البرازيل.
التنظيم: إنني أنتظر ابتداء هذا الأمر، لأنّ نتائجه تكون كبيرة، خصوصاً من الوجهة السياسية. والذي أراه أنه يجب إرسال برقيات من البرازيل تهنّىء القوميين بخروجهم من السجن هكذا: سأكتبه بالماكنة على ورقة وحدها.
سلامي لك وللرفقاء ولتحيى سورية .

المزيد في هذا القسم: « إلى إميل بندقي إلى وليم بحليس »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.