17/11/1941
رفيقي العزيز وليم بحليس،
تسلمت كتابك المؤرخ في 9 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري وسررت لأنك باشرت العمل في معمل الرفيق فؤاد لطف الله، مع علمي أنّ حظك كان يجب أن يكون أحسن وفي دائرة أوسع تساعدك على استخدام مواهبك، ولكن أحكام الظروف لا مهرب منها أحياناً.
إنّ ما خامرك في أمر منفذية مينس ليس بعيداً عما يوجبه التيقظ وحسن الفطنة. فمنذ مدة وأنا أشعر وألاحظ أنّ موقف المنفّذ العام ليس منطبقاً على الواجب والمنتظر، وأنّ هنالك خللاً في الناحية العملية ونقصاً في الحيوية الروحية لا يتفق مع الاندفاع الأول. وإنّ الرفيق [نجيب] العسراوي ليس كأي من البسطاء فانقطاعه عن الكتابة الأدبية، وتقصيره في إعطاء المساعدة الممكنة لسورية الجديدة وللزوبعة ليسا من الأمور التي يمكن أن تمرّ بي دون أن أراها. ولكني لا أريد أن أظلم أحداً، وأحب أن أمكِّن كل فرد من فرصة يرجع بها إلى نفسه.
في آخر كتاب ورد منه يقول إنه سيأتي إلى سان باولو «بطلب الرفقاء». فعزمه هذا المتأخر عن الفرصة التي كان قدومه فيها يكون مجدياً هو من الأمور الموجبة للحيطة والمراقبة الدقيقة. فيجب أن لا يطّلع على كل شيء وكل ما يجري. ولا بأس من عقد اجتماع في المديرية يحضره ويتكلم فيه إن أحب لنرى ما يكون منه. ولكن يجب أن لا يعرف جميع الأعضاء، ويحسن لفت نظر مدير سان باولو إلى وجود بعض الشكوك. ثم إذا أمكن إيجاد واحد أو اثنين من القوميين يراقبون حركاته وسكناته واتصالاته كان ذلك حسناً، ولكن يجب أن يكون المراقبون من أشد الأعضاء إخلاصاً وكتماناً. ويجب أن لا يتدخل منفّذ مينس في شؤون الفرع الإدارية، لأنّ سان باولو خارجة عن نطاق أعماله، وقد رأيت بناءً على بقائك في سان باولو أن أرفع فرعها إلى درجة منفذية وأن أعيّنك منفّذاً عاماً لفرع الولاية، فتختار من بين الأعضاء من يقدر على وظيفة ناموس ووظيفة ناظر لتشكيل هيئة المنفذية. والقرار أضعه وأرسله مع هذا الكتاب حتى إذا جاء الرفيق العسراوي يكون كل شيء جاهزاً، فتطلعه على القرار وترحب به وتطلعه، بصورة عمومية، على ما يحسن أن يعرفه من نشاط الحركة وتسأله مثل ذلك عن مينس وتسمع ما يقول. وقد تسلمت اليوم كتاباً من الرفيق إدوار سعاده يقول فيه إنه تسلّم كتاباً من منفّذ مينس يخبره فيه بعزمه على القدوم إلى سان باولو قريباً. وقد يكون من المستحسن، لامتحان المنفّذ، أن تتظاهر حين تكون وحدك أمامه بالخشية وعدم الرغبة في إتيان حركة ظاهرة، خوفاً من المراقبة. ويمكن أن يُظهر له المدير شيئاً من ذلك لمعرفة الناحية التي يريد توجيه الأفكار إليها. ويجب أن يفهم، بصورة لطيفة، أنّ منفّذ عام سان باولو يتوقع أن يعرف منه ما هو مبلغ الخطر الذي أخذ علماً به، وكيف كان ذلك، الخ.
أما المذياع العام ناموس مينس فصلاحيته الإذاعية المرتبطة بمرجع أعلى من المنفّذ العام تخوّله تسلّم تعليمات خاصة والعمل بها من الوجهة الإذاعية، وتوجب عليه رفع تقرير مع ملاحظاته إلى عمدة الإذاعة (في هذه الظروف إلى مكتب الزعيم). ثم إنّ اتخاذ المنفّذ العام أي قرار خطير كوقف الأعمال أو الإذاعة أو ما شاكل، يجب أن يكون في جلسة رسمية مع النظار، وبعد سماع أقوالهم وبناءً على إيضاح جميع تفاصيل الأسباب الموجبة وتدوين كل ذلك في وقائع الجلسة، وإلا كان قراره غير ثابت قانوناً ويجوز اعتباره لمدة وجيزة، إذا كانت الضرورة قضت بإصداره بسرعة كلية، ولكن إذا لم يثبت في جلسة ويدخل في وقائعها فقيمته تبطل. ومما يدعوه إلى الحذر هو أنّ منفّذ مينس يقرر القدوم إلى سان باولو، مع أنه يعلن أنه واقع تحت شبهة، وأنّ المراقبة عليه شديدة!
لم أتمكن في المدة الماضية من الكتابة إلى الرفيق إبراهيم [طنوس] وسأكتب إليه في أول فرصة.
نديم عبود: علمت أنه وصل، ولم يتصل بي، ولا أنا حاولت الاتصال به. وسأرى كيف يكون سلوكه.
السيد أنيس الراسي: أعرفه وقد بحثت عنه هنا، فلم أقف له على أثر، ويوجد واسطة سأجربها اليوم عليّ أحطى بمحل إقامته.
الزوبعة: لا يمكنها زيادة صفحاتها وصدورها إلا إذا تهيأ لها رأسمال يمكّنها من ذلك، وقد اضطر إلى ترك المطبعة التي تطبع فيها، وهذه أزمة لأنّ المطابع هنا بيد الأعداء. وكنت كتبت إليك في شأن الحروف والآلة إذا كان الرفيق جورج [بندقي] يريد بيعها أو إبقاءها. فإذا كانت لا تفيده كثيراً ويريد بيع ملاك الحروف فيجب الاهتمام بأمر تحويل هذه الحروف إليّ لاستعمالها في الزوبعة. سأكتب إلى الرفيق فؤاد [لطف الله] بالسرعة الممكنة.
أخبرك أنّ المنفّذ العام للولايات المتحدة [فخري معلوف] قد اتخذ قراراً بتوقيف الرفيق راجي ضاهر عن ممارسة حقوق العضوية. وقد وقفت على الأسباب فإذا هي موجبة وسلوك الرفيق ضاهر الأخير كان فيه تهجّم على شخصية الأمين فخري معلوف وقضيته تنتظر البتّ وتتوقف على تصرّفه المقبل.
إنّ كثيراً من الذين انضموا إلى الحركة يظنون أنّ العمل القومي بكثرة الكلام والآراء والتخيلات وبعدم التقيد بنظام.
أتمنى لك التوفيق، ولتحيى سورية .
بعد: لم تذكر لي إذا كنت أرسلت المبلغ المالي وبعض الكتب مع السيد نديم عبود.
صدر عن مكتب الزعيم، 17/11/1941
مرسوم
حضرة المفوض بتنظيم شؤون سان باولو للقوميين،
سلام سوري قومي،
أبلغكم أنّ زعيم الحزب السوري القومي،
بناءً على المواد الأولى والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة من الدستور،
وبناءً على المواد الأولى والثانية والثالثة من المرسوم الدستوري عدد «2»،
ونظراً لتقدم الأعمال واتساعها في منطقة ولاية سان باولو ولمقتضيات الظروف الحاضرة،
قد رسم ما يلي:
مادة أولى: تلغى المفوضية الإدارية المؤقتة لمنطقة سان باولو.
مادة ثانية: يقال الرفيق، المذياع العام، وليم بحليس من نظارة إذاعة منطقة مينس.
مادة ثالثة: تنشأ في ولاية سان باولو، من أعمال البرازيل، منفذية تضم جميع القوميين القاطنين ضمن الولاية المذكورة وتشمل صلاحياتها الموضحة في المراسيم الدستورية جميع الأعمال السورية القومية داخل حدود الولاية المشار إليها.
مادة رابعة: يعيّن الرفيق وليم بحليس منفّذاً عاماً لمنفذية الحزب السوري القومي في ولاية سان باولو، البرازيل.
مادة خامسة: يبلّغ هذا المرسوم لمن يلزم ويذاع حيث يجب.
فأطلب منكم أن تأخذوا علماً بهذا المرسوم وتباشروا تنفيذ ما توجبه أحكامه وصلاحيات المنفّذ العام. وأهنئكم بالثقة التي حزتموها وأتمنى لكم التوفيق لخير القضية القومية المقدسة.
ولتحيى سورية .