[30/11/1941]
رفيقي العزيز وليم بحليس،
في السابع عشر من هذا الشهر أرسلت إليك كتاباً أوضحت فيه ملاحظاتي التكنيكية على حركات منفّذ مينس، وأعطيت توجيهات بالتدابير التي يجب اتخاذها حين سفره إلى سان باولو الذي أخبرني أنه عازم على تحقيقه قريباً. وأرسلت مع الكتاب تبليغاً رسمياً إليك بإقالتك من وظيفتك في منفذية مينس وتعيينك منفّذاً عاماً لفرع سان باولو. وحتى اليوم لم يردني جواب منك.
وقد تسلمت أول أمس كتاباً من منفّذ مينس بتاريخ 11 نوفمبر/تشرين الثاني الحاضر فيه بيان عن مسألة مراقبة الشرطة السرية السياسية، خلاصته أنّ الرفيق [نجيب] العسراوي عند مروره ببلو أورزنتي وهو في طريقه إلى الريو اتصل تلفونياً بمنزل صديقه الدكتور غبريال باسس، الذي يشغل وظيفة المدعي العام للجمهورية. وسبب الاتصال التمهيد لزيارة له في الريو لطلب مساعدته في مشروع إعادة إصدار سورية الجديدة. وكان الشخص المذكور متغيباً عن بيته وكان جواب من في البيت أنه متغيب عن مركز وظيفته في الريو، وكان الرفيق العسراوي يريد التأكد من وجوده هناك في مركز وظيفته ليزوره. وقد جرى التباس في اسم العسراوي أدى إلى اشتباه الشرطة، إذ يوجد في بلو أورزنتي عسراوي آخر هو عامر العسراوي وهذا ينتمي إلى الحزب «الإنتغرالي». فثارت الريبة في الشرطة وأخذت تحقق في أمر رغبة العسراوي في مقابلة الدكتور باسس، حتى تبيّن أخيراً أنّ نجيب العسراوي هو غير عامر العسراوي ويقول المنفّذ العام لمينس إنّ الغيمة قد انقشعت وستجري المواظبة على الأعمال الحزبية لبلوغ الغاية القومية.
كنت قد كتبت بتاريخ 20 الحاضر بالبريد الجوي إلى منفّذ مينس أخبره أنّ عزمه على السفر إلى سان باولو بناءً على «رغبة بعض الرفقاء» لا ينطبق على الأصول القانونية وأنّ هذه الجملة مبهمة. ولفت نظره إلى حراجة الموقف حسب معلوماته. وبلّغته إنشاء منفذية في سان باولو وإسنادها إليك. وقلت له إذا كان انتقاله إلى سان باولو لأسباب خصوصية فلا مانع، وأوصيت بوجوب التحفظ، وذكرت له أني سأكتب إليه مسهباً بالبريد العادي وسأفعل بين اليوم والغد.
إنّ رواية المنفّذ عن سبب اهتمام الشرطة معقولة ومنطقية، وروحية كتابه جيدة فيها إيمان وعزم. وفي كل حال يجب التحفظ في إبداء المخاوف من المسؤولين تجاه الأعضاء. ولا شك في أنّ أخبار عدم قيام منفّذ مينس بوعده تجاه سورية الجديدة أثّرت في نفسية الرفيق فؤاد لطف الله وزعزعت بعض ثقته. فمثل هذه الأخبار يجب إبقاؤها في الدوائر المسؤولة فقط. وقد يكون سبب تأخّر منفّذ مينس في ضعف الروحية عند الأعضاء وهذا مرض هذا الجيل، الذي يقول كثيراً ويفعل قليلاً.
خذ التدابير اللازمة لتبليغ من يلزم أنّ حكاية مراقبة الحزب هي نتيجة معلومات غير كاملة تبيّن الآن أنها غلط وانجلت تفاصيلها وأنه يجب على القوميين مضاعفة مجهودهم لقضيتهم.
عسى أن تكون والعائلة بخير. ولتحيى سورية .
بعد: اهتديت أمس إلى عنوان السيد أنيس راسي، وفي المساء اتصلت به وزرته في الفندق، وكان على العشاء فتعشيت معه بدون أية كلفة، نظراً لتقديري لأدبه وروحيته الجيدة. وقد بلغني ما حمله الرفقاء من السلام إليّ وخصوصاً الرفيق فؤاد.
إنّ السيد نديم عبود اهتم بالصديق أنيس فأحاطه عدد من الشبان الحمصيين وأكرموه، ومع أنّ الصديق يستحق كل إكرام بروحية جيدة، فالأرجح أنّ الأسباب التجارية هي التي حملت هذه الجماعة على هذه الحفاوة التي لا يظهرونها لأي أديب أو عالم ليس من رجال المال. وأتمنى أن يكون اتصال الصديق السيد راسي بهم لخيره. ولا يجب تجريد الشبان المذكورين من صدق الشعور معه، ولكن شعورهم يأتي عن طريق العلاقات التجارية ومعاملاتها.
سررت جداً باجتماعي بالسيد أنيس الراسي وأسفت لضيق الوقت لأنه يسافر غداً عائداً إلى سان باولو على الباخرة الأميركانية أورغواي. وقد كان مسروراً لتوفقه التجاري الكبير حتى إنه قال لي إنه سيعود بعد وقت غير طويل، ولتحيى سورية .
[غير مؤرخة في الأصل].