صدر عن مكتب الزعيم، 17/5/1942
إلى الرفيق المكلف في تشيلي بهجت بنّوت،
أيها الرفيق العزيز،
تسلمت كتاب التعزية بالرفيق الفقيد المأسوف عليه جبران قندلفت المرسل منك مع اشتراك الرفقاء القوميين في تشيلي، وكان عندي من جملة الكتب والمظاهر القومية التي بردت لوعة الأسف على فقد الرفيق قندلفت الذي كان من الرفقاء النشيطين الجريئين العاملين بإخلاص وتجرّد لنجاح قضيتنا القومية الاجتماعية المقدسة.
إنّ كتابكم دليل من الأدلة العديدة على متانة الرابطة السورية القومية بين جميع المنتمين إلى حركتها، وعلى شدة تمسك القوميين الاجتماعيين بنظامهم وقوة يقينهم بنجاح القضية التي يعملون لها، فأهنئكم جميعاً بهذه الروحية الجميلة الممتازة، وأشكر لكم هذا الاشتراك السامي في الشعور بالخسارة التي ألمّت بأحد فروعنا القوية في المهجر. أطلب منك، أيها الرفيق، تبليغ شعوري وتقديري إلى جميع المشتركين بالتعزية.
رأيت بين أسماء المشتركين في كتاب التعزية اسم السيد جميل شوحي، فهل صار هذا الأديب رفيقاً قومياً؟
قد تكون لاحظت وقرأت في أحد أعداد الزوبعة الأخيرة مقالة بالإسبانية للسيد أنيس شاهين، أحد أفراد عائلة شاهين المعروفة جيداً في سانتياغو تشيلي. إنّ هذا الشاب أظهر حمية شديدة للحركة السورية القومية وفهماً جيداً لنهضتنا القومية الاجتماعية المقدسة. وقد كتب مقالة بالإسبانية نشرتها له جريدة الإصلاح منذ مدة قريبة، وهذا يدل على شدة تحمس المذكور لخدمة قضيتنا، فأطلب منك الاتصال به وتبليغه سلامي، وأن تهتم بالتحدث معه لعله ينضم إلى الرفقاء ويكون عاملاً مفيداً جداً من عدة وجوه.
قرأت في أحد أعداد جريدة الإصلاح الأخير خبراً عن السيد نظير زيتون، الذي كان في سان باولو البرازيل، أنه ذاهب إلى سانتياغو تشيلي بدعوة من السيد إبراهيم عطاالله، فأطلب منك الاطلاع على مقاصد هذا الشخص الذي لم يكن له استقرار في أفكاره السياسية أو القومية، فكان من قبل راضياً عن الاحتلال الأجنبي، ثم صار استقلالياً بدون تعيين هدف، وجارى الدعاوات العروبية مدة طويلة حتى ظهور سورية الجديدة في سان باولو فحاول أن يقاومها في جريدة فتى لبنان التي كان يعمل محرراً فيها، ولكنه وجد أخيراً من مصلحته عدم المقاومة والمسايرة، حتى إنه تظاهر بالموافقة والتأييد للحركة السورية القومية. وبقي موقفه عند هذا الحد، والظاهر أنه لا يعمل إلا لمصلحة ذاته الخصوصية. هذه المعلومات يجب أن لا تتسرب منك إلى أحد كأنها واردة إليك مني، وفي كل حال يجب أن تراقب أولاً حركات هذا الشخص، وأن تطلب من جميع الرفقاء مراقبته ومراقبة حركاته قبل اتخاذ أي خطة في صدده، وأريد أن تخبرني في الحال بكل ما يبلغك من حركات هذا الشخص.
كان السيد أنطون باشي رغّبني سنة 1940 بزيارة تشيلي والتعرف إلى الجالية فيها، ولكنني لم أجد في ذلك الوقت فرصة مناسبة لأنني لم أكن قد حزت تذكرة الهوية بإثبات إقامتي في الأرجنتين، وكان جواز سفري قد انتهت مدته. أما الآن فقد حزت تذكرة الهوية وثبتت إقامتي في الأرجنتين على أنّ جواز سفري لم يجدد، وكنت موقناً أنّ القنصلية الفرنسية هنا لا تجدده لي نظراً لموقف حكومة فرنسة مني، فإذا أمكن أن أسافر إلى تشيلي بمجرّد ورقة الهوية فإني لا أجد مانعاً في هذه الظروف من القيام بزيارة للجالية في تشيلي، خصوصاً للتعرف إلى الرفقاء الجدد وتنظيم أعمالهم. وهذا أيضاً خبر أريد أن لا تذيعه، ولكن يحسن أن تجسّ النبض مع بعض الأشخاص كالسيد جميل شوحي والسيد جبران عطاالله والشاب أنيس شاهين، وتقول إنّ هذه فكرة خطرت لك أنت ولكنك تعلم الصعوبات التي عرضت للزعيم في الأرجنتين، وتعلم أمر جواز سفره حتى إذا أمكن السعي هناك للحصول على ترخيص لي للسفر لتشيلي يكون ذلك موافقاً جداً. وسأرى إذا كان ممكناً تمديد جواز سفري هنا، فإذا أمكن ذلك صار بإمكاني تعيين وقت سفري ومدة زيارتي. أكرر تعليماتي بوجوب كتمان هذه الأمور والطلب من الذين تتصل بهم بهذا الشأن أن يكتموه أيضاً، أطلب الجواب بما أمكن من السرعة. ولتحيى سورية .
ملاحظة هامّة: بعد اطلاعك على هذا الكتاب والعمل بموجب تعليماته تعيده إليّ في أول بريد.