24/10/1942
إلى الرفيق الشيخ نعمان ضو،
رفيقي العزيز،
تسلمت كتابك الأخير المؤرخ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الحاضر ومعه مقالتك وقصيدة جديدة جيدة1. وقد سررت بالاطمئنان عنك وعن عائلتك المصونة. لا أستغرب حصول بعض الهواجس لك، فإنّ الروابط الروحية الموجودة بيننا من مدة التي تزداد توثقاً مع الأيام وباختبارات المشتركة تجعل شعورنا المشترك ينمو ويشتد.
إنّ أمر الطبيب محمود وشركائه قد وقف، فيما يختص بي، عند الحد الذي ذكرته لك في كتابي السابق. أما فيما يتعلق بالدكتور محمود نفسه فهو يزداد تورطاً، الأمر الذي يدل على ضعف رأيه وانحلال عزيمته. وآخر ما بلغني عنه أنه تشاجر للمرة الثانية مع «المهندس» وانسحب وذهب إلى منزله على أن لا يعود. ولكن «المهندس» الأحول دبّر المسألة وأرسل شريكه الطبيب ليسترضي الطبيب محمود فرضِي وعاد إليهم ليستخدموه من جديد للنصب على النزالة السورية. أقول للنصب، بصريح العبارة، لأنّ هذا هو الواقع. والطبيب محمود يعرف ذلك ويزعم أنه كان يعرفه من الأول. وهذه المعرفة التي صرّح لي بها الدكتور محمود حين زارني تلك الزيارة برفقة فخر الدين دبدوب تجعله تحت مسؤولية معنوية كبيرة. فهو كاد يورطك أنت ويورطني أنا في عمل له عواقبه. لقد قال لي الدكتور محمود في الزيارة المذكورة: «إني كنت أعلم أنّ المسألة كلها تدجيل. وقد سألني أنريكي (الأحول) والدكتور مويانو لماذا لم أقل شيئاً، حين زرنا جبران مسوح. فقلت لهما إني لم أجد ما أقوله بعد الذي قلتماه». ثم زاد مخاطباً إياي أمام فخر الدين «إني لم أشأ أن أقول شيئاً لأنّ وجداني منعني من تهوير إبن وطني، لأني علمت أنّ المسألة كلها كذب ونفاق ولم يطاوعني ضميري على جرّ جبران مسوح إلى هذه الورطة». هذا كلام الدكتور محمود بمعناه الحرفي تقريباً. فسمعت له ولم أناقشه ولم أسأله لماذا اجتمع بك بعد زيارة جبران مسوح وحسّن لك نقل جبران مسوح إلى ذلك المصح الخالي من المعدات والذي يقوم به دجالان، ولماذا لم يصارحك الأمر، ولماذا لم يصارحني أنا نفسي بعد ذلك، ولماذا وضع نفسه واسطة ليسحب «الأحول» مني مالاً، وغير ذلك من الأسئلة الكثيرة التي يمكن توجيهها إلى الدكتور محمود بسبب تصرّفه. وبعد أن وعدني الدكتور محمود في الزيارة المشار إليها بالاتصال بي دائماً للسير يداً واحدة في معالجة الموقف انقطع عن زيارتي وظلّ يراسلك ويراسل غيرك طالباً المساعدة لتحصيل شهادة مربوطة بوعود لا يعلم صحتها غير الله، ويشكّ فيها كثيراً الطبيب محمود نفسه. الخلاصة إنّ تصرّف الطبيب محمود لم يكن مستقيماً كما كان يجب. ولا أظن أنه لا يزال منخدعاً «بأصدقائه» العروبيين فهو يقول عنهم إنهم كذابون ودجالون. فالطبيب محمود ضعيف الإرادة وفاقد الثقة بنفسه وبكل شيء. وفخر الدين أيضاً كان وعد بالانضمام إلى الحركة ووعد بزيارة قريبة صار يؤجلها المرّة بعد المرّة، وهو أيضاً ضحية وعود «المهندس».
كنت مسروراً جداً بسعيك للقدوم إلى بوينس آيرس، وكم أود أن تتمكن من المجيء إلى هذه المدينة، لأنّ وجودك هنا كان يفيد كثيراً في أوساطها، فضلاً عن سرور الاستئناس بك.
أبشرك بانضمام السيد بشير على خفاجة والسيد عيسى جبرين وغيرهما من خونين إلى الحركة القومية الاجتماعية. والرفيق بشير علي خفاجة هو من المناصف على ما ذكر لي. وهو شهم وقد كتب إليّ. ونفوذه كبير في خونين ونواحيها فهو صاحب خط أمنيبوس بين مدينتين، وله شركة ومعامل توليد كهرباء.
في هذه العاصمة كان قد تعرّف إلى شخص يدعى السيد يوسف توبل[....] وهو محمدي من يبرود. وقد صار رئيساً للجمعية اليبرودية. أحب الفكرة[....] بنيّة حسنة وتردد إليّ ووعد بتهيئة الأمور في جمعيته لإحداث تطوير في الموقف والاتجاه. ولكني أشعر انه فتر في المدة الأخيرة ولعل الموسوسين تمكنوا من التأثير عليه بعض التأثير، وسنرى ما يكون. الرجل أعجبني بصراحته ورجولته، وسأتأسف إذا تمكنوا من إفساده.
الرفيق جبران مسوح يتحسن باطراد وقد كتب بضعة مقالات مؤخراً، وأظن أنه سيجيء إلى بوينس آيرس قريباً، فيبقى نحو شهر، ثم يعود إلى توكومان، ويتردد بعد ذلك على هذه المدينة.
إذا أمكن السعي بإقامة حفلة غنائية في مندوسة أو أكثر من حفلة لتغنّي فدوى قربان فخابرني لنهيّىء منهاجاً، فتربح السيدة المذكورة ما تستحق، ويكون الريع للحركة القومية الاجتماعية. وإذا أمكنك أنت تعهّد ذلك يكون أفضل.
تلذذنا كثيراً بالعسل بشهده والزبيب والتين الذي أرسلته هدية فاقبل شكرنا. صفية ووالدتها بخير وصحة حسنة، وهما تشتركان معي في إهدائك وهند والعائلة السلام، ولتحيى سورية .