إلى جبران مسوح

10/5/1943


إلى الرفيق جبران مسوح
توكومان
رفيقي العزيز،
تسلمت كتبك الأخيرة، وهي أربعة: أولها في أول مايو/أيار تاريخه وآخرها في 7 مايو/أيار الحاضر وقد تسلمته أمس. ومع هذه الكتب تسلمت ثلاث بطاقات انضمام وصكّين على البنك الواحد بمبلغ 51 فاس والثاني بمبلغ 20.
إنّ هذه النتائج حسنة جداً، خصوصاً ما تعلق بانضمام العناصر الجديدة السليمة، التي أعتقد أنها تعطي نتيجة جيدة إذا قوّينا نفوسها ومناقبها وأبقيناها منعزلة عن ذوي النفوس المريضة. والأفضل أن يبقى هؤلاء متكتمين ولا يعلم جميع الناس في اليوم التالي أنهم دخلوا، فهذا يضر المصلحة، ولذلك أوصيك وأطلب أن توصي جميع الرفقاء بوجوب كتمان خبر دخول كل عضو جديد عن جميع الناس وعن الأعضاء المشبوهين مثل توفيق سعاده وأمثاله، وأن تبقى اجتماعاتكم سرية، وإذا أمكن عقدها في غير منزلك يكون أفضل، لتبقى بعيدة عن مراقبة بلوميا ولوريس وأمين. وهذا احتياط ضروري الآن. وإذا بلغكم أنّ ما يجري في الاجتماعات يعرف في الخارج وجب التشديد في معرفة من أين صدر الخبر، وعزل كل عضو مشتبه به حتى يقوم النظام وترسخ الأخلاق. والذين ينضمون يجب أن يوصّوا بعدم إذاعة خبر انضمامهم، وأن يعملوا بحكمة وروية، ويستقصوا الأخبار ويستطلعوا نيات الأعداء والمنافقين والمراوغين.
سررت بكتاب الرفيق نسيم خزامة إليك وبما ضمنه من حقيقة روحية، وأعتقد أنك ستتوفق في سانتياغو.
زيارة الرفيق صبري عبد الخليل التي استمرت نحو ست ساعات كانت مفيدة جداً وأدخلتني إلى نفسية هذا الرفيق. إنّ مشاكلة معقدة نوعاً. أظن أنه سيكون مفيداً بعد التغلب عليها. وقد ابتدأ يهتم الآن وسيكون لاهتمامه تأثير. وإذا كان إخلاصه كلياً فينتظر منه نتائج كبيرة جيدة.
الرفيق عبد الله كاتربونا: قد قام باختبارات كثيرة في المدة الماضية ولعلها كانت مفيدة له في اختبار البيئة وفي تثبيته في العقيدة والنظام. لا مانع من حضوره الاجتماعات. ولكن استدعه أولاً وأفهمه أهمية النظام والتقيد به بكل دقة، وقل له إننا كنا نراقب جولاته وحركاته بتساهل ليختبر بنفسه، ولكننا لن نتساهل بعد الآن، فإما أن يكون معنا بكلّيته وإما أن يبقى على الحياد. وأخبره أنّ دعوته إلى الاجتماعات من جديد ليس معناها أنه سيمكنه أن يغيب في المستقبل عن النظام، كما غاب في الماضي، ثم يعود إلى نطاق النظام متى شاء. هي فرصة يجب أن يعرف قيمتها.
توفيق سعاده: يهمل ويقاطع بالأخبار، لأنه مشتبه بإخلاصه وتصرّفه النظامي وصلاته. ولا تعد إلى معالجته فلا فائدة، لأنه مفلوج الروح والإرادة وفصوله الماضية توضح داخلية نفسيته. هو آلة تسيطر عليها المادة. ويجب أن يفهم الأعضاء الجدد حالة أمثال توفيق سعاده، ويكون ذلك بجلوسك مع كل واحد منهم على حدة فتحدّثه وتوضح له الموقف وتوصيه بالكتمان، لأنه يجب أن لا يحدث لغط في هذه الأمور.
الزوبعة: لم يقم فيليب بوعده معناه وقد خسرنا أسبوعاً كاملاً من جراء ذلك. أخيراً اتفقت مع صاحب المطبعة على العمل تحت إشرافه. ونظراً لانهماكه بتغيير المطبعة لم نتمكن من العمل غير يوم الجمعة. فدشنت العمل على اللينتيب بنفسي. فصببت نحو ستة أسطر تحت إشراف صاحب المطبعة ثم سلّمت العمل لسامرجي، وبعد الظهر عدت إلى العمل وأشرفت على تمرن الرفيق إسكندر مسوح الذي صف نحو عشرة أسطر، ونتيجة العمل ذلك اليوم كانت مئة سطر صبها سامرجي، وخمسين سطراً صببتها أنا، وعشرة صبها إسكندر، وقد جرت حوادث حالت دون العمل باستمرار. ولم يمكن أن نبتدىء قبل الساعة الحادية عشرة. والآن ننتظر دورنا يوم الخميس المقبل.
وقد تبيّن من العمل أني أسرع العاملين السيد سامرجي، الذي لا أعرف إذا كان يستحق لقب الرفيق، لا يحسن اللغة ويجب أن يتعلم قراءة خطي أولاً، فهو بطيء وفي شك من بعض الكلمات. والرفيق إسكندر بطيء التعلم ولا يزال في البدء. أما أنا فقد حفظت الحركات من المرّة الأولى وحفظت مراكز الأحرف وصرت أسرع في تركيب الكلمات والأسطر. سأرى إذا كنا ننهي الأربع صفحات الأولى يوم الخميس ويوم الجمعة القادمين. وفي كل حال قد بدأنا العمل.
إنّ وجودك في توكومان لم يؤخر شيئاً في العمل. ولكن عودتك القريبة تكون لازمة لمسائل كثيرة.
أرسل إليك مع هذا الكتاب قصاصة من جريدة لا ناسيون تثبت عودة الملاحة بين أسوج والأرجنتين، وكتاباً من السيد زكي زمار. وقد قبضت الصكّ المرسل منه.
أتمنى أن تكون بخير. اقبل سلامي وسلام جولييت وصفية. ولتحيى سورية .

المزيد في هذا القسم: « إلى نعمان ضو إلى جبران مسوح »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.