17/5/1943
إلى الرفيق جبران مسوح
توكومان
رفيقي العزيز،
إنّ عدد الزوبعة الموجود الآن تحت الطبع سيكون تاريخياً أكثر مما ظُن في البدء. أظن أنّ أسطره كلها تقريباً ستكون من عملي. يوم الخميس الماضي نزلت إلى المطبعة وكنت هناك نحو الساعة العاشرة. كان الرفيق إسكندر [مسوح] سبقني وحمّى اللينتيب وبينما أنا أَهِمّ بالعمل اتصل سامرجي بالمطبعة تلفونيّاً وطلب التكلم معي. سألني إذا كان يقدر أن يجيء، قلت له الماكنة جاهزة وإني سأباشر العمل، قال إنه يجيء بعد ساعة. ثم جاء قرب الظهر. كنت قد عملت شيئاً قليلاً وتأخرت بسبب خلل طرأ من عدم الاختبار، على الأجح، وقد سررت به لأني أصلحته بنفسي وزدت اختباري. ولما جاء سامرجي كنت متابعاً العمل وأريد أن أزيد تمرني. فانتظر ثم أخذ يتململ فسلمته مكاني نحو الساعة الواحدة والنصف ولم يعمل إلا قليلاً حتى جرى توقف آخر للآلة فساعدت في اكتشافه وأنا الذي لاحظت موضع الخلل فأصلحناه. وجاء في هذا الوقت عامل لجريدة كرواتية وكان يريد أن يعمل على الآلة لتصليح مسودات جريدته وصب أسطر ناقصة لها. هذا ليس وقته ولكن صاحب المطبعة أجاز ذلك نظراً للتأخر الذي جرى بسبب تغيير آلة الطبع ولأننا نحن متأخرون كثيراً. فقال سامرجي إنه سيذهب إلى البيت لأنه يذهب إلى العمل الساعة 18.00. قلت حسناً وأشرت عليه بالقدوم يوم الجمعة فيعمل كل الوقت وكلفته المجيء باكراً. أما أنا فعدت نحو الساعة 18 فوجدت العامل الكرواتي قد فرغ فتسلمت موضعه وعملت حتى الساعة العشرين وأكملت نحو سبعين سطراً وكان عملي بطيئاً ومنتظماً.
في اليوم التالي، أي الجمعة، نزلت إلى المطبعة وأنا عالم أنّ صاحب المطبعة سيعمل بنفسه في الصباح لجريدته هو. فسألت عن سامرجي فقيل إنه لم يأتِ ولم يتكلم بالتلفون. فذهبت إلى ناشنل فايغر لأفحص عن لينتيب وغيره ثم عدت عند الظهر لأخبر عن سامرجي. كنت خاطبت مركزه بالتلفون وتركت له خبراً وطلب حضوره الساعة الثالثة عشرة. ولكن لم يفد.
الساعة الثالثة عشرة سلمني صاحب المطبعة اللينتيب فعملت حتى الساعة السادسة مساءً وأكملت صب نحو 240 سطراً. هذا تقدم جيد. ولم يحدث خلل قط. وعاودت العمل الساعة العاشرة صباحاً من يوم السبت حتى الساعة الثالثة عشرة فأكملت نحو 150 سطراً. وإني أنتظر مجيء الخميس القادم لأتابع العمل.
سامرجي يظن أنه يحق له أن يغضب وأني سأضطر لمراضاته. إنه غلطان. أنا أردت التمرن تلافياً لما قد يحدث في المستقبل. فهو يعمل الآن في الشركة ليلاً وغداً قد تطلب منه الشركة العمل في النهار فلا يكون له الوقت الكافي للقيام بالواجب وأنا لا أريد الرجوع إلى الوراء. سأستغني عنه وأقوم بنفسي بما يجب إلى أن يكون تمرن إسكندر وصار يعتمد عليه. إنه لم يتمرن كثيراً حتى الآن لأنه يجب إصدار العدد أولاً. هو بطيء في التعلم واستعمال أصابعه على اللينتيب ويحتاج وقتاً أطول ليتعلم. مع ذلك سمحت له بصب بعض السطور وسأسمح له بالتمرن في فترة الظهر يوم الخميس. أعتقد أنه صار جاهزاً عندنا نحو صفحتين ونصف ويمكن إكمال صفحتين يوم الخميس والجمعة المقبلين ونطبع الأربع صفحات الأولى. ويمكن إصدار العدد في أواخر هذا الشهر أو أوائل الشهر القادم ويكون 12 صفحة.
سررت بالأخبار الواردة في كتابيك الأخيرين المؤرخين في 12 و14 مايو/أيار الحاضر. إلا أني غير مقتنع بإمكان الاعتماد على وعود الرفيق ضرغام فارس بتأدية الواجب الإداري والقيام بمهام وظيفته ولا أرى مندوحة عن تغييره. ويبدو لي أن أعيّن الرفيق فوزي خزامي مديراً فهو شاب رصين يعرف الواجب ويشعر بالمسؤولية. ولكني كنت أنتظر قدومك لأستطلع طلع الحالة منك ولا أدري كم يطول غيابك.
مطبعة حيدر أصبحت في طور الإخفاق التام. وقد أخرج السيد أحمد عبود منها. وكان العمل حتى الآن إنفاق رأسمال وخسارة وقت. ويحتمل أو يرجح أن تُعرض المطبعة للبيع قريباً. توفيق بونادر وجّه سؤالاً إلى الرفيق جواد هو «هل يقبل الزعيم أن يشاركني في مطبعة؟» ويظهر أنه وقف على حالة مطبعة حيدر وقرب انهيارها.
إني أرى فرصة مقبلة. وإذا أمكن انتهازها فهذه المطبعة ستكون لنا. إنهم قد أجروا فيها تحسينات وأضافوا إليها آلات مينرفا ومقصات وأدوات أُخرى وصار ثمنها أكثر. ولكن إذا كان التقسيط جيداً ووجد من يشتري بعض الماكنات التي لا تلزمنا في بادىء الأمر فقد يتيسّر العمل. أظن أنّ الأمر لا يطول حتى يرد شيء من أميركانية والمكسيك. ومن البرازيل يمكن ورود شيء فقد تسلمت منذ ثلاثة أيام برقية من [وليم] بحليس بأنه حاز رخصة بتصدير مجموعة أمهات سورية الجديدة ويسألني في التصدير فأبرقت إليه أنّ العجلة في إرسال مال أكثر وأخبرته أنه صار عندنا مجموعة جسم 18.
إذا أكمل أهل كوردبة تبرعاتهم وجرى تبرع جدّي في سانتياغو فلا يبعد أن يتجمع مبلغ يساعد على شراء مطبعة.
ملوحي سافر بلا وداع. زارني أمس الرفيق ميكال ملحم.
أكرر وجوب التكتم تجاه المشبوهين وتحذير جميع الرفقاء منهم ومن إفشاء معلومات الاجتماعات إليهم.
أتمنى أن تكون بخير. ولتحيى سورية .