إلى نعمان ضو

توكومان، 2/1/1944


إلى الرفيق نعمان ضو
كوسيتي ـــ سان خوان
رفيقي العزيز،
لعلك لا تتوقع أن يكون كتابي هذا إليك من مدينة توكومان. ومع أنّ هذه هي الحقيقة، فقد عدت إلى بوينس آيرس، وهناك تسلمت كتابك وهديتك التي ذكّرتني ببعلبك ودمشق، ثم رجعت إلى توكومان لأسباب هي مفاجأة لكثيرين، هي أني قررت عقد شركة صناعية تجارية مع الرفيق محمد إبراهيم الكردي! هذا الرفيق، على بساطة طبيعته وقلّة علومه، هو من أصحاب الأدمغة النيّرة والذكاء الفاعل. وقد اكتشفت في سفرتي الماضية أنه مخترع تركيب مواد لصنع ألواح لسقوف البيوت. ولما أظهر لي نوع اختراعه قدّرت في الحال أهمية العمل، فسألته إذا كان قد اتفق مع أحد على استثمار الاختراع، فقال إنه تقدّم إليه البعض ولكنه لم يكن قد بتّ مع أحد. فعرضت عليه، بين الجد والمزاح، أن أكون شريكه فقبل وعقدنا الأكف. فأتممت العمل الحزبي وقفلت إلى بوينس آيرس، حيث اجتمعت بابن حمي جورج [المير] وأوقفته على المشروع وعلى عزمي في صدده، فاستحسنه وعرض عليّ مساعدته المادية لتحقيق المشروع. فعدت للحال إلى توكومان. وثاني يوم وصولي دلّوني على محل في شارع مايفو صالح لإنشاء المصنع فجزمت باستئجاره، وقد تمّ الاستئجار في أوائل الأسبوع الماضي. وغداً أو بعد غد يتم عقد الشركة عند كاتب العدل. ثم يأتي دور طلب الآلات وإعداد العدد واللوازم للعمل والبحث عن منزل صالح لسكن العائلة، ثم نقل العائلة إلى توكومان. هذا التغيير جرى بسرعة البرق وهو عائد إلى سرعة جزمي في الأمر وسرعة عملي.
إني مسرور ومتأسف معاً، مسرور لأني سأكون أقدر على صيانة كرامتي وعلى تعزيز الحركة القومية الاجتماعية مادياً. ومتأسف لأني سأحتاج إلى تحويل بعض قواي ومجهودي إلى الأعمال الصناعية والتجارية، التي كان يجب أن يكون الزعيم في غنى عنها لو كان هذا الجيل يعرف واجباته. إني انتظرت أربع سنوات طويلة، أو خمس سنوات، في المغترب لأجد فرصة تمكنني من إظهار ما أقدر على فعله سياسياً وحربياً في سبيل قضية أمتي ووطني، ولكن النتائج كانت على ما تعلم. وقد تكون هذه الخطوة الجديدة أفضل خطة لتغيير مجرى الأمور.
لم أجد عند عودتي إلى بوينس آيرس الاهتمام الذي كنت أتوقعه من بعض الرفقاء. الرفيق خليل الشيخ اختلف مع أبيه وانفصل عنه. الأسباب عديدة أهمها عزم الرفيق على الاقتران بأخت زوجته المتوفاة من مدة وعدم رضى أبيه وأخيه عن ذلك. ثم ازدادت شقة الخلاف بظهور فساد عقلية أبيه في ما يختص بالعمل القومي. وقد تزوج هذا الرفيق في أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي حين كنت في بوينس آيرس، وأخبار المنفذية هنك تقول إنهم لمّا يقفوا له على أثر. وصبري عبد الخليل قد ظهر أنه مستعد لتضحية مصالح الحزب كلما كان ذلك مفيدا لمصالحه ومنافعه. ولا أستغرب ذلك نظراً لسيرة هذا الرجل السابقة. وهو الآن له خليلة يريد أن يترك عائلته ليعيش معها. وهو لذلك دائم القدح في امرأته واللوم لها.
باقي الرفقاء في بوينس آيرس جيدون، وقد تقدمت الحالة وجرى مؤخراً بعض الإقبال بسبب حفلة 16 نوفمبر/تشرين الثاني. سأوجه عنايتي مدة من الزمن لتثبيت المشروع وضبط العمل الذي أقدّر له أرباحاً جيدة. ومع ذلك لن أغفل شؤون القضية الهامّة التي يليق بالزعيم تناولها.
لا أكتب إليك الآن أكثر من كل هذه الأمور. وسأرى ما يجيء به المستقبل.
أتمنى أن تكون وعائلتك الكريمة بخير، وأن يكون موسم السنة كما تحب. سلامي لك وللعائلة. ولتحيى سورية.
بعد: لا أظن أنّ قدوم عائلتي يكون قبل فبراير/شباط.
اكتب إليّ إلى توكومان على هذا العنوان:
Junin, 597
Tucuman
المحل الذي استأجرناه وسنبدأ بإصلاحه في هذا الأسبوع واقع في شارع:
Maipu, 451 al 455
Tucman
وهو أيضاً سيكون صالحاً لقبول الرسائل في الأسبوع القادم.

 

المزيد في هذا القسم: « إلى جبران مسوح إلى يعقوب ناصيف »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.