إلى يعقوب ناصيف

 توكومان، 2/6/1944


إلى الرفيق يعقوب ناصيف
خوخوي
أيها الرفيق العزيز،
تسلمت من أيام كتابك المؤرخ في 18 مايو/أيار الماضي، ومعه المقالة الثانية بعنوان «عصابة الاحتيال»1.
المقالة نظرت فيها وأبقيتها على حالها، وإن كنت أرى أنّ ملحق الفطرة الإسلامية الذي تشير إليه ليس من صنع الرحال بل من صنع المدعو خالد أديب الذي حل محل الرحال، أو سلبه مركزه في إنشاء جريدة الفطرة. وفي كل حال فإني لم أطّلع على الملحق المذكور ولا اهتممت له.
سررت كثيراً بالروحية التي تشير رسالتك إلى أنها متجلية في الرفقاء والذين على أهبة اعتناق عقيدتنا في خوخوي. وإني أقدّر هذه العواطف السامية حق قدرها. ولولا كثرة المشاكل التي انتابتني منذ قدومي إلى توكومان لكنت أظهرت تقديري للمذكورين شخصياً. فأكلّفك تبليغهم ثنائي وتقديري وأسفي لعدم تمكّني من تحقيق رغبتي في زيارة خوخوي في القريب العاجل. المشاكل ازدادت في المدة الأخيرة ازدياداً عظيماً، وآخرها كان هجوم ناكر الجميل المدعو إبراهيم الكردي على الزعيم، وهو داخل إلى الدار المستأجرة للصناعة التي يأذن الزعيم من كرم أخلاقه للكردي المذكور في الإقامة فيها مجاناً، للغدر به!
تعلم أني كنت عقدت شركة صناعية مع هذا الأثيم، على شرط أن يقدم «امتياز اختراع». وأخيراً تبيّن لدى دائرة الامتيازات في بوينس آيرس أن لا اختراع هناك. وبدلاً من أن يشكر الكردي ثقة الزعيم، ويظهر ندمه على ما كلّفه من نفقة وخسارة، أخذ يدّعي الدعاوى الباطلة، وأخيراً رأى أنه لا مفر له من الحق فأمضى عقداً خصوصياً بيني وبينه بفسخ الشركة واعتبار العقد ملغى. ومنذ أيام ظهر لي من سوء نيّته ما جعلني أؤنبه حتى إنه قرر مغادرة المكان، ولكن تعمّد الشر وحاول الغدر بي وأنا داخل إلى دار الصناعة المقبلة. ومع كل غدره وضخامة جثته تمكنت من لف زندي الأيمن على عنقه وجرّه إلى الخارج. وأدى الأمر إلى تدخّل الشرطة الذين له بينهم أصدقاء. وهو الآن دائب على استنباط أسباب الانزعاجات وسيقلقني ويكلّفني التخلص منه قدر ما أقلقني وكلّفني الاحتفاظ به!
الأغرب من أمر الكردي أمر الجماعة السورية هنا التي أظهرت من حطة الأخلاق وفساد المناقب ما يندر مثيله. ولا أستثني الذين ادّعوا أنهم قوميون، إلا الرفيق جبران مسوح والرفيق أحمد قلبقجي والرفيق نديم عاقل والرفيقة نبيهة الشيخ أنطكلي، والرفيق إلياس أنطكلي زوجها الذي بقي موالياً للزعيم. والباقون أخذوا جانب الكردي وانحازوا إلى أعداء الزعيم وأهل الرجعة والنفاق!
عندما وجدت أمر الصناعة صعباً لم أرجع عنه، وتابعت الدرس والاستنباط حتى توصلت إلى حلول جيدة وتوفقت إلى آراء مفيدة. ولكني رأيت الاحتياط ضد غدر الزمان. وهذا دفعني إلى الاشتراك في محل الرفيق جبران مسوح التجاري. فقد تشاركنا بصورة خصوصية وسيجري عقد الشركة بيننا في أوائل الأسبوع القادم واسم شركتنا «سعاده ومسوح» للتجارة في الورق ولوازم المكاتب والمدارس وغيرها. ويمكن أن أسافر إلى بوينس آيرس قريباً للتعرف على المحلات الرئيسية التي نتعامل معها ولشراء بضائع للمحل.
هذه لمحة صغيرة من المشاكل التي اعترضتني مؤخراً. ولكني آمل أن تزول وإن كلّفت كثيراً. ومتى ثبتّ أعمالي التجارية فيمكن حينئذٍ أن أفكر في التجول لزيارة الرفقاء.
مقالتك ستسافر غداً إلى بوينس آيرس.
سلامي القومي لك ولأنجالك وبقية عائلتك وللرفيق سعيد [جرجس سمعان] والرفيق منير [ديب] وبقية الرفقاء. ولتحيى سورية .

 

المزيد في هذا القسم: « إلى نعمان ضو إلى يعقوب ناصيف »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.