إلى ناموس منفذية المكسيك

29/11/1945


بسرور كثير وشوق شديد تلقيت كتابكم المؤرخ في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد أن كانت رسائل فرع الحركة السورية القومية الاجتماعية في المكسيك قد انقطعت بعد أن كانت متقطعة. وقد سرّني بنوع خاص نشاط الرفقاء من عقال الخمول.
أتناول مباشرة النقاط الواردة في كتابكم موجهة إليّ:
1 ـ قضية حضرة المنفّذ العام لمنفذية المكسيك، حتى الآن لمّا أقف على شيء منها لأنّ الرسالة السابقة التي تشيرون إليها وتقولون إنكم أرسلتموها في السادس عشر من أغسطس/آب الماضي لم تصل إليّ. فإذا كنتم قد أرسلتموها مسجلة على صندوق بريد الزوبعة فتكون إدارة البريد في بوينس آيرس محتفظة بها إلى أن أطلبها شخصياً منها، وقد وجهت كتاباً إلى مدير البريد طالباً تحويل الرسائل المسجلة إليّ إلى توكومان فعسى أن أتسلّم في جملتها كتابكم الصادر عن المنفذية في 16 أغسطس/آب. وفي كل حال أطلب منكم إرسال كتاب مفصّل في أمر المنفّذ العام والقضية التي تشيرون إليها.
2 ـ إنّ اضطراري للعمل التجاري للقيام بأود عائلتي وحفظ كرامتي في وسط فاسد جداً من الجيل المنحط من شعبنا، يزيد في صعوبات عمل مكتب الزعيم الخالي من كتّاب ونسّاخ ومسجّلين وبقية ما تحتاج إليه أعمال هذا المكتب القائم بأعباء قضية معقدة، كثيرة المشاكل، كما هي قضية نهضة أمتنا. وقد كنت رجوت، حين أقدمت على العمل التجاري، أن أجد من المدعو جبران مسوح تعاوناً مخلصاً لفائدة الحركة، فأدخلته شريكاً معي بلا رأسمال وعيّنت له معاشاً، وعاهدته على عشرين في المئة من الأرباح، وأقمته على المحل ووعظته على أن يُخلص ليكون نجاح المحل التجاري عوناً مادياً لأعمال مكتب الزعيم وإدارة جريدة الزوبعة، ولكن نفس الشخص المذكور الشريرة أبت إلا الخيانة والغدر. ولولا تنبّهي السريع لاحتياله لكنت وقعت في مصيبة مادية ومعنوية كبيرة. ولو أنه أخلص العمل لكان أمكنني تحقيق فكرة زيارة المكسيك وأميركا كما كنت قد قررت في أوائل سنة 1944. وكان من وراء غدر المدعو جبران مسوح أنّ المحل خسر رأسماله في نحو ستة أشهر، بما في ذلك الأرباح، واضطررت للاستيلاء عليه وفسخ الشركة، والمحل تحت عجز تجاه الدائنين، فسعيت سعياً حثيثاً وعملت وساعدتني زوجتي طوال هذه السنة عملاً شاقاً متواصلاً، فأنقذنا الموقف وثبّتنا أساس المحل التجاري، وإني الآن في حالة تقويم ويلوح أنّ المحل قد ربح ربحاً قليلاً يساعده على استقبال السنة القادمة بقوة أكبر. وإذا كان سير السنة المقبلة كما أتوقع فسأتحرّر من بعض القيود والعراقيل المادية، وأتمكن بالاعتماد على عملي من تأمين صدور الزوبعة في أوقاتها، وتعيين مدبّر شؤون لها بأجرة ويكون مسؤولاً عن ضبط سجلاتها وتوزيعها والاهتمام بشؤونها المكتبية والطباعية، ويصير لي متسع من الوقت للاهتمام بشؤون مكتب الزعامة والقضايا الواردة إليه. وكل ما يمكنني قوله في صدد الدعاوة لقضيتنا هو أن تسترشدوا بما نشر في عدد الزوبعة الأخير والأعداد الماضية، وأرجو أن يصدر عدد جديد قريباً يحمل إليكم نظرات وتوجيهات مفيدة للعمل القومي.
3 ـ هذه النقطة «المتعلقة» بالزوبعة مشروحة فوق.
4 ـ أرجو أن تعود مجلة لا تمبستاد لأنها تفيد الحركة في المكسيك وبقية الأقطار الإسبانية اللغة. ولا بد لي من إبداء الملاحظة أنّ المجلة لم تكن دائماً في الماضي معبّرة عن الفكرة السورية القومية الاجتماعية في منشوراتها، بل كانت أحياناً تشذ عن هذه الفكرة وكنت قد لفتّ نظر المنفّذ العام إلى ذلك.
5 ـ في ما يختص بسفير لبنان في أميركانية الدكتور شارل مالك يجب أن تعلموا أنه لا علم رسميّاً في مكتب الزعيم في انضمامه إلى صفوف حركتنا القومية. إنه اجتمع بي في بيروت مراراً، بعد أن كان استماله قليلاً أصحاب فكرة العروبة، واعترف لي بإدراكه صحة غايتنا ومبادئنا، ولكنه أحجم عن الدخول رسمياً لأسباب وظيفته التدريسية في الجامعة الأميركانية، فبقي يصاحب نهضتنا بصفة محبّذ غير مرتبط ولا مُعاهد، ومنذ قبوله سفارة لبنان في أميركانية ومجيئه إليها إلى الآن لم أتسلم منه رسالة أو كتاباً، وبلغني أنه ينتقد سياسة الحزب في الوطن بسبب الاصطدامات الأخيرة بين بعض فروعنا وفروع الحزب الشيوعي. فتوجيهاتي إليكم هي أن تستقبلوا السفير الزائر استقبالاً حسناً، ولكن يجب أن لا يكون ذلك باعتبار أنه رفيق قومي اجتماعي، ويجب التحفظ في التظاهرات حوله لأننا لا نعرف الآن ما هو موقفه الجديد، بالنسبة إلى حركتنا.
6 ـ يجب عليكم أن تحاولوا الاتصال العاجل بمكتب عبر الحدود أو بأية مؤسسة من مؤسسات الحزب المركزية. واجعلوا بصورة مستورة أولاً كأن تتوجهوا برسالة إلى «دار النهضة للطباعة والنشر» وتطلبوا جميع ما تصدره من نشرات ومجلدات وكتب لقاء تحويل ماليّ إليها، ويمكن أن توجهوا الرسالة إلى «السيد مأمون أياس ـــ محط غراهام ـــ بيروت» أو إلى السيد نديم المقدسي ـ رأس بيروت» واجعلوا الكتاب الأول بشكل تحفّظي إلى أن تردكم أول رسالة، ومنها تقفون على شكل المراسلة الذي يمكنكم التعويل عليه. ومن كان منكم له أقرباء قوميون في الوطن يمكن أن يخابرهم بصفة عائلية أولاً ويلمّح إلى الفكرة القومية ونهضة الأمة، فلعلّه يحظى بجواب مفيد.
7 ـ أهنئكم بنتائج رحلتكم إلى مديرية كوردبة التابعة لمنفذيتكم، وأرجو أن تستمر حركتكم في ما يعود بالخير على الحركة والقضية القومية المقدّسة.
وفي الختام أوصيكم بالإيمان بعقيدتكم القومية الاجتماعية وبالتمسك بنظامها فإننا لم نَرَ في الوطن أخاً قومياً صحيحاً إلا بنتيجة تعاليمها، ولم ندرك وعياً قومياً حقيقياً إلا بفعل مبادئها. واحذروا المشككين وأصحاب الشكوك وأولي المآرب الخصوصية الذين يرومون ردكم إلى الحالة السابقة، حالة التفكك والفوضى والغفلة والهرب من المسؤوليات.
سلامي القومي لكم ولجميع الرفقاء المخلصين العاملين بالإيمان القومي الصحيح وعائلاتكم جميعاً. ولتحيى سورية .

المزيد في هذا القسم: « إلى نعمان ضو إلى نعمان ضو »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.