إلى مدير مديرية خوخوي

 26/7/1946
إلى حضرة مدير مديرية خوخوي
خوخوي


حضرة المدير المحترم،
تسلمت كتابك الأخير المرسل من خارج مدينة خوخوي، ووقفت على ما جاء فيه مما هو موافق لما قدّمه محصّل المديرية الرفيق رستم صدير، إن سؤالي عن سعر – الكمبيو وكيفيته كان لأجل المعلومات. لأنّ بعض الرفقاء والمواطنين يسألونني عن ذلك، وقد سأل رفيق مصرف لندن فأعطاه معلومات منها أنّ المصرف لا يرسل خبر التحويل إلا برقيًّا والبرقية تكلف نحو أربعين فاس وغير ذلك، وهذا الرفيق يريد أن يرسل مالاً إلى والدته في حمص فإذا لم يتوفق في إرسال المبلغ بواسطة مصرف هنا من غير أن يضطر إلى دفع أجرة البرقية، فيمكن ان تكلف منفذية بوينس ايرس او مديريتكم بإرسال المبلغ.
كتابك السابق الموزع في 23 يونيو/حزيران الماضي وصل فى حينه، وقد أبديت موافقتي على ما ورد فيه من فكرة اليانصيب في كتاب مني إلى الرفيق منير ديب وآخر إلى الرفيق المحصّل وأزيد على ذلك: كل واسطة حسنة لتأييد نهضتنا بالمال والقوة الروحية هي جيدة ويجب استعمالها. إنّ قوة حركتنا عظيمة من الناحية الروحية والناحية العددية، ولكنها ضعيفة من الناحية المالية، فيجب توجيه عناية خاصة إلى هذا الناحية.
النظام الحزبي في مديرية خوخوي: إنّ التقيد بعقيدة حزينا وخططه وأهدافه والطاعة لقوانينه وفروض نظامه Disciplina هما شرطان لا غنى عنهما لحقيقة عضوية الحزب السوري القومي الاجتماعي. وقد كان معقولاً غض النظر عن بعض الأمور النظامية والتساهل فيها فى طور المديرية التأسيسي الأول، أما الآن فقد صار من الضروري في الأمور النظامية لأنها هي التي تحفظ وحدة موقفنا ووحدة عملنا، وهذا يعني أنه يجب على جميع أعضاء الحزب التابعين للمديرية درس دستور الحزب وقوانينه وتقاليده جيداً ومراقبة تصرفات أعضاء المديرية ودعوتهم إلى النظام كلما ظهر منهم أو من أحدهم ميلاً إلى الشذوذ أو الإهمال ورفع التقارير اللازمة في هذا الصدد إلى المراجع العليا. وهذا أصبح‏ الآن ضروريًّا جدًّا في هذا الطور الجديد، وقد عاد الاتصال بصلب حركتنا في الوطن وفروعها في جميع أقطار العالم.
‏إن حادثاً سياسيًّا جرى في مدينة خوخوي من قبل رفيقين من الحزب أوجب فتح هذا الموضوع وسهّل لي وضع التمهيد العمومي المتقدم. الحادث هو ما صدر في جريدة السلام عدد 7118 الصادر فى 16 يوليو/تموز الحاضر الصفحة 3 العمود الرابع بعنوان "إحتجاج الجمعية السورية اللبنانية في خوخوي إلى الجامعة العربية بالقاهرة" وخلاصته احتجاج الجمعية المذكورة لدى الجامعة العربية على تقرير اللجنة الإنكليزية - الأميركانية في صدد فلسطين ومطابع اليهود فيها.
تحليل القضية إلى عناصرها: إنّ الاحتجاج المذكور صادر باسم "الجمعية السورية اللبنانية في خوخوي"، وهي جمعية غير تابعة لعقيدتنا ونظامنا وليس لنا عليها محاسبة إدارية ولكن لحزبنا أعضاء مندمجين في تلك الجمعية، لنا ا ن نحاسبهم على تصرفهم ضمن الجمعية وعلى تكلمهم باسمها في الشؤون السياسية والاجتماعية والتي لها أية علاقة بالسياسة. فوجود أعضاء من الحزب السوري القومي الاجتماعي في عضوية أية جمعية، مهما كانت صفتها لا يجعل لهم ولائين ومسؤوليتن سياسيًّا (Dos lealtades y dos responsapilidates) بل هم لهم ولاء واحد هو: ولاؤهم للمنظمة القومية - الاجتماعية. الخاضعين لقوانينها ونظامها والمؤمنين بعقيدتها وتوجيهها، وليس لهم في المسائل السياسية والتصرفات الشخصية الاجتماعية - السياسية مرجع غيرها. فكل تصرفات الرفقاء القوميين الاجتماعيين التي هي من هذا النوع يجب أن تخضع، في جميع الحالات والظروف لنظام المنظمة القومية الاجتماعية وقوانينها ولأوامرها وتوجيهاتها وأن تكون دائماً موافقة للعقيدة القومية الاجتماعية وخطط الحزب السياسية، فأعضاء مديرية خوخوي المشتركون في "الجمعية السورية اللبنانية في خوخوي" وفي إدارتها الذين وافقوا على نص الاحتجاج المذكور آنفاً وأمضوه باسم اجمعية هم مسؤولون أمام هيئات الحزب الرسمية ومراجعه العليا عن تصرفهم في هذا الصدد.
‎البرقية المذكورة تشتمل على عدة أغلاط واختلاطات بالأصول العقائدية والأشكال السياسية، وقبل تناول الجهة النظامية الحزبية يحسن الإشارة إلى أنّ "الجمعية السورية اللبنانية" تنتمي إلى دولتين هما: دولة الشام ودولة لبنان السوريتان فواجبهما العضوي السياسي هو تعزيز دولتيهما والرجوع إليهما في كل أمر سياسي، فكل احتجاج أو رغبة صادرة منهما يجب أن توجه إلى حكومتي لبنان والشام أو إلى أي مؤتمر إنترناسوني أو دولة أجنبية بقصد الاحتجاج على أعماله أو أعمالها في صدد أي قرار يتخذه أو تتخذه كأن يكون الاحتجاج موجهاً ضد بريطانية وميركانية في صدد تقرير لجنة حكومتيهما، فيرسل الاحتجاج، رأساً إلى لندن وواشنطن. أما حين يكون الاحتجاج موجهاً بالواسطة، أي مضموماً إلى غيره فيكون بواسطة الدولتين التي تنتمي إليهما الجمعية وتحمل اسمهما، فترسل البرقية إلى بيروت ودمشق تعزيزاً لهذين المرجعين. هذا هو وجه القضية اللاحزبي واللاقومي.
أما من وجهة النظام العقائدي والعملي السياسي فالمسألة لها وجه آخر: إنّ جميع ‏المنضمين إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي يعلمون ان للحزب عقيدة قومية وأنّ له نظاماً يخضعون له خضوعاً تامًّا، وأن حزبهم وحده هو الذي يمثّل حقيقة سورية ومصالحها ويعبّر عن إرادتها، وأن جميع أشكال سورية الحاضرة هي مخالفة لغاية الحرب الأخيرة ولنظر النهضة، فكل تصرّف شخصي من تصرفاتهم في أي قضية أو مسألة أو حركة اجتماعية - سياسية يجب أن يخضع لنظام الحزب وموافقة المسؤولين، وكل موقف من مواقفهم الشخصية العارضة التي تطلب منهم الظروف أن يظهروا فيها من غير سابق خطة سياسية او غيرها يجب أن يكون مبنيًّا على عقيدة الحزب وعلى خططه السياسية المعروفة وتوجيهاته وجميع المواقف يجب أن تقصد غاية واضحة: تأييد الحزب السوري الاجتماعي وإعلاء شأنه وتعزيز صوته وقوته والجهر بغايته وعقيدته، فالأعضاء القوميون الاجتماعيون الحقيقيون هم الذين يتجهون إلى حزبهم ومرجع حزبهم الأعلى في جميع الحوادث والظروف يولونه النيابة عنهم والتعبير عن إرادتهم وحاجاتهم وأشواقهم في القضايا القومية والإنترناسيونية، فإذا لم يفعلوا ذلك كانوا أحد شيئين: إما كمية مهملة في القضية السورية القومية الاجتماعية، وإما منافقين ونفعيين ورجعيين، فإذا لم يكونوا يعلمون فليعلموا.
فإذا نظرنا إلى برقية "الجمعية السورية اللبنانية في خوخوي" التي أمضاها رئيسها السوري القومي الاجتماعي الرفيق ابراهيم صليبي الراعي وناموسها السوري القومي الاجتماعي الرفيق سليمان منصور عاصي التابعان لمديرية خوخوي من وجهة العقيدة القومية الاجتماعية والنظام القومي الاجتماعي، ماذا نرى؟
نرى أنّ الرفيقين المذكورين والرفقاء الذي اشتركوا في نص البرقية المذكورة وفي الموافقة عليه وعلى إرساله إلى ناموس الجامعة العربية لم يحسنوا الولاء لحزبهم ولا لعقيدتهم القومية الاجتماعية. فمن الجهة النظامية كان عليهم ان يعملوا لتوجيه البرقية إلى زعيم حزبهم أو مجلسه الأعلى تعزيزاً للقضية السورية القومية الاجتماعية والمنظمة القائمة بها. ومن الوجهة العقائدية كان يجب أن يرفضوا النص القائل "فلسطين العربية" وأن فلسطين "قطر هو قلب العروبة"، ففلسطين في عقيدتنا هي الجزء الجنوبي من سورية وليست قطراً قائماً بذاته، وجنسيتها أو هويتها القومية هي سوريّة، وسورية هي أمة من أمم العالم العربي، فكما أنه لا يمكننا أن نسمي خوخوي "قطراً إسبانيًّا"، كذلك لا يمكننا أن نسمي فلسطين "قطراً عربيًّا، وأما "العروبة" فمعناها عندنا يختلف عن معناها عند غيرنا، وتعبير البرقية "قلب العروبة" لا ينطبق على عقيدتنا وإرادتنا، فأين صارت عقيدتنا ونظامنا وغايتنا في هذا التصرف الشاذ!
أطلب منكم أن تعقدوا، حال عودتكم إلى مدينة خوخوي جلسة لهيئة المديرية للنظر فى قضية تصرف الرفقاء المشتركين في "الجمعية اللبنانية السورية في خوخوي" في صدد البرقية المذكورة وخطط الجمعية وحركاتها السياسية. وأن تتخذوا قراراً بفتح تحقيق معهم، وأن تعقدوا اجتماعاً عامًّا فيما بعد لدرس تصرفات الأعضاء، ونقل التوجيهات القومية الاجتماعية وتكليفهم التقيد بها، وأن ترفعوا إلى الزعيم، في ختام ذلك، تقريراً مفصلاً عن نتيجة التحقيق والاجتماعات. (راجعوا صلاحية المدير وواجباته في المرسوم
الدستوري عدد 3).
واقبلوا سلامي القومي ولتحيى سورية.

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.