1/9/1946
إلى الرفيق نجيب العسراوي
فاصّة تمبو، مينس، البرازيل
أيها الرفيق العامل العزيز،
في الثاني عشر من أغسطس/آب الماضي كتبت إلى الرفيق إبراهيم حبيب طنوس وكلّفته إخبارك أنّ رسالتك الأخيرة التي تخبرني فيها بوصول (صدى) النهضة من الوطن وبمخابرتك الرفقاء القدماء لتجديد العمل.
وقد تسلمت من الرفيق طنوس رسالة مؤرخة في 20 أغسطس/آب بينما روسم البريد يجعل التاريخ 18 منه، ولست أدري من الغلطان والظاهر أنه أرسله قبل أن يصل إليه كتابي الأخير المذكور فوق أو أنّ هذا فُقِدَ فلم يصل إليه، والأرجح الأول. ذكر لي الرفيق إبراهيم حبيب (طنوس) في رسالته شيئاً عن صحتك جعلني أقلق عليك، فقد قال إنك تتألم من كبدك وإنك قيد المعالجة فأرجو أن لا يكون في ذلك خطراً أو استعصاء وأن تشفى سريعاً.
كنت أتوقع أن تكونوا أجريتم المؤتمر أو الاجتماع للنظر في العمل السوري القومي الاجتماعي في البرازيل، وفي أمر العزم على العودة إلى الوطن، وأمر المال لتأمين نفقة سفر الزعيم وغير ذلك لجمع مال لخزانة الحزب العامة، والظاهر أن أسباباً حالت دون تنفيذ هذه الفكرة فأرجو ألا يطول الأمر عليها أو أن تكونوا عوضتم عنها بالمراسلة الموفقة.
إن المراسلة بيني وبين سان باولو منقطعة من جهة، والرسائل من سان باولو إليّ تقلّ، ولكن لا تقلّ رسائلي إلى صندوق بريد أخي، ولست أعلم السبب هل هو لمراقبة خاصة من قبل إدارة البريد على صندوق البريد بأمر حكومي قديم، أم هل هو لعظم فوضى وخلل الإدارة المذكورة؟ ولست أعلم هل الرفيق جورج بندقي في عنوانه القديم في شارع سنطو اندراه 151 وهل لا يزال صندوق البريد رقم 4521 صالحاً لتوجيه الرسائل إلى جورج وإليه، والرفيق وليم (بحليس) ما عنوانه الخصوصي، هل في مصنع فؤاد لطف الله، وهل هذا المصنع باقٍ في مكانه، وهل استغنى فؤاد لطف الله عن الرفقة القومية واستعاض عنها بالاهتمام بمحطة إذاعة راديو بيروت؟ فهو لا يكتب ولم يعد يبلغني شيء عنه.
سررت كثيراً بعزمك على العودة إلى الوطن، وبعزم الرفيق جورج بندقي على ذلك الذي أطلعني عليه الرفيق إبراهيم حبيب. ولم أتسلم منذ مدة طويلة شيئاً جديداً من الرفيق وليم بحليس لأعلم رأيه في أمر السفر أو البقاء. وقد بلغني أنّ الحكومة البرازيلية قد ألغت قرار منع الصحف الأجنبية اللسان، وأنّ جريدة جديدة قد ابتدأت تصدر باللغتين العربية والبرتغالية، وكان وليم يرجو أن يتمكن من إعادة إصدار سورية الجديدة، فهل من جديد من هذه الناحية؟
قد عقدت العزيمة على الإسراع في السفر إلى الوطن لأني أرى القضايا والأحوال السياسية المحدقة به كثيرة وبعضها معقد، وخطر، والارتباك والتضعضع السياسيان في إدارتي لبنان والشام واضحان، والحركة السورية القومية الاجتماعية قد نمت نموًّا يجعلها قوة مؤهلة لتقرير الأمور ولكنها تحتاج إلى دقة شديدة في قيادتها وإدارتها، فيجب الإسراع في العودة للعمل على إنقاذ حالة الوطن. والكتاب الأخير الذي تسلمته من حضرة رئيس المجلس الأعلى، الأمين الجزيل الاحترام نعمة ثابت، الذي وردني من نحو عشرة أيام يبلغني رغبة المجلس الأعلى الموقر في عودة الزعيم "بمنتهى السرعة"، ويذكر لي أنّ تقريراً مفصّلاً يرسل إليّ بعد نحو عشرة أيام من تاريخ كتابه.
بناءً عليه قد باشرت تقويض المحل التجاري الذي بنيته بتضحيات صحية كبيرة، وقد عيّنت موعداً تقريبيًّا لانتقال من الأرجنتين بين أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني المقبلين. والأرجح أني أسافر وحدي تاركاً العائلة في بوينس ايرس مع حماتي وأولادها حيث تبقى إلى أن يكون قد استقر مقامي في الوطن فتوافيني إليه، وحتى الآن لما أجزم هل أسافر رأساً إلى الوطن أم أزور البرازيل وأميركانية والمكسيك أولاً، ثم أعرّج على الشاطئ الذهبي في أفريقية الغربية، فإنّ المنفذيات في أميركانية والمكسيك وأفريقية الغربية أبدت رغبتها الشديدة في زيارتي لها قبل عودتي إلى الوطن. وفي كل حال سأحاول زيارة البرازيل لأنها في طريق، ولأنّ زيارتي السابقة لها كانت في حالة سريعة فلم أتمكن من التنقل والتحدث إلى الراغبين في الاطلاع على المبادئ والنظام، ولا من إلقاء دروس أراها ضرورية للمنضمين إلى الحركة السورية القومية الاجتماعية، فوجودي بضعة أيام في البرازيل يفيد من هذه الناحية وسأسعى لجعل ذلك ممكناً.
ثم إنّ مسألة جواز سفري يجب أن تسوّى بواسطة قنصل لبنان في سان باولو وسفير لبنان في ريو دي جانيرو، لأنه لا يوجد ممثلون للبنان في الأرجنتين والطاسة ضائعة ولا يُعرف تماماً صلاحيات القنصلية الفرنسية في بوينس ايرس وملحقها اللبناني الباقية لها.
وقد كتبت إلى المنفذ العام لمنفذية بوينس آيرس أكلفه مخابرة دائرة المعاملات السورية في القنصلية الفرنسية لمعرفة إمكان إجراء معاملة الانتقال إلى البرازيل وقد أسافر قريباً إلى بوينس ايرس للاهتمام بهذه الأمور بنفسي.
أخبرني المركز في بيروت أنّ الحكومة اللبنانية قد أعدّت قرارات التعيين لتمثيل لبنان في الأرجنتين. ولست أدري هل يقدم سفير أو قنصل قبل سفري أو قبل إنهاء معاملات سفري، ولذلك فإني أريد الاهتمام بنيل جواز سفر بواسطة قنصلية سان باولو وسفارة ريو دي جانيرو وسأكتب اليوم إلى الصديق جبرائيل يافث لأنّ عنوانه معي، وقد لا يكون مراقباً أو قد كون أحسن حظًّا من صندوق بريد أخي إدوار، ليباحث قنصل سان باولو في أمر إصدار جواز سفر لي إما لإرساله إليّ وإما لتسليمي إياه حين أزور سان باولو، إذا لم يحدث مانع لزيارتي من قِبل حكومة البرازيل بسبب سعايات أذناب فرنسة الماضية التى سببت توقيفي فى سان باولو كما تعرف. وقنصل سان ياولو، السيد محمد فتح الله، من معارفي في الوطن وكانت بيني وبينه مودة شخصية متأتية عن صلة تعارف ومودة كانت لي ببعض أقربائه، وقد قدم الأرجنتين بمعية السفير (يوسف) السودا في السفارة الخاصة لحضور تسلّم الجنرال بيرون هنا الحكم واجتمعت به وتغذّى معي بدعوة مني في بيت حماتي وكان معنا على الغداء الرفيق خليل الشيخ المنفذ العام لمنفذية بوينس آيرس والصديق جبرائيل يافث الذي اتفق وجوده في بوينس آيرس لأشغاله التجارية. فأكلّفك الاتصال بالرفيق وليم (بحليس) وإطلاعه على هذا الأمر ليحاول الاجتماع بالصديق جبرائيل يافث والسعي معه لدرس مسألة استحصال جواز سفر لي، وهل يمكنّي تحقيق ذلك قبل انتقالي إلى البرازيل أو بعدها فإذا وجدت صعوبة كثيرة في هذا السبيل فسأضطر لاستعمال "جواز مرور" موقت إما إلى أميركانية حيث أطلب من المحبذ الدكتور شارل مالك، سفير لبنان في واشنطن، إصدار جواز سفر وإما إلى مصر حيث أصير على مقربة من الوطن وتسهل عملية المعاملات لدخول البلاد القومية.
إذ أمر سفر الزعيم وعودته إلى الوطن ليس أمراً خصوصيًّا يتعلق به وحده، بل أمراً
قوميًّا خطيراً وشأناً من أهم شؤون المنظمة السورية القومية الاجتماعية الإدارية
والسياسية. والحزب اليوم يطلب وجود الزعيم في وسطه في المركز وعلى رأس الحركة يقودها في المسالك الوعرة المجهولة. لذلك كان لزاماً على السوريين القوميين الاجتماعيين الاهتمام وفعل المستطاع لتسهيل عودة الزعيم ولتأمينها من الوجهات العملية والمادية. هذه النقطة يجب معالجتها في أبحاث المؤتمرات وجلسات المنفذيات ومخابرات المسؤولين عبر الحدود.
هذا الموضوع هو ما أطلب توجيه الأنظار إليه في السوريين القوميين الاجتماعيين العاملين في البرازيل وحثّهم على تحقيق غايته – بذل المستطاع لتمكين الزعيم من العودة إلى مركز أركان حرب الحركة السورية القومية الاجتماعية. ولمّا كانت هذه القضية مستعجلة فأطلب إجابتي في مدة قصيرة عما فعله وما يمكن السوريين القوميين الاجتماعيين في البرازيل فعله في هذا السبيل، ومن منهم عزم على العودة وما هي المدة التي يحتاج إليها لأخذه الأهبة للسفر؟ وإذا كان السفر هو للغاية القومية الاجتماعية فيجب أن يكون عندي أسماء الرفقاء العائدين لأرسل ما أراه لازماً من تعليمات وتوجيهات تفيد العمل القومي الاجتماعي بواسطتهم ولما كان متعذراً عليّ الاتصال مباشرة بالرفيق وليم بحليس، المنفّذ العام لمنفذية سان باولو، فأكلفك نقل هذه التعليمات والتوجيهات المختصة برحلة الزعيم وما يخص القوميين الاجتماعيين في البرازيل فعله في هذا السبيل، وأطلب أيضاً تبليغه وجوب تأمين المراسلات بين مكتب الزعيم ومنفذية سان باولو باعتبار بعض عنوانات بعيدة عن كل صفة سياسية تصل الرسائل إليها. كما أني أعيّن منذ الآن ثلاثة عنوانات لترسل الرسائل الموجهة إليّ إليها ابتداءًمن أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول الحاضر احتياطاً لإمكان حصول انتقال سريع من توكومان إذا توفقت في بيع المحل التجاري أو تصفيته بسرعة. هذه العنوانات أضمها في آخر هذا الكتاب وأطلب تبليغها للرفيق وليم والرفيق إبراهيم (طنوس) والرفيق جورج دده في ريو دي جانيرو.
يمكن الرفيق وليم اختيار عنوان الرفيق الغيور غالب صفدي أو الرفيقة مريانا فاخوري (أرملة المرحوم الرفيق إلياس فاخوري) إذا كانت باقية على أمانتها أو إلى عنوان خاص للرفيق جورج بندقي أو ابن عمه الرفيق إميل بندقي الذي انتقل منذ يضع سنوات من بوينس ايرس إلى سان باولو، ويجب العجلة في ذلك وفي الأخبار المستعجلة عن إمكان سحب جواز سفر من قنصلية سان باولو.
تسلمت من يومين كتاباً شخصيًّا من الرفيق الناهض رفيق الحلبي نزيل الشاطىء الذهبي، وفيه يذكر لي وجود مراسلة بينك وبين أخيه نايف، وهو يرغب في أن تخابر ابن عمه إبراهيم الحلبي الذي يقول إنه في البرازيل أو في مينس وإنّ لك به معرفة.
بانتظار الأخبار السارة والنتائج العملية لكل التوجيهات والمسائل التي يتناولها هذا الكتاب وخبر مدى تأهبك والرفيق (جورج) بندقي ومن شاء للعودة إلى الوطن. وأرجو لك الصحة والعافية. ولتحيى سورية.
عنوانات ثابتة لمراسلتي ابتداءً من مطلع أكتوبر/تشرين الأول المقبل:
Azzaïmi
Asociaciôn Cultural Siria
Vera 774
Buenos Aires
Sra. Emilia Yunes
الزعيم Acha 2651
Buenos Aires
Sr. Hani Elmir
للزعيم: Paraguay 402
Buenos Aires