21/11/1946
إلى الأمين الجزيل الاحترام نعمة ثابت،
رئيس المجلس الأعلى الموقر
أيها الأمين الحبيب،
تسلمت من أيام كتابك المؤرخ في 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي ورسالة مكتب الحدود في نسختين وصلتا كلاهما. وكنت قبل ذلك قد تسلمت رسالة من مكتب عبر الحدود ونسخ (صدى) النهضة المحتوية على وصف مهرجان الشوير ومهرجان "يوم الفلاح" في بعلبك. لم أكن أتوقع أن تؤجل الكتابة إليك إلى هذا الوقت. فقد كنت أريد أن يحمل كتابي إلى المركز الأخبار الأكيدة عن إمكان سفرتي عائداً إلى الوطن، وتوقعت أن يكون ذلك في مدة أقصر من التي مرّت. والآن يمكنني أن أقول إني قد أصبحت، عمليًّا حرًّا من جميع العلاقات والمسؤوليات الخصوصية في هذه البيئة. فقد بعت المحل التجاري في الخامس عشر من الشهر الماضي وبقي عليّ أن أساعد الشاري على السير بالمحل مدة قصيرة، وأن أجمع ما لي من ديون على بعض التجار. وقصة الديون التجارية هنا قصة طويلة، وقد حصّلت معظم الديون والباقي لن أنتظره. وكان أمس آخر يوم قبضت فيه من بعض تجار قبضة تخفف الخسارة التي أتعرض لها. وقد أزمعت الانتقال إلى بوينس آيرس وعائلتي نحو آخر هذا الشهر حيث أصرف شهراً في الاستعداد للسفر.
موعد قدوم الزعيم ونشر موعد قدومه: في كتاب سابق، أرسل إلى مكتب عبر الحدود، أمرت بنشر إذاعة صحفية عن موعد وصول الزعيم إلى المركز. وكنت موقناً أن المجلس الأعلى الموقر لا يستنتج من ذلك أني سأتقيد بالإذاعة المذكورة التي قد تتلوها إذاعات تعدّل مفادها في الوقت المناسب وللأغراض المناسبة. كل قصدي كان أن تبتدىء الجريدة تعلن تحرك الزعيم وقرب عودته من غير إذاعة موعد قدومه بالضبط إلى أن تحين الفرصة المناسبة. أما أنا فخطتي مستقلة عما ينشر وإني أفوض الإدارة الحزبية العليا نشر ما تراه مناسباً عن عودة الزعيم، وكنت ظننت الأوفق التحفظ تجاه الأوساط غير الراغبة في عودته وجعلها تطمئن إلى أنها بعيدة. فافعلوا ما ترونه مناسباً في هذا الصدد.
حالما أصل إلى بوينس ايرس سأطلب من القنصلية الفرنسية توقيع الإذن بعودتي إلى لبنان. وأظن أنّ القنصلية ستخابر وزارة لبنان الخارجية برقيّاً في هذا الشأن، فإذا حصلت الموافقة بلا تأخر يصبح سفري متوقفاً على سرعة حصول واسطة الانتقال، إذ سأفضّل الانتقال بحراً إلى أوروبة، فإذا لم يكن ذلك ممكناً فسأعتمد الطيران، وفي حالة حصول تأخيررسمي للمعاملة أخبرالمركز برقيًّا وبالبريد الجوي ليجري ما يلزم، وفي الوقت عينه أبحث عن طريقة أخرى هنا كالانتقال إلى مصر، مثلاً. يجب أن تستوثقوا أنّ وزارة الخارجية اللبنانية لا تريد اللعب على الحبلين" في مسألة الإذن لسعادة بالدخول إلى لبنان، فإني أرى تردد الوزارة في إجراء ما يلزم بنفسها من غير انتظار مخابرات قنصلية وسفارية دليلاً على ضعف كبير في موقف الوزارة المذكورة.
كان رئيس مكتب عبر الحدود قد سألني من مدة عن عدد أفراد عائلتي بقصد تدبير مسألة بيت الزعيم. ولم يخطر في بالي إمكان نقل أثاث بيتي هنا. ولكن يترجح الآن نقل غرفة الأكل وغرفة النوم والمكتب، إذ إنّ أخذ هذا الأثاث معنا لا يكلّف في البحر أكثر من نقله من هنا إلى بوينس آيرس. وقد حاولت بيعه فلم يتقدم أحد بمبلغ قابل الموافقة فقررت نقل الآثاث فإذا سافرت بحراً أخذت قسماً كالمكتب ونحوها معي ثم تجلب الباقي زوجتي معها، وإذا كان سفري بالطيارة، نظراً للعجلة بقى الكل لتأخذه زوجتى معها. والأثاث هذا جيد أكثره من خشب فنلندي جيد، فيكون أمر البيت مقضيًّا إلا بعض زيادة للصغيرتين يمكن ترتيبها بعد وصولي، وما أحتاج إليه عند وصولي يكون مقتصراً على الضروري ويمكن أن يكون بناء على ترتيب موقت.
بعد نحو عشرين يوماً أكتب ثانية بُعيْد انتقالي إلى بوينس ايرس، ثم أواصلكم كل خمسة عشر يوماً مرة وكلما اقتضى الأمر.
هذا ما لزم الآن. سلامي القومي لك ولأهل بيتك وللأمناء والرفقاء. ولتحيى سورية.