25/9/1940
الرفيق العزيز إلياس فاخوري،
فعلت حسناً بكتابك إليّ في صدد موقف الرفيقين فؤاد وتوفيق بندقي من المقالات المرسلة لمعالجة نقطة هامّة من نقاط الصراع الفكري بين النهضة القومية والرجعة في أميركة الجنوبية. ومن اطّلاعي على معلوماتك، وجدت أنّ السيدين المذكورين قد أجازا لأنفسهما تجاوز كل حد، ونقض كل اتفاق، والتدخل في ما لا يعنيهما، حتى بلغا حد إصدار الأحكام بشأن ما يكتبه الزعيم أو ما يأمر بنشره. وقولهما إنّ هذه المعارك الفكرية هي "مهاترات شخصية" تطفّل لا أجيزه مطلقاً. ولو أنهما وقفا عند حد ذكر وجهة نظرهما فيما يختص بمصالحهما المادية لكنت أسمع لهما بكل طيبة خاطر. وإذا كانا هما يفضلان أن "يسكّرا الجريدة ويعطّلاها" فأنا أيضاً أفضل أن "يسكّراها ويعطّلاها" على أن أتحمل أنا والحركة القومية مسؤولية الأفكار الأجنبية المعاكسة لاتجاه الحركة القومية التي تنشر فيها بإيعازهما، أو بإيعاز أحدهما، وكتابته بنفسه كمقالات "الإلياذة السورية" و"ارميا الاستعمار الأجنبي"، التي يقول فيها إنه يجب أن يفرح السوريون لسقوط فرنسة وبريطانية وانتصار ألمانية وإيطالية لأنهم في عرف الكاتب "قد نالوا الحرية والاستقلال".
كتابك فيه عودة إلى موضوع مفروغ منه، وحججك فيه غير وثيقة ولا ثابتة. فإذا كانت نجيبة عبود كما ذكرت فما قولك بحسني [عبد المالك]. وإذا كانت نجيبة وحسني في حالة واحدة، فلماذا تستنتج من ذلك أنّ النساء غير أهل للأعمال القومية؟ من الأمثلة التي ضربتها يتضح أنّ المسألة ليست مسألة رجال ونساء بل مسألة أخلاق في جنسي شعبنا الخشن واللطيف. والنتيجة المنطقية لهذا كله هي وجوب العمل مع الجنسين لنعالج أمراضنا حيث هي، لا أن نترك كل مرض على حاله. وأقول لك إنّ الست نجيبة كانت أكثر رصانة وأبعد نظراً وأشد دهاء من حسني أو غيره، وهذا حجة لهن لا عليهن.
أما أمر حسني فإني كنت غير مرتاح إليه منذ البدء، وحين سافرت المرة الأولى إلى توكومان أقمت رقيباً عليه، كما أقمت رقيباً على نجيبة، ولكنك أنت ومريانا [فاخوري] كنتما تحاولان إبعادي عن كل شك فيه، خصوصاً الرفيقة مريانا التي كررت عليها السؤال بشأن حسني وفي كل مرة كانت تجيبني "لا، حسني هو الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه"، إلى أن رأت بأم عينها كيف يمكن الاعتماد على حسني بعد أن كشفت القناع عن خبثه ومآربه. ومهما يكن من الأمر فقد شجب الناس فعله، ويوجد من يعرف فضلك عليه، وهؤلاء لم يكتموا الأمر. والمدركون كلهم يعدّون عمل حسني لؤماً شديداً.
بطاقة فؤاد: لم أطلب منك مشاورة فؤاد أو غيره في أمر إرسال بطاقتي غالب [الصفدي] وفؤاد [لطف الله] إليّ. وإنما أنت مأمور فافعل ما أمرت به. أما من جهتي فلا حاجة بي أنا لهاتين البطاقتين لأني على ثقة من صاحبيهما ولكني أريدهما، خصوصاً لجعل صاحبيهما يشعران بزوال الخطر ويتمرنان على الخروج من الجمود.
حالة سان باولو: لم يعد بعيداً الوقت الي أتخذ فيه قراراً حاسماً بشأن إدارة سان باولو. وقد فصلت ولاية مينس عنها وأنشأت هناك منفذية وعينت الرفيق نجيب العسراوي منفّذاً عاماً عليها. وهو الآن يحمل أعلى منصب إداري في البرازيل، وإليه تعود جميع الأمور حين لا يعود ممكناً الاتصال بالزعيم. ولكني سأنشئ لسان باولو نظاماً إدارياً جديداً يقتصر على الولاية نفسها فقط. ومع الوقت والتطور يصبح في الإمكان مركزة جميع الفروع حيث توجد الهيئة الأكفأ.
بهذه المناسبة، أريد أن أعرف رأيك في الأشخاص، واستعدادك أنت أيضاً، والإمكانيات لإيجاد إدارة عملية لولاية سان باولو.
إني أعرف حي الطولبه حيث تقيم وهو جيد الهواء وصالح ليتهشم عليه الأولاد الذين يريدون أن يخشوشنوا، ويجب أن يكون تهشم طارق مدعاة لسرورك ما دام ذلك بمقدار الاخشيشان.
عسى أن تكون وجميع أفراد العائلة بخير.
سلامي للجميع. ولتحيى سورية.