حبيبتي !
كلما أقترب عيد ميلادك كلما وددتُ لو أنكِ بقربي تسندين رأسك إلى كتفي ونصغي معاً إلى نشيد الحياة والحب. وكم تمنيت لو أتمكن من الطيران إليك في محل هذه الرسالة. إن ذكرى ميلادك تجلب معها أمواجاً خفية من العواطف تحرِّك أوتار القلب وتطمو على ضجيج الحياة اليومية.
إني سأكون معك في يوم هذه الذكرى. فستكونين في فكري وفي نبضات قلبي وفي اختلاجات شفتيَّ.
إني منصرف في هذه الأيام إلى إعداد خطاب طويل استعرض فيه حياة الحزب وظروف نشأته واختباراته الداخلية والخارجية، والسياسة التي اتبعها وموقفه من السياسة الداخلية والسياسة الانترنسيونية. وسألقي هذا الخطاب في ذكرى ميلادي القادمة في احتفال كبير يقوم به الحزب ويجري القسم الأكبر منه، على الأرجح، في الشوير.
قد فعلت جهدي للسير بالحزب على سياسة سلمية للإنصراف إلى الأعمال الثقافية والإنشائية وسأبذل جهدي للمحافظة على هذه السياسة ما أمكن، لأننا بحاجة لوقت نرمِّم فيه ما تهدَّم من المعنوية العامة واستعادة الثقة بالنجاح القريب التي كان الحزب قد فقد معظمها أثناء وجودي في السجن وقيام أفراد على إدارته ليسوا أهلاً لإعطاء القدوة في الشجاعة والإيمان ورباطة الجأش.
ولست أدري إذا كانت الحكومة ستتابع سياسة المسالمة تجاهنا أم تغير هذه السياسة لقاء مساعدات إكليركية وغيرها، خصوصاً متى رأت أن الحزب يستعيد قوّته ونشاطه. وسأستطلع نيات الحكومة بالوسائل التي لديَّ. وقد أبلغني أمس معاوني الأستاذ قبرصي(1) أن محكمة بعبدا قد عيّنت الثامن والعشرين من الشهر القادم موعداً للنظر في حادث بكفيا التاريخي الذي جرح فيه أبن عمتي وديع وآخرون سأتصل اليوم برئيس الوزاة لمعرفة القصد من فتح هذه الدعوى والنيّة القائمة وراء هذا العمل.
أرسلت إليك منذ بضعة أيام كتاباً بالبريد البَّري فعسى أن يكون قد بلغ إليك.
قد نقلنا مكتب الحزب من شارع المعرض ولذلك أرى أن تعودي إلى مراسلتي بواسطة السيد يوسف صائغ الجامعة الأميركانية إلى أن يكون قد استتب الأمر وانجلى الموقف مع الحكومة.
حبيبي!
إني سعيد بميلادك وأتمنى من صميم قلبي أن تعيِّدي لهذه الذكرى أعياداً عديدة تكون عنواناً لفرحك وهنائك.
وأقبلك قبلة المحب
(التوقيع)
في 27 يناير 1938
(1) عبدالله قبرصي