اكتب اليك هذه العبارات وأنا في البيت قُبَيل الذهاب الى حفلة جمعية محبة الموسيقى لحضور "البيوليني" violinist هنرك سَارنِق المعروف في اوربة وهنا. والحفلة اليوم غير اعتيادية وقد دفعت ثلاثة فاس فوق حقوق العضوية ليجوز لي حضورها.
أمس بعد وضع آخر كتاب في البريد اليك، عدت الى البيت فوجدت كتابك الأخير الذي سررت به كثيراً. ولكن ازعجني فيه شيء طفيف هو تلقن صفية اللهجة الطرابلسية وقولك "تأسرت" بالسين الحادة بدلاً من تأثرت وقولك "صقلة" بالصاد الضخمة والقاف الطرابلسية العميقة بدلاً من ثقلة بالثاء اللينة اللطيفة التي تخفف كثيراً من ثقل القاف.
فرحت لأن الرفقاء في بوانس أيرسعرفوا ام يقدروا بعض التقدير قوميتك الصافية وما صنعت وتصنعين من أجلي. انك تستحقين أكثر من ذلك ولكن هو الوَعْيُ القومي في بداءَته.
جبران تغيب الاسبوع الماضي بضعة أيام في سنتياقو دل استيرو حيث ذهب لتشييع خالة له توفيت هناك. في سنتياقو اتت ابنته بكتوريا وإعتذرت اليه ورجته ان يذهب ويبيت في بيتها فقبل بعد اعتذارها وفي بيتها كلمها كما يجب. وموقف جبران الآن أدعى الى الطمأنينة فهو كأنه قد تنبه منجديد الى واجب الاحترام فأتمنى ان يكون قد استقام تجاه زعيمه في المسائل التجارية كما كان مستقيماً في المسائل القومية. وقد صرت أميل الى أخذ ما لاحظته من خلّل في الصندوق اليومي بصفة غلط حساب أو سهو وكذلك خلل الحساب للخزانة وإني افضل ان تعود ثقتي بجبران على ان تضمحل. وهو الآن لا يأتي ويقف على يدي حين اجري الحساب كما كان يفعل وصار يكتفي بالنظر في المفكرة (أخنده) وبسؤالي كم يوجد وكم ذهب.
في سنتياقو علم جبران من ابنته ان ابنه امين وخطيبته ابنة ندره ليسا على وفاق وانه مؤخراً تكدر منها، لانها قالت له ان حبها له قليل، وخرج غاضباً ولكن اهلها عادوا وأسترضوه!
نبيهة سألت عدة مرات عنك وأظهرت شوقاً لرؤياك وصفية وأظن انه كان يوافق ان تضعي في بعض كتبك اليّ عبارة لها واخرى لجبران. فقد تكون اغلاطها واغلاطه طفيفة قابلة الاصلاح وقد لا يكون موقف هذه الرفيقة كما يُتَوَهم احياناً. هذه مسائل بسيطة ولكنها ضرورية.
الاحد الماضي كنت مدعواً الى الغداء عند الرفيقة نبيهة ومساء السبت الذي قبله مررت من هناك لآخذ شاياً للبيت فدعاني الرفيق جبران لشرب كأس بيرة فشربت وتعشيت ولكن يظهر ان البيرة الباردة اضرتني قليلاً وزاد الامر انه جاءت ايام شديدة البرد في الصباح فتأثرت امعائي من شرب الشاي السخن والخروج حالاً بالدراجة. واليوم تغديت عند الرفيقة نبيهة ايضاً ومع كل تجنبي لم يكم بد من اكل اشياء باردة لأنها كانت وصعتها في البرادة مثل الشمندر المسلوق وحتى قطع بقلاوى كانت في البراد فشعرت منذ هنيهة بان معي "ثقل" خفيفاً. واني انتظر ان اتعشى بعد الحفلة برفقة السيد اميليو أورَبكة والسيد ايليا حداد وسأغتنم الفرصة لبحث أمر إخراج الأثيم الكردي من المكان. وقد اشرب معهما شيئاً من الخمر وقد يضرني هذا بسبب ما معي من التهيج في المعى الغليظ. وسنرى.
إذا بقي لك شيء من الوقت وامكنك السؤال عن إبر للقرامفون فقد يكون عند الشماس شيء منها وكذلك إبر لماكنات الخياطة.
اتمنى ان تكون عودتك قريبة. اقبلك بشوق واقبل صفية ايضاً
ولتحي سورية
في 3 سبتمبر 1944