حبيبتي،

كردبة في 25 ديسمبر 1946

لم أتمكن هذه المرة أيضاً من مخالفة غالب العادة في رحلات مثل هذه فلم اكتب اليك الاَّ بعد مضيّ هذا الوقت.

القطار الذي كان يجب ان يصل بي الى كردبة الساعة الثامنة ونصف من صباح الخميس الماضي لم يصل قبل الساعة الحادية عشرة ونصف، لأنه تأخر كثيراً بسبب الجراد الممتد على الخطوط الحديدية الذي جعل عجلات القطار تنزلق وتدور في مواضع إنزلاقها.
في المحطة كان ينتظرني الرفقاء وممثلو "المعهد الثقافي الارجنتيني – العربي" وأُخذت لنا صورة هناك. ونحن بعد في المحطة ابتدأ شباب المعهد الثقافي يطلبون الاستيضاح وضربت موعداً لهم ذاك المساء عينه. اما بقية النهار فقد صُرفت بين اخذ الغرفة وفتح الحقيبة والغداء والراحة بعد الغداء واستقبال المسلمين بعد الظهر. وفي المساء كانت سهرة طويلة امتدت الى نحو الساعة الثانية أو الثانية ونصف بعد نصف الليل. وفي اليوم التالي مقابلات ومحادثات ثم سهرة في الليل وفي اليوم التالي كذلك. ثم جاء الأحد فكان كالأيام السابقة وفي مسائه كانت الحفلة الوداعية للزعيم التي جرت في الجمعية السورية اللبنانية وكانت جيدة بحضورها وترتيبها وجاءَت ممتازة بخطبها.
وكان قد جاء لمقابلتي في المساء الأول أحد محرّري جريدة "كردبة" الذي بقي معنا كل السهرة الأولى ونشر في اليوم التالي كلمة جيدة جداً عن الحزب مع الصورة التي أُخذت في المحطة. ثم بعد الحفلة نشرت الجريدة المذكورة الصورة والخبر واني ارسل اليك القصاصات وبعض الصُوَر.
ويمكنك ان تتصوّري التعب من السهرات المتوالية والاحاديث التي استمرَّت الى مساء الاثنين حيث دُعيت الى اجتماع خصوصي مع أعضاء "المعهد الثقافي الارجنتيني – العربي" لمتابعة الاحاديث السابقة التي اعتقد انها غيَّرت تفكير جميع الأعضاء الذين سمعوها وفهمهم لحقيقة سورية ونفسيتها وتاريخها وشخصيتها. وقد ظهر هذا التأثير في خطاب رئيس المؤسَّسة في الحفلة الوداعية.
أمس عملت قليلاً في المسائل الكتابية فاهتممت بتنقيح ما نشر في عدد الزوبعة الماضي لأعيد نشره في هذا العدد ولم أفرغ من ذلك أمس بسبب بعض المقابلات بعد الظهر وفي المساء كنت ومرافقي الرفيق خليل الشيخ مدعوّين لسهرة عيد الميلاد عند الرفيق خليل سعادة واستمرّت السهرة الى نحو الساعة الثالثة بعد منتصف الليل واستيقظت ونهضت متأخراً هذا الصباح وعند الساعة الحادية عشرة جمعت امتعتي للانتقال من دار الصديق عبود سعادة الى الدار البستانية في وَركلده حيث سنرتاح بضعة أيام.
الصديق عبود أصبح عليل القلب وصحته متأخرة بصورة ظاهرة.
طلب الصديق عبود صهره الدكتور قيصر ليفحص قلبي ففعل ولم يجد في الفحص السريري (كلينكو) شيئاً محسوساً وفي صباح اليوم التالي للفحص اخذني الى صديق له متخصص بالراديو وأخذ الخطوط القلبية بالآلة الكهربائية وكان ذلك الاثنين وبعد الظهر جلب صورة الخطوط واختلى بي واخبرني ان الخطوط تُظهر انه يوجد Insuficiencia coronoria في القلب وان المسألة ليست خطيرة في الوقت الحاضر ولكنها هامَّة وتستدعي العناية لمنع تولد علة خطِرة ووصف لي بعض الأدوية وانتظام الحياة والنوم 8 ساعات على الأَقل وتعيين سَاعات معينة للعمل وتجنب الانفعالات والمكدرات والأخذ بالرياضة البدنية المعتدلة. وسلمني الصورة لحركة القلب واشار عليّ باجراء مثل هذا الفحص بعد نحو سنتين أو ثلاث وكلما شعرت بشيء جديد.
أُرسل اليك مع هذا الكتاب المقالة الاسبانية التي يجب تسليمها لفيليب في مطبعة "السلام" لتظهر في هذا العدد. واذا كانوا يحتاجون الورق فيمكنك ان تطلبي من محل ايتراط، شارع أَلسينا، بالتلفون ثلاث رزم ورق دياريو مقطوع من اللفات de bobina بقياس 65x95 بإسمي ليرسلوها الى ادارة "السلام" شارع فراغواي 485 ويرسلوا الفاتورة الى Vera 774.
أُرسل اليك ايضاً قسيمة وصول البرقية التي ارسلتُها من قبل القنصلية الفرنسيةلتخابري السيد وكتور ابي صعب في القنصلية وتسأليه هل أتى الجواب وهل يحتاج الى القسيمة المذكورة للاستدلال فاذا لم تكن ضرورية لشيء عندهم ابقيها معك.
حتى الآن لم أقصّ ثياباً جديدة هنا وسأرى ثم سأرى كم سأبقى للراحة والتأثير وقد اعود، على الارجح في آخر هذا الأسبوع أو أوائل القادم.
اقبلك والصغيرتين وأرجو ان يكون قد مرّ عيد الميلاد بسرور للعائلة.

سلامي للماما وديانا وجورج

ولتحي سورية

تسلمت قبل إقفال الغلاف الرسالة التي حملها نعمان إذ قد وصل هذا المساء الى وركلده.

المزيد في هذا القسم: « حبيبتي، حبيبتي، »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.