وصلت القاهرة صباح الثلاثاء الماضي في 18 فبراير الحاضر وحالاً أبرقت اليك بوصولي.
آخر مرة كتبت اليك كانت في اسطوريل فرتقال وقد وصفت لك انذاك رحلتي الى فرتقال وشرحت لك حالة عدم التأكد من وقت متابعة الرحلة الى القاهرة بسبب تأخر الطيارة وعدم مقدرتها على متابعة السفر الى فاريس يوم الأحد كما كان منتظراً.
في صباح الاثنين ايقظني حافظ فندق فلاسيو الساعة الرابعة تماماً، وكنت قد آويت الى فراشي نحو الساعة الواحدة ونصف، فنهضت عاجلاً وجمعت اشيائي وتهيأت للسفر وسارت سيارة الشركة بالركاب بعد الساعة الخامسة فبلغنا المطار بعد الساعة السادسة وفي الحال توجهتُ الى مكتب شركة "عبر العالم" المحجوز لي مكان في طيارتها التي تسافر من فاريس في ذاك الصباح عينه وسألت احد المستخدمين، الذي كان حاضراً في تلك الساعة، ان يخابر مطار فاريس لمعرفة هل الطيارة متأخرة عن موعدها وهل يمكن ان ابلغ فاريس قبل سفرها فورده الجواب البرقي بالراديو ان الطيارة تسافر الساعة التاسعة. فلم يكن من الممكن بلوغ فاريس قبل سفرها لان الطيران من لشبونه الى فاريس يستغرق أربع ساعات والطيارة سترتفع نحو الساعة السابعة. وكنت علمت ان هناك طيارة للشركة عينها تأخرت عن الوصول الى لشبونه يوم الأحد وانها ستصل عند ظهر الاثنين أي عند منتصف اليوم عينه فسألت المستخدم هل يوجد مقعد في هذه الطيارة فقال انه لا يدري وخابر مستخدماً آخر في منزله في تلك الساعة فقال انه يرجح وجود مكان ولكنه ليس متأكداً ولايمكنه التأكيد إلا بعد فتح المكتب نحو الساعة التاسعة.
أخيراً قرَّرت متابعة السفر الى فاريس لأني كنت أعلم انه يوجد لا أقل من طيارة تسافر يومياً الى القاهرة في الشركة الفرنسية فيكون الاوفق السفر الى فاريس. فركبت الطيارة ساعة أُذن للركاب وارتفعت الطيارة الساعة السابعة ونصف وبعد طيران نحو ساعة في اتجاه فاريس ارتدت الطيارة على عقبها وعادت الى المطار لأن الربّان لم يكن مطمئناً لحالة احد المحرِّكات فبلغت المطار نحو الساعة التاسعة وفي الحال اتصلت بمكتب "عبر العالم" الذي اجرى مخابرة مع مكتب لشبونه المركزي وأخذ توكيداً انه يوجد مقعد في الطيارة التي تمرّ بالمطارفي ذاك النهار، فسررت بذلك واجريت معاملة تحويل السفر الى هذه الطيارة.
عند الساعة الواحدة ونصف هبطت الطيارة القادمة من أميركانية الى المطار وبعد انزال الركاب والمحمول واعداد ما يلزم أُذن للرُكاب المسافرين فيها بالصعود اليها فصعدت وارتفعت الطيارة نحو الساعة الخامسة عشرة والدقيقة الثلاثين وطارت متجهة نحو مدريد فبلغتها بعد نحو ساعة ونصف. وبعد نصف ساعة وقوف طارت بي في اتجاه الجزائر في الشاطئ الافريقي ومن الجزائر الى تونس حيث تناولنا طعاماً خفيفاً بعد ان كنّا تعشينا عشاءً لذيذاً في الطيارة وفي تونس كتبت كلمة على بطاقة بريد عليها صورة المدينة وارسلتها اليك وكتبت كلمة اخرى على بطاقة اخرى ارسلتها الى الرفيق بحليس في سان فاولو. ومن تونس طارت الطيارة الى طرابلس الغرب التي بلغتها نحو الساعة الرابعة فنزلنا في مطارها الاميركاني للراحة قليلاً وشربنا شاياً ولبناً. ثم ارتفعت بنا الطيارة مرة اخرى طائرة نحو القاهرة فبلغتها نحو الساعة التاسعة من صباح الثلاثاء.
لم أرَ أحداً ينتظرني في المطار ولكن أحد المواطنين كان هناك فعرفني وأخبرني انه عرف ان الرئيس ثابت موجود في القاهرة بانتظاري ورجّح لي في اي فندق نازل فتوجهت الى هناك فوجدته واخبرني انه جاء برفقة الرفيق أسد الاشقر وان أسداً في الفراش وبه حمَّى من تأثير البرد اثناء الطيران من بيروت فصعدنا الى غرفته واجتمعنا وتحدثنا.
سأطير الى بيروت قُبيل ظهر السبت القادم الواقع في أول مارس حيث يصير استقبال الزعيم بحشد قومي أمام المطار.
الحزب اليوم ذو قوة عظيمة ولكن الموقف السياسي دقيق وسأرى الحالة بعد وصولي. وسيكون هناك مأدبة على شرف الزعيم في بيت الرئيس ثابت يدعى اليها ممثلو الدول وحفلات اخرى من هذا النوع والحياة الاجتماعية – السياسية ستكون دائماً نشيطة ويجب ان نكون مستعدين لهذه الحياة.
شعرت بعد مغادرتي بوانس أيرس ببعض انزاعاجات لا تزال تلازمني وسأعرض نفسي على بعض الأطباء بعد وصولي الى بيروت لمعالجة الحالة المَرَضيَّة القديمة التي هي سبب الانزعاج وسأعمل كل جهدي للشفاء التام.
اريد منك أيضاً ان تتعالجي عند بعض الاختصاصيين معالجة كلية حاسمة وان لا تغادري بوانس أيرس إلا بعد الشافاء التام، لأن مجهود الحياة الجديدة ومقتضياتها تتطلب منا، قبل كل شيء، الصحة
فأحب ان تباشري الاعتناء بصحتك ساعة وصول هذا الكتاب اليك.
سيكون استقبال الزعيم في بيروت عظيماً وسيؤخذ فيه شريط سينما وصور كثيرة وسأكتب اليك من هناك.
القوميون الاجتماعيون استأجروا لي في بيروت داراً مفروشة لمدة شهر اتمكن خلالها من النظر في استئجار دار اخرى لسكننا.
نزلت في القاهرة في فندق شَفرد Shepherd وهو أحسن فنادق مصر وقد التقيت هنا بعدد من القوميين الاجتماعيين منهم طلبة ومنهم قادمون في وفود سياسية وغيرها وهم من لبنان والشام وفلسطين. وقد زارني بعض السوريين المقيمين في مصر العاملين في المسائل السياسية.
هذه حفنة اخبار من مصر.
اقبلك وصفية واليسار بشوق كثير وارسل سلامي القومي الى الجميع.
ولتحي سورية
القاهرة في 22 فبراير 1947