رغم كل سلبيات أوضاع سورية - تجزؤها السياسي وتخلفها الاقتصادي والحكم الأجنبي والتدهور الثقافي - بقي سعادة متفائلاً بمستقبلها بشكل ملحوظ. والتعبير الرئيسي الذي استعمله عن تفاؤله هو "النهضة"، وهو التعبير الذي استعمل ايضا ضمن المفردات السياسية في سورية منذ أواسط القرن التاسع عشر بأنماطاً مختلفة. اما بالنسبة لسعاده، "النهضة" هي مسيرة التحرك باتجاه الوضوح القومي. هي نوع من التغيير الذي ينقل الأمة من حالة إلى أخرى في مسعى شامل وحيد. وإبان حصول هذا التحول تؤدي عوامل هامة عديدة مثل الصراع والقوة والوعي والعقيدة، دورها الخاص. وتتزايد القيمة الوظيفية لكل عامل من هذه العوامل بالتناسب مع حدة الأزمة. فكلما كانت الأزمة عميقة، كلما كان الدور الذي يلعبه كل عامل في مسار التحول عميقاً. بالإضافة لذلك، تؤدي المؤسسات القومية دوراً بالغ الأهمية في مسار التحول، إذ تعمل لا كوسيلة للتعبير فحسب، بل وكمصدر للشرعية العقائدية.
1. مفهوم النهضة عند سعادة
اعتمد سعادة لصياغة نظرته للنهضة على منطق بسيط. قسم المجتمع إلى مستويين عريضين: المستوى المدني الذي يمثل الظواهر القومية كالمعتقدات والقيم والتقاليد والخرافات التي تدور حول محور سياسي- نفسي -ثقافي محدد، ومستوى سياسي وهو الدولة التي تنشأ من مجرى التطور الاجتماعي. ورغم وجود فارق كبير بين المستويين، فهما لا يوجدان منفصلين عن بعضهما، إذ بينهما علاقة متبادلة ومتغيرة على الدوام. ويرى سعادة أن المجتمع المدني هو الذي ينشئ الدولة، ولذا يعكس كل منهما الآخر. وما يؤثر على الشعب يؤثر على الدولة. وفي ظروف تكوين القيادة الوطنية لنظرة مستقلة، قد تنقلب هذه العلاقة وتظهر الدولة كقوة مؤثرة في التطور العام للمجتمع.
برأي سعادة، تعبّر النهضة القومية عن ذاتها في قاعدة المجتمع وتنتشر رأسياً حتى تشمل كل حياة المجتمع، بما في ذلك نسيجه الهيكلي. وهي تنطوي على تغيير جذري في القيم السائدة وتقاليد المجتمع، والمناخ الروحي والثقافي، وإعادة تنظيم جذرية للنظام الاقتصادي. بهذا التصور، تختلف النهضة عن الإصلاح الاجتماعي لشمولها، وهي لذلك، تعادل مفهوم الثورة الاجتماعية. وبالنظر لطبيعة الأزمة القومية في سورية، تستلزم النهضة تحولاً أساسياً في التفكير الشعبي في أربعة مجالات رئيسية:
أولاً، إدراك أن النهضة القومية ليست مجرد تصرف يغير المظاهر الخارجية للأمة، ويجعلها ترتدي حلة جديدة. الأحرى، أنها تغير الأمة جذرياً حتى كيانها الداخلي، وطريقة تصرفها وقيمها. واعتقد سعادة بأن التغيير الحقيقي لا يحصل إلا إذا حصل نهوض داخلي خلاق في كيان الشعب وينبثق ليمزق القيود التي تعيق قواه ونشاطاته.
ثانياً، لا يكون النهوض القومي حقيقياً إلا بقدر ما يكون شاملاً لكل مظاهر المجتمع والحياة الإنسانية. وهذا لا يشمل المؤسسات فحسب، بل والأسس العقائدية والمعتقدات والخرافات التي نشأت عنها. وينبغي عدم الخلط بين النهضة والإصلاحات الاجتماعية الوسطية أو الحلول الآنية التي تتم ضمن إطار اجتماعي مشوه، فهي أوسع وأشمل من كليهما. ويرى سعادة أن الذين حاولوا معالجة الأزمة القومية في سورية بحلول جزئية، كانوا مضللين إلى حد كبير، ذلك لأن المشاكل التي حاولوا علاجها (الانتخابات، البرلمان، الفساد، التدخل في النظام القضائي، سوء استعمال السلطة) كانت "أمراض الدولة - أمراضاً تعتري الحكومة والإدارة. وهي تمثل جزءاً بسيطاً من أمراض الأمة، وكلها نتيجة تفشي أمراض الأمة".
ثالثاً، لا يمكن أن تكون نهضة ما لم تحاول أولاً، نقد الأوضاع القائمة. وينبغي إدراك أن أمراض الأمة ليست اجتماعية بمعنى اقتصادي أو سياسي محض. ورغم أنها قد توجد، فهذه الأمراض ترتبط ارتباطاً وثيقاً بموضوعين حيويين لهما الأسبقية على أي موضوع آخر، وهما برأي سعادة، موضوع المجتمع بصورة عامة - سبب وجوده وهويته وشخصيته الحقوقية-السياسية، ونفسية المجتمع وقواعده الأخلاقية. بكلمات أخرى، لا جدوى تعود على سورية من محاولة تقليد أمم العالم المتقدمة والأكثر رقياً، في الوقت الذي لا تكون لها فيه نظرتها الخاصة التي تحدد على أساسها التغييرات والأفكار التي تلائمها، على وجه التحديد.
رابعاً، النهضة هي مسيرة "الخروج من التفسخ والتضارب والشك، إلى الوضوح والجلاء والثقة واليقين والعمل بإرادة واضحة وعزيمة صادقة. وفي هذه المسيرة، يشكل تطبيق الثقافة الإنسانية بطريقة موضوعية حرة، جزءاً من الإحياء القومي. وكما قال سعادة: "النهضة، بالنسبة لنا، يجب أن تعني أكثر من مجرد الإطلاع في مختلف النواحي الثقافية المتعددة التيارات الفكرية الموزعة في هذه البلاد والتي جاءت مع بعض المدارس الأنجلو - سكسونية أو اللاتينية أو غيرها،… إنها لا تعني مجرد الإطلاع في المواضيع المتعددة أو المتضاربة بدون غاية وقصد ووضوح". وبناء عليه، ينبغي أن تكون الأمة قادرة على التعبير عن نفسها في أي مسألة انطلاقاً من نظرة حرة ومستقلة قبل أن تستطيع الإدعاء بأنها حققت نهضة.
النهضة، اذا"، هي عملية إنشائية معقدة تبدأ من النقد الذاتي وتشق طريقها عبر النسيج الاجتماعي بكامله، إنها حدث على قدر كبير من الشمول يقوم فيه الشعب، مسلحاً بوعي جديد لأوضاعه، بتحويل هذه الأوضاع كلية. والتغييرات التي تلي ذلك، هي تغيرات كاسحة وأساسية تدل على "تحول رئيسي في مسار التطور المستمر". والمفتاح الاول لهذا التحول يكمن، برأي سعادة، في انتشار الوعي القومي. وما أن يحصل الوعي، حتى يندفع الشعب إلى نقد، ثم تحدي النظام القائم.
ولكن، في مجتمع كالمجتمع السوري يفتقر حتى للوعي البدائي، لا بد وأن يغرس الوعي في أذهان الشعب من خارجها. بكلمات أخرى، يجب أن يعزز حتى في الحياة اليومية، وإلا استغرق وقتاً طويلاً ليتطور من تلقاء ذاته. وفي الصراع القومي الحالي من أجل البقاء، الوقت ثمين ولا تستطيع الأمة انتظار التغيرات لتحدث تلقائياً، بل يجب أن تخلق الظروف المناسبة لذلك. اذ، قد يقود الوعي القومي، بحد ذاته، إلى "روح النهضة"، ولكن ليصبح قوة تغيير حقيقية، ينبغي أن يثير حماساً للصراع. والصراع، برأي سعادة، هو سمة جوهرية من سمات التطور الانساني، ولكنها سمة لا تحصل في فراغ. انها امتحان لصحة العقائد والقيم، وله على الدوام نتيجة واحدة: غالب ومغلوب. ولم ير سعادة فائدة في أي تسوية بين فكرتين متصارعتين، لأنه اعتبر أي سلام بين عقيدتين أو قوتين متصارعتين هدنة ومجرد هدنة". فالصراع هو وسيلة تمييز الحق عن الباطل والحق يعرف بانتصاره فقط، والباطل بهزيمته.
والوعي القومي في مفهوم سعاده يتخطى الوعي الجزئي بكل انواعه. انه الوعي الاجتماعي المرتبط ارتباطا عضويا" بمصلحة المجتمع-الامة العامة وليس الوعي الطائفي او العائلي او الطبقي. وهذا المفهوم الشامل للوعي القومي يعود، بالاساس، الى النظرة الجديدة للقومية التي توصل اليها. اذ انه، بعكس الاعتقاد الشائع بأن القوميةهي فكرة سياسية بحت غايتها تعبئة الشعب لتحقيق الاستقلال أو الدفاع عن الكيان السياسي (وما أن يتحقق أحد هذين الهدفين حتى تتوقف القومية عن لعب أي دور مميز في الحياة القومية)، كان ينظر للقومية من زاوية أوسع. القومية، حسب مقولته، ذات بعدين:
1. هي معتقد سياسي يدفع الشعب باتجاه تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة.
2. عقيدة اجتماعية تجذب الشعب بقوة باتجاه تحدي الترتيبات القائمة.
فسر سعاده القومية بأنها نتيجة الانصهار التاريخي للقوى الاجتماعية في كل لا ينفصل، بدل اعتبارها إيديولوجيا تحجب صراعاً طبقياً فطرياً. وفي هذا التفسير تؤكد القومية دور العنصر الواعي على التلقائية، والعقل على العنصر العاطفي والجزئي، والعنصر العام أو المشترك على الخاص. خلافاً للتضامن الطبقي، القومية كامنة في أعماق مظاهر السلوك الجماعي. وعلى هذا الأساس، ارتأى سعادة أن القومية، وليس الصراع الطبقي، هي التي حولت الشرق إلى "براكين" والشعوب الضعيفة إلى إرادة جماعية واثقة بنفسها ضد السيطرة الأجنبية.
والقومية، كعامل إيجابي للتغيير، عاطفة خاصة تنفذ إلى الشعب وتحوله إلى قوة جماعية فاعلة. وهي محاولة جادة يقوم بها الشعب للتحكم في شؤون حياته، ولذا، فهي معادية لكل أشكال الاستعباد، وللمعتقدات والمؤسسات القديمة التي تمس وحدة الأمة أو تعيق تقدمها. قال سعادة، "ما معنى الأخوة القومية؟ إذا كنت أقول إنك أخي ولكني، في الواقع، أحرمك من كل حقوق الأخوة معي".
جوهرياً، ما فعله سعادة هو أنه أعطى القومية, وبالتالي النهضة القومية, تصوراً مزدوجاً ودمجه في حركة واحدة. فالقومية الآن تعني نضالاً اجتماعياً لتحرير المجتمع من المؤسسات والمعتقدات البالية، ونضالاً قومياً ضد الأخطار الأجنبية التي تهدد الأمة من الخارج. وبناء عليه، فالقومية ثورة وطنية وثورة اجتماعية مندمجتين في واحدة.
2. مفهوم الحزب عند سعادة
ان مسألة اي حزب اراده سعاده مرتبطاً بشكل مباشر بالوضعية القومية في المجتمع من جهة، وبالوضعية الحزبية القائمة في سورية من جهة اخرى، فعندما عاد سعاده من البرازيل عام 1930 تسائل: هل يمكن للاحزاب والقوى الساسية القائمة في كيانات الامة ان تكون رافعة للممارسة القومية الصحيحة؟ وهل يمكنها ان تنمي ثقافة جديدة مبنية على الآخاء قومي؟ بل هل يمكنها ان تقدم نموذجا ديموقراطيا يوفر المستلزمات الاساسية للنهوض بالمجتمع السوري الى مرتبة الامم الحية؟ فكان الجواب بالنفي. وبعد ان اكتشف عمق الارتباك الذي كانت (وما زالت) الاحزاب السورية تعيشه نتيجة للمأزق القومي السائد في الامة، رأى سعادة أن البعث القومي غير ممكن عملياً خارج نطاق مؤسسة تدرك جوهره عملياً وتفهم ميدانه الخاص. وقد تكون هذه المؤسسة موجودةً فعلاً في بعض المجتمعات، أما في المجتمعات المتخلفة فلا بد من إيجادها. فالمؤسسات السورية مثلاً، كانت قديمة وتفتقر للكفاءة وتنشط خارج نطاق الوعي القومي ومحصورة في وضع هامشي يعتمد أساساً على العشيرة أو الطائفة أو العائلة. وحتى في عصر التغيير السريع، فشلت في إبداء أي سلوك ثوروي، وتراجعت إلى نشاطات آنية.
الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي تأسس عام 1932، كان رد سعادة على هذا الافتقار للمؤسسات. فالحزب جسد نضج الحركة الثوروية التي أخذت تتجاوز المطالب المحدودة والمتضاربة للجماعات المختلفة. وذلك بجعله البعث القومي الذي يسمو على المستوى السياسي القائم والتفكير الضيق هدفه الاساسي والاول. ولقد ، استلزم هذا التجسيد بالاضافة الى ضرورة تجاوز السياسات الطائفية المتحجرة الانتقال من الواقع الموضوعي للفتور السياسي إلى الذاتية الثوروية, وتحولٌ جزريٌ في المفاهيم: من "المفهوم الفردي" الخصوصي إلى "المفهوم القومي"، بحيث ترفع المسائل المثارة إلى نقطة تصبح فيها المصلحة القومية هي الأساس لكل تصرف أو سلوك سياسي. كان الحزب هو القوة التي أمل سعادة أن تحقق هذا الهدف. ففي الوقت الذي شجعت فيه المؤسسات القائمة نظرة خصوصية ضيقة قادت، في الغالب، إلى التركيز على المصالح الفئوية، كان الحزب السوري القومي الاجتماعي حركة تعبر عن رفضها للنظام من منطلقات قومية.
وبالفعل، ما ميز الحزب السوري القومي الاجتماعي عن الأحزاب والتنظيمات السياسية القائمة في سورية، هو توكيده على "الكليات" وليس "الخصوصيات". تملكته رغبة جامحة في البقاء دوماً كطليعة حقيقية للقضايا القومية، بدل التلهي بالمشكلات والحلول الطارئة. فالموضوع الحيوي بالنسبة لسعادة لم يكن استبدال نظام سياسي بآخر، أو المسارعة لإيجاد نظام جديد يمكن أن ينتجه المجتمع وهو في وضعه الحالي. الموضوع لسعادة هو تغيير كامل حياة الأمة التي توقف تقدمها منذ وقت طويل، وتقلصت الإمكانية الموضوعية لتحركها باتجاهات جديدة، وذوت حتى التلاشي تقريباً.
ثانياً: سعاده اراد حزباً يعبر عن حياة جديدة بقيمها ومناقبها الخاصة – حزباً يسعى ليس فقط لتدمير المعاني والمعايير القديمة في الحياة اليومية، بل ايضا لبناء قيم ٍأخرى جديدة مكانها. وهذا الحزب، لكي يقوم بمهامه على اتم صورة، عليه أن يهدف إلى تطوير نفسه بحيث يتمكن من إعطاء التعبير المؤسساتي السليم عن النظام السياسي الجديد الذي يسعى لإقامته. لذا قال: ""القصد الأساسي في الحزب السوري القومي الاجتماعي هو توحيد اتجاه الأمة الموجودة مصغرة في الحزب. وإذا قلنا أن الأمة هي الحزب السوري القومي الاجتماعي وأن الحزب السوري القومي الاجتماعي هو الأمة، لم نقل إلا الحقيقة الحرفية المجردة، لأن الأمة هي هيئة تحقق فيها الوعي وحصلت النظرة الفاهمة الواضحة الصريحة إلى الحياة والكون والفن".
كانت فرضية سعادة الرئيسية هي أن التحول الفردي في السلوك والأساليب، يجب أن يبدأ من إدراك أن البعث القومي، وخاصة في بداياته، هو مسار عقائدي قبل كل شيء آخر. ولهذا السبب، دعا القوميين الاجتماعيين إلى مناقشة المواطنين عقائدياً بدلاً من الخوض في السياسة، وكإجراء معاكس للوضع السياسي القائم. وهجومه هذا على السياسة نجم من الارتياب العميق بالأساليب السائدة والاتجاه القائم، فقد كانت مجردة من القيم وتقوم على الدهاء والهرطقة: "السياسة التي تسخر من آمال الشعب ورغباته وتحتقر الأمة". وكتعبير حقيقي عن النهضة، كان على الحزب ان يترفع عن هذا النوع من السياسة لأن "كل خطة سياسية وكل خطة حربية مهما كانت بديعة ومهما كانت كاملة لا يمكن تحقيقها إلا بأخلاق قادرة على حمل تلك الخطة."
ثالثا: الحزب الذي اراده سعاده هو الحزب القائم على الوعي والمعرفة بدلا من الحدس والاعتباطية. وعمل كهذا يستلزم إنشاء بنى جديدة في مجال الوجود اليومي للمجتمع تكون الغاية منها غرس الوعي القومي في الشعب، وطرح التحدي لكل قيود النظام القائم. هنا، تصور سعادة تفاعلاً جدلياً بين الحزب والمواطنين: الحزب ينشر في المجتمع وعياً قومياً ثوروياً، ويتلقى بالمقابل دعماً مادياً ومعنوياً هو بحاجة إليه. لذا، يقف الحزب السوري القومي الاجتماعي بين النخبوية (بالمعنى المعتدل للكلمة لا المتطرف التي تعني وجود نواة سياسية "منفصلة تمامً عن محيطها، مع احتفاظ نواة صغيرة من هذه النخبة بكل المبادرات) والجماهيرية التي تعتبر المشاركة الشعبية الأداة الحقيقية للتغيير الثوري.
رابعا, الحزب الذي اراده سعاده هو الحزب الحاضن لكل المجتمع وليس لفئة او لفئات منه. وهذا يعني حتما، انه لا يجوز تصنيف الحزب السوري القومي الاجتماعي بين اليسار واليمين لان هذين المصطلحين ينطبقان على الاحزاب السياسية العادية لا على الاحزاب القومية التي تعتمد المجتمع كله في عملها وفلاحها. من هنا نفهم قول سعاده: " إن الحزب السوري القومي الاجتماعي لأكثر كثيراً من جمعية تضمّ عدداً من الأعضاء أو حلقة وجدت لفئة من الناس أو من الشباب. إنه فكرة وحركة تتناولان حياة أمة بأسرها، إنه تجدد أمة توهم المتوهمون أنها قضت إلى الأبد..." وقوله: ” ان زمن القطعان قد انتهى، وابتدأ زمن الجماعة المدركة الحرة!" الحزب السوري القومي الاجتماعي, اذا, هو للجميع – لكل المجتمع – وليس لفئة منه يسارية كانت ام يمينية.
خلاصة
يرى سعادة أن النهضة القومية ليست عملية تدريجية يحصل فيها التغيير عبر إصلاحات من فوق، بل هي، لحظة تاريخية تنطوي على انقطاع عن النظام القائم. وخلال الانتقال من مرحلة ما قبل النهضة إلى مرحلة النهضة الحقيقية، تتعرض الأمة لتحولات كبيرة تواجه فيها مشكلاتها الرئيسية. والمظهر الهام للنهوض القومي هو هدفه البعيد الشامل الموجه نحو التدقيق في الحياة القومية بكل مظاهرها. وعمليا، يمثل نظرة جديدة شاملة للحياة.
النهوض القومي ليس حلما يمر ذات ليل. وما لم تكن هناك رغبة قوية بالتعبير، فلن يحصل، كما لا يحتمل أن تكون نهضة إذا ظن الشعب أن التغيير يأتي من الخارج، أو أنه يقدم على طبق من فضة. حقائق الحياة القومية تستلزم نظرة عملية للتغيير. هذا هو الأسلوب الأمثل للمحافظة على الأشياء القيمة وعمل ما يجب عمله لتحقيق التقدم.
أما فيما يتعلق بالأزمة القومية في سورية، فالتحول إلى النهضة يعني تحولاً جذرياً عن الموضوعات الصغيرة في الحياة، إلى مشاكل الوجود القومي. كما يعني تحولاً في التركيز من الإصلاح السلمي إلى الثورة مباشرة. والأهم، بهذا المفهوم المتميز للنهضة، تصبح المستلزمات القومية السورية بؤرة الاهتمام، بدلاً من الموضوعات الجانبية والتلهي بجدال لا ينتهي عن مزية التغيير على الطراز الغربي.
كامل الخوري