القول ليس شعراً

سورية الجديدة

سان باولو،

العدد 103،

8/3/1941م

 

ليس هذا المجال، كما قلنا في البدء (الصفحة 5 أعلاه) مخصصاً لدرس منظومات «الشاعر القروي» فنقف في كلامنا على شعره اللاوطني عند الحد الذي بلغناه في المقالين السابقين، لنخص هذا المقال بمنظوماته «الوطنية».
نشأ رشيد الخوري في زمن ابتداء الاختلاجات السياسية في سورية، بشكل دعوة الأمم العربية إلى الاتحاد ضد السلطة العثمانية، زمن «دع مجلس الغيد الأوانس»1، و«تنبهوا واستفيقوا أيها العرب»2، و«بلادي لا أرى فيك الإقامة لمن يهوى التعزز والكرامة»3 وغير ذلك من المواضيع السياسية الأولى التي رافقت تلك الاختلاجات. فانطبعت مظاهر الاختلاجات المذكورة على نفسه. ومتى عرفنا من الدرس والمقابلة أن رشيد الخوري مكتسب في الشعر، لا موهوب، عرفنا أيضاً بالفحص والمقابلة أن نزعاته «الوطنية» في نظمه هي تقليد لنزعات غيره. وهكذا ترى قصيدته التي مطلعها: «أبيت جوارها أرضاً بغير الذل لا ترضى» فهذه القصيدة هي مزيج من أفكار صاحب «بلادي لا إلى فيك الإقامة» وإحساسات صاحب «دعاني أجرع الغماء». وأفضل قصائده الوطنية لم تتجاوز أن تكون قبساً من «دع مجلس الغيد الأوانس»، و«تنبهوا واستفيقوا أيها العرب».
إن منظومات رشيد الخوري «الوطنية» ليست سوى صدى ما يقال ويسمع في بيئة الناظم، أي إنها منظومات، لا فكر مولد فيها ولا فكرة واضحة لها. كل ما يمكن أن تشعر به فيها هو أنها صادرة عن رجل يحب الحرية والاستقلال ويطلبهما ككل إنسان آخر، أو ككل حيوان على الإطلاق. فمحبة الحرية وطلبها4 ليسا شأنين من شؤون الناس فقط بل هما من شؤون الحيوان أيضاً. ألا ترى كيف يجول الأسد أو النمر المأسور في قفصه يطلب مخرجاً ومجالاً لحركته بعد أن ضاق ذرعاً بأسره وعيل صبره؟، أو العصفور كيف يمد منقاره من هنا ومن هناك طالباً الإفلات من القفص الذي سجن فيه؟
نقول إن قصائد الخوري الوطنية ليست سوى صدى ما يقال ويسمع، أي إنها قصائد لم تشتمل على غير صدى قصائد قديمة وغير الأفكار والفِكَر البسيطة، العامية، الشائعة، وهذا يعني أنها تابعة لا متبوعة. كل فكر أو رأي يسمعه الخوري في سهرة عائلية أو اجتماع أدباء يدوّنه أو يحفظه ثم ينظمه قصيدة من «بنات أفكاره». فالعقائد القومية أو الوطنية الغامضة تنعكس على قصائد رشيد الخوري بكل غموضها. وحين كان الزمن زمن عدّ «الشرق» موطناً والشرقيين جماعة أو «أمة»، نظم رشيد الخوري قصيدة بعنوان «أمة الشرق» جمع فيها الترك والعرب في أمة واحدة جعلها «أمة الشرق»!
في ذلك العهد كان لا فرق بين قولك «أمة الشرق» وقولك «أمة العرب» ولذلك ترى الخوري قد استعمل القولين؛ فهو قد رأى الشرق كله وطناً واحداً وأمة واحدة ثم عاد فرأى العالم العربي كله وطناً واحداً وأمة واحدة. وفي كل ما نظم من «الوطنيات» لا تجد فكرة واضحة للوطن أو للوطنية المنسوبة إليه. فالوطن له هو حيناً الجزء الأصغر من الوطن القومي، هو لبنان، وحيناً آخر هو «سورية الوطن» كما في (الرشيديات)، ولكن الوطنية ظلت لفظة فوضوية شاردة لا تعرف وطناً ذا حدود ولا تعني الانتساب إلى وطن معين. وقارى قصائد رشيد الخوري لا يجد فكرة وطنية نهائية ثابتة يستقر عليها، بل هو يجد أن الوطنية قد تحولت عن معناها الأصلي إلى لفظة مرادفة للحرية المطلقة، الفوضوية، أو لبغض الغربيين، وبناءً على هذا الاستعمال غير المضبوط سميت منظومات الخوري «قصائد وطنية».
جمع رشيد سليم الخوري فئة مختارة من منظوماته «الوطنية» في كتابه سماه (الأعاصير). لنتناول هذا الكتاب، الذي هو زبدة «الشعر الوطني» الذي وصف به «القروي» وفيه أنضج ما نظم الخوري في هذا الباب.
نتناول، قبل كل جهة أخرى، الناحية الشعرية. والحقيقة أننا نقول «الناحية الشعرية» من باب أن الشعر قيمة نفسية سامية أدركتها فطرتنا الممتازة منذ قرون متطاولة في القدم، لا من باب أن الشعر موجود في (الأعاصير). ففي مجموعة (الأعاصير) كلها لا يعثر القارى على غير محاولة واحدة ضعيفة لنسج بردة شعرية، هذه المحاولة هي في قصيدة «نكبة الشام»، وفيما سوى هذه المحاولة لا تجد أثراً واضحاً للشعر في (الأعاصير)، ولو شنق نفسه الكاتب المصري حسن كامل الصيرفي، أو ندب حظه أمين الريحاني1، أو أعلن نقمته أمير البيان المير شكيب أرسلان، أو حملق كثيراً توفيق قربان بعينيه من وراء نظاراته، أو تحولت فلسفة «الشاعر القروي» القائلة «إن الخلود يكون بواسط المطابع» إلى سراب في الصحراء لضالّ مجهد!
أبدع قصائد (الأعاصير) «الحماسية» تبلغ، حدالتقصيد الزيري، على طريقة تعبير الرفيق وليم بحليس، أو حد «قول» القوالين المشهور أمرهم. وإذا كان «القول» يبلغ أحياناً حد الشعر بالمعاني التي تعطي صورة مجازية جميلة لفكرة أو شعور حقيقي، فإن صفاته الأساسية تجتمع في الاندفاع في المظاهر الوهمية وترك كل نسبة أو قياس بين الوهم والواقع، شرط أن يكون معنى القول مغرياً بما يفتح من أبواب خداع الوهم المجرد أو يقفل من أبواب البداهة. كل مظهر اعتباطي، مهما كان مبتذلاً أو سخرياً، جائز في القول. وهكذا في (الأعاصير) وإليك المثال:
خذ قصيدته «الرجاء الوطني»1 التي قصد منها أن تكون شعوراً جميلاً يربط الإنسان بوطنه وهذه بعض أبيتها:
غرست بلبنان ورد الأمل قل للبرازيل أن تمحلا
وجدت عليه بمزن المقل قل للأمازون أن يبخلا
وحليت قلبي «بنبع العسل» قل لليالي أمطري حنظلا
هذه الأبيات هي «قول» أو «تقصيد» مجرد من كل صورة شعرية، والصورة التي ترسمها من أسخف ما يمكن أن تتصوره مخيلة قوّال بسيط. لماذا يجب أن تمحل البرازيل إذا كان الناظم قد غرس ورد الأمل بلبنان؟ وما هو الجمال الشعري في سقي الأمل بمزن المقل وبخل الأمازون؟ وما هي الفائدة الحقيقية أو الخيالية وما هو سر الجمال في سقي ورد الأمل بمزن المقل إذا عز الوصول إلى ماء الأمازون؟ الباكي فوق ورد الأمل ماذا تكون حالته وماذا ينتظر أن تكون نهاية أمله؟ ولماذا يجب أن يزدري خصب البرازيل وغزارة أمازونها؟ المقطع الأخير من الموشح يقول2:
وإن كاد فُلكي ببحر الدجى يحطم فوق صخور الغد
ولم أرَ من ملتجى مرتجى لا من يد تتلقى يدي
شددت «بصنين» حبل الرجا وقلت لموج الأسى: أزبد
البيتان الأولان يمهدان لصورة شعرية محلقة، ولكن البيت الأخير يسف إسفافاً يولد في نفس القارى الشاعر خيبةً وانقباضاً عظيمين: الحالة النفسية التي تتطلب مثالاً نفسياً ــــ روحياً من نوعها لا تجدى سوى خاطر مادي، استبدادي، لا منطق يجيز انتهاءها إليه. فلو قال الناظم مثلاً: «.. شددت حبل الرجا بتلك القوة الخفية، العجيبة في وطني التي كتب لها الخلود» لكان هنالك وجه للرجاء الوطني. ولكن ما هي الموحيات الفكرية في «صنين» لجعل الرجاء الوطني يرتبط به حين يكاد فلك حياة المرء يحطم فوق الصخور التي تخبئها الأيام؟
هذا الموشح يدل على أن الناظم يريد أن يفرض علينا سخافاته وخصوصياته «الشعرية» فرضاً، فهو هنا كما في قصيدته التي تناولناها في المقالة السابقة القائل فيها: «من ذاق شهدك لم يخف من سمّك» يريد أن يكلفنا قراءة المنظومات المتعلقة بخصوصيات نفسيته، وهي أمور كان يجب أن تبقى بين الناظم ونفسه أو، على الكثير، بينه وبين خلانه الذين يشاركونه في مستوى أفكاره ومُثُله وفي إحساساته ومطالبها.
ماذا يهمنا نحن أو يفيدنا إذا شدّ رشيد الخوري حبل رجائه بصنين أو بحرمون أو بجبال العكام (أمانوس)؟، وماذا يهمنا من استغنائه بدمعه الهاطل على ورد أمله عن أمواه الأمازون؟ وهل بلغ بهذا الناظم السخف حد تصور أننا مثله عاجزون عن سقي ورد أملنا في وطننا بغير دموعنا؟، أو لي عندنا نهر أدونيس (إبراهيم) الغني بأساطير الحياة، ونهر العاصي ونهر دجلة ونهر الفرات ونهر الأردن وغيرها من أنهرنا نسقي منها سهول آمالنا المُوجِدة1 الخصبة، حتى نقف كالنساء اللواتي أسقط في أيديهن نبكي على ورد أمل غرسناه لنعتز به، لا لنهان ونتعرض للشماتة؟
وماذا يهم العموم من محللات رشيد الخوري ومحرماته حتى ينظم للناس كيف أجاز لنفسه انتهاز فرصة ضعف فتاة وغلبها على أمرها غير مبالٍ بسمّ غضبها ما دام يتمكن من ذوق شهدها؟، أليست هذه حالة من حالات فساد الفكر التي يصورها المعرّي الخالد أوهمت الناظم أن قطر السرى درٌّ يحسن أن يعرضه على الناس؟
في (الأعاصير) قصيدة بعنوان «الشهداء»2 مطلعها تكلف ظاهر وقول عادي وهذا هو3:
خير المطالع تسليم على الشهداء أزكى الصلاة على أرواحهم أبدا
والخوري يحاول فيها بلوغ الشعر بكل وسيلة فينتقل إلى المجاز ليبرز صورة شعرية ويقول4:
بل علّقوكم بصدر الأفق أوسمة منها الثريا تلظّى صدرها حسدا
ولكننا لا نجد ظاهرة واحدة أو شكلاً يرمز إلى تلظى صدر الثريا حسداً. وإخراج الرمز يظل منوطاً باجتهاد كل قارى في تخيل الصور والأشكال.
وهنالك قصيدة في «وعد بلفور»5 لا تختلف عن قول القرادي في شي. تأمل هذه الأبيات6:
الحق منك ومن وعودك أكبر فاحسب حساب الحق يا متجبر
تعد الوعود وتقتضي إنجازها مهج العباد خسئت يا مستعمر
لو كنت من أهل المكارم لم تكن من جيب غيرك محسناً يا بلفر
إلى آخر القصيدة. وفيها أبيات قرادية تخرج عن كل فكر جدي كهذه1:
أما وقد خلع المرائي ثوبه فليخلعنَّ الغمد هذا الأبتر
وليلبسنّ الأرجوان غلالة تطوى على هام الرجال وتنشر
ولتعركنّ الظالمين سنابك حتى يحجّبهم دم لا عثير
وهي، لفقد كل نسبة صحيحة فيها إلى حقيقة الموقف، لا ترسم غير صورة «دنكيخوطية» [Don Quixote] تدعو إلى الهزء والسخرية، وقس على ما تقدم ففيه كفاية لتبيان قيمة منظومات رشيد سليم الخوري من الوجه الشعرية.
ولا بد، قبل ختام الكلام على هذه الناحية، من ذكر أنه يوجد في قصيدة «الشهداء» ظل لصورة شعرية هي من إبداع الوطني الكبير المرحوم الدكتور خليل سعاده، الذي أنذر المستعمرين بالهلاك فتهكّم على سعيهم، وناداهم أن يبادروا إلى نقش آثارهم إلى جانب الآثار التي نقشتها على صخورنا الأمم البائدة.
نترك، عند هذا الحد، الناحية الشعرية ونتناول ناحية الروحية الوطنية في قصائد (الأعاصير).
الروحية السائدة في القصائد المذكورة، كما في غيرها من قصائد «القروي» الوطنية، هي روح النوح والبكاء والندب والصخب والزحير، روحية رازحة، عاجزة، يائسة، لا تملك أمرها ولا تدرك موقفها، روحية أكثر ضعفاً وأقل ثقة من روحية عاموس اليهودي بعد أن ضرب ملك دمشق، هدد عزر، اليهود ضرب عظيمة، روحية لعنة لشعبه ووطنه لا ترى بعثاً ولا أملاً.
يمكن الشعور بهذه الروح من أول الكتاب. انظر البيتين اللذين أهدى بهما الكتاب إلى «شهداء الوطنية»2:
يا رفاتاً تحت الرمال دفينا مبعداً، عاطل الرُّموس نسيّا
لك أهدي هذا الكتاب لأني لم أجد في البلاد غيرك حيّا
فهو لا يهدي الكتاب إلى الشهداء من أجل نبالة تضحيتهم، بل يهديه إلى رفاتهم لأنه لم يجد حياة في شي غيره!
وهو لا يقصر هذا المعنى القاتل الأمل على الحاضر، بل يتناول به المستقبل أيضاً في قصيدته «الشهداء» في الصفحة (59) حيث يقول:
تلك الجبابرة الأبطال ما ولدت للحرب أمثالهم أُمٌّ ولن تلدا
وترى أنه جعل من تقدير الشهداء المقصود مدحهم وسيلة للحط من الأبطال الذين تقدموهم. وهكذا محا الناظم الماضي ودفن الحاضر وأعدم المستقبل. وأين هذا القول الزري، في معرض الاعتزاز والفخر، من قول القائل: «إذا مات منا سيد قام سيد» الذي يرفع المعنويات ويقوي ثقة المرء بمستقبل قومه وحسن مآلهم؟ فإذا كانت الأمهات لم تلد ولن تلد أمثال أولئك الأبطال فبأي شي يكون رجاؤنا للغد؟ أبحبل رجاء رشيد الخوري المشدود بصخور صنين؟!.
وإليك هذا المثال على العجز واليأس1:
يدعوك شعبك يا صلاح الدين قم تأبى المروءة أن تنام ويسهروا
فالناظم لا يرى أملاً ولا مقدرة في غير صلاح الدين من قبره، ولا يمكن أن يحمل هذا البيت على محمل رمز إلى ما سيجي بسبب ما يليه وهو2:
نسي الصليبيون ما علمتهم قبل الرحيل فعد إليهم يذكروا
ريكاردس أدرى بسيفك منهمو فليسألوه لعله لا ينكر
وعلى افتراض أن هذه الأبيات رمز، وهو ما لا وجه قياسي أو منطقي لافتراضه، فبئسما هو هذا الرمز، الذي مغزاه الرجعة إلى القديم، وهذه الروحية الرجعية، التي هي نتيجة روحية العجز واليأس، تتجلى بمظاهرها الباهرة في القصيدة الشائنة «تحية الأندلس» في قوله3:
فإذا بغداد عادت كالقديم موطن الشعر وديوان العلوم
وإذا رنّ بها عود النديم مرجفاً بالحب أعصاب النجوم
الرجوع إلى الماضي وصوره، هذا شأن جميع العاجزين عن الإنشاء والإبداع والتقدم والارتقاء. وقصيدة «تحية الأندلس» المعيبة تحتاج درساً خاصاً سيأتي. والعجز والقنوط والشكوى تظهر بوضوح في قصيدته على غلاف (الأعاصير):
إلهي ردّ ما لك من أياد على وطني وردّ له الأيادا
خلعت على رباه الحسن فذا وألبست القطين به الحدادا
فهذان البيتان ليسا إعلان ثقة بالله من قبل مجاهد عزوم، بل هما ضراعة يائس عاجز عن إدراك الأسباب. فهو يقول إن الله هو الذي قضى بإلباس مواطنيه الحداد بالمرتبة عينها التي قضى فيها أن يكون وطنه جميلاً. إذاً فالأسباب كلها من عند الله ولا يمكننا أن ننتظر شيئاً إلا أن يلبسنا الله الأثواب الزاهية بدلاً من الحداد، فهو وحده على كل شي قدير بذاته. ولا يكفي أنه خلقنا وأعطانا من المواهب بقدر ما أعطى غيرنا وأكثر، وأنه يعيننا إذا توكلنا عليه في خطة وسعي وجهاد. ثم إن الناظم يتحول، في عجزه1 وبعد ضراعته اليائسة إلى «شبول الأرز» ويطلب منهم أن:
فكونوا النار تحرق أو قذى في عيون البُطل إن كنتم رمادا
والناظم يريد أن يوهمنا أن مناداته حمية. وقد يكون هنالك من حسبها حمية، ولا وجه لهذا الاعتبار، لأن الناظم لا يدل «شبول الأرز» على الكيفية التي يصيرون بها ناراً تحرق، ولا على الطريقة التي يكونون بها قذى في عيون البطل متى كانوا رماداً [لا في هذه القصيدة ولا في غيرها]2 . فصيحته صيحة عاجز، خامل، يخبط على غير هدى ويستعمل كلاماً في غير موضعه، كما وضع لقصيدة في فتاة إنكليزية عنوان «صيحة للجهاد» وهي قصيدة لا صيحة فيها للجهاد أو لغيره وإنما جرى فيها ذكر وجود صيحة للجهاد في كل مكان غير القصيدة!
تطل علينا روحية الزحير والعيّ والقنوط في عدة أماكن من (االأعاصير)، وتكاد مظاهر هذه الروحية اليهودية تكون نسخة طبق الأصل عن روحية عاموس أو إرميا. فالناظم يهدد الأعداء بقوة الله ويشتم ويلعن، شأن كل عاجز3:
يا ربة الدأماء مهما تكثري عدد السفين فعند ربك أكثر
* * *
هددت بالأسطول أرواح الورى إن كنت منذرة ففوقك منذر
وإنك ترى السباب واللعن في أقبح صورة في قصيدة «مآسد لا مراع»:
فكنت لئيمةً حرباً وسلماً كلؤمك في الغرائز والطباع
* * *
عرضت الشام موطننا لبيع كأن الشام عرضك يا لكاع
نقف عند هذا الحد في إظهار الروحية السائدة في منظومات رشيد سليم الخوري «الوطنية» بصورة عامة، على أن نعود في ختام هذا الموضوع إلى تناول قصيدته المجرمة «تحية الأندلس». وننتقل الآن إلى ناحية أخرى هي ناحية الفكر.


هاني بعل
للبحث استئناف

 

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.