الزوبعة، بيونس آيرس، العدد 61، 15/6/1943
من الحوادث التي تأسف إدارة الزوبعة لعدم إمكان التعليق عليها في حينها، بسبب توقف هذه الجريدة عن الصدور مؤقتاً، ما لا يصح السكوت عليه أو تأجيله. ولذلك نضطر لإثباته في هذا العدد الذي كنا آلينا أن لا ننشر فيه غير أخبار حوادث اليوم التاريخي الهامّ الذي جرى فيه عيد مولد مؤسس نهضة سورية القومية الاجتماعية.
الحادث هو ما أذيع بالراديو في أخبار دوائر الإدارة الأرجنتينية الرسمية ونشرته في اليوم التالي جريدة لا ناسيون في عددها الصادر في 12 مارس/أذار الماضي. وهذا نصل الخبر كما ورد في الجريدة المذكورة:
»سمح الدكتور كستيليو بمقابلة للنائب في مجلس ولاية سانتياغو دل أسيرو، السيد رشيد عجوب، الذي جاء بمعيته رئيس «البنك السوري اللبناني»، السيد موسى عزيزة. وقد أوصل هذان السيدان إلى الدكتور كستيليو تأييد المجموع السوري اللبناني لسياسة الحكومة».
ليست هذه أول مرة يجري فيها انتحال تمثيل النزالة السورية في هذه البلاد الكريمة، لأغراض فردية مستورة وبدون أي تفويض أو مستند قانوني صالح لمثل هذه الغاية. ولكن هذه المرة بلغ هذا الانتحال أبعد ما يمكن ووصل إلى حد العبث بكرامة النزالة ودوس شخصيتها.
إنّ النزالة السورية في هذه البلاد التي يسميّها البعض «النزالة السورية اللبنانية» والبعض الآخر «النزالتين اللبنانية والسورية» وغيرهم «الجالية العربية» أو «السورية العربية» ليست حزباً سياسياً ولا منظمة سياسية لها حق التدخل في حكومة الأرجنتين وسياستها وإعلان تأييدها لبعض الحكومات الأرجنتينية دون بعض، بل هي مجموع سوريين أمُّوا هذه البلاد مغتربين عن وطنهم ليعملوا في هذه البلاد لتقدمهم الاقتصادي ولعمران هذا القطر، محترمين شرائع هذه الأمة النبيلة وإرادتها في أشكال حكومتها ورجال إدارتها وسياستها. وهي من هذا الوجه تحترم جميع الحكومات الأرجنتينية الناتجة عن إرادة الشعب الأرجنتيني العامة ولا تتحيز مع حكومة ضد حكومة ولا مع حزب ضد حزب. هي من هذا القبيل كما ذكرنا عن النزالة السورية في البرازيل في انتقادنا خطاب السيد رزق الله حداد هناك في العدد التاسع والخمسين من هذه الجريدة (ص 374 أعلاه).
إنّ ما ادّعاه السيدان المذكوران من تمثيل النزالة أو التعبير عن موقفها مخالف لكل صفة حقوقية أو اجتماعية للأسباب الآتية: أولاً إنّ السيد رشيد عجوب قد خرج عن جنسيته السورية باعتناقه الجنسية الأرجنتينية ودخوله ميدان السياسة الأرجنتينية، فهو نائب أرجنتيني في ولاية أرجنتينية. وتدخله في شؤون النزالة السورية إنما هو دائماً بهذه الصفة التي تجردت عن الشعور السوري. ثانياً، إنّ السيد موسى عزيزة هو أيضاً قد طلق الجنسية السورية، على ما هو مشهور، وجميع أعماله التي سعى لإكسابها صفة «مؤسسات» هي نوع غامض غريب وشبه يهودي. فنادي «شرف ووطن» ليس سورية في حقيقته الاجتماعية، بل «إنترناسيونياً» شبه يهودي. ولذلك رفض الزعيم المأدبة التي أراد هذا النادي إقامتها على شرفه في ديسمبر/كانون الأل سنة 1939 وكرر رفضه في يناير وفبراير/كانون الثاني وشباط سنة 1940، أي مرتين. وجمعية «حماية المهاجرين» ليست لها غاية تذكر أو تعرف بأمور المهاجر السوري. ثالثاً، إنّ النزالة السورية في الأرجنتين لم تجتمع ولم تؤلف مجلساً أو لجنة للنظر في سياسة الحكومة الأرجنتينية ولم تفوّض إلى أحد إعلان موقف لها في صدد هذه السياسة.
لهذه الأسباب وغيرها نكذّب ما ادّعاه السيدان المذكوران من التمثيل والتعبير اللذين لا حقيقة لهما.
أما الاحترام الذي يلاقيه سعاده رئيس جمهورية الأرجنتين في أوساط السوريين النازلين الأرجنتين والتقدير لما يبذله لخير وطنه وأمته فأمر يتعلق بشخصية الدكتور كستيليو الممتازة وجاذبيتها أكثر مما يتعلق بسياسة حكومته التي لا يريد السوريون إثارة مسألة تأييدها أو استنكارها، لأنها عائدة إلى إرادة الشعب الأرجنتيني العامة وحده، والسوريون بصفة كونهم شعباً حراً، يريدون احترام إرادة الشعب الأرجنتيني الحر الذي يقيمون في بيئته فلا يتدخلون في خصوصياته السياسية وحزبياته الداخلية، بل يتجنبون كل ما يُشتمّ منه رائحة التدخل غير المرغوب فيه وغير المستحسن.
ويجب أن يعلم الذين يريدون جر النزالة السورية إلى خرق حرمة حيادها في مسائل الأرجنتين السياسية الداخلية والخارجية أنّ زمن التلاعب باسم النزالة واستخدامه للأغراض الخصوصية قد مضى. ولم تعد النزالة السورية مطية أحد من الناس ليصل إلى حاجته.