الشمس، بيروت، العدد 300، 5/11/1947
أيها القوميون الاجتماعيون،
كنت قد قررت أن أكشف في هذا اليوم عن قوة حزبكم العظيمة، وأن أظهر للعالم مبلغ استعداد هذه الحركة القومية الاجتماعية العظيمة لحمل مسؤولية قيادة الأمة السورية كلها نحو الإنقاذ من الفوضى الداخلية ومن الإرادات والمطامع الخارجية. فتأهبتم للقدوم بجموعكم إلى بيروت لتثبتوا للملأ عزيمتكم وإيمانكم وقوتكم الموحدة ولتعلنوا أنكم يد واحدة في سبيل تحقيق أهداف حركتكم الجبارة. ولكن الحكومة اللبنانية قررت، وبلّغتنا في آخر ساعة قرارها بطريقة شفوية، الحؤول دون ظهور قوّتكم وموقفكم الفاصل في مسألة جنوب سورية، متحملة، من أجل ذلك ومن أجل ذلك فقط، مسؤولية إنعاش المطامع اليهودية بإظهار شلل الشعب في لبنان وبشلّ الحركة السورية العامة، القومية الاجتماعية، التي تمثّل القوة المعنوية، والسياسة الفاصلة في مصير الأمة السورية ومصير وطنها.
لم نكن في حرب معلنة مع الحكومة اللبنانية ولم نكن نقصد غير التعبير عن إرادة الأمة السورية كلها في مصير أرضها الجنوبية، فلسطين، فجاءنا تبليغ الحكومة مفاجئاً. ويجب أن نعترف بأننا لم نكن نتوقع مثل هذه المفاجأة المنكرة لأنه لم يكن يخطر في بالنا أنّ الأمر يبلغ بخصوصيات الحكم هذا الحد البعيد – حد تأدية هذه الخدمة الجُلّى لليهود ومطامعهم، من الاحتفاظ بسياسة الخصوصيات.
تجاه هذه الحالة ولكي لا يؤخذ القوميون الاجتماعيون على حين غرّة ويتعرضوا لما لم يتحسبوا له، قررت إلغاء التظاهرة الكبرى في بيروت في سبيل فلسطين. ومع أنّ الساعة كانت متأخرة ليل السبت في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني، فقد استطاع نظام المواصلات الحزبي إبلاغ معظم الجهات قرار الإلغاء. إلا أنّ قوات بعض الأماكن البعيدة، كحلب ودمشق وحمص وسواها، كانت قد تحركت فبعضها بلغ بيروت عند الفجر وبعضها أوقف في بعض المدن المتوسطة من قبل المسؤولين القوميين الاجتماعيين وبُلّغ الإلغاء. وهكذا تمكنّا من الحيلولة دون وقوع حواث دامية كان الأرجح أن تحصل لو لم يقرر الحزب إيقاف تنفيذ الحشد القومي الاجتماعي في بيروت.
إنّ الحكومة اللبنانية تتحمل وحدها، أمام التاريخ، مسؤولية هذا التخاذل القومي تجاه نشاط اليهود في الجنوب.
إدعى ممثلو الحكومة، في المخابرات التي جرت آخر ساعة بين ممثلي الحزب القومي الاجتماعي وبينهم وأعلنت بعض الصحف اللبنانية أنّ الحكومة اتخذت موقفها هذا مراعاة لرغبة "اللجنة العربية العليا" في فلسطين في الاقتصار على جميع التبرعات للمتطوعين لقتال اليهود في صفوفها وترك التظاهرات الشعبية.
إنّ هذه الحجة باطلة ولا تصحّ مستنداً. "فاللجنة العربية العليا" ليست سوى فئة واحدة من الفئات السورية العاملة كلها على دفع الخطر اليهودي عن فلسطين وليست مرجعاً للهيئات والدولة السورية. وكل قرار أو رغبة من قراراتها ورغباتها يجب أن يكون بعد التشاور مع الهيئات الأخرى وأخذ موافقتها ليصبح لها صفة التعبير عن المجهود العام في سورية الطبيعية كلها. وبعض الهيئات والمنظمات الأخرى، كالحزب القومي الاجتماعي، لها رأي وموقف مستقل في كيفية معالجة المسألة الفلسطينية ويجب أن لا تحرم من حق فعل ما في مقدورها للاحتفاظ بسورية فلسطين والدفاع عن حقوقنا القومية فيها.
وإنّ الموقف الذي وقفته الحكومة اللبنانية من قضية هي من أهم قضايا سورية ونهضتها لا يورث غير زيادة الأحقاد في الشعب التي تعرقل وحدته ونهضته [في وقت هو] في أشد الحاجة إلى الوحدة والنهضة القوميتين الاجتماعيتين.
2 نوفمبر/تشرين الثاني 1947.
أنطون سعاده