النشرة الرسمية للحركة القومية الاجتماعية، بيروت، المجلد 1، العدد 6، 15/2/1948
إنّ الانحرافات العقائدية والنظامية التي حصلت أثناء غياب الزعيم، تركت أثراً فوضوياً في نفوس بعض المنضمين إلى الحزب في المدة المذكورة، الذين لم توضح لهم النهضة القومية الاجتماعية وأسسها على الوجه الصحيح فصاروا فريسة للتأويلات الانحرافية التي خرجت بالقيم الحزبية عن حقيقتها.
ولمَّا كانت الإدارة الحزبية تحت إشراف الزعيم تأخذ اليوم دور العودة "إلى النظام" كما هو مشروح في افتتاحية العدد الماضي من النشرة، فإن التدقيق في روحية المسؤولين والرفقاء يمتد من المركز إلى جميع الفروع الحزبية.
وعملاً بهذا التدقيق استدعت عمدة الداخلية هيئة منفذية بعلبك إلى بيروت لدرس المسائل الإدارية وحالة المنفذية. فقدمت الهيئة بيروت في غير الموعد الأول الذي كان مضروباً فلم تحظ بمقابلة العميد الذي يقوم الآن بجولة إدارية في محافظة اللاذقية. فاستقبلها الزعيم في مكتبه وكان ذلك يوم الاثنين الواقع في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي. وبعد أن اطلع على حالة المنفذية وسير الأعمال ألقى على المنفّذ العام بعض الأسئلة في ما يتعلق بفهم النهضة القومية الاجتماعية وقيمها. وبعد جواب المنفّذ العام، ألقى الزعيم شرحاً مسهباً في قيمة الحزب القومي الاجتماعي ورسالته المبينة في المبادىء وفي الشروح الأولى كخطاب الزعيم 1935، ثم أوضح للمسؤولين واجباتهم والحالة النظامية التي يجب عليهم التمسك بها.
في السادس والعشرين من يناير/ كانون الثاني الماضي تلقت عمدة الداخلية رسالة من حضرة منفّذ بعلبك تفيد أنّ العضو المعيّن ناظر إذاعة في تلك المنفذية المدعو سهيل فريجي، الذي انتمى إلى الحزب سنة 1938 وهو طالب في "الجامعة الوطنية" في عاليه، والذي أظهر في المدة الأخيرة ترجرجاً في عقيدته ورؤيته، أرسل إليه بالبريد المضون رسالة يعلن فيها ما يأتي:
".... يؤسفني جداً أن أتقدم منكم معلناً انسحابي من الحزب القومي السوري الاجتماعي للاختلاف الظاهر بيني وبين حضرة الزعيم، في تعريف وتحديد صلاحيات الزعيم والتي لم يعد مجال للبحث فيها وإعادة النظر بتحديدها لأنها لا تقبل ولا تؤمن بالتحديد. فأرجو أن تعتبروا بياني هذا بمثابة انسحاب نهائي مع البقاء على تقدير أهداف الحزب وتفضلوا..." وتقول رسالة حضرة المنفّذ العام إنّ الشخص المذكور قد أرسل رسالة إلى بعض الصحف يعلن فيها انسحابه.
إنّ كتاب المدعو سهيل فريجي إلى المنفذية العامة يدل على نوع روحيته وعقليته. إنه يتحدث عن "خلاف بينه وبين حضرة الزعيم في تعريف وتحديد صلاحيات الزعيم" وهو قول باطل من كل الوجوه. فمن الوجه الحقوقي صلاحيات الزعيم معيّنة في الدستور الذي يحلف العضو حين دخوله على الخضوع له واحترامه، ومن الوجهة التاريخية لم يتقدم الشخص المذكور إلى الزعيم بكتاب أو طلب مقابلة أو سؤال. وهو لم يطرح سؤالاً واحداً على الزعيم في المقابلة التي سمح بإجرائها مع هيئة منفذية بعلبك في مكتبه فيكون ادعاؤه "الاختلاف مع الزعيم" ادعاءً باطلاً ولا وجود له إلا في ممخيلته.
وقد نظر في تصرف سهيل فريجي المذكور، وفي خروجه على الدستور والنظام، وفي اتخاذه لنفسه حق فسخ اليمين والعقد بينه وبين الحزب من جهته وحده فتقرر طرده لثبوت حنثه بيمينه وخروجه على النظام.
وقد صدر مرسوم الزعيم بتاريخ 27 يناير/ كانون الثاني 1948 بطرد المذكور من صفوف الحزب القومي الاجتماعي.
والعبرة التي يجب أن تؤخذ من هذا الحدث هي عبرة نتيجة الجهل. فالجهل وحده هو الذي يجيز لمثل سهيل فريجي الخلط بين الخروج على الدستور والحنث باليمين من جهة، و"الاختلاف مع الزعيم" من جهة ثانية. كل ذلك هو نتيجة الفوضى التي عمل لها المتلاعبون بالعقيدة القومية الاجتماعية وبالنظام، الذين صاروا يصورون للأعضاء أنّ الزعيم منفصل عن العقيدة والنظام وأنّ قيمته في الحزب هي قيمة فرد من افراده فقط!
إنّ القوميين الاجتماعيين هم يقين وإيمان وقوة فلا مجال للضعف والترجرج والشكوك بينهم.
إنّ الميعان عيب يجب أن يتنزه القوميون الاجتماعيون عنه.