8/10/1943
رفيقي العزيز،
منذ نحو ثلاثة أيام وضعت رسالة إليك في البريد، آمل أن تكون وصلت. الآن تسلمت كتابك الأخير المؤرخ في 6 أكتوبر/تشرين الأول الحاضر. والآن أجيبك بسرعة نظراً لأهمية موضوع ترتيب حفلة الرفيق الشهيد [محمد] سعيد العاص. أولاً: اتفقتم على إعطاء الاحتفال بذكرى فقيدنا القومي الاجتماعي العزيز صبغة دينية بدلاً من الصبغة القومية، فقرر الذين اجتمعوا في الدرجة الأولى إجراء الحفلة في صالون «الجامعة الإسلامية» لأنهم رأوا «أنّ المرحوم كان مسلماً». نحن كلنا مسلمون وهذا قد أظهرته في مقالات «جنون الخلود» وسأظهره بصورة قوية في أول مناسبة. ولكن المسائل الدينية شيء وعقيدتنا القومية الاجتماعية وقضيتنا المقدسة شيء آخر. من جهة نهضتنا، لم يكن فقيدنا محمدياً ولا نصرانياً، بل سورية قومياً اجتماعياً. وبهذه الصفة السامية نشعر أننا فقدناه، وأننا نريد إحياء ذكره وعمله. لذلك لا أرى مناسباً طلب صالون «الجامعة الإسلامية» لهذا السبب. والأنسب إجراء الاحتفال في أي صالون لا صبغة دينية له. وإذا كان لا بدّ من طلب صالون الجمعية المذكورة لغير الأسباب الدينية كتعذّر الوصول إلى صالون آخر فيمكن إجراء ذلك. ويحسن أن تشكّلوا لجنة باسم «اللجنة الإدارية المؤقتة لفرع «الجمعية السورية الثقافية» في توكومان» وتطلبوا الصالون بهذا الاسم.
أما كيفية إجراء ذلك بصفة مشروعة، فيمكنكم تسجيل محضر بالإسبانية لاجتماع عقد بدعوة من رهط منكم اتفقوا على إجراء الدعوة بقصد عرض فكرة تأسيس فرع لِــ«الجمعية السورية الثقافية» المتمركزة في بوينس آيرس، وتثبتون في هذا المحضر أنّ الحاضرين، المدوّنة أسماؤهم وإمضاءاتهم أدناه، قد رحبّوا بالفكرة وقرروا قبولها وتأسيس الفرع وانتخبوا فلاناً وفلاناً وفلاناً هيئة إدارية مؤقتة لتنفيذ لقرار، والقيام بالعمل ومخابرة مركز بوينس آيرس ليمدّها بالقانون والمعلومات اللازمة. متى تمّ تسجيل هذا المحضر، أي تدوينه، في دفتر وقائع يكون فرع الجمعية الثقافية قد أصبح موجوداً بالفعل ويمكنه القيام بجميع الحركات الاجتماعية والثقافية بهذا الاسم. ولا لزوم لأكثر من ذلك الآن. والجمعية المركزية هنا قد فعلت ذلك وهي قائمة بهذه الصفة الآن ريثما تتهيأ أسباب طلب الشخصية الشرعية وبعد تدوين المحضر المذكور يمكنكم أن تنشروا في الصحف المحلية هناك أنه جرى الاجتماع المذكور الذي تقرر فيه تأسيس الفرع فيصبح الفرع معروفاً عند السوريين والأرجنتينيين.
ثانياً: بما أنّ احتفالنا بذكرى فقيدنا ليس احتفالاً دينياً، لا يحسن تلاوة عشر من القرآن، على العادة الدينية، لئلا يطلب المسيحيون أن يصير تلاوة عشر من الإنجيل للذين يفقدون من النصارى، ولا يكون في ذلك خير. إننا قد فصلنا بين أعمال الدولة وأعمال الدين، ويجب أن لا نخرج على مبادئنا وقواعدنا. وبما أنّ احتفالنا هذا هو قومي، فيجب أن يبرز بصورة قومية خالصة. ويحسن جداً ويحبّذ أن تقرأ بضع فقرات من تعاليم شرح المبادىء ويمكن اختيار ما يناسب المقام من شروح المبدأ الرابع والمبدأ الخامس والمبدأ الثامن من المبادىء الأساسية، وبعض فقرات المبادىء الإصلاحية. فتدرسون الموضوع وتختارون ما يناسب المقام ويعقب ذلك أقوال الخطباء التي تكون متناسبة مع معاني التعاليم المقروءة بعض فقراتها.
ثالثاً واربعاً: جيد ما قررتموه من دعوة الجالية والسماح لمن يريد الانضمام إلى الخطباء القوميين، بشرط أن يكون خطابه قومياً وإيقافه إذا خرج عن القصد القومي أو الردّ عليه.
الرفيق نعمان ضو خاطبني تلفونياً هذا الصباح، وسيكون هنا غداً عند الظهر. إنه يجيء في وقت مناسب لاكتساح الجماعات هنا.
قاوموا أقوال الرجعيين في الأوساط المحمدية بإظهار كذبهم وتلاعبهم بالقرآن، وليس فقط بإظهار عدائهم للمبدأ القومي. إني قد أظهرت في «جنون الخلود» فساد دعوى الذين يقولون إنه لا يجوز تولية نصراني أو غيره على جماعة محمدية. وقد أوردت بعض الآيات الصريحة من القرآن أهمها من سورة الممتحنة: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون}1. وهاتان الآيتان تعنيان عدم قبول ولاية من يحارب المحمديين ويقاومهم فقط. أما الذين لا يفعلون ذلك فقد أجاز الله في القرآن للمحمديين توليتهم. ثم إنّ الزعيم بما أنه رسول القومية إلى جميع أبناء الأمة بلا فارق مذهبي فهو ليس نصرانياً ولا محمدياً ولا درزياً، بل هو من الجميع وللجميع. ويجب أن تمنعوا التكلم عن الزعيم بصفة نصراني أو غيره.
اكتبوا الآيتين القرآنيتين وانشروهما بين المحمديين، وقولوا لهم إنّ الذين يدعونهم إلى الشقاق حيث لا شقاق يكفرون بالقرآن، ويريدون أن يضلّوا المؤمنين. ولتحيى سورية .
حاشية: مرسل إليك 3 نسخ من المبادىء على حدة ومع هذا عدة بطاقات.