إلى جبران مسوح

 15/9/1943


رفيقي العزيز،
وردني كتابك الأخير المؤرخ في 11 سبتمبر/أيلول الجاري، ومنه علمت أني سهوت عن إخبارك بوصول السند بمبلغ 51 فاس. وقد كنت أختصر الكتابة إليك نظراً لما كان مطلوباً مني القيام به هنا. فإنّ التطورات الجديدة اقتضت أن أفسح وقتاً لمقابلات كثيرة ولاجتماعات متعددة، خصوصاً ما اقتضاه تعديل قانون «الجمعية السورية الثقافية» وتشكيل هيئتها الإدارية وإعطاؤها التوجيهات الثقافية والإدارية اللازمة. ثم نقل الجريدة إلى مطبعة «السلام»، ثم الاهتمام بقوانين الصحافة الأجنبية الجديدة الذي كاد ينتهي بتسليمي اليوم تعهداً بنشر المقال الرئيسي من دائرة الإنشاء بالإسبانية ليعود امتياز التعرفة السابقة. وكان عليّ أيضاً أن أراجع مقالات الصراع الفكري، وقد نسيت أني أصبت بوعكة شبه غريبي وبقيت في الفراش نحو عشرة أيام. وصفية كانت في المدة الأخيرة متراوحة بين الصحة والتوعك. وقد أخذت مؤخراً أهتم بكتب السِيرَ والحديث المحمدية لأعود إلى بحث المسيحية والمحمدية.
تسلمت مؤخراً كتاباً من الرفيق نعمان ضو يقول فيه إنه عازم على التوجه إلى الشمال وزيارة توكومان. وكان في نيّته أن يأخذ معه نسخة من عريضة مرفوعة إليّ يفوض فيها موقّعوها أمر الدفاع عن وحدة سورية ومصالحها المعلنة في مبادىء حزبنا إليّ. ولكني تأخرت في الكتابة إليه ولست أدري هل سافر أم لا يزال في سان خوان، فإذا كان باقياً فلا بد أن يصله كتابي الذي أرسلته منذ يومين أو ثلاثة وفيه إيضاح بشأن العريضة مع نص جديد لها. وقد رأيت أن أضع ترجمة بالإسبانية والإنكليزية لهذه العريضة وطبعها على أوراق صالحة، فيها مواضع معيّنة للأسماء وأماكن لإقامة وأسماء المناطق السورية التي ينتمي إليها الممضون، ليكون كل شيء واضحاً وتعميمها لتأخذ الأهمية والقيمة السياسية الضرورية.
يهتم الرفيق ضو في الوقت عينه بأن يصدر نداء إلى النزالات السورية من قِبل إدارة الحزب، فأخبرته بما كان في نيّتي وأطلعتك عليه قبل عودتك وهو أن يصدر نداء باسم عدد من أصحاب العقيدة القومية الاجتماعية، يوضحون فيه الحق الذي اتّبعوه، والفرق بين حالة القومية الواضحة والنظام من جهة وحالة اللاقومية والفوضى من الجهة الأخرى، ويدعون الناس إلى ترك الفساد والعنعنات ومؤازرة الحركة السورية القومية الاجتماعية فيكون هذا النداء ممهداً لنداء يوجهه الزعيم إلى المغتربين.
إنّ الزوبعة قد عبّدت الطريق لمثل هذا العمل ويجب أن لا تفوتنا الفرصة. ولما لم يكن مجيئك إلى بوينس آيرس قريباً مؤكداً فقد أفكر في وضع نص النداء بنفسي، وأحب أن تعمل من عندك وتكتب نقاطاً يخطر لك الوصول إلى مركز الشعور من الناس بها.
أحب أن تتمم وضع بصمة الإبهام على البطاقات بسرعة لكي لا تظل هذه المسألة معلقة وشاغلة الفكر والعمل المنظم.
كتبت إليك مقتضباً في شأن عدم الإطناب بمدح الرفيق صبري عبد الخليل، ولم أعنِ بذلك أنه لا يستحق المدح، وإنما عنيت أن نهوسه بالمدح قبل معول العمل خشية أن يهوّره المديح كما هوّر غيره. فإني أفضّل، وهذا الرفيق في بدء عمله القومي، أن يوجه نظره إلى خطورة العمل ودقة النظام وعظم المسؤولية لكي تبقى هذه الأمور أبرز شيء أمام عينيه. ليس شيء أسهل على الذكي النشيط من الإعجاب بنفسه والاغترار بمقدرته ولزومها الذي لا غنى عنه. ولا أريد أن يقع صبري في أغلاط جديدة من هذا النوع، خصوصاً وهو لا يزال رهينة القمار إلى حدّ لما يمكني حتى الآن تعيينه. وفي حديث معي مؤخراً صرّح لي أنه لا يميل إلى الرولته ولكنه يستحسن البوكر، لأنه يجد فيه إعمال فكر ولذة في اللعب. وقد حاول أن يقنعني بأنّ اللعب ليس مضراً إذا كان بهذه الصفة. فأظهرت له كم يعطل اللعب من المواهب والعقول فضلاً عن مضاره الأخرى. فجاء معي قليلاً ودافع عن البوكر قليلاً وتركنا الحديث في هذا الأمر. إنّ صبري ذو مواهب جيدة وصالحة ولكن الاختبار النظامي وحده يمكّننا من معرفة إلى أي حد نقدر أن نعوّل عليه إدارياً ونظامياً. وأتمنى أن ينجح في جميع الاختبارات لمصلحة القضية ومصلحته هو.
العدد سيطبع غداً أو بعد غد. وسيباشر ترتيب صفوف الصراع الفكري، والورق يمكن أن يرسل إلى مطبعة «السلام» لاسمي. قد جلبنا الورق الأول إليها.
عسى أن يخطر لك وتمكّنك الظروف من القدوم إلى بوينس آيرس قريباً أو إلى كوردبة فيكون في ذلك فوائد.
نشاط الحركة هنا يزداد وتتهيأ عناصر جديدة للانضمام. الرفيق خليل الشيخ مندفع جداً، ويظهر نشاطاً كبيراً، وسيساعد في إنشاء القسم الإسباني في الزوبعة. أتمنى أن تكون وجميع الرفقاء العاملين بخير. ولتحيى سورية .

المزيد في هذا القسم: « إلى نعمان ضو إلى جبران مسوح »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.