كلمة الزعيم في مأتم حسن درويش الأيوبي

النهضة، بيروت،
العدد 126،
26/3/1938


أيها القوميون، أيها الناس،
نحن هنا جئنا من أطراف بعيدة للاجتماع في هذه البقعة، لنثبت أنّ مبدأ الحياة الذي جمعنا شعباً واحداً، أمة واحدة مهما كانت عقائدنا المتعلقة بما فوق المادة. إنّ هذا المبدأ الحي لا يفرقه ولا ينقضه مبدأ الموت.
نحن هنا لنودع رفيقاً قومياً ارتبطت حياته بحياة رفقائه جميعهم وعمل لحياته وحياة رفقائه جميعهم، وبالمعنى العام عمل لحياة أمته. ليس لمجرّد أنه عضو في الحزب السوري القومي، ليس لمجرّد هذا الاسم (نحن هنا)، لكن للصفات الحقيقية والحقائق الأساسية التي يجمعنا عليها الحزب السوري القومي والتي تدل على صفة هذا الحزب. والحقائق الأساسية هي العمل المستمر الدائم للفضائل الأساسية التي تجمع المصالح في الشعب، موحدة الجماعات تصير تربط كل فرد منا بالآخر وتولد الإرادة، الإرادة العجيبة التي هي إرادة المجموع تذوب فيها كل إرادتنا لتولد القوة العامة المتغلبة الساحقة.
لم يكن الراحل السيد حسن الأيوبي مجرّد اسم في سجلات الحزب السوري القومي. إنه مثّل في حياته مظهراً قوياً من مظاهرنا العملية في الحزب. إنه قد اشتغل وحمل مسؤولية على قدره وعلى قدر المحيط. لكن المسؤولية لم تكن المسؤولية الإدارية فقط تجاه رفقائه ورؤسائه لتسيير الشؤون إنّما المسؤولية الكبرى هي مسؤولية العمل لإزالة الاختلافات القاتلة لفهم المجموع. إنه عمل لإزالة كثير من العوامل المسببة لتأخر المجموع وإحلال الفضائل الأساسية المتينة التي تربطنا في مصلحة واحدة وإرادة واحدة. لقد عمل للقضاء على مبدأ الخلاف ووضع مبدأ الحياة، مبدأ القوة، مبدأ الحرية، مبدأ الواجب.
إنّ من نتائج أعماله أنه أزال الاختلافات في قريته وأنّ فاعلية عمله تستمر بعد موته لأنه قد أسسها في الحياة.
في موته نرى اجتماع عناصر في هذه البقعة ما كانت تجتمع لولا عمل الحزب السوري القومي والخلاف والنزاع قائم على المذاهب والمصالح الفردية التي تذهب المصالح الأساسية الكبرى.
من أجل هذه الفضائل ومن أجل هذه المبادىء ترون وحدة الحزب وترون أنّ شيئاً حقيقياً يربطنا ويولّد فينا الثقة. إنّ المستقبل لنا لرفع الأمة التي تساق كقطعان بِعَصا لكي تعمل في الحياة العليا والمثل العليا.
نحن هنا لنقدّر حياة الراحل في الأعمال والخدمات التي قام بها: وحدة، فاعلية، حياة، اتجاه.
إنّ لموته قيمة ما كانت لو ظل يعمل لأنانيته المستعجلة المحلية. نحن نذكر الذين عملوا لصلاح المجتمع وخيره لأجل إقامة القضية الأساسية.
نحزن لأن هذا الرفيق الذي رحل، رحل باكراً جداً. إنه كان يمثل فضائل المبادىء تمثيلاً صحيحاً، كان يعطي لما حوله حيوية وقوة. نحزن لأن فاعليته قد وقفت عن طريق ذاته. لكننا نتعزى أنّ الفاعلية أثبتت وجودها في المجتمع. إنّ الذي يراقب التطور في المجتمع يدرك أنّ حسن قد أوجد طريقة، وأنّ فاعلية حسن درويش الأيوبي قد أوجدت طريقاً مستمراً لا تموت بموته. نحزن لأنه رحل ولكن لأجل هذه الحقيقة نتعزى ونقول لأهله ولجميع السوريين القوميين أن يتعزوا.

 

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.