إلى وليم بحليس

10/3/1941


رفيقي العزيز وليم بحليس،
وقع عليّ نعي ابنك كما وقع عليك، مع فارق القرابة الدموية، وكان شعوري نحوك عظيماً، وكم وددت أن أكون معك وسط هذه الشدة. وثق أني أكبرت تصرفك الذي أصبح أحد هذه الأمثلة الجلية على سلوكية جديدة متفوقة تشق طريقها لتعطي الحياة معاني وقيماً جديدة أسمى مما عرف في وسطنا حتى الآن.
إنّ سلوكك لم يكن أقل مما توقعت منك، فقد كنت موقناً بسمو نظرتك الجديدة إلى الحياة، وبشعورك الصحيح بمعنى الواجب، وبصبرك على التضحية في سبيل نصرة مثال أعلى لأمة بأسرها. كنت واثقاً من أنك تعرف كيف تتألم وتعمل، وكيف تكون في تألمك وعملك قدوة السلوكية الجديدة للكثير من أبناء أمتنا، لم تخب ثقتي بك.
إنّ موقفك يدل على معدنك. ومنه يشع نور سيبصر به الكثيرون طريق المناقب الجديدة.
قبل ورود خبر مغادرتك الفجائية لسان باولو، وضعت لك كتاباً بالبريد الجوي تناولت فيه مقالتك التي صدرت في العدد السابق لسفرك بالنقد الدراسي، وكان ذلك لنقطة وردت في الفقرة الأولى منها. وعدّلت فقرة مقالة المنفّذ العام لمينس1، وأدخلت التعديل في الكتاب، وصرّحت لك أن تتناول جمعية «الرابطة الوطنية السورية» بالنقد، ولكن طلبت منك أن تنتظر صدور عدد الزوبعة الرابع عشر ففيه مقالة توضح لك ما تجهله من أمر هذه الجمعية. والمقالة نشرت في العدد المذكور في أوله، ونسخة من العدد حملها الرفيق إميل بندقي، كما أرسلت نسخاً إلى المشتركين، ولم أرسل إليك نسخة بالطيارة لغيابك.
بعد ذلك كتبت إلى الرفيق فؤاد لطف الله في شأن متابعة إصدار سورية الجديدة وشؤون أخرى. وكذلك كتبت إلى الرفيقين جورج بندقي وإلياس فاخوري وهنأتهما على قيامهما بالواجب في غيابك. وكتبت أيضاً، بالبريد الجوي، إلى المنفّذ [نجيب] العسراوي في شأن مقالته وشأن المير شكيب أرسلان. وكتبت إلى الرفيق [إبراهيم] طنوس في شأنك وشأن كتابته في سورية الجديدة، ولم أعد أذكر كل ما كتبته له، لأني لا أبقي نسخاً من كتبي إلا نادراً نظراً لضيق وقتي.
زكي كرم: إنّ ما يطلبه هذا الشخص هو لخدمة الإذاعة الأجنبية على حساب الأقطار العربية، كما يفعل الآن عدد غير قليل غيره من السوريين. ويمكنك أن تكتب إليه أنه ليس عندك الآن مصادر لغرضه، وتكلفه أن يكتب إليك شيئاً مفيداً لقضيتنا عن إسبانية والمكان الذي هو فيه.
أما السيد [أنريكي] رافلس، رئيس فرع الإذاعة للشرق الأدنى في وزارة الداخلية [الإسبانية] فقد اتصل بي وعرض عليّ أن يكون المؤتمر السوري الذي أشارت إليه سورية الجديدة في إسبانية، وعرض تسهيلات فيما يتعلق بالمعاملات القانونية. وكان في ما كتب كثير من الدعاوة الإسبانية، وإذا لم يكن في كتاب السيد كرم شيء خصوصي يستحق الاهتمام فلا لزوم لإرساله إليّ.
وردني أنّ السيد وليم عفيف صار رفيقاً فأحب أن أوصل تهنئتي إليه.
تعيينك: إنّ رتبة المذياع العام في سلك الإذاعة تنتقل معك إلى كل قطر تنتقل إليه، وليست محددة تحديداً شديداً بالقطر الذي تقيم فيه، فهي ذات صفة عامة، ولكن يحسن ألا تتدخل في مناطق عمل مذاييع آخرين منعاً للتصادم، إلا إذا ورد طلب أو بعد مراسلة مع أحد المذاييع المختصين. وعندما لا تكون المسألة المقصود النظر فيها ذات صفة موضعية فلا تضييق على المذاييع في التدخل فيها حيثما وجدت. وهذه الوظيفة عائدة رأساً إلى عمدة الإذاعة.
موقف العسراوي: يسرّني أن أجد هذا الفهم الصحيح لما يتطلبه النظام في المنفّذ العسراوي. فعلاقته بالمير شكيب أرسلان كانت وثيقة جداً حتى أنه كان يناضل في سبيله.
ترتيب عمل سان باولو: سأرسل إليك تفويضاً باتخاذ التدابير اللازمة، التي تراها لإعادة الحياة والنظام إلى منطقة سان باولو. وسأحل رسمياً «اللجنة المركزية المفوضة» التي لم تكن موجودة عملياً. وإذا كنت قد تفاهمت مع الرفقاء غالب صفدي وإلياس فاخوري وإدوارد مقدسي على العمل في لجنة الشؤون العملية للجريدة وأظهروا استعداداً لحمل هذه المسؤولية، فإني أرسل القرارات اللازمة بهذا الصدد.
سنطس: سأكتب في البريد القادم إلى أحد الرفقاء في سنطس في أمر سورية الجديدة. وما ظهر من بعض الرفقاء الجدد هناك يجعلك تقرب أكثر من حقيقة النفسية التي نعالجها، وتفهم أكثر نوع الصعوبات التي كان يجب أن أتغلب عليها في مشروع. وأنا أعرف الرفيق رفيق فرح وحين زرت سنطس المرة الثانية قدّم عشاء لي في بيته حضره أخوه والرفيق سليم عبود والرفيق جورج عبد الحق. وإذا وجدت فرصة كتبت إليه سريعاً. ولكن النفوس الشاكة تحتاج معالجة طويلة. ومؤخراً حدث هنا حادث من هذا النوع تجاه الزعيم نفسه، أثناء غيابي في كوردبة، فتأمل!
وكنت قبل صعودي إلى كوردبة خطبت رفيقة قومية لأجد مستقراً لحياتي وعملي، إذ يظهر أنه مقضي عليّ بالبقاء في هذه البلاد مدة لا أعرف كم تطول بسبب العوامل التي لا سلطة لي عليها كالحرب وظروف الشعب والحركة في المهجر. فاغتنم أحد الذين أوكلت إليهم وظيفة في الجمعية الثقافية غيابي ليقول: «إنّ الزعيم لا يحق له الآن أن يفكر بالزواج. وقد كان إلهاً أما الآن فقد صار مثل بقية الناس، الخ».! وفريد نزها، صاحب «الجامعة السريانية» الذي أصدر العدد الممتاز عن الزعيم اغتنم هذه الفرصة لينتقم من عدم إسناد إدارة الزوبعة إليه بدلاً من الرفيق جبران مسوح فاستغل هذا الأمر إلى أبعد حد. وقد طرد وعدد من المقلقين وطردهم سيؤدي إلى صفاء الجو في داخل الفرع هنا وفي تقدم كانوا يعوقونه.
بلاغ بشأن سورية الجديدة: أرسلت إلى المكسيك وإلى بعض جهات أخبر المسؤولين باعتماد مدير سورية الجديدة الجديد، وقد وردني أنهم ينتظرون وصول العنوان الجديد إليهم ليقوموا بالواجب ويدفعوا الاشتراكات. وسأصدر بلاغاً داخلياً يوزع على الفروع في هذا الأمر.
ملحق قلم الاستخبارات: لا أدري من أين أتت هذه الوظيفة في المديريات، فهي غير موجودة في قوانين الحزب. ولكن إذا كان مدير فرع الريو يرى أنّ الرفيق توفيق أبي جمرة هو موضع ثقة فلا بأس من اعتماده في بعض المهمات. وبمناسبة ذكر القانون أقول إنه وردتني نسخة من الدستور كانت في منفذية المكسيك، وسيصير طبع الدستور والمراسيم الدستورية وتوزيعها على المنفذيات والمديريات وأصحاب الرتب والوظائف العامة، نسخة لكل منفذية وكل مديرية وكل إدارة، فلا يعود هنالك مجال للبلبلة والتردد والإبهام.
إنشاء سورية الجريدة: إنّ ما تتطلّبه منّي الزوبعة هنا، فضلاً عن أعمالي الإدارية الواسعة لا يبقي لي وقتاً كثيراً للكتابة خصيصاً وبصورة مستمرة لسورية الجديدة، ولكن يمكن نشر بعض مقالاتي التي أكتبها للزوبعة فأرسلها بالطيارة بعد نشرها، ومتى وردتني ماكنة الكتابة السورية من الولايات المتحدة هدية من منفذية المكسيك يصير في الإمكان إرسال نسخ المقالات فوراً فتصدر في الجريدتين معاً. وبما أني أصطلح، في الشؤون غير الرسمية، على إمضاء هاني بعل فلا حاجة لذكر أنها منقولة من جريدة إلى جريدة، بل تكون خاصة بالاثنتين، وأحياناً يمكنني أن أخص سورية الجديدة بمقالات لا تنشر في غيرها، ولكن ذلك يكون قليلاً لضيق الوقت.
أخبار الوطن: حالما تحصل على كتاب الرفيقة أخت الأمين جورج عبد المسيح أرسله إليّ لأطّلع عليه ولنعمل تحت كل الظروف. ولتحيى سورية .
مرسل إليك بالبريد الجوي نسخة من العدد الأخير وفيها مقال افتتاحي1 يحسن نقله إلى «رأي سورية الجديدة».

 

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.