إلى وليم بحليس

7/4/1941


رفيقي العزيز وليم بحليس،
لم أرسل إليك حتى الآن نسخة كتابي إلى الرفيقين بندقي بسبب كثرة الأشغال واشتداد الحر في الأيام الأخيرة، ولكني أرسلها اليوم بالبريد الجوي.
تسلّمت كتابك الأخير المؤرخ في 3 أبريل/نيسان أصيل أمس. وأهم ما ورد فيه يتعلق بأمر منفّذ مينس. وكنت كتبت إليك أنّ الرفيق [نجيب] العسراوي ينتظر مني تعليمات بشأن سورية الجديدة، لأنه يقول في تقريره الرسمي إنه لا يعلم إذا كانت الأسهم أمراً قرره الزعيم أم أنها مشروع «مساعدة اختيارية للجريدة نظّمها مجلس إدارتها المفوض». وأنا حتى الآن لمّا أتمكن من إجابته على تقريره والكتب التي وردتني منه مؤخراً. وقد يكون هو شعر بأنه جرح نوعاً لأنك حولت فقرة مقالته رأساً إليّ قبل استشارته في الأمر باعتباره رئيسك، وكان يحسن أن تصارحه بأنك تجد في مقالته نقاطاً غير متفقة مع المعلومات التي عندك، وأنك تستصوب استشارة الزعيم ليعطي رأيه، وأنك مضطر لمشاورته في هذا الأمر قبل النشر (أي مشاورة المنفّذ) نظراً للمسؤولية المباشرة التي يضعها عليك الزعيم في صدد ما ينشر من المقالات السياسية.
أما أمره مع شكيب أرسلان وتبرعه مع عدد من القوميين الجدد لهذا السياسي فهو بقية علاقة وثيقة كانت له معه، أظن أنّ المنفّذ لم يشأ قطعها بصورة قاسية. وهذا التبرع هو، في كل حال، سابق للمراسلة الأخيرة بيني وبينه في صدد شكيب أرسلان وسياسته. في هذه المراسلة كان المنفّذ صريحاً فأطلعني على أنه لا يزال على تراسل مع شكيب، وأنه في جدل معه حول قضية الحزب، وهو كان لا يزال حسن الظن بدوافع سياسة شكيب أرسلان، وقد صرّح لي أنه قد يكون عَمِيَ عن أمور كثيرة، لأنّ «عين الرضى عن كل عيب كليلة»، كما يقولون. وصرّح أيضاً بأنه أخذ يدرك رويداً رويداً المرامي الشكيبية المستورة، وأنه سيقف موقفاً قوياً ضد ألاعيبه ومشايعيه التي بيّنت له أنها منافية لمبادئنا القومية.
أعتقد أنّ هذه المسألة تستدعي الصبر. إنها نتيجة عدم وجود نظام سابق ومن مشاكل بداءة التنظيم واحتكاك العقليات الناشئة في بيئات منفردة كل منها بشؤونها النفسية. هذه حالة شعبنا. وفي بداءة أعمال الحزب في الوطن نشأت صعوبات كثيرة من تصادم النفسيات الناتجة عن تباعد بيئاتنا، وبالصبر الطويل والتغيير والتحور والتقليب تمكنت من تعديل الأمزجة وسبك النفسيات سبكاً جديداً. وأنا اليوم، بعد كل الجهاد المتقدم، أبطأ كثيراً في الأعمال من قبل، ولا أملك الوسائل التي كنت أملكها في الوطن من معاونين وآلات كاتبة وآلات ناسخة وكتّاب، الخ.
الرفيقان بندقي: سرّني خبر سهرتك والرفيقين غالب [صفدي] و[إلياس] فاخوري عندهما. ومن معلوماتك أستنتج أنّ كتابي وصل إليهما وأعطى تأثيراً حسناً، خصوصاً لأنه كان مدعوماً من موقف الرفيق إميل بندقي الذي يجعلهما يشعران بحقيقة النظام القومي.
شؤون أخرى: النشرة البذيئة التي صدرت هنا من قِبل المطرودين لم تكن سوى إعصار في كأس، ونتيجتها ستكون وبالاً على الذين أصدروها. وأول أمس عاد المطرود فريد نزها يلتمس مقابلتي ليعيد الأمور إلى ما كانت عليه فأبيت مستغرباً وقاحته. إنّ فريد نزها هو صاحب المقال المغفل الذي تشير إليه في مقالك «بدون عنوان»1 وليس خالد أديب، لأنّ هذا الشخص لا يقدر أن يكتب مقالاً بهذا الطول والتركيب، على ما فيه من فساد نظر، وهو قد كتب مقالاً مغفلاً أيضاً صدر في العدد نفسه في الصفحة الثالثة «يشمت» فيه بمرور أول مارس/أذار بدون حفلة عمومية في بوينس آيرس، وهو مقال ركيك قصير. لا حاجة للاهتمام بهذه الزعانف ولا لزوم حتى ولا لتكذيب ما يتقولونه. وإذا وجب نشر شيء للرأي العام يتعلق بالرفيق إميل بندقي فليكن بصورة عامة وغير مخصص بذكر نشر هؤلاء السفهاء أي بصورة كهذه:
«بلغني أنّ بعض أقاويل أشارت إلى أني غير راضٍ عن سلطة الحزب وغير موافق لمراجعه العليا. أو أني انتقدت الزعيم أو أني لم أستحسن عملاً من أعماله وتدابيره، فأعلن أنّ جميع هذه الأقاويل هي اختلاق محض من أصحابها لغاية دنيئة يرمون إليها».
سرّني أنّ الأمين فخري معلوف، الذي أصبح الآن المنفّذ العام لفرع الولايات المتحدة كله، قد بدأ تعاونه مع سورية الجديدة حسب إشارتي إليه. وفخري هو أحد أعضاء المجلس الأعلى، وكان رئيسه الأول بعد غيابي وقبل سفره.
تأسفت لاستمرار مرض الرفيق جورج بندقي. فأتمنى له الشفاء العاجل.
«رسولا المهازل» ينتقلان من فشل إلى فشل ومن خيبة إلى خيبة.
الحركة القومية تنتعش في هذه الجالية انتعاشاً جديداً، وقد وجّه إليّ سوريو «فرقمينو» دعوة لإلقاء محاضرة وسأكون عندهم في 20 أبريل/نيسان الحاضر، وهناك عدد من المستعدين للدخول وتشكيل مديرية جديدة.
عسى أن تكون والعائلة بخير. سأرسل لك سريعاً القرارات الرسمية سلامي القومي لك وللرفقاء. ولتحيى سورية.

المزيد في هذا القسم: « إلى وليم بحليس إلى وليم بحليس »

أنطون سعاده

__________________

- الأعمال الكاملة بأغلبها عن النسخة التي نشرتها "مؤسسة سعاده".
- الترجمات إلى الأنكليزية للدكتور عادل بشارة، حصلنا عليها عبر الأنترنت.
- عدد من الدراسات والمقالات حصلنا عليها من الأنترنت.
- هناك عدد من المقالات والدراسات كتبت خصيصاً للموقع.