12/8/1941
رفيقي العزيز وليم بحليس،
تسلمت كتابك الأخير هذا الصباح، أي بعد 24 ساعة على الميعاد المنتظم. وكنت قد استبطأت أخبارك فكتبت أمس إلى أخي إدوار أستطلعه. أجيبك في الحال قبل أن تصرفني عن ذلك الشؤون الأخرى.
إدارة الجريدة: إنّ الأغلاط السابقة واللاحقة في إدارة سورية الجديدة لا تصلح اليوم سوى أنها اختبار يجب درسه وتمحيصه لتحصيل فائدة منه للمستقبل. ولعل من أهم ما يجب ملاحظته هو فقدان الترابط بين الجريدة والحركة فلم تسيرا يداً بيد. وكان المجهود الذي بذلته في الجريدة لا يسمح لك بمواصلة المساعي لتنظيم أمور الحركة، فلم يكن هنالك ترابط نظامي بين القوميين ينشط مساعيهم ويشركهم، ولو بقدر قليل، في بعض المسؤوليات أو المشاريع المفيدة. وأكرر هنا أنه لا يوجد شيء يغني عن الاجتماعات المنتظمة. وسأقتصر على اللجنة الإدارية.
تقول في كتابك «إنّ مجلس الجريدة كان ولا يزال على اتصال دائم بي وعلى معرفة كلية بجميع حوادث الجريدة». والذي أراه أنّ هذا التعبير لا ينطبق على الواقع ولا يصح استعماله. فالمجلس لم يكن موجوداً عملياً ولذلك لا يصح الكلام عليه بهذه الصفة. تريد أن تقول إنّ الأشخاص الذين عُيّنوا لتشكيل لجنة الإدارة العملية كانوا على اتصال إفرادي دائم بك. هذا صحيح ويعبّر عن الواقع. وهناك فرق كبير جداً بين الاستعمالين، فأعضاء لجنة أو مجلس لا يكوّنون لجنة أو مجلساً إلا إذا عقدوا جلسات نظامية مستمرة ينظرون فيها في الأمور العارضة بصورة رسمية تدوّن فيها مناقشاتهم وآراؤهم، ويوحدون نظرياتهم وأعمالهم، ويضعون خطة لمعالجة الموقف يقتسمون تنفيذها فيما بينهم ويوحدون مساعيهم فيها. فإذا لم يفعلوا ذلك لم تكن لهم شخصية شرعية أو معنوية واحدة ولا يمكن التكلم عنهم بصفتهم هيئة واحدة. وما الفرق الذي حدث بين وجودهم كرفقاء غيورين ووجودهم كأعضاء لجنة مسؤولة؟ مما لا شك فيه أنّ تعيينهم حدث لإكسابهم صفة فوق صفة مجرّد رفقاء غيورين يدلي كل واحد منهم برأي اعتباطي في محله التجاري أو في السوق أو على التلفون، فلا يكون درساً كاملاً في جلسة يصير فيها درس هذه الآراء ومبلغ فائدتها والوصول إلى تقرير نهج أو عمل لاستدراك ما يتوقع حدوثه. ولا خلاف في أنه لو كانت اللجنة تجتمع في جلسات نظامية تعيّن فيها لكل جلسة موضوعاً خاصاً للبحث والتقرير بشأنه، أي ما يسمّونه ordem do dia‚ لكانت رأت من زمان وجوب عمل ما ترى الآن وجوب عمله.
هذا في ما يختص بالمجلس كهيئة. أما اعتبار اتصالك بالأفراد المعينين اتصالاً بالمجلس، فليس في محله، ولا يجعل لك أية فائدة يصح الاستناد إليها. فأنت تحدّث الرفيق [إلياس] الفاخوري، مثلاً، على التلفون أو في محله أو في إدارة الجريدة فتشكو إليه الصعوبات وتطلعه على العقد المالية، فيقول لك إنّ رأيــي كذا وكذا، وتكتفي بالتداول بينك وبينه، ويكتفي هو بإعطائك رأيه الأخير. ثم تنتقل إلى التحدث مع الرفيق غالب صفدي فيجري معه مثل ما جرى مع الفاخوري، ولكن المسائل المطلوب حلّها بقيت حيث هي وبقيت وحدك تواجه الأمر. وأنت تحتاج إلى شيء أكثر من رأي فلان ورأي فلان. أنت تحتاج إلى هيئة تدرس وتتناقش وتقرر في الأخير القيام بهذا المسعى أو ذاك، ويتقاسم أفرادها أجزاء المسعى فيأخذ كل واحد منهم نصيباً يقوم هو به. فيأخذ فلان على نفسه المخابرة مع الأشخاص فلان وفلان، ويأخذ فلان على نفسه مقابلة فلان وفلان والاتصال بفلان وفلان، ويأخذ الآخر على نفسه تهيئة هذا الأمر أو ذاك. وفي آخر الأسبوع يعودون إلى الاجتماع فيقفون على ما تم من مساعيهم وما لم يتم وعلى الحالة في صورتها الجديدة، فيعودون إلى التناقش والدرس لتعديل الخطة أو لطرق أبواب جديدة فيرتأون أن تعاد الكرّة على فلان أو فلان وتأييد المقابلة أو المراسلة بإشراك فلان مع فلان ليذهب معه لعند فلان أو ليكتب هو أيضاً إلى فلان الخ. وهذا أمر لا يمكن التوصل إليه بالمقابلات الإفرادية التي لا يشعر فيها المرء بأنه مسؤول بالاشتراك مع أعضاء اللجنة الآخرين عن الوصول إلى حل للمسألة المعروضة، ولذلك يترتب عليه الاجتماع بهم والبقاء في الاجتماع وتكرار الاجتماعات لتقليب الأمور على وجوه كثيرة إلى أن يحصل التوفيق إلى الحل. إنّ المحادثات الإفرادية لا مسؤولية فيها ولا شعور بالمسؤولية ولا تعطي القضايا شكلها الجدي، وما يحدث في الاجتماع من انبثاق أفكار وآراء جديدة على ضوء المناقشات وتقليب الأمور على ألف وجه قلّما يحدث في المحادثات الإفرادية. ولو كانت النتيجة واحدة بحصول الجلسات أو بعدم حدوثها لما كنت عيّنت لجنة قط، لأنّ غيرة الأعضاء المعيّنين على القضية معروفة عندي، ولأني أعلم أنهم لا يتأخرون عن المساعدة برأي أو أمر من غير أن يكونوا أعضاء لجنة. فتعيينهم أعضاء لجنة هو للوصول إلى نتائج لا تحصل إلا باجتماعاتهم هيئة جدية، تشعر بالمسؤولية ويتضافر أعضاؤها على إعطاء قراراتها صفة مجموعية تكون لها هيبة وتأثير وتعطي نتائج مرغوبة. ولو أنك طلبت من أعضاء المجلس القيام بوظائفهم وعقد جسات نظامية وفعلوا، لكنت وجدت أموراً كثيرة تغيرت، ولرأيت فرقاً كبيراً بين الآراء الفردية وبين المناقشات الجدية في جلسة.
إنّ إهمال أعضاء المجلس هذه الواجبات قد ألغى وجود المجلس وألغى الفائدة منه. إنّ إنشاء المجالس هو دائماً لغاية لا تتم إلا بها، ولا حاجة لأن يكون ذلك في علم الجميع. فبعض الأفراد لا يعرفون هذه المسائل التكنيكية. وليس مطلوباً منهم أن يعرفوها، ولذلك يوجد شيء يسمونه النظام. فمتى تمم كل إنسان واجباته النظامية المعينة تحصل نتائج لا يراها، منذ البدء، كل الأفراد وقد لا يراها غير [الذين] أوجدوا المؤسسات وعيّنوا الوظائف، فالفرد ليس مسؤولاً عن معرفة صحة هذ النظام أو عدم صحته ومبلغ فائدته، بل عن تقيّده به وتتميم واجباته. والذين لا يتممون الواجبات التي أضعها عليهم لأغراض قد لا يشتركون معي في معرفة فائدتها يضعوني في حالة لا تمكّني من تحمل أية مسؤولة مادية أو معنوية لخيبة الأعمال ووقوف المشاريع.
إني أعطيك وجهة نظري وموقفي ليس لأضع عليك المسؤولية أو لأنحي عليك باللائمة، بل لأجعلك واقفاً على الاتجاه الصحيح. ولقد كان على اللجنة أن تتابع أعمالها بنظام، كما أشرت عليها، وأن تضع لي التقارير الربعية التي تطلعني على جلية الموقف من جميع نواحيه، وعلى ما قامت به اللجنة والتدابير التي اتخذتها، وأن تخابرني كلما رأت موجباً لكي أشير إليها وأعطيها توجيهات تعينها على إتمام مهمتها. ولكنها لم تفعل شيئاً من ذلك، لأنّ لا خبرة لأعضائها على ما يظهر في الأعمال النظامية، واكتفت بالمراسلة بيني وبينك. وهكذا قضت اللجنة على ذاتها وأبطلت وجودها، فأنا لا يسعني اعتبارها موجودة. ولو كان لها وجود حقيقي لما كانت تركت الشر يتفاقم إلى هذه الدرجة، ولكانت أسرعت إلى تلافي المسألة قبل الآن.
مساعدتي: تسألني الكتابة إلى الرفيق فؤاد لطف الله في أمر الجريدة. وقد كنت عوّلت على الكتابة إليه في غير هذا الأمر. ولكني لن أكتب إليه بسرعة ولن أعرض لمسألة الجريدة والدين فوراً ولا مباشرة، لأنّ ذلك قد يحط من قدر الزعامة عنده ومن قيمة كلام الزعيم ويؤثر على روحيته من حيث لا يدري، فنخسر من حيث نريد الربح. فإنّ آخر مرة كتبت إليه كانت لأجل تكليفه تأمين صدور الجريدة وقد وعدني بأن يفعل «حتى يصدر آخر عدد». وأنا لا أريد أن أطالبه بهذا الوعد لأنه إذا لم يتذكره من تلقاء نفسه فالمطالبة توقره وتنفّره وتحط مكانة المنظمة في قلبه.
جورج بندقي: إني أقدّر موقف هذا الرفيق تقديراً كبيراً، وسيأتي يوم يكون تقديره بصفة رسمية في موقف لا يخفى فيه التقدير. وإني عندما كتبت إليك مشيراً باعتبار جواب فؤاد وتوفيق بندقي لك بوقف طبع الجريدة الحد الذي يجب أن تقف عنده كل معاملة بنيت إشارتي على موقف السدين بندقي الذي لم أقف في ما روى لي منه على جميع التفاصيل المتعلقة بموقفهما من الرفيق جورج وما يمكن أن ينفّذاه بحقه. فقد ظننت أنهما يريدان الاكتفاء بتوقيف طبع الجريدة في مطبعتهما، لأنهما «لا يهمهما المال أو الخسارة المالية». ولكن إذا كان الرفيق جورج يتضرر فعلاً فيجب فعل كل ممكن لدفع الضرر عنه وعدم المجازفة بموقفه. أما مسألة السماح بإصدار الجريدة باسمه فهذه لن يتخلى ابنا عمه عنها حتى بعد دفع آخر فلس لهما، فهما لن يغفرا له خروجه على إرادتهما.
التنظيم: إنّ توقيف التنظيم كل هذه المدة من أجل «تصفية الحسابات والأمور الماضية» ليس له نتيجة غير نتيجة سوء. إنّ درس الأفراد ضروري. ولكن مهما بالغ الإنسان في الدرس فهو لا يصل إلى النتيجة الأخيرة إلا بعد الاختبار. فهناك أفراد لا تظهر كل حقيقتهم إلا في الاختبار ضمن النظام. وهنالك أفراد مختبرون وإخلاصهم معروف ولا شك فيه. فلماذا لا يبدأ التنظيم على أساسهم؟
إني عرفت أنه لا يمكن الاعتماد عملياً على [إلياس] بخعازي وأمثاله. ولكن لا ننسى أنّ الذين يفهمون العقائد والحركات فهماً صحيحاً هم قلائل بين السوريين، على أنه متى تم التنظيم وسارت الاجتماعات بنظام والتأم الشمل، فحينئذٍ يمكن تحسين روحية الكثيرين بواسطة الخطب والمواضيع التي تطرح للدرس والأحاديث القومية المتبادلة. فليس أقتل للروحية من قلة الاجتماعات التي توحي الخمول، وليس أحط لمنزلة الحزب في قلوب ضعيفي الثقافة والروحية من انعدام الاجتماعات والمظاهر القوية. وهذه القاعدة تسري على جميع الشعوب فالاجتماعات والمظاهر هي التي تخلق العصبية عند العامة. ولذلك كانت ترسل السلطة الفرنسية دباباتها وفرقها المسلحة لمنع تجمعات الحزب السوري القومي وتظاهراته لكي لا يدب الحماس إلى قلب الشعب.
إنّ وديع عبد المسيح كان يراسلني وكانت له غيرة على القضية. إنما هو من مدرسة التفكير العتيقة، وأنا أتمكن من التأثير عليه. وهو كان حاقداً على رجال الرابطة ولا يطيق عماد ولكن له علاقة حسنة مع أولاد الخوري إخوة غطاس. فإذا كان قد تغيّر الآن فيكون من قلة اجتماع القوميين فيكون اتصاله بأعداء المنظمة القومية أكثر من اتصاله بالقوميين فيؤثرون عليه، والقوميون قد فقدوا اتصالهم به، ولذلك لا يتمكنون من إزالة التأثير السيّىء. وفي تاريخ الحزب قد جرى شيء كثير من ذلك، ليس فقط لمن هم في درجة ثقافة وديع عبد المسيح، بل لمن هم في درجة ثقافة الأستاذ جورج حكيم أحد مدرّسي الاقتصاد في الجامعة الأميركانية، الذي عاد أخيراً إلى الصفوف القومية وسجن للمرة الثانية مع آخر من سجنوا في قضية الحزب. فهذا الشاب الذي أُخرج أيضاً في الحقوق كان من أشد العاملين للحزب، وكان أول عميد مالية وسجن معي في السجن الأول. ولكنه وحيد لأهله فضغطوا عليه وصحته ضعيفة. وضغطت عليه إدارة الجامعة كما ضغطت على غيره من الأساتذة فتراجع عن العمل مع من تراجع، وكانت حجته أنّ ذلك سيكون مؤقتاً ريثما ينال شهادته كأستاذ في الحقوق فلا تعود تهمّه الجامعة، إذ يستطيع أن يتعاطى المحاماة كمهنة حرة. فبقي قومياً ولكنه بَعُدَ عن الأعمال ومجراها وعن الاجتماعات القومية التي كانت تحت مراقبة شديدة في بيروت. وسجنت أنا وبعض الأعوان للمرة الثانية ثم المرة الثالثة. وفي هذه الأثناء لاحظت أنّ التباعد بين الرفيق حكيم والأعمال الحزبية أخذ في توليد شبه هوة، خصوصاً لأنّ انقطاع الأستاذ حكيم عن الاجتماعات القومية لم يتبعه انقطاعه عن الاجتماعات مع اللاقوميين وأعداء الحركة القومية ومنهم عدد من أساتذة الجامعة. وانتهى به الأمر إلى موقف غريب كدت أصدر قراراً بطرده من الحزب لأجله. فقد كتبت مقالة1 في النهضة أبيّن فيها أنّ الحرب الأهلية الإسبانية ليست حرباً بين مبدأين بل بين وحدتين من المصالح، من الوجهة الإنترناسيونية، وإن تكن حرباً مبدئية من الوجهة الداخلية وأنّ مناصرة الفئتين المتحاربتين أساسها المصالح لا العقائد، كما يظهر سطحياً. فألقى الرفيق حكيم محاضرة بعد أيام، في الجامعة يقول فيها إنّ الحرب حرب عقائد ومبادىء لا حرب مصالح. وكانت له أفكار اشتراكية سابقة عاودته وكاد ينقلب على الحزب. وإني أؤكد أنه لو لم ينقطع عن الاجتماعات والاشتراك في الأعمال القومية لما كان تورط هذا التورط، إذ كان في الإمكان حينئذٍ تعطيل انحرافه وتأثيرات خصوم الحركة عليه. وقد دهشت حين رأيت اسمه واسم الرفيق المحامي زكريا اللبابيدي في عداد المقبوض عليهم لوضعهم المناشير القومية وتوزيعها. والظاهر أنّ تطورات الحرب أرته صحة نظر قيادة الحزب فعاد إلى العمل القومي. فإذا كان هذا نتيجة إهمال ممارسة الحياة القومية النظامية والاجتماعية، على شاب في ثقافة الأستاذ جورج حكيم فلا يكون كثيراً أن يحدث أكثر من ذلك للذين هم في درجة وديع عبد المسيح الثقافية، ولا ننسى أنّ الحركة القومية تبث روحاً جديدة لم تكن موجودة من قبل. فنحن يجب أن نصبر على الأمور وأن نعالج المسائل بحكمة ودرس. وإلا فإننا نخسر جميع الطيبي القلب الذين لم يحصلوا على ثقافة وتربية عقائدية، وهم الأغلبية. نحن مهمتنا التربية في الدرجة الأولى. ولو كان الجميع أو الأكثرية يفهمون القضايا فهماً صحيحاً بسرعة لما كنا الآن في هذا الموقف. ولكننا يجب أن نتغلب على الصعاب لا أن ندع الصعاب تتغلب علينا. إذا كان من الصعب جمع جميع القوميين دفعة واحدة فلا أقلّ من جمع فئة، مهما كانت قليلة، من الشباب أمثال إميل بندقي وإدوار سعاده، وإن لم يكونوا أكثر من اثنين أو ثلاثة، في شبه مديرية أو لجنة للشباب تسير في أعمالها مؤقتاً بهذه الصفة، ولكن بطريقة نظامية واجتماعات موقوتة حتمية لها، أو يصير لها منهاج عمل في كيفية بث الدعوة بين الشباب ودرس الأشخاص. فيكون هذا التشكيل نواة لنمو فرع صغير. ثم يصير تنظيم فئة من المتقدمين نوعاً في السن فتتألف منهم نواة أخرى، فتحضر أنت اجتماع هؤلاء مرة في الأسبوع أو كل 15 يوماً، بينما هم يجتمعون بمواظبة كل أسبوع مرة، وتحضر اجتماع أولئك كل أسبوع أو كل أسبوعين مرة. وتطلب من كل فئة أن تعرض عليك نتيجة أعمالها وأن تضع تقريراً بها كل شهر أو شهرين. ويصير البحث ضمن هذه الاجتماعات عن فلان وفليتان، وعن هذه المسألة وتلك، وهذا المقال أو ذاك، فيبدأ التضامن وشعور الجميع بأنهم جسم واحد تسري فيه روح واحدة وتسيطر عليه عقلية واحدة بالتمازج.
هذه هي الطريق الوحيدة والصحيحة لنهوض الحزب في سان باولو وفي كل مكان. وبعد أن يتمازج الأعضاء ويتعارفوا ويجري الاختبار الأول، تدرس الوضعية من جديد وتعطى حلولاً جديدة. هذه هي القاعدة الطبيعية فكل شيء يتطور تطوراً وينمو نمواً، إذا كان كائناً حياً، ولا شيء يوجد كما هو في حالة واحدة إلا العدم. وكيف تريد أن يرتفع تقدير الأفراد العاديين للحزب عن مستوى جمعية بسيطة وهم لا يرون منه ما يجعلهم يحسون غير ذلك. أما المقالات في الجرائد فليست كافية لإعطاء التأثير المطلوب. العمل الإفرادي، أي مع الأفراد، هو الأساس. وفي بدء عهد الحزب كنت أسير بنفسي أحياناً كثيرة مسافات تحت المطر لأجلب عضواً إلى اجتماع تأخر عنه. وكنت آخذ الفرد، كما يأخذ المعماري الحجر، فأصرف ساعات وساعات في إفهامه الأمور والعقيدة التي أضرب لها ألف مثل ومثل، وأستمر على ذلك حتى أشعر أنه أصبح صالحاً ليوضع في المدماك. وإذا كانت قد رسخت العقيدة فبفضل هذه التربية الإفرادية أولاً. ولم أكن أترك شخصاً يسقط إلا بعد قطع الأمل منه أو لعدم وجود وقت أو إمكانية لإنقاذه.
دَيْن فؤاد: سأكتب إلى الرفيق فؤاد لطف الله، بالبريد العادي. وأعتقد أنه يمكن تأجيل دفع ما يستحق له ثم أعود فأكتب إليه بالتنازل عنه.
معنوية الجريدة: إذا انحلت الأزمة وأمكن إصدار عددين، أو أكثر أو أقل، من الجريدة فيمكن كتابة كلمة في هذا الصدد تقول فيها إنّ الجريدة توقفت، لأنها كانت رتبت كل شيء على أساس أن تقف في آخر يوليو/تموز نزولاً عند أمر منع الصحف بلغات غير برازيلية. فلما صدرت المهلة الجديدة لمدة شهر لم يمكن الجريدة وهي تختلف في طرق أعمالها ومعاملاتها عن بقية الصحف، اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الحالة الجديدة بالسرعة المطلوبة، فخسرنا نحو أسبوعين وكنا نود ألا نخسرهما مع علمنا بأنّ المنع نافذ لا محالة في ختام المهلة الجديدة.
ولتكن الكلمة رصينة وليس فيها أي اعتبار لشائعات ضائقة الجريدة المالية أو لما يدور على الألسن.
معاملاتي: قد نلت ما أريد من المعاملات القانونية فأصبحت إقامتي في الأرجنتين شرعية برخصة رسمية حسب الأصول، واكتسبت صفة «مقيم في الأرجنتين» بعد أن كنت بصفة «سائح انتهت مدته».
وسأبدأ السؤال والفحص عن إمكانية انتقالي لنزهة في البرازيل. من غير الالتجاء إلى القنصلية الفرنسية، فإذا وجدت مركب رحلات speursâo لا يحتاج معه المرء لجواز سفر وتكفي فيه تذكرة الهوية المعطاة من الحكومة الأرجنتينية فلا شك أسافر فيه. وسأدرس إمكانية السفر نهراً إلى «كورمبا ماطو غرصّو» إذا أمكنك أنت والمنفّذ والناموس وبعض الرفقاء أمثال لطف الله وصفدي ويوسف غانم موافاتي إلى هناك للاجتماع بكم. وإلا فسأطلب أن يوافيني اثنان أو ثلاثة منكم أو أن يأتي أحدكم لمقابلتي هنا وأخذ ما يجب من التعليمات.
ليكن التوفيق معك. ولتحيى سورية .