20/1/1946
حضرة المنفّذ العام المحترم،
تسلمت كتابكم المؤرخ في 4 يناير/كانون الثاني الحاضر وأخذت علماً بمضمونه. حالة المديريات التابعة لمنفذية بوينُس آيرس: لحالة التفكك والتضعضع الغارقة فيها المديريات المذكورة، كما يذكر كتابكم، أسباب منها العمومي ومنها الخصوصي. ومن الأسباب التي نبّهت الادارة السابقة إليها: إنصراف المتميزين عن العموم، عن العمل القومي الصحيح وتعهّد الأعضاء بالعناية إلى الاهتمام بالوظائف العالية والمظاهر الاجتماعية، زد على ذلك التصرف الظاهر فيه الشذوذ عن السلوكية السورية القومية الاجتماعية وتقاليد نهضتنا المقدسة، من قبل بعض المسؤولين في المنفذية، في عهد المنفذ السابق وبعده. فلم يمكن رجال الإدارة إعطاء القدوة في الإيمان الكلي بالنهضة السورية القومية الاجتماعية، والإخلاص كل الإخلاص لتعاليمها وخططها ونظامها، والعمل بروحيتها وتقاليدها الجميلة، والتفاني في سبيل تنزيه العمل القومي الاجتماعي عن الشوائب، خصوصاً ما اختص منها بالغايات والمآرب الخصوصية. ولم يمكنهم رفع المعنويات بأفعال تدعو إلى الإعجاب، كما حدث في الوطن حيث قام عدد كبير من الشبان، المعروفين والمجهولين بأفعال جميلة ألهبت الرفقاء بالحماس حتى صاروا يتبارون في المكارم والفضائل فارتفعت المعنويات، وقيمة الأفعال الشريفة وتولّد في الحزب رأي عام راسخ في المبادئ والأفعال.
في مواقف كثيرة ظهر من المتقدمين تساهل وتراخٍ تجاه خونة المبادئ وأعداء القومية. وفي المواقف الشديدة ظهر الجبن بأدلة وبراهين واضحة. ثم ظهر ما هو أسوأ من كل ذلك. ظهر عدم الاكتراث والشذوذ والخيانة. بل ظهر التواطؤ مع الخونة والمنافقين سرًّا واستمرار الصلات معهم حفظاً للمنافع الخصوصية. وفي اجتماعاتي الأخيرة بكم ظهرت من البعض أدلة واضحة على عدم احترم السلطة العليا ومنشأ النهضة القومية الاجتماعية كلها، ولم يحدث ذلك أي استنكار أو ردّ فعل يعيد القيم إلى مواضعها. الخلاصة أنه لا يوجد حرب بين التعاليم والمبادئ الجديدة وطرق الحياة الماضية الفاسدة المهلكة للمجموع، فتدنّى معنى العمل القومي الاجتماعي والجهاد من أجل إيجاد نظام جديد يشرِّف الحياة إلى حضيض قبول الحالة الراهنة والتسليم بالأمر الواقع وترك الأمور تجري في أعنّتها. وحيث لا قتال بين الخير والشر، وحيث يجتمع الفساد مع الطهر، لا يوجد قضية مقدسة ولا إيمان بقضية مقدسة ولا حماس من أجل تعاليم سامية مقدسة.
إني أقلت المنفّذ العام السابق ساعياً إلى تغيير الحالة بقدر الإمكان. ولكن بقيت في إدارة المنفذية بقية استمرار للميعان القديم، ولا أزال أنتظر شؤون حركة جديدة من قبل المنفّذ العام الجديد ومن يعاونه لتأليف جبهة عمل جديدة وغربلة الإدارة في المنفذية وفي هيئات المديريات وفي مجموع الرفقاء التابعين للمنفذية. واقول لكم إنه لا شيء غير حركة مثل هذه تكفل رفع المعنويات والتمسك بالقيم العالية. أما ترك الأمور تجري في أعنّتها وقبول كل عذر للخروج عن السلوكية القومية الاجتماعية الصحيحة، ومقابلة كل خرق لدستور حركتنا المناقبي والمعنوي "بالتساهل" وعدم الاكتراث، فليست من الأمور التي تساعد على إنقاذ الموقف واستعادة القيم التي أضاعها التراخي وعدم المبالاة وملازمة الحياد تجاه اختلاط الحق بالباطل، نحن لا نتكلم بالمعميات ولا بالألغاز.
ظهر مؤخراً عمل عمومي جديد قام به أحد المنتسبين إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي. وهو يحمل وظيفة إدارية هامّة في هيئة منفذية فرع بوينُس آيرس، فلم يبلغ علمي أنّ المنفّذ العام أو هيئة المنفذية اهتمت لهذا الأمر، وفتحت بحثاً أو مناقشة رسمية جدية في صدده ولا وردني من المنفذية تقرير أو رأي بشأنه. العمل هو إنشاء أو جمع عضو الحزب السوري القومي وناظر إذاعة منفذية بوينُس آيرس، جواد نادر، كتاباً أسماه – تاريخ الجهاد لأجل الحرية والاتحاد – "جمع مساعدات كثيرة من أعضاء الحزب ومحبّذيه الذين تعرّف إليهم بواسطة الحزب" ومن خائنين مطرودين من الحزب أمثال يوسف الغريب وإسبر حجار وحنا الملوحي، من أجل تمجيد ما أعلنت الزوبعة الشبه رسمية بطلانه مما قام به أحزاب الذل في الوطن وحلفاء الإرادات الأجنبية الذين وضعتهم تلك الإرادات عينها في مقام الحكم في لبنان والشام. وهو حلقة في سلسلة غش الشعب بالأعمال الباطلة، وتثبيط همم قارئيه من المنضمين حديثاً إلى الحركة السورية القومية بإيهامهم أنّ "الجهاد" قائم في غير الحركة السورية القومية الاجتماعية، ويحملهم على الموافقة على الأمر الواقع الذي أحدثته احدى الإرادات الأجنبية. والكتاب يعرّض صاحبه، باعتباره عضواً في الحزب السوري القومي ومقسماً يمينه، للتّهم الأولية التالية:
1 – الحنث بيمينه بخدمته غير أغراض الحزب السوري القومي المعلنة في مبادئه ودستوره.
2 – استخدام مساعدات من رفقاء للقيام بعمل مخالف للخطة المرسومة التي تعمل بها الحركة السورية القومية الاجتماعية، والتي يتحتم على كل عضو مخلص التقيد بها.
3 – إنشاء صلات ودية مع خونة الحركة السورية القومية الاجتماعية المشهّرين، وقبوله مساعدات مادية منهم، مضحياً بمبادئ السلوكية القومية الاجتماعية، إما من أجل منافعه الذاتية وإما من أجل غاية مشبوهة.
4 – إنكار الجهاد الحقيقي الوحيد في سبيل حرية سورية ووحدتها الذي هو جهاد الحزب السوري القومي وحده.
5 – تحبيذ الأحزاب والأشخاص التي ناوأت النهضة القومية الاجتماعية واتفقت مع الأجانب على محاربتها.
6 – إهماله أعمال وظيفته للاهتمام بأغراضه الخصوصية الظاهرة بوضوح في كتابه.
هذه بعض التّهم التي توجه إلى صاحب "تاريخ الجهاد لأجل الحرية والاتحاد" ومع أنّ المسألة خطيرة ومن الطراز الأول في تاريخ أعمال منفذية الحزب السوري القومي الاجتماعي عندكم، فلم أجد أن المسؤولين في المنفذية أعاروا هذا الأمر اهتمامهم، مع أنّ واجباتهم الأولية في وظائفهم تحتم عليهم تناول هذا الحادث بشعور قوي بالأهمية التي يستحقها من وجهة سلامة العقيدة السورية القومية الاجتماعية ووجهة المحافظة على السلوكية القومية الاجتماعية الصحيحة.
قضية مديرية كرالس: هي نتيجة عدم المحافظة على سلوكية قومية اجتماعية صحيحة وفاقاً لمبادئنا ونظامنا، فقد سمح في الماضي بخلط مسائل خصوصية غريبة بأمور الاجتماع القومي، وتولّد من ذلك خصومات ومنافسات وأحقاد كثيرة. ولست أوافقكم على أنّ رفع التوقيف عو جورج جروج المرتكب جنحة قبيحة اعترف بها أمام جمهور الرفقاء يحسّن حالة مجموع المنضمين إلى الحزب في حي كرالس. فلا ذنب جروج برّر ذنب الأفيوني، ولا ذنب الأفيوني بملاحقته جروج يبرّئ هذا الأخير من ذنبه، والذين يطلبون تبرئة جروج بذنب الأفيوني يعملون بحزبية شخصية ضيقة لا تفيد القضية القومية الاجتماعية ولا مديرية حي كرالس. إبحثوا عن الذين يريدون ترك قضية ذنب جروج وذنب الأفيوني في يد القضاء القومي الاجتماعي والعمل بموجب عقيدتهم ويمينهم.
مديرية فرقمينة: في كتاب من منفذيتكم مؤرخ في 29 أغسطس/آب الماضي رشّحتم الرفيق سليمان الخالد لوظيفة المدير، وفي كتابكم الأخير ترشّحون الرفيق إبراهيم جروج. فأكلفكم بطلب رأي الرفقاء الآتية أسماؤهم – إبراهيم جروج، سليمان الخالد، علي حسن، أنطون كدر، جورج إبراهيم (نبيه)، على أن يكون الطلب من كل منهم بكتاب خاص من ناموسية المنفذية إليه ذي صفة رسمية على أن يعطي جوابه وحده. وبعد حصول الأجوبة ترسل إليّ بعد نسخها في المنفذية مع رأي المنفّذ العام.
مديرية فالرمو: تعتبر هيئتها منحلّة بحكم عدم القيام بوظائفها.
مديرية واحدة لمدينة بوينُس آيرس: الاقتراح حسن وموافق للحالة الحاضرة ولكن من يكون المدير وأعضاء هيئة المديرية؟ إنّ بعدي وانقطاع احتكاكي بأعضاء بوينُس آيرس لا يمكنناني من اختيار الرفقاء اللازمين. فإما أن تدرسوا الحالة وتقترحوا الحل، وإما تأجيل المسألة إلى فرصة أخرى لحين زيارة مقبلة أقوم بها بوينُس آيرس
قضية جواد نادر وعمله وكتابه: هذه القضية قد نبّهتكم إليها و إلى واجبكم فيها، ليس لتجعلوني أنا المحرك الوحيد لها، ولتفقوا تنظرون كيف سيجري الأمر بيني وبين صاحبها، بل لتعيّنوا موقفكم الشخصي وموقف الناموس الشخصي وموقف ناظر المالية الشخصي منها أولاً، ثم لتقوموا أنتم بالمطالبة بما أنتم مسؤولون تجاه العقيدة والقانون عن المطالبة به. فإذا قررتم فتح القضية في جلسة رسمية فهيئوا الأسباب ونبّهوا الأعضاء لكي لا يؤخذوا على حين غرّة وتأخذهم الدهشة والحيرة نظراً لضعف ثقافتهم وحاجتهم إلى الإرشاد. ثم اعقدوا الجلسة واطرحوا الأسئلة المرتبة على صاحب العمل المنافي للعقيدة السورية القومية الاجتماعية ونظام حركتها ووحدة عملها وسيرها. ودوّنوا محضر الجلسة بكل دقة على الطريقة التي أعطيتكم مثلاً لها في مناسبات سابقة.
هذا الكتاب هو لإطلاع حضرة المنفّذ العام وناموس المنفذية فقط ولتحيى سورية.